في السودان، ضعوا المساعدات قبل المحادثات.. هكذا تقول الباحثة في شؤون السودان والشرق الأوسط الكبير، والمقيمة في نيويورك سها موسى، في مقال لها بمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، مشيرة إلى تواضع المبالغ التي قدمتها القوى الفاعلة لمساعدة السودانيين، مثل الولايات المتحدة والسعودية والإمارات.

وتقول الكاتبة إنه مع مقتل أكثر من 12 ألف شخص ونزوح 7.

3 مليون شخص، أدت الحرب المستمرة في السودان إلى انهيار الخدمات السياسية والاجتماعية والطبية في البلاد بشكل مطرد.

وتشير التقارير إلى أن أكثر من 24 مليوناً من سكان البلاد البالغ عددهم 46 مليون نسمة يحتاجون إلى المساعدة؛ وارتفعت حالات الكوليرا إلى أكثر من 8200 حالة بحلول أواخر ديسمبر/كانون الأول؛ وما بين 70% إلى 80% من المستشفيات في الولايات المتضررة توقفت عن العمل.

اقرأ أيضاً

بلغ ضحاياها 24 مليون طفل.. يونيسيف: حرب السودان كارثية

التفاوض ليس أهم من المساعدات

ومع ارتفاع أعداد العنف والنزوح، لم تتواصل جهود المساعدات الإنسانية.

وبدلاً من ذلك، كانت الأولوية لمبادرات التفاوض بين القوى المتحاربة، القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي" من جانب المجتمع الدولي، متجاهلاً المعاناة التي تحملها المواطنون السودانيون العاديون خلال الأشهر التسعة الماضية.

وبينما ظلت المحادثات متقطعة لعدة أشهر، لا تزال المبادرات الإنسانية الحيوية تعاني من نقص التمويل، تقول الكاتبة.

وتشير سها إلى أن الاعتماد على المفاوضات يعني افتراض أن أحد الفصائل المتحاربة سيفوز والآخر سوف يتنازل، مما يترك إما البرهان أو حميدتي مسؤولاً عن إعادة إعمار السودان.

وبالنظر إلى قرار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين مؤخرًا بأن كلاً من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية قد ارتكبت جرائم حرب، فإن دعوة هذه الأطراف إلى طاولة المفاوضات تشير إلى مستقبل قاتم للسودان.

اقرأ أيضاً

الخرطوم عن اتفاق حميدتي وحمدوك: يمهد لتقسيم السودان 

الفصيلان المتحاربان يرفضان التراجع

وتطالب الكاتبة المجتمع الدولي بدلاً من إعطاء الأولوية للمفاوضات بين الفصيلين اللذين يرفضان بشدة أي فكرة عن أخطائهما والتي يرفضها المواطنون بأغلبية ساحقة باعتبارها غير ممثلة، بأن يعيد توجيه الاهتمام للحد من التمويل الأجنبي للصراع.

وترى سها أن الفصيلان المتحاربان كلاهما يعيق تقدم أية حكومة مدنية لحكم السودان، وهو ما يجب أن يدفع القوى الخارجية والمنظمات الدولية إلى وجوب أن ينصب تركيزها الأساسي على استعادة الحياة المدنية، بدلاً من المفاوضات غير العملية التي كثيراً ما فشلت في الماضي.

وتشير الكاتبة إلى انهيار النظام الصحي في مناطق واسعة من السودان، جراء الحرب، وكذلك تسبب الصراع في محدودية قدرة السكان على الوصول إلى الغذاء والموارد، لا سيما مع تدهور الاقتصاد ومعدل تضخم يصل إلى 256% مقارنة بمتوسط أسعار المستهلك.

اقرأ أيضاً

السودان المنسيّ.. أين العرب؟

التحرك الأكثر إلحاحا

وتعتبر الكاتبة أن التحرك الأكثر إلحاحا بالنسبة إلى السودانيين الآن هو تقديم المساعدات الإنسانية، لكن لا تزال تراوخ مكانها بسبب نقص التمويل، حيث تم الحصول على 41.8% فقط منه، ولذلك فإن خطة الاستجابة التي وضعها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) لم تكن فعالة كما ينبغي.

وتهدف الخطة إلى تقديم المساعدة المنقذة للحياة للحد من معدلات الإصابة بالمرض والوفيات المباشرة وإبعاد المخاطر المعلقة من خلال اتخاذ إجراءات وقائية.

وقد سمح التمويل المحدود لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالوصول إلى 21% فقط من الأشخاص المستهدفين المحتاجين، لذا فإن الضغط المتزايد على الجهات الحكومية يعد أمرًا أساسيًا لضمان المساعدات الإنسانية.

ومن أصل 2.57 مليار دولار اللازمة لتفعيل الخطة بالكامل، قدمت الولايات المتحدة 549.1 مليون دولار من التمويل المضمون الحالي، لكن السعودية - الوسيط الرئيسي الآخر - ساهمت بمبلغ 38 مليون دولار فقط، وقدمت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية أقل من 100 ألف دولار.

اقرأ أيضاً

مع حرب إسرائيل على غزة.. كيف بات السودان مأساة منسية؟

وبينما تهدف القوى المتفاوضة إلى جلب الإمارات إلى محادثات بشأن دورها في الصراع، فقد منحت حكومتها أقل من 400 ألف دولار لجهود الإغاثة.

ويشكل تشجيع الحلفاء في الغرب على المساعدة في الخطة الحالية أمراً بالغ الأهمية على نحو مماثل، لأنه يقدم استجابة أكثر فورية، كما تقول الكاتبة.

المصدر | سها موسى / فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليح الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الحرب في السودان قوات الدعم السريع الجيش السوداني صراع السودان مساعدات إنسانية السعودية الإمارات اقرأ أیضا

إقرأ أيضاً:

عاجل - أونروا: نفاد إمدادات الطحين في قطاع غزة والوكالة تحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية

أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) اليوم الأحد، عن نفاد إمدادات الطحين في قطاع غزة.

وأوضحت الوكالة في منشور على حسابها الرسمي بمنصة "إكس" أن هذا النقص يأتي بعد أن أعلن برنامج الأغذية العالمي في 25 أبريل عن نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في القطاع.

الأمم المتحدة: غوتيريش لن يشارك في احتفالات عيد النصر بموسكو الأمم المتحدة: خفض تمويل المساعدات العالمية يعطل جهود تطعيم الأطفال ضد الأمراض القاتلة

وأضافت أونروا أن إمدادات الطحين قد نفدت من مخازنها في وقت سابق من هذا الأسبوع، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع الإنساني في غزة، حيث يعتمد السكان على المساعدات الإنسانية بشكل شبه كامل.

 

حصار إسرائيلي يفاقم الأوضاع

أكدت أونروا أن نحو 3 آلاف شاحنة محملة بمساعدات إنسانية جاهزة لدخول غزة، لكن السلطات الإسرائيلية تمنع دخول هذه الشاحنات عبر المعابر، مما يعطل وصول المساعدات إلى المحتاجين في القطاع.

وتعاني غزة، التي يقطنها نحو 2.4 مليون نسمة، من نقص حاد في المواد الغذائية والضروريات الأساسية منذ أن أغلقت إسرائيل معابر كرم أبو سالم وزيكيم وبيت حانون في الثاني من مارس الماضي، وهو ما أدى إلى توقف تدفق المساعدات بشكل كامل.

تدهور الوضع الغذائي في غزة

وقالت أونروا إن "الجوع يتفاقم في غزة"، حيث يعاني الأهالي من نقص حاد في الطعام، خاصة الأطفال الذين يواجهون صعوبات بالغة للبقاء على قيد الحياة. 

وأشارت الوكالة إلى أن سكان القطاع يعتمدون على ما توزعه المنظمات الخيرية من وجبات دافئة، في ظل انعدام الغذاء الأساسي.

وأعلنت أونروا في وقت سابق أن "الوضع في غزة أصبح كارثيًا"، مع تزايد الحاجة الماسة إلى رفع الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، والذي يساهم في تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل كبير.

الإغلاق الإسرائيلي: أطول فترة حصار لغزة

في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن برنامج الأغذية العالمي عن نفاد مخزونه الغذائي بالكامل في القطاع، وهو ما يعد أطول إغلاق يشهده قطاع غزة على الإطلاق، حيث توقفت المساعدات عن الوصول إلى القطاع لمدة سبعة أسابيع بسبب الإغلاق الإسرائيلي للمعابر.

وقد ساهم هذا الإغلاق في تدهور الأوضاع في الأسواق ونظام الغذاء في غزة، مما يزيد من معاناة المدنيين في القطاع المحاصر.

تصعيد عسكري مستمر

منذ السابع من أكتوبر 2023، تشهد غزة تصعيدًا عسكريًا مستمرًا، حيث تشن إسرائيل حربًا شاملة على القطاع، وهو ما أسفر عن سقوط أكثر من 168 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من النساء والأطفال.

هذا التصعيد، الذي تحظى إسرائيل بدعم أميركي مطلق، يأتي رغم الالتزام المعلن من حركة حماس باتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى منذ يناير الماضي.

مقالات مشابهة

  • حركة فتح: الاحتلال يواصل منع دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • نقص التمويل يهدد بخفض نشاط مفوضية اللاجئين في العالم
  • الأمم المتحدة تحذر من تداعيات تخفيضات التمويل على المساعدات الإنسانية
  • السعودية وقطر تسددان 15 مليون دولار لدعم سوريا.. وألمانيا تقدم عرضاً مغرياً للاّجئين
  • نحو 15 مليون دولار.. السعودية وقطر تقرران سداد متأخرات سوريا لدى البنك الدولي
  • 15 مليون دولار.. السعودية وقطر تسددان متأخرات سوريا للبنك الدولي
  • عاجل - أونروا: نفاد إمدادات الطحين في قطاع غزة والوكالة تحذر من تفاقم الأوضاع الإنسانية
  • نقص التمويل يجبر منظمات أممية على تقليص المساعدات في عدد من البلدان
  • حرب الوكالة: السودان والإمارات.. هل تغير «دولة ممزقة» تاريخ الحروب؟
  • فورين بوليسي: أمريكا ستفتقد بشدة زمن الوصاية والنفوذ على أوروبا