التأثيرات الأرضية لتغير المناخ تهدد بنية المدن وسلامة مبانيها
تاريخ النشر: 17th, July 2023 GMT
ربطت دراسة جديدة -لأول مرة- بين التأثيرات تحت الأرضية لتغير المناخ والتغيرات التي تنشأ في الطبقة الأرضية التي تحمل المناطق الحضرية، وفقا للدراسة التي نشرت يوم 11 يوليو/تموز الجاري في دورية "كوميونيكيشنز إنجينيرنغ" (Communications Engineering).
وتتسبب هذه الظاهرة في تحرك أساسات المباني والأرض المحيطة بها بشكل مفرط حدَّ التشقق (بسبب التوسعات والانكماشات)، مما يؤثر في النهاية على الأداء التشغيلي الطويل المدى لهياكل تلك المباني ومتانتها، مما يمثل خطرا عليها.
ويشير مفهوم التغيرات تحت الأرضية إلى الانتشار المستمر للحرارة من المباني وأنظمة النقل لما تحت الأرض في المناطق الحضرية، مما يؤدي إلى معدلات احترار أرضية مثيرة للقلق.
رصد تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على أساسات الهياكل الحضرية بمدينة شيكاغو (أليساندرو روتا لوريا- جامعة نورث ويسترن)ووفقا للدراسة، فقد تهدد النقاط الساخنة تحت الأرض نفس الهياكل التي تنبعث منها الحرارة في المقام الأول. هذه التغيرات في درجات الحرارة تجعل الأرض تتمدد وتتقلص بدرجة كافية لإحداث ضرر محتمل، وتكشفت الدراسة عما وصفه المؤلفون بأنه خطر صامت على البنية التحتية في المدن ذات الأرض الأكثر ليونة، وخاصة تلك القريبة من المياه.
ويوضح أليساندرو روتا لوريا مؤلف الدراسة وأستاذ الهندسة البيئية والمدنية المساعد في جامعة نورث ويسترن الأميركية، أنه ربما كانت هناك مشكلات هيكلية ناتجة عن التغيرات المناخية حدثت تحت الأرض، ولم ندرك ذلك. وعلى الرغم من أنه لا يمثل خطرا مباشرا أو سريعا على حياة البشر، فإن هذا التأثير غير المعروف سابقا يسلط الضوء على تأثيرات عنصر أقل شهرة في تغير المناخ، وهو حرارة القشرة الأرضية أسفل الهياكل المدنية.
وأضاف الباحث -في تصريح للجزيرة نت- أن الأرض تتعرض للتشوه بسبب التغيرات في درجات الحرارة، بالإضافة إلى أنه لم يتم تصميم الهياكل والبنية التحتية الحالية لتحمل هذه التغيرات. وفي حين أن هذه الظاهرة قد لا تعرّض سلامة الناس للخطر بشكل مباشر، فإنها ستؤثر على العمليات اليومية وأداء أنظمة الأساسات والبنية التحتية على نطاق واسع.
وأشار روتا لوريا إلى أن الدراسة اعتمدت بالأساس على رصد تأثيرات ارتفاع درجات الحرارة على أساسات الهياكل الحضرية في وسط مدينة شيكاغو، حيث تنكمش التربة الطينية عند تسخينها، وأضاف "عندما تفكر في الطوابق السفلية ومواقف السيارات والأنفاق والقطارات، فإن كل هذه المرافق تنبعث منها الحرارة باستمرار. وتكون المدن أكثر دفئا بشكل عام من المناطق الريفية بسبب إطلاق الحرارة من النشاط البشري والإشعاع الشمسي وحبسها في مواد البناء".
مؤلف الدراسة اقترح التقاط الحرارة المهدرة المنبعثة من تحت الأرض واستخدمها مصدرا للطاقة (جامعة نورث ويسترن) فرصة محتملةوقد جمع الباحث بيانات عن درجة الحرارة لمدة 3 سنوات، من خلال أكثر من 150 جهاز استشعار مثبت في الأقبية وأنفاق القطارات ومواقف السيارات أسفل وسط مدينة شيكاغو. وللمقارنة، تم تركيب أجهزة استشعار أيضا في الأرض أسفل منتزه "غرانت بارك"، الذي يقع على طول شاطئ بحيرة ميشيغان.
ولفهم كيف أثر الاختلاف الكبير في درجات الحرارة بين الموقعين المدروسين على الخصائص الفيزيائية للأرض، استخدم الباحث نموذجا حاسوبيا لمحاكاة البيئة تحت الأرض من الخمسينيات حتى الآن، ثم للتنبؤ بكيفية تغير الظروف من الآن وحتى عام 2050، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع "يوريك ألرت" (Eurek Alert).
ووجد الباحث أنه بحلول منتصف القرن الحالي، قد ترتفع بعض المناطق الواقعة في منطقة الدراسة لأعلى بمقدار يصل إلى 12 ملم أو تستقر بمقدار 8 ملم، اعتمادا على تركيبة التربة في المنطقة المعنية ودرجة تحملها للحرارة. ويضيف المؤلف أن هذا الارتفاع الناتج عن الحرارة يمكن أن يسبب تشققات في أسس وجدران بعض المباني.
وفي حين أن الآثار المترتبة على ارتفاع درجات الحرارة على البنية التحتية مثيرة للقلق بلا شك، فإن الباحث ينظر إليها أيضا على أنها فرصة محتملة، ويقترح التقاط الحرارة المهدرة المنبعثة من تحت الأرض من أنظمة النقل التي تستخدم الأنفاق، ومواقف السيارات، ومرافق الطابق السفلي كوسيلة للتخفيف من آثار تغير المناخ تحت الأرض، إذ يمكن لهذا النهج توفير مورد طاقة حرارية غير مستغل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ارتفاع درجات الحرارة تحت الأرض
إقرأ أيضاً:
هندسة المناخ.. علماء يقترحون تجميد القطب الشمالي لحل مشكلة الأرض
يفقد المحيط المتجمد الشمالي جليده بمعدل 12% كل عقد تقريبا، وحتى مع إيجاد حلول لخفض نفث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، فإن المحيط المتجمد من المقرر أن يصبح خاليا من الجليد في الصيف بحلول ثلاثينيات القرن الحالي.
ويرى فريق بحثي من شركة ناشئة تدعى "ريال آيس" أن الحل يكمن في هندسة المناخ، حيث تخطط الشركة لاستخدام مياه البحر لتكثيف جليد القطب الشمالي مرة أخرى، بحجم أكبر من المعتاد.
السبب العلمي لذلك هو رفع مساحة الأغطية البيضاء في شمال الأرض (الجليد) والتي تعكس الإشعاع الشمسي إلى الفضاء، مما يساعد في الحفاظ على برودة مناخ الأرض.
كما أن فقدان الجليد البحري في القطب الشمالي يؤدي إلى إثارة مجموعة من ردود الفعل الأخرى التي من شأنها تضخيم تغير المناخ وإحداث الفوضى في أنظمة الطقس في جميع أنحاء العالم، وبالتالي فإن هندسة المناخ تمنع ذلك.
يمكن ملاحظة التأثير البشري على انخفاض الجليد البحري في القطب الشمالي على مدار العام (شترستوك) هندسة المناخيشير مصطلح هندسة المناخ إلى التلاعب المتعمد بالأنظمة الطبيعية للأرض، وبشكل خاص أنظمة المناخ والطقس، لعدة أسباب يأتي على رأسها التخفيف من آثار تغير المناخ الذي تختبره الأرض حاليًا.
ومن الأمثلة على آليات هندسة المناخ حقن الهباء الجوي في طبقة الستراتوسفير بالغلاف الجوي، والهباء الجوي هو جزيئات عاكسة للضوء (مثل ثاني أكسيد الكبريت) يمكنها تقليل تأثير الشمس على الأرض، عبر محاكاة التأثير المبرد للانفجارات البركانية.
كما يقترح فريق من الباحثين رش مياه البحر في السحب فوق المحيط لزيادة انعكاسيتها، ويقترح فريق آخر وضع مرايا أو مواد عاكسة في الفضاء لحرف ضوء الشمس قبل وصوله إلى الأرض.
ويريد فريق آخر من الباحثين تعديل سطح الأرض لجعله أكثر انعكاسًا، مثل طلاء أسطح المنازل باللون الأبيض أو زراعة المحاصيل ذات الألوان الفاتحة، إلخ.
والخلاصة أنه كلما ازدادت قدرة الأرض على عكس ضوء الشمس، فإنها لن تمتص الكثير منه، وسينحبس بعد ذلك في غلافنا الجوي، مما يتسبب في رفع درجات الحرارة بمعدلات متزايدة، جعلت السنوات العشر الأخيرة هي الأشد حرارة في تاريخ القياس.
أخطار غير متوقعةلكن على الرغم من الفوائد الجمة المتوقعة من هذه التقنيات فإن لها مخاطر، هي ما يضع العلماء في حالة تأن قبل المضي قدما واستخدامها، فمثلا قد يؤدي تغيير مناخ القطب الشمالي إلى تعطيل النظم البيئية المحلية، مما يؤثر على الحياة البرية والتنوع البيولوجي بشكل جذري.
إلى جانب ذلك، يخشى العلماء من أن تؤدي إجراءات الهندسة المناخية عن غير قصد إلى حلقات تغذية راجعة تؤدي إلى تفاقم تغير المناخ.
على سبيل المثال، إذا تم الحفاظ على الجليد بشكل مصطنع، ولكن استمرت درجات الحرارة العالمية الأخرى في الارتفاع، فقد يؤدي ذلك إلى تحولات غير متوقعة في أنماط الطقس، مثل تغيير أنماط الدورة الجوية، مما قد يؤدي إلى أحداث الطقس المتطرفة في أجزاء أخرى من العالم، مثل الجفاف المطول أو زيادة نشاط العواصف.
وفي هذا السياق، يمكن أن تتطلب مشاريع الهندسة المناخية، وخاصة التدخلات واسعة النطاق مثل تلك التي تستهدف القطب الشمالي، استثمارات مالية كبيرة، مما قد يحول الأموال عن إستراتيجيات أكثر فعالية للتخفيف من تغير المناخ.