طريق «خصب - ليما - دبا» مشروع وصفه البعض بالحلم الذي طال انتظاره، فبعد أن كَثُرَ الحديث عنه لسنوات طويلة ودراسات عديدة استمرت لحوالي 10 سنوات، ها هو المشروع اليوم ينصب مواقعه المتعددة المؤقتة للبدء في شق الجبال وبناء الجسور وردم الحفل لتستوي الأساسات لبناء شارع يربط ولاية خصب بنيابة ليما ثم إلى ولاية دبا، ليكون من ضمن أكبر وأعقد المشروعات في سلطنة عمان نظرًا لصعوبة التضاريس في محافظة مسندم.

ولتسليط الضوء على هذا المشروع الذي بدأ فعليا في عمليات الإنشاء الأولى تحدث لـ«عمان» المهندس خالد بن عبدالله المعمري المكلف بأعمال مدير دائرة إنشاء الطرق بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، والمهندس أنطوني الحلو المدير التنفيذي لشركة الصاروج للمقاولات -الشركة المنفذة للمشروع- وكان لا بد من استطلاع رأي المواطنين حول جدوى هذا المشروع فكان الخيار أن أتوجه إلى نيابة ليما، وهي النيابة التي يعاني أهلها صعوبة بالغة في التنقل سواء إلى ولاية خصب أو ولاية دبا، ولا سبيل للوصول إليها إلا من خلال سيارة دفع رباعية تقطع مسافة 20 كيلومترا في 3 ساعات أو أكثر، أو من خلال الطائرة العمودية، أو العبارات والقوارب، واقتربت «عمان» من أهالي «ليما» فتحدث نيابة عنهم كل من أحمد بن محمد الشحي، وحسن بن محمد الشحي.

أرقام صعبة

ابتداء، قال المهندس خالد المعمري: يعد طريق (دبا - ليما - خصب) أحد أهم المشروعات وأكبر المشروعات الجاري تنفيذها من قبل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات مما سيعزز التنمية الشاملة لسلطنة عمان عموما ومحافظة مسندم خصوصا، ونظرًا لأهمية المشروع وصعوبة المنطقة الجغرافية لمسار الطريق تم طرح المناقصة بشكل مغاير ومتجدد عما هو معتاد سالفا، أي أنه تم طرح مناقصة عامة لتكون تصميم وتنفيذ الطريق بشريطة ربط ولاية خصب بولاية دبا وربط نيابة ليما لتأمين تنقل المواطنين والمقيمين بين ولايات ونيابة المحافظة بشكل آمن وسهل، على أن يقوم المقاول باقتراح أنسب مسار للطريق وفقًا للمعايير الفنية المالية المدرجة ضمن مستندات المشروع، وتم تقييم المقاولين المتنافسين على تنفيذ المشروع بعدة معايير تقييم أساسية أهمها المعايير الفنية حسب متطلبات دليل تصميم تنفيذ الطرق بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وأقصر مدة زمنية للسفر على مسار الطريق، وأقل عرض مالي، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل إجمالي عدد القرى والمناطق التي سيخدمها الطريق، وتكمن صعوبة المشروع بمرور الطريق بمنطقة جبلية شديدة الوعورة والتضاريس حيث يصل ارتفاع أعلى قمة في جبال مسندم حوالي 2087 مترًا فوق سطح البحر ومع ذلك لا بد من تحقيق جميع متطلبات السلامة المرورية على الطريق المزمع تنفيذه طبقًا لمتطلبات دليل تصميم الطرق العماني 2017م وطبقًا للمراجع الهندسية الخاصة بهذا الشأن ومن المتوقع أن تصل كمية القطعيات في هذا المشروع إلى أكثر من 30 مليون متر مكعب (ما يوازي ملء 8000 مسبح أولمبي)، إضافة إلى 800 ألف متر مربع من الأسفلت، أي ما يوازي مساحة 112 ملعبًا أولمبيًا، وحوالي 230 ألف متر مكعب خرسانة أسمنتية - أي ما يعادل ملء 61 مسبحا أولمبيا.

وتابع المهندس خالد قائلا: تم عقد عدة حلقات عمل مع الجهات ذات العلاقة وإجراء بعض الدراسات والتباحث حول آلية طرح المشروع والاستفادة من الدراسات والمسوحات والتصاميم السابقة من قبل عدة جهات حيث تم التوافق مع تلك الجهات ذات العلاقة وأهمها مجلس المناقصات بأن يتم طرح المشروع بنموذج تصميم وتنفيذ ليقوم المقاول بالاستفادة قدر الإمكان بالدراسات والمسوحات السابقة وإجراء جميع الدراسات اللازمة التي من شأنها تحقق إمكانية تنفيذ المشروع على أكمل وجه ضمن إطار زمني محدد وفقًا لمحددات ومعايير التصميم المعمول بها بدليل تصميم الطرق العماني والمراجع الهندسية ذات العلاقة، ويوجد عدد من الدراسات والمسوحات الفنية السابقة لمسار الطريق وبناء على المنهجية التي تم اتخاذها بهذا المشروع تم تحديد 3 نقاط رئيسية لا بد من أن يتم المرور خلالها وهي (خصب - ليما - دبا) على أن يقوم المتنافسون لتنفيذ المشروع بتحديد المسار الأنسب للطريق وتم تقديم ما يوازي 10 مسارات مقترحة للمسار وتم اختيار المسار الأنسب؛ حيث سيكون المسار الحالي المزمع تنفيذه ابتداء من ولاية خصب حاضرة المحافظة، مرورا بنيابة ليما، وممتدًا إلى قلب ولاية دبا.

وحول المواصفات وأطوال الطريق قال المعمري: صمم طريق (دبا - ليما - خصب) الجديد ليكون مسارًا سالكًا لجميع حالات الطقس يسمح بمرور جميع أنواع المركبات، جالبا الراحة والرفاهية للمواطنين والمقيمين ومرتادي الطريق حيث يبلغ إجمالي طول الطريق المزمع تنفيذه حوالي 70 كيلومترا سينقسم مشروع الطريق إلى ثلاثة أجزاء رئيسية أولا من خصب إلى ليما حوالي 19 كيلومترا، وثانيا من ليما إلى دبا حوالي 43 كيلومترا، وأخيرا رفع كفاءة الطريق القائم الواقع ضمن حدود نيابة ليما بطول حوالي 8 كيلومترات، وبشكل عام سيضم الطريق حوالي 11 جسرا فوق الأودية بالإضافة إلى ما يقارب 350 عبارة صندوقية، وعند اكتمال الطريق فإنه من المتوقع أن تستغرق الرحلة من ولاية خصب إلى نيابة ليما حوالي 22 دقيقة (عوضا عن الوضع الحالي البالغ حوالي ساعتين إلى ساعتين ونصف الساعة) بينما ستستغرق الرحلة من نيابة ليما إلى ولاية دبا حوالي 33 دقيقة، ومن المتوقع أن تستغرق الرحلة من خصب إلى دبا مرورا بليما حوالي 55 دقيقة، علمًا أن هذه المواصفات من عدد الجسور والعبارات هي مواصفات مبدئية.

وتحدث المهندس خالد عن مسألة تأمين الطريق من الانهيارات الصخرية وغيرها من المخاطر قائلا: يتم قطع وتهذيب الميول الجانبي للجبال وفقًا للدراسات الجيوتقنية والفيزيائية المعدة لمسار الطريق من قبل المقاول المسند له أعمال تنفيذ المشروع ووفقًا لمحددات دليل التصميم حيث تتضمن أعمال المناقصة تصميم وتنفيذ المشروع لمسار الطريق مع الأعمال المكملة للطريق والتي تتضمن تنفيذ أعمال الحمايات اللازمة لمسار الطريق من الأعمال الخرسانية والحمايات الجانبية للطريق مما تتماشى مع محددات ومعايير السلامة المرورية لمرتادي الطريق، وقد باشر المقاول بالفعل أعمال المشروع حيث يتم حاليا إنجاز أعمال التحضيرات اللازمة لتنفيذ المشروع وتم بالفعل بناء المعسكرات العمالية وتم إيصال المعدات والكادر البشري للموقع حيث باشر المقاول شق طرق خدمة ترابية التي من شأنها تسهّل وصول العمال والمعدات لمسار المشروع المزمع تنفيذه في مدة 45 شهرًا وبتكلفة تتجاوز 151 مليون ريال، وسيتم تنفيذ المشروع من قبل شركة الصاروج للإنشاءات وهي إحدى الشركات العمانية الرائدة في هذا المجال، كما ستقوم الشركة بالتعاقد مع الشركات الصغيرة والمتوسطة للمساندة.

واختتم المهندس خالد المعمري حديثه عن الجماليات في الطريق قائلا: لا بد من استغلال الطبيعة الجغرافية الجبلية لمسار الطريق، حيث ستتم إضافة الطابع الجمالي والسياحي للمسار بتهيئة حوالي 23 إطلالة جمالية على مسار الطريق مما سيعمل على إيجاد مناطق لتكون مواقع للتطوير السياحي والاجتماعي مستقبلًا.

ذكاء اصطناعي

فيما تحدث لـ«عمان» المهندس أنطوني الحلو المدير التنفيذي لشركة الصاروج للمقاولات قائلا: المشروع يعد من أصعب المشروعات على صعيد سلطنة عمان والصعيد العالمي، وتكمن الصعوبة في التضاريس من علو الطريق ونوع الصخر، فهو صلب جدا، وبُعد بعض المواقع عن المواد الأساسية مثل الأسمنت وغيرها.

وحول الدراسات التي سبقت البدء في المشروع قال المهندس أنطوني: قامت الوزارة بإجراء العديد من الدراسات مع استشاريين من الخارج ومع استشارييها الذين يملكون خبرة عالية، كما قمنا كذلك بدراسات عديدة في شركة الصاروج، وطورنا برمجة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمساعدتنا على تحديد المسار الأمثل، وحددنا مسارا يبدأ من ولاية خصب إلى منطقة الخالدية، ثم إلى الجبال باتجاه شاطئ (إيمس) ثم إلى نيابة ليما، منها إلى دبا عبر طريق جبلي من خلال (خب الشامسي)، ودائما كان ربط ليما هدفًا أساسيًا.

وأضاف: الطريق يبلغ طوله 71 كيلومترا تقريبا، يتضمن قطعيات تصل إلى ما يفوق 30 مليون متر مكعب، وبحسب الدراسات المبدئية هناك جسور عدة يبلغ إجمالي طولها كيلومترا واحدا، تقوم شركة الصاروج بإجراء دراسات عامة عن طريق مسح المنطقة بالطائرات العمودية أو الدرون، ولكن هناك دراسات دقيقة لكل كيلومترٍ تتم معاينته على الواقع ودراسة أنواع التربة والصخور فوق الطريق وعليه وتحته، كما لدينا أكثر من 500 عبارة، وهناك أنواع كثيرة من الحمايات التي من الممكن توظيفها، ومن الأساسيات العمل على تسوية الجبال والأطراف لتفادي موضوع الانهيارات قدر المستطاع.

واسترسل المهندس أنطوني الحلو قائلا: المشروع الذي نتولاه ليس تنفيذًا فقط، بل هو تصميم وتنفيذ، المشروعات سابقا كانت من تصميم الوزارة وتنفيذ المقاول، أما الآن فالتوجه نحو تصميم وتنفيذ المشروع من قبل المقاول، وهذا ما يوفر على الوزارة، الأمر الذي يحمّل المقاول مسؤولية أكبر، ولدينا 6 أشهر منذ تاريخ توقيع العقد مع الوزارة في 24 ديسمبر 2023، ولكننا نسبق هذه المهلة وسنقدم للوزارة التصميم النهائي خلال الأيام القادمة، وهو كمقترح من الشركة إضافة إلى المقترحات الأخرى، ومن الوارد جدًا أن تكون هناك تغييرات على المسار، حسب المعاينات الدقيقة في كل موقع.

وحول الجاهزية قال: الآن في كل المواقع هناك معدات، وبدأنا فعلًا في شق طريق الخدمة، وهو طريق مساعد لإنشاء الطريق الرئيسي، لتوصيل المعدات والأدوات ومواد التفجير وحتى تكون هناك دراسات دقيقة ومفصلة أكثر للبقعة، ومن المقرر الانتهاء من طريق الخدمة في حوالي 6 أشهر من تاريخ التوقيع، ومدة المشروع بشكل إجمالي ثلاث سنوات ونصف السنة منذ توقيع العقد، وأُسند المشروع لنا بقيمة 151 مليون ريال.

وفيما يتعلق بالاتفاقيات مع شركات عالمية أو محلية أخرى قال: الشركة المنفذة هي شركة الصاروج للمقاولات: ولا توجد هناك تعاقدات مع شركات دولية، ولكن هناك تعاونات بكل تأكيد من الشركات المحلية، وهذا نهج نقوم به في الصاروج، ليس مع الشركات العمانية فحسب، بل الشركات العمانية في المنطقة التي نعمل بها لتوريد بعض المواد والخامات وتأجير المعدات وحتى المشاركة في الأعمال، نسعى إلى دعم الشركات المحلية الصغيرة والمتوسطة ونعمل معها لتطويرها، كذلك مع أصحاب المشروعات لتوفير الطعام وغيرها.

واختتم أنطوني حديثه عن الخدمات على الطريق قائلا: مجال عملنا هو بناء الطريق وتجهيزه لإقامة الخدمات مستقبلًا، لكننا لسنا الجهة المعنية بتنفيذ مشروعات الخدمات، ولكن نهيئ الطريق ليشمل حوالي 23 استراحة بها مواقف ومساحات لبناء مشروعات الخدمات.

نيابة ليما

من مطار خصب، حاملّا حقيبتي التي تضم آلة التصوير والحاسب الآلي، متجها عبر مروحية إلى نيابة ليما، كان هذا الخيار ضمن خيارين، الثاني عبر البحر، فالنيابة التي تبعد عن مركز خصب حوالي 20 كيلومترا فقط من الصعوبة البالغة التوجه إليها برا، فهذه المسافة البسيطة نسبيا تحتاج للوصول إليها برًا أكثر من ٣ ساعات وعبر سيارة دفع رباعية تسلك طريقا شديد الوعورة، وصلت إلى نيابة ليما لاستطلع آراء المواطنين حول مشروع طريق خصب-ليما-دبا، وما سيوفره عليهم من عناء التنقل والتبضع والتصرف في الحالات الطارئة، كانت الرحلة أشبه بمحاكاة لما يعانيه الأهالي هناك، واستشعار ما يمثله لهم هذا المشروع.

وشاركنا الحديث المواطن أحمد بن محمد الشحي عائدا نحو ماضي التنقل من وإلى نيابة ليما، قائلا: التنقل من وإلى نيابة ليما هو معاناة منذ القدم، كان التنقل يتم عبر القوارب الخشبية التقليدية في الثمانينيات وبداية التسعينيات وكان الزمن المقدر للوصول إلى ولاية خصب أو ولاية دبا حوالي 3 ساعات وأكثر، وتطور الوضع بعد ذلك بالعبارات والقوارب ذات المحركات، لتقلص الرحلة إلى حوالي ساعة ونصف الساعة، ولكن المعاناة لا تتمثل في المدة فقط، بل هناك حالات تقطعنا تماما عن ولاية خصب أو ولاية دبا خاصة في حالات هيجان البحر، وأحيانا كثيرة يكون البحر هادئا في الذهاب، ولكن في العودة يهيج البحر ونعلق دون حراك، إذا تحدثنا عن التبضع فالأمور أقل وطأة بكثير من حالات عديدة تستدعي النقل إلى المستشفيات، فطالما حدثت حالات تحتاج إلى نقل فوري من المركز الصحي في النيابة إلى المستشفى في خصب أو دبا، إلا أن الأوضاع الجوية وحالة البحر لا يسمحان بالتنقل، المركز الصحي موجود ولكنه حقيقة لا يلبي احتياجات وحالات أبناء النيابة، حتى أن قسم الأشعة تم تدشينه مؤخرا فقط، فلم نكن نعلم ما إذا كان أحد المصابين به كسر أو ما شابه إلا بعد نقله إلى ولاية خصب أو ولاية دبا، ومنذ سنوات استبشرنا خيرا حينما وجَّه السلطان الراحل قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- برصف طريق يربطنا بدبا وبخصب، وكنا ننتظر هذا الشارع بفارغ الصبر، ولم نعرف مسوغات تأخيره، ليواصل اليوم جلالة السلطان هيثم بن طارق - حفظه الله ورعاه - هذا المشروع ويبت فيه بشكل واقعي وملموس، واليوم نرى المعدات في مواقعها ونرى بأعيننا بدء المشروع الذي سيكون نقلة نوعية وانفراجة طال انتظارها، ونتمنى أن يكون الطريق ذا مواصفات عالية ومسارات متعددة وأكتاف طريق واسعة ليتلاءم مع المستقبل وخاصة أن الطريق تمر به شاحنات قد تواجه الصعوبة في المنحدرات والصعدات لذلك تعدد المسارات يضمن التجاوز بسلامة، بمعنى أن يكون تصميم الطريق ذا رؤية مستقبلية طويلة المدى، والبداية بهذه المواصفات تقي الحكومة مستقبلًا من مشروعات التوسعة التي قد تكون مكلفة جدا، وانتهز هذه الفرصة كذلك للحديث عن المركز الصحي في النيابة، فهو بحاجة إلى تعزيز وتطوير، فلا يوجد طبيب ولادة، ولا طبيب أطفال، نفهم أن الشارع سيخدم، ولكنه سيستغرق وقتا، فلا يمكن الانتظار حتى ذلك الوقت.

انعكاسات كثيرة

وشاركنا كذلك حسن بن محمد الشحي قائلا: حاولت الحكومة أن توفر مختلف الخدمات لأبناء النيابة، فهنا مقر للبلدية، ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، ومدرستان، ومركز صحي وغيرها، وكل جهة تقوم بدورها المنشود، واليوم تعزز الحكومة جهودها لخدمة أبناء النيابة في الشروع في تنفيذ مشروع طريق خصب-ليما-دبا الذي سيكون بالنسبة لنا نقلة نوعية تنعكس على كثير من الأمور، منها النشاط التجاري، والأسعار، وتوافد الزوار، وتنفيذ المشروعات من أبناء النيابة، همزة الوصل هذه ذات ثمار متعددة ونتطلع لافتتاح المشروع في وقته المحدد بإذن الله.

يتطلع المواطنون في محافظة مسندم أن ينجز المشروع في وقته ليكون بالنسبة لهم فرجًا من همٍّ طال سنين طويلة يخفف عنهم عناء لم يعرفوا له حلًا إلا من خلال الطائرات العمودية أو من خلال العبارة التي اخترتها لتكون وسيلتي للعودة إلى خصب مستغرقة الرحلة 3 ساعات لعطل فني في العبارة، وهذا جزء يسير عشته من معاناة أهالي ليما التي سترى انفراجة مع تمام المشروع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: إلى نیابة لیما تنفیذ المشروع المهندس خالد تصمیم وتنفیذ هذا المشروع مسار الطریق المشروع ا إلى ولایة لا بد من من خلال تنفیذ ا خصب إلى من قبل مسار ا

إقرأ أيضاً:

سودان ما بعد الحرب… أليس هذا هو الطريق؟

(1) أما وقد أزاح السودانيون عن صدورهم كثيراً من أثقال المليشيا المتمردة، فقد يتسنى لهم الآن أن يدركوا بوضوح أنهم قد تعرضوا بالفعل في العامين الماضيين إلى مخاطر “وجودية” كادت أن تقضى عليهم تماماً- دولة وشعباً وأرضاً. لقد كانت هذه المرة الأولى في تاريخهم الحديث أن يجدوا دولتهم محاصرة، وشعبهم مطارداً، وأرضهم وبيوتهم محتلة. كما كانت هذه المرة الأولى أيضاً التي يستيقظون فيها ليجدوا أن قواتهم المسلحة-المكلفة بحماية أمنهم القومي- قد أُحيط بها تماماً من قبل واحدة من مليشياتها المسلحة، ففقدت السيطرة على معظم مصادر قوتها- من مقار للقيادة ومصانع للذخيرة ومخازن للوقود ومعسكرات للجند وشبكات للاتصال، وتتلفت يمنة ويسرى فلا تجد صديقاً أو حليفاً يهب لنجدتها (ونحن بالطبع لا نزال نجهل ما قاد لهذه الكارثة- خيانة أم تآمر أم نقصان في الكفاءة العسكرية). ولم ينقذ الموقف إلا أن تلجأ القوات المسلحة الجريحة- في ظرف استثنائي نادر الحدوث- إلى عمقها الشعبي، تستنفر المواطنين للدفاع عن الوطن، فيتوجه الشباب- في لحظة فدائية باهظة التكلفة وبالغة الأثر- إلى معسكرات التدريب، ثم لينطلقوا سراعاً إلى معركة الكرامة ليقاتلوا- كتفاً إلى كتف- مع القوات المسلحة حتى يتحقق النصر.
(2) قضية وجود: إن أول الدروس التي يجب أن تستخلص من هذه التجربة المريرة-التي سقط فيها مئات الشهداء والجرحى- هو: أن تقدم قضية “الوجود”- وجود الشعب والأرض والتراث- لتكون لها الأولوية على غيرها من القضايا، وأن يغلق كل منفذ يقود إلى كارثة مماثلة. ولكي يحافظ السودانيون على هذا الوجود ستعترضهم-بتقديري- ثلاث معضلات أساسية يلزمهم التصدي لها ومحاولة إيجاد صيغة للتوفيق بينها وهي؛ معضلة الامن القومي/والتنمية الاقتصادية/والشرعية السياسية. وقد طال-وسيطول- النقاش ويحتد حول هذه المعضلات، وقد تتباعد الآراء حول تفاصيلها، لكن لا بد لهم من التلاقي والتكتل- إن كانوا قد تعلموا شيئاً من هذه الحرب – في ثلاثة مسارات:
(أ‌) تثبيت سيادة الدولة، بحيث تبقى سلطة موحدة ذات قدرة عسكرية عالية تستطيع أن تحافظ على الأرواح، وأن تسيطر على الأرض، وتحمى الحدود، وتضع يدها بحزم على ثروات السودان القومية-ذهبه وبحاره وسمائه؛ خاصة وأن المعركة الوجودية لم تنته بعد، فما يزال المعتدى وحلفاؤه يواصلون العدوان ويطلقون المسيرات ويحرضون الجيران؛
(ب‌) تعزيز الاستثمار في الإمكان الاجتماعي؛ أي تعبئة الطاقات الاجتماعية والعلمية وتوجيهها نحو مشروع وطني يقوم على مضاعفة القدرات الإنتاجية الوطنية (الدفاع والغذاء والدواء معاً). وهذا يقتضي بالضرورة خطة مزدوجة تسعى من جهة لتحديث القاعدة الدفاعية الأمنية وتعظيم قدراتها وجاهزيتها (في مواجهة الموجة الثانية من العدوان)، وتسعى من جهة أخرى لحماية القاعدة الإنتاجية المحلية (في مواجهة الصدمة القادمة من تقلبات الأسواق المالية والتضخم والركود في الاقتصاد العالمي ووكلائه الإقليميين). ولا يمكن لمثل هذه الخطة المزدوجة أن تتحقق إلا أن تتواصل عملية الاستنفار وتُعمّق، فتعود قطاعات الشباب إلى ميادين القتال متى ما دعت الحاجة، وتدلف وحدات الجيش -في أوقات السلم- إلى ميادين الانشاء والإنتاج والتصنيع. أي أن الشراكة “الدفاعية” الناجحة التي قادت إلى النصر في “معركة الكرامة” ينبغي أن تتحول إلى شراكة “بنائية” ناجحة في معركة الإنتاج-زراعة وصناعة ونقلاً واتصالاً وتطويراً وتدويراً. وقد تكون هذه ترجمة عملية لشعار: “جيش واحد شعب واحد”- الشعار الذي ظلت تتغنى به الجماهير طيلة سنوات الحرب- حيث تزول الحواجز بين “الخندق العسكري” و”المختبر العلمي” “ومصنع” الغذاء والدواء والذخيرة، فتستولد مشروعاً عملاقاً للتنمية. ولا ينبغي أن يستغرب أحد مثل هذه الرؤية، وإن فعل فعليه أن يراجع طرفاً من تاريخ المشاريع العملاقة التي صنعت الأمم، كمشروع “مانهاتن” (1942) ليرى كيف تضامن في أوقات الحرب أكاديميون أمريكيون وفرق من الجيش وأرباب صناعات، وكيف حققت أمريكا من خلال ذلك التضامن تفوقها العلمي والتقني والعسكري إلى يوم الناس هذا- ناهيك عن مشاركات عسكرية اكاديمية شعبية صناعية مماثلة نهضت من خلالها دول كثيرة أخرى.
(ت‌) ترفيع القوى الأهلية والمهنية إلى مواقع صناعة القرار: وينبغي أن نتذكر في هذا المقام أن هذه القوى الأهلية الصابرة والقوى المهنية المهاجرة (المغتربة) هي التي تمثل نقاط القوة في المجتمع السوداني. لقد كانت الحرب الراهنة بمثابة اختبار حقيقي على قدرة وصمود هاتين القوتين في وجه الكوارث، فهما اللتان آوتا وأطعمتا وداوتا آلاف الأسر الناجية من جحيم الحرب، وهما اللتان ساهمتا بقوة في حرب الكرامة، ودعمتا القوات المسلحة بالمال والرجال. ويجدر بنا أن نتذكر أيضاً أن المليشيا وحلفاءها الإقليميين لم يسعوا إلى تدمير الدولة وحسب، وإنما سعوا إلى تدمير نقاط القوة في المجتمع الأهلي السوداني ولتجفيف المصادر التي تمده بالحياة؛ فكانت المليشيا حينما تدخل مدينة تدمر أبار المياه ومحولات الكهرباء والأسلاك الناقلة لها، وتعطل الطواحين، وتنهب الصيدليات والمستشفيات ومراكز غسيل الكلى، وتستهدف الشيوخ المحليين- سواء بسواء مع الأطباء والصيادلة والمهندسين.
(3) اكراهات الواقع. لم تبرز الدعوة إلى التكتل حول هذه المسارات المقترحة من عالم الخيال، بقدر ما أبرزها واقع الحال. فلا شك أن السودان يواجه-خاصة بعد الدمار الذي أحدثته الحرب الأخيرة- أوضاعاً إنسانية واجتماعية بالغة الصعوبة، وواقعاً اقتصادياً متردياً. ومما يزيد الوضع سوءاً وجود “فجوة” مخيفة في القيادة. إذ أن النخب السياسية (السابقون لانتفاضة ديسمبر 2018 والصاعدون على أثرها) تشهد صراعات وانقسامات وعداوات داخلية وبينية لا تمكنها في الوقت الراهن من الالتفات إلى المخاطر الوجودية التي تحيط بالسوان والمصائب التي ألمت بالمجتمع السوداني- من انهيار في مؤسساته وضياع لثرواته وتحطيم لمستقبل شبابه، كما لا تمكنها تلك الانقسامات والعداوات من انتهاز الفرص التي قد تنفتح للسودان لجهة ما يتمتع به من موارد طبيعية ومساحات زراعية ومعادن نفيسة وموقع استراتيجي. أما القوى الخارجية الكبرى (أمريكا -أوربا) فلديها الآن ما يكفيها من أزمات داخلية طاحنة، وحروب تجارية شرسة، فلا يتوقع-والحالة هذه- أن تفتح صناديقها لتدعم السودان أو غيره.
ولذلك فليس من الحكمة-والحالة هذه- أن يرتهن مستقبل السودان بأحزابه السياسية، أو أن يعول السودانيون كثيراً على نخبهم السياسية الراهنة. فهذه نخب ضررها أكثر من نفعها؛ يعاني بعضها من علل النشأة، ويعاني بعضها الآخر من علل الشيخوخة، فلا يملك أي منها “فكرة” كبيرة تلهم الجمهور، ولا “قادة” كباراً يستولدون الأفكار ويشحذون الهمم. من الأفضل حينئذ أن تُترك هذه الأحزاب لتعالج-على مهل- أوضاعها الداخلية الخاصة، ولترمم علاقاتها ولتراجع برامجها وأهدافها، ثم تُبلور-بمنأى عنها- كتل وفواعل وتضامنيات اجتماعية أخرى-قوامها الباحثون الخبراء والقوى الاهلية المحلية والزراع ورجال الأعمال وأرباب الصناعة والشباب الناهض أصحاب المصلحة الحقيقية في التنمية- لعلها تكون أقدر على النهوض بمهمة اعمار السودان في الفترة الراهنة. أما الأحزاب فيمكن أن تلحق بالركب الوطني في المحطة القادمة-بعد أن تتعافى.
فإذا صدقنا بهذا فستترب عليه أمور كثيرة، أهمها أن نعيد النظر في توجهاتنا الاقتصادية والسياسة الراهنة.
(أولاً) النموذج الاقتصادي: من الضروري أن نقر في بداية الأمر بأننا نعانى من ارتفاع مخيف في معدلات البطالة، وارتفاع مماثل في تكاليف المعيشة، وتدنى مريع في الإنتاج المحلى، وتدهور في البنية التحتية والهياكل المؤسسية، ومشكلات متفاقمة في قطاعي الصحة والتعليم. ولكن من الضروري أيضاً ألا نكذب على أنفسنا فنبنى أحلامنا على معونات من الخارج أو وعود من الدول المانحة وصناديق الاعمار. علينا أن نعيد النظر في نموذج تفكيرنا الاقتصادي واستبداله بآخر تكون من مسلماته أن الخروج من براثن هذه الكارثة الكبرى ستكون بدايته قيام “دولة قوية راشدة” تحفظ الأمن ثم تجمع الطاقات وتشحذ الهمم نحو هدف قومي استراتيجي رئيسي يتمثل في تحريك عجلة الإنتاج ورفع معدلاته ثم استخدام ما يعود منه لتلبية الحاجات الأساسية لمواطنيها (الأمن والصحة والتعليم).. علينا أن نضع نصب أعيننا نماذج مجتمعات صاعدة (الصين مثلاً) استطاعت أن تعبد طرقها وتبنى جسورها اعتماداً على سواعد أبنائها وظهورهم، واستحضاراً لمثال أجدادهم الأوائل الذين حولوا الجبال وصنعوا المعجزات، وليس على آليات وتجهيزات ممنوحة من الخارج.
ويحضرني في هذا الصدد مثالاً أورده أحد المفكرين المستبصرين لتوضيح الفرق بين الإمكانيات المادية والإمكانات الاجتماعية، فيقول: لو افترضنا أن زلزالاً هائلاً قضى على مدينة نيويورك فان الولايات المتحدة لا تستطيع- اعتماداً على إمكانياتها المادية فقط- أن تشترى مدينة مماثلة لنيويورك؛ ولكنها تستطيع- بالاعتماد على إمكانها الاجتماعي- بناء وإعادة بناء مئات المدن مثل نيويورك؛ فالإمكان الاجتماعي-لا الإمكانيات المادية- هو الذي يقرر مصير الشعوب. وعلى المنوال ذاته يمكن القول إنه في مقدور ثلاثة إلى خمسة مليون شاب سوداني-من ذوي العزيمة الصلبة والتأهيل المهني الرفيع- أن يعيدوا بناء السودان-إذا فسح لهم المجال- وأن يسهموا في تحقيق نهضته كما أسهموا في نهضة بلاد أخرى لم تكن شيئاً مذكورا.
(ثانياً) النموذج السياسي: علينا-معشر السودانيين- أن نغير نموذج تفكيرنا السياسي، فنتوقف في الفترة الراهنة عن الركض وراء الورش السياسية ومؤتمرات الخارج ومسودات الدساتير والمواثيق، فقد جربناها من قبل ولم نحصد غير الهشيم. كما علينا من ناحية أخرى أن نتوقف عن الركض وراء نموذج سياسي (مثالي) لا نملك في الوقت الراهن المعطيات (اللوجستية والأمنية والاقتصادية) التي تؤدى اليه، وأن نبدأ-في مرحلة تعزيز الوجود هذه- ببرنامج الحد الأدنى من الديموقراطية (العدالة وحكم القانون/التمثيل الشعبي الجغرافي/استشارة الخبراء)، ثم نتدرج نحو ديموقراطية أكمل. أما الإصرار على أنه يجب أن نحصل الآن ومنذ البداية على ديموقراطية تنافسية حزبية كاملة، كحال الدول الرأسمالية الغربية (المستقرة اجتماعياً، والمزدهرة اقتصادياً) فهو إصرار في غير محله. إذ أن هذه الدول الغربية ذاتها لم تصل إلى نظمها الديموقراطية الراهنة (على علاتها) دفعة واحدة. وكم من مجتمع في جوارنا الأفريقي وغيره ظل يكافح ويتعلم ويتدرج من نظام اوتوقراطي يحفظ الأمن وحسب، إلى آخر هجين أفضل منه، إلى ثالث أقرب منهما إلى الرشد والصلاح.
(ثالثاً) ماذا نتوقع؟ إذ قدر نجاحٌ للنموذج الاقتصادي التنموي المشار اليه آنفاً فقد لا يؤدى الى صد العدوان وحفظ الأمن ورفع مستوى المعيشة وحسب، وإنما سيؤدى إلى تقليص الفجوة بين العسكريين والأكاديميين ورجال الأعمال، وإلى تقليص الاعتماد على الخارج، وإلى خفض درجة الحرارة السياسية بين المجموعات السياسية المتناحرة، وقد يعيد التوازن بين فئات الهامش المهضوم والحواضر الهاضمة؛ إذ أن استمرار هذه المظالم والضغائن لا يلد إلا مناخات نفسية اجتماعية كارهة للديموقراطية، ومرحبة بالدكتاتورية (كما وقع في بعض المجتمعات الإقليمية المجاورة بعد ثورات الربيع العربي المشهورة). هذا ولا قوة إلا بالله.

التيجاني عبد القادر حامد
9 أبريل 2025

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مؤشر بورصة مسقط الأسبوعي تفقد 96.641 نقطة.. والتداول عند 30.9 مليون ريال
  • 6 مليون جنيه.. ضبط مرتكبي جرائم الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي
  • بورصة مسقط تكسب 29.9 نقطة .. والتداول 7.4 مليون ريال
  • الخطة جاهزة لمواجهة الرسوم الجمركية الأمريكية… إليكم خارطة الطريق التي ستحقق لتركيا أكبر المكاسب!
  • ضبط 6 متسللين أفغان في ولاية بخاء
  • سودان ما بعد الحرب… أليس هذا هو الطريق؟
  • محافظ الغربية: مشروع مصرف كيتشنر نقلة نوعية لتحسين حياة 11 مليون مواطن
  • إنشاء 4 مدارس جديدة بمسقط بـ 14 مليون ريال
  • ختام المسابقات الرياضية والثقافية بنيابة ليما
  • بعد انهيار عقار قديم: محافظ أسيوط يشكل لجنة هندسية عاجلة لفحص المباني المجاورة