تحت شعار "إعادة بناء الثقة" تنطلق غدا /الإثنين/ بمدينة دافوس السويسرية، فعاليات الاجتماع السنوي الرابع والخمسين لمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي وتستمر حتى يوم /الجمعة/ المقبل، وسيدور السؤال المطروح على القادة المشاركين في الاجتماع حول ما إذا كان العام الجديد 2024 امتدادا للأزمات السابقة، أم أنه سيكون وقتا للحل والتعافي.


ويترأس معالي الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، وفد دولة قطر المشارك في المنتدى، حيث دأبت دولة قطر على أن تكون حاضرة في هذا الحدث العالمي، خاصة في ظل التطورات التي تشهدها المنطقة والأولويات الاقتصادية الرئيسية للدولة.
ويشارك في منتدى دافوس هذا العام أكثر من ستين رئيس دولة وحكومة، ومنهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره الأرجنتيني خافيير ميلي، ورئيس الحكومة الصينية لي تشيانغ، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه، وأنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي، وأنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ما يقرب من ألفي شخص من كبار رجال الأعمال، والشركات الشريكة للمنتدى البالغ عددها 1000 شركة، فضلا عن قادة المجتمع المدني وأبرز الخبراء وصانعي التغيير الشباب ورجال الأعمال الاجتماعيين ووسائل الإعلام.
ويتطلع المشاركون في الاجتماع السنوي الرابع والخمسين للمنتدى الاقتصادي العالمي باهتمام بالغ للمستقبل بعد جائحة كورونا والمشاكل الاقتصادية، التي عانى منها العالم خلال السنوات الثلاث الماضية، ولكن مع استمرار الحروب والتوترات في العديد من المناطق، سينصب اهتمام العديد من المشاركين والمشاركات على القضايا الجيوسياسية، ومن المقرر أن تتركز المناقشات عبر أكثر من مائتي جلسة على أربعة مجالات رئيسية هي: تحقيق الأمن والتعاون في عالم ممزق، وخلق النمو وفرص العمل لعصر جديد، واستراتيجية طويلة المدى للمناخ والطبيعة والطاقة، والذكاء الاصطناعي كقوة دافعة للاقتصاد والمجتمع، والفوضى أو احتمال حدوثها، والتي قد تنشأ نتيجة لسوء استخدام الذكاء الاصطناعي.
ويرى مراقبون اقتصاديون أن على القادة المشاركين في المنتدى تركيز جزء من مناقشاتهم على الإجراءات الفورية التي يجب اتخاذها في عام 2024 لتحفيز الاستثمارات بشكل عاجل، لإرساء الأساس لمستقبل مشترك مزدهر وخاصة بالنسبة للشباب عموما وفي القارة الأفريقية خصوصا، والذين يمثلون تقريبا نحو خمسة وعشرين في المائة من عدد سكان الأرض.
وكما جرت العادة كل عام، سوف يكون هناك الكثير من الاتفاقيات والصفقات التجارية التي يتم إبرامها خلف الأبواب المغلقة، وفي تصريحات أدلى بها الأسبوع الماضي، أوضح كلاوس شواب مؤسس المنتدى، أن الأسرة الدولية تواجه حاليا عالما منقسما وانقسامات مجتمعية متزايدة، ما يؤدي إلى انتشار عدم اليقين والتشاؤم، مؤكدا أنه يتعين على الجميع إعادة بناء الثقة في المستقبل من خلال تجاوز إدارة الأزمات، والنظر في الأسباب الجذرية للمشاكل الحالية، والعمل معا لبناء مستقبل واعد أكثر إشراقا.
ومن جانبه أكد رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورج بريندي، أنه في الوقت الذي تتطلب فيه التحديات العالمية حلولا عاجلة، فإن التعاون المبتكر بين القطاعين العام والخاص يعد ضروريا لتحويل الأفكار إلى أفعال.  

وسيشهد المنتدى نحو 25 جلسة تتناول أخلاقيات ووعود الذكاء الاصطناعي، حيث هيمنت على تقرير المخاطر العالمية السنوي الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، المخاوف من استخدام الذكاء الاصطناعي، وهي التكنولوجيا التي تطورت بسرعة منذ مؤتمر دافوس العام الماضي، لأغراض شائنة، ونبه التقرير إلى أن التضليل الإعلامي قد يكون أحد أكبر المخاطر على البشرية في العامين المقبلين اللذين سيشهدان انتخابات مدعو إلى التصويت فيها نحو نصف سكان العالم.
وأضاف التقرير الذي نشر قبل أيام من انطلاق منتدى دافوس، أن الاستخدام الواسع النطاق للمعلومات الخاطئة والمضللة وأدوات نشرها يمكن أن يقوض شرعية الحكومات المنتخبة حديثا، وذكر التقرير أن اقتصادات كبيرة شهدت أو ستشهد انتخابات على مدى عامين منها بنغلاديش والهند وإندونيسيا والمكسيك وباكستان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وأشار التقرير إلى أن "الاستقطاب المجتمعي" والمعلومات الخاطئة المنشورة عمدا و"التي يولدها الذكاء الاصطناعي" تضاف هذا العام إلى "المخاوف بشأن أزمة معيشة مستمرة".
وترد النزاعات المسلحة بين الدول على قائمة أبرز خمسة مخاوف في العامين المقبلين على المستوى العالمي، أما على المدى الطويل، فستصبح الظروف الجوية القاسية والتغيرات الحاسمة في النظم البيئية للأرض أكبر مصدر للقلق، ويقول التقرير إن الوقت ينفد لمنع وصول ظاهرة الاحتباس الحراري إلى نقطة اللاعودة، ويستند التقرير على آراء أكثر من 1400 خبير عالمي في المخاطر وصانعي قرار ورؤساء شركات استطلعت آراؤهم في سبتمبر الماضي.
هذا وتحاول مجموعات المجتمع المدني المنتشرة في قاعات مراكز منتدى دافوس، تذكير المشاركين بأن المكاسب الاقتصادية والتكنولوجية لا توزع بالتساوي بين جميع البشر، ويحذرون من أن العديد من الصدمات والأزمات الحالية تزيد من حدة التفاوت بين الدول والشعوب.
ويستضيف منتجع دافوس، الواقع جنوب شرق سويسرا، الدورات المتكررة لهذا الحدث العالمي الكبير منذ تأسيسه عام 1971 على يد رجل الأعمال كلاوس شواب، باستثناء دورة واحدة، استضافتها نيويورك عام 2002 للتعبير عن التضامن مع ضحايا هجوم الحادي عشر من سبتمبر، وقد افتتحت له في عام 2006 مكاتب إقليمية في العاصمة الصينية بكين ونيويورك في الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن دافوس يعقد مرة واحدة كل عام، إلا أن تأثيره غير عادي لأنه يسلط الضوء على أكثر القضايا إلحاحا في العالم، ويستقطب المنتدى نحو 3 آلاف شخص ثلثهم تقريبا من قطاع الأعمال، ويهدف إلى إيجاد حلول للقضايا المطروحة، وتحقيق استقرار العالم سياسيا واقتصاديا، وتوفير قاعدة للتواصل وتبادل الأفكار بين المشاركين في المنتدى، من أجل تشكيل الأجندة العالمية الاقتصادية بما يؤدي إلى تطوير وتحسين العالم.
ويضم المنتدى في عضويته ألفا من كبريات شركات العالم، والتي تكون دورة رأس المال فيها أكبر من 5 مليارات دولار أمريكي وقد جاءت تسميته نسبة الى بلدة دافوس الجبلية السويسرية، حيث عقد للمرة الأولى عام 1971 بمشاورات دون جدول أعمال محدد بين عدد صغير لا يتعدى المئة من الشخصيات من قطاع العلوم وإدارة الأعمال، لكنه تحول اليوم إلى حدث يشد أنظار العالم، ويشهد عددا كبيرا من المشاركات رفيعة المستوى من جانب رؤساء وقادة الدول، كما يتضمن سلسلة من المناظرات والمحاضرات والحلقات النقاشية والندوات موزعة على قطاعات عدة سياسية وأمنية وثقافية وعلمية وطبية، ولا يقتصر على الموضوع الاقتصادي كما يوحي به عنوانه.  

 

 

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: دافوس الاقتصادی العالمی الذکاء الاصطناعی منتدى دافوس

إقرأ أيضاً:

إعادة الاعتبار لنصب “المرأة الميسانية” تحية للوفاء والإبداع

بقلم : سمير السعد ..

في خطوة تعكس التزامًا حقيقيًا بالحفاظ على التراث الثقافي ودعم الفن والفنانين، أطلق محافظ ميسان، الأستاذ حبيب ظاهر الفرطوسي، مبادرة رائدة لإعادة ترميم نصب “المرأة الميسانية”، الذي طالته يد التغيير والتهميش خلال الحقبة السابقة. هذه المبادرة ليست مجرد جهد لترميم منحوتة فنية، بل هي خطوة في مسار إعادة الاعتبار للرموز الثقافية التي تعكس الهوية التاريخية والحضارية لميسان والعراق ككل.

يُعتبر هذا النصب، الذي أبدع في تصميمه النحات أحمد البياتي، من أبرز المعالم الفنية التي تحتفي بدور المرأة الميسانية، بوصفها رمزًا للعطاء والمثابرة والنهضة. أنجز البياتي هذا العمل على نفقته الخاصة، مدفوعًا بإيمانه العميق بضرورة تخليد صورة المرأة المكافحة التي تساهم في بناء المجتمع.

إلا أن هذا النصب تعرض خلال حكم النظام السابق لمحاولة تجيير رمزيته، إذ تم تغيير اسمه ليخدم أجندات سياسية لا تمتّ بصلة إلى رسالته الحقيقية. ورغم ذلك، بقيت الرموز والدلالات التي يحملها التمثال ناطقة بروح المرأة العراقية الصلبة، حيث يصور النصب امرأة تحمل في إحدى يديها عجلة التقدم، بينما تنساب من اليد الأخرى نبتة الحياة والنمو والخصب، المستوحاة من الرمزية السومرية التي تُمجّد العطاء والتجدد.

ما قام به محافظ ميسان من إعادة ترميم النصب وإعادته إلى سياقه الصحيح، يمثل خطوة جوهرية في إنصاف الفن والفنانين. فالثقافة والفن لا يقلان أهمية عن أي بُعد آخر في بناء المجتمع، بل يشكلان الهوية الحقيقية لأي أمة. والمبادرات من هذا النوع تعكس رؤية حضارية تحترم التراث، وتقدر دور الفنانين في نقل القيم الإنسانية العريقة.

محافظ ميسان ، من خلال دعمه لهذا المشروع، أثبت أن المسؤولية الحقيقية لا تقتصر على الجانب الإداري فقط، بل تمتد لتشمل دعم الإبداع والفكر الحر. فالفنانون والمثقفون هم ضمير الأمة، وهم الذين يُسهمون في ترسيخ الهوية الوطنية وصياغة الوعي المجتمعي.

إن إعادة الحياة لهذا النصب ليست مجرد إعادة بناء لقطعة فنية، بل هي إعادة كرامة للفن العراقي، ورسالة واضحة بأن الإبداع الحقيقي لا يُطمس، بل يعود أقوى مهما حاولت الظروف إخفاءه. ومن خلال هذه المبادرة، يتم إرسال إشارة إلى جميع الفنانين بأن أعمالهم ستظل محل اهتمام وتقدير، وأن صوتهم سيظل مسموعًا في ظل قيادة تدرك قيمة الثقافة والفن في المجتمع.

إننا اليوم، ونحن نشهد هذه الخطوة المهمة، نتطلع إلى المزيد من المبادرات الداعمة للحركة الفنية والثقافية في ميسان والعراق عمومًا. فتحقيق النهضة الثقافية لا يكون إلا عبر الاهتمام بالفنانين، ودعم الإبداع، والحفاظ على التراث الفني، وإعادة الاعتبار لكل من ساهم في رسم صورة مشرفة للهوية العراقية.

كل الشكر والتقدير للأستاذ حبيب ظاهر الفرطوسي على هذه المبادرة الراقية، التي تؤكد يومًا بعد يوم أنه مسؤول يتحلى بقدر عالٍ من الوعي والمسؤولية والحرص على دعم المثقفين والفنانين. كما نوجه تحية تقدير واعتزاز للفنان أحمد البياتي، الذي قدم لنا هذا النصب تخليدًا لقيم المرأة العراقية المكافحة.
إن ميسان، بمبادرات كهذه، تثبت أنها ليست فقط مدينة ذات تاريخ عريق، بل هي أيضًا حاضنة للإبداع، تدرك قيمة الفن في بناء الإنسان والمجتمع.

سمير السعد

مقالات مشابهة

  • منتدى الاستثمار الرياضي يوقع شراكة رقمية مع “تيك توك”
  • منتدى الاستثمار الرياضي SIF يعقد شراكة رقمية مع “TikTok” لتعزيز التفاعل الجماهيري
  • أمير الجوف يطّلع على التقرير الختامي لمهرجانات المنطقة الزراعية وأعمال منتدى الجوف الزراعي الدولي 2024
  • أبوظبي تستضيف منتدى “سكيفت جلوبال فورم إيست” 2025
  • منتدى بطرسبرج الاقتصادي 2025 ينطلق في يونيو بمشاركة عربية ودولية
  • التحديات التي تواجه خطة إعادة الإعمار
  • إعادة الاعتبار لنصب “المرأة الميسانية” تحية للوفاء والإبداع
  • قمة AIM للاستثمار تستضيف منتدى تكنولوجيا التجارة في أبوظبي 8 أبريل
  • حماس: نرحب بخطة إعادة إعمار غزة التي اعتمدتها القمة العربية
  • أبوظبي تستضيف منتدى تكنولوجيا التجارة 8 أبريل المقبل