فرنجيّة مقابل الـ1701... هل يمرّ هذا الطرح؟
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
يتمّ التداول بمقترح، يقضي بقيام الدول المعنيّة بالملف الرئاسيّ اللبنانيّ، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة الأميركيّة، بإعطاء "حزب الله" موقع رئاسة الجمهوريّة، عبر دعم مرشّحه رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، في مقابل أنّ تُطبّق "المقاومة" القرار الدوليّ 1701، وينسحب مقاتلوها إلى شمال الليطاني، وفي الوقت عينه، العمل على إنهاء الإحتلال الإسرائيليّ للأراضي اللبنانيّة في الجنوب.
ورغم أنّ هذا الطرح يُعتبر مُغريّاً لـ"حزب الله" وحلفائه في لبنان، الذين لا يزالون بعد مرور أكثر من سنة على الشغور الرئاسيّ، يتمسّكون بفرنجيّة، إلّا أنّ هناك ملاحظات عديدة عليه. فتقول أوساط ممانعة في هذا الإطار، إنّه لا يُمكن القبول بتراجع "حزب الله" إلى ما وراء خطوط الإشتباك، إنّ استمرّ العدوّ الإسرائيليّ في حربه على حركة "حماس" في غزة، لذا، هناك حتّى الآن، رفضٌ لما يتمّ الترويج له في أروقة المفاوضات.
وفور دخول "حزب الله" الحرب، وفتحه جبهة الجنوب اللبنانيّ ضدّ إسرائيل، اتّهمت أوساط معارضة "الحزب"، بأنّه يُريد الحصول على مكاسب سياسيّة، إنّ فاز محور المقاومة على الجيش الإسرائيليّ. وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ "الثنائيّ الشيعيّ" بنى كثيراً في المرحلة الأخيرة على صمود حلفائه في سوريا واليمن والعراق وفلسطين، وبعودة التقارب بين السعوديّة وإيران، وسعى من خلال ذلك، إلى تعزيز دوره في الحياة السياسيّة.
ومن شأن قبول "حزب الله" بصفقة الرئاسة في مقابل تطبيق الـ1701، أنّ يُحجّم دور "المقاومة" على أرض الجنوب، ويُبقي حركة "حماس" وحيدة في المعارك. وتُشير الأوساط الممانعة، إلى أنّها لن تدخل في أيّ نقاشٍ يتعلّق بإنهاء الحرب، إنّ لم تُوقف أوّلاً وأخيراً إسرائيل عدوانها على غزة. وتُتابع أنّه من الصعب أيضاً القبول بالمقايضة التي تُطرح، لأنّه من خلال تمسّكها بفرنجيّة، تُريد تعزيز دور "الحزب" وسلاحه، ووجوده في الخطوط الأماميّة، وإلّا لكانت قبلت بأحد المرشّحين الوسطيين.
وأبعد من "حزب الله" وفريق الثامن من آذار، تستعدّ المعارضة لهذا السيناريو، الذي ترى فيه أنّ الدول الغربيّة تعمل على تقويّة "حزب الله" في لبنان، بدلاً من تحجيم دوره، وتسأل: "ما الذي يدفع هذه البلدان إلى الثقة بـ"الحزب" الذي خرج عن أغلبيّة القرارات الداخليّة والدوليّة، وأبرزها الـ1701، وإعلان بعبدا؟".
وتُشدّد الأوساط المعارضة على أنّها لم تقبل بالأطر السياسيّة والدستوريّة بوصول مرشّح "حزب الله" إلى سدّة الرئاسة، وتُذكّر أنّها وقفت بقوّة بوجه المبادرة الفرنسيّة الأولى، حين كانت باريس تُريد إنهاء الملف الرئاسيّ بالمقايضة. وتُؤكّد أنّها لن تقبل بأيّ تسويّة دوليّة على حساب لبنان وسيادته. وتُضيف الأوساط أنّ الغرب يدّعي بهذه الطريقة أنّه يُعادي "الحزب"، بينما في الوقت عينه، يُساهم في نموّه محليّاً، على حساب الشعب اللبنانيّ، ومصالحه.
وبين الملاحظات التي تضعها المعارضة من جهّة، وفريق الممانعة من جهّة أخرى، تقول مصادر سياسيّة إنّه لا يُمكن تطبيق هذه المقايضة إنّ بَقِيت الحرب مشتعلة في غزة، فالقرار بعدم توسّع المعارك إلى الدول المُجاورة تتحمّل مسؤوليته تل أبيب بشكل مباشر، ومستقبل أيّ هدنة أو وقف إطلاق النار أو السلام، مرتبط بقرار الحكومة الإسرائيليّة بوقف الأعمال العسكريّة.
وتلفت هذه المصادر إلى أنّ العالم يتسابق نحو لبنان، لإبعاده عن الحرب، لأنّ هناك خشيّة حقيقيّة من ذهاب إسرائيل بعيداً في حربها على غزة، ورغبتها بالقضاء على "حماس"، لذا، وجدت أميركا أنّ هناك طرقاً أخرى لتحييد "حزب الله" عن المعارك، وأهمّها الإيعاز إلى الدول المعنيّة بلبنان بدعم فرنجيّة، والطلب من حلفائها النواب، أنّ يسيروا بهذا الطرح.
وتُتابع المصادر السياسيّة قولها، إنّ هناك كتلاً نيابيّة لا تزال تنتظر أيّ تسويّة خارجيّة، قد تعود إيجابيّاً على الملف الرئاسيّ، لتبني موقفها النهائيّ تجاه إنتخاب فرنجيّة أو عدمه، وفي مقدّمتها كتلة "اللقاء الديمقراطيّ"، إضافة إلى "الإعتدال الوطنيّ"، وبعض النواب المستقلّين. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله فرنجی ة
إقرأ أيضاً:
المعارضة تفشل في مواجهة حزب الله: لا تسوية معه
يبدو أن قوى المعارضة تنتظر نهاية الحرب لتبدأ معركتها السياسية الداخلية بهدف تحصين وتحسين واقعها السياسي، علماً أن كانت لديها فرصة جدية في الأيام الأولى للمعركة للحصول على مُكتسبات أكبر في ظلّ الضربات التي تعرّض "حزب الله" والتي أضعفته لعدّة أيام.
لكن من الواضح أن المعارضة فشلت في الدخول في معركة سياسية مؤثّرة خلال الحرب، والأمر لا يعود حتماً الى أسباب مرتبطة بحسن النوايا، غير أن السرّ يكمن في المشاكل العضوية الجذرية التي تسيطر عليها وتقف عقبة في طريق أي حراك سياسي نافع سواء لجهة الاصطفافات النيابية أو لجهة التكتيك لإضعاف "حزب الله" وحلفائه.
ولعلّ أبرز العوامل التي أعاقت خُطط المعارضة، وبمعزل عن ما يظهر في وسائل الإعلام من خلال الحملات الضاغطة التي تؤشر الى نهاية "حزب الله" تماما، حيث اتجه البعض الى اعتبار أنّ لبنان بات يترقّب مرحلة جديدة خالية من "الحزب"، فإن المعارضة غير متوافقة في ما بينها ولا متطابقة في مجمل المواقف ولو ظهر الامر عكس ذلك، فلا مرشّح رئاسيا واحدا يجمعها ولا خطاب سياسيا يوحّدها أو حتى نظرة تكتيكية واستراتيجية للواقع اللبناني. لذلك فإنها لم تتمكن من أن تفرض نفسها في مواجهة "الحزب" أو الوصول الى تسوية معه مرتبطة بالقضايا الخلافية.
ثمة عامل آخر ساهم في تعقيد تنفيذ تصوّر المعارضة، ويتركّز في نقطة التفاف القوى الاسلامية حول "حزب الله"؛ إذ إنّ "الثنائي الشيعي" المتمثل "بحزب الله" و"حركة امل" لا يزالان توأمان برأس واحد لا ينفصلان، وكذلك القوى السنّية بغالبيتها العظمى التي تؤيد "الحزب" وتدعمه بعيداً عن بعض الخلافات غير المرتبطة بالمعركة الراهنة. وهذا أيضاً ينطبق على الأحزاب الدرزية الأساسية وتحديداً الحزبين الاشتراكي والديمقراطي، اضافة الى الوزير السابق وئام وهاب الذي يتمايز قليلاً عن "حزب الله" من دون أن يخرج عن تأييده له في القضايا الاستراتيجية.
وفي سياق متّصل فإنّ المعارضة فشلت أيضاً في استقطاب رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل بشكل كامل، حيث بقي الرجل خارج المعارضة بالرغم من خلافه العميق مع "الحزب" في مرحلة تعتبر الاكثر حساسية في لبنان، لكن هذه الخلافات ما لبثت أن تقلّصت بشكل أو بآخر ما يجعل من "حزب الله" قادراً على الخروج من الحرب، رغم الاضرار الكبيرة التي تعرّض لها، بقوّة جدية لا يمكن الاستهانة أو الاستفراد بها في الداخل اللبناني.
المصدر: خاص "لبنان 24"