دخلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يومها الـ100، مع استشهاد وإصابة عشرات آلاف الفلسطينيين، ونزوح 90% من سكان القطاع، وتدمير آلاف المباني العامة والخاصة.

وعلى الجانب الآخر، تعرضت إسرائيل أيضا لخسائر بشرية واقتصادية ومعنوية، خاصة في ظل الفشل في تحقيق أهداف الحرب، التي يتصاعد شبح توسعها سواء في لبنان أو البحر الأحمر.

وبعد 100 يوم من الحرب، يبدو واضحاً اليوم أن لا مؤشر إلى نهاية قريبة للمأساة، في ظل تمسك إسرائيل بهدف "تدمير حماس" وإسقاط حكمها، في إطار الرد على "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعد هذه الجولة من الحرب، هي الأطول والأكثر دموية بين إسرائيل والفلسطينيين منذ عام 1948، ولا تظهر أي علامات على قرب الانتهاء، فلا تزال "حماس" مشاركة في القتال إلى حد كبير، ولا يزال الاسرى الإسرائيليين داخل القطاع، وسط توقعات بأن الحرب قد تستمر طوال عام 2024.

ورغم أن الحرب لم تنتهِ بعد، وبالتالي سيكون من المبكر الحكم على نتائجها واستخلاص دروس منها، فإن الواضح أن تداعياتها أعادت رسم المشهد الفلسطيني الداخلي، وكذلك الإسرائيلي، وحرّكت جبهات، من جنوب لبنان (حزب الله وإسرائيل)، إلى سوريا والعراق (هجمات جماعات مسلحة ضد الأمريكيين وقوات التحالف)، وصولاً إلى البحر الأحمر (هجمات الحوثيين على السفن التجارية).

بدأت الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول، والذي لم يكن يوما عاديا على الجيش الإسرائيلي، فقد بدأ بسيطرة كتائب "القسام" الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على قرابة الـ600 كيلومتر مربع، ما يعرف بـ"غلاف غزة"، بعد هجوم كاسح ومباغت أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيليا، من بينهم 319 جنديا، وإصابة أكثر من ألفين وأسر أكثر من 250 شخصا، من بينهم 130 جنديا وضابطا من جيش الاحتلال.

ويعتبر سقوط "فرقة غزة"، وهي التي تتكون من 3 ألوية ووحدتي "نخبة"، من أهم خسائر الجيش الإسرائيلي في ذلك اليوم، كما يعد هذا السقوط، بنظر مراقبين وخبراء، بمثابة خسارة جيش الاحتلال لـ"ذاكرته" و"عيونه" وكل ما يتعلق بقطاع غزة خلال الهجوم الذي استمر لساعات.

اقرأ أيضاً

أونروا: حرب غزة تسبب في أكبر تهجير للفلسطينيين منذ 1948

أرقام مفزعة

وردت إسرائيل بشن غارات جوية مكثفة على غزة، قبل توسيع العملية إلى هجوم بري.

وبدأت الحرب بوعد حكومي إسرائيلي بسحق "حماس"، ثم تراجع الهدف إلى مستوى القضاء على القدرات العسكرية للحركة، وإنهاء حكمها لغزة، ثم أصبح شل قدرتها على تكرار هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي مجددا.

فيما يلي نظرة على الأرقام في حصيلة الحرب بين إسرائيل و"حماس"، مصدرها وزارة الصحة الفلسطينية ومسؤولون إسرائيليون، بالإضافة إلى مراقبين دوليين وجماعات إغاثة.

وبلغ عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا في غزة 23 ألفا و843، وفي الضفة الغربية 347، بينما بلغ عدد الأشخاص الذين قتلوا في إسرائيل كان أكثر من 1300.

والخسائر في صفوف المدنيين جراء الحرب غير معروفة، ولكن يعتقد أن ثلثي الشهداء في غزة هم من النساء والأطفال.

بينما بلغ عدد المدنيين الذين قتلوا في إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول نحو 790 شخصا، وقتل 148 من موظفي الأمم المتحدة في غزة، أما عدد العاملين الصحيين الذين اسشتهدوا فبلغ 337 على الأقل، فيما استشهد 82 صحفيا.

وبلغ عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 314 جنديا، أما عدد مسلحي المقاومة الذين قتلتهم إسرائيل فبلغ أكثر من 8 آلاف وفق تقديرات إسرائيلية.

أما عدد الجنود الإسرائيليين الذين قتلوا في الهجوم البري على غزة فبلغ 188 عسكريا، و9 جنود قتلوا في الجبهة الشمالية، وبلغ عدد الجنود الذين قتلوا بنيران صديقة أو "حوادث" في غزة والشمال 29 جنديا.

ووفق بيانات رسمية صادرة عن المكتب الإعلامي في غزة، فقد بلغت نسبة المباني التي يحتمل تضررها أو تدميرها في غزة تترواح بين 45-56%، أما المستشفيات في غزة التي تعمل جزئيا فهي بين 15 و36 مستشفى.

اقرأ أيضاً

100 يوم من الحرب على غزة.. المعارك متواصلة والضغوط تتزايد على نتنياهو

فيما يواجه 576 ألفا و600 مدني فلسطيني، أي نسبة 26% من السكان، "الجوع والمجاعة الكارثية".

كما بلغت نسبة المباني المدرسية المتضررة في غزة أكثر من 69%، وتضرر 142 مسجدا بالإضافة إلى 3 كنائس، وألحقت أضرار بـ121 سيارة تابعة للإسعاف.

ويعد 625 ألف طالب خارج المدرسة، أي بنسبة 100% من الطلاب.

فيما بلغ عدد الجرحى الفلسطينيين في غزة أكثر من 60 ألفا، وفي الضفة الغربية أكثر من 4 آلاف، أما في صفوف الإسرائيليين فكان مجموع الإصابات 12 ألفا و415 إصابة.

بينما أصيب 1085 جنديا إسرائيليا في الهجوم البري.

بينما بلغ عدد الفلسطينيين المهجرين في غزة نحو 1.8 مليون (85% من سكان غزة)، وبلغ عدد الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين هجروا 1208.

فيما بلغ عدد الإسرائيليين النازحين من التجمعات الحدودية الشمالية والجنوبية: 249 ألفا و263 شخصا (2.6% من السكان)

ووفق البيانات، بلغت الرهائن الذين احتجزتهم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول حوالي 250، أفرج عن 121 منهم حتى الآن، وبقي 136 أسيرا في القطاع.

أما الأسرى الذين قتلوا أو ماتوا في أسر "حماس"، فبلغ عددهم 33 شخصا.

فيما أطلقت إسرائيل سراح 240 من الأسرى الفلسطينيين خلال توقف القتال لمدة أسبوع.

اقرأ أيضاً

حرب غزة.. تقديرات بارتفاع معاقي جيش الاحتلال لـ30 ألفا والمعركة القادمة إعادة تأهيلهم

وعشية دخول الحرب الدامية في قطاع غزة يومها الـ100، قالت الأمم المتحدة، السبت، إن النزاع "يلطخ إنسانيتنا المشتركة".

وفي وقت سوَّت إسرائيل أحياء سكنية ومخيمات لجوء بالأرض، وهو ما أدى لإخفاء الحياة تماما في عدد من مناطق القطاع، تشير التقديرات إلى أن إزالة ركام ما دمرته إسرائيل في هذه الفترة يتطلب بين 7 و10 سنوات.

وتقول إسرائيل إنها تستهدف القضاء على فصائل المقاومة، إلا أن تسريبات ظهرت بعد 3 أسابيع من الحرب، مفادها أن قادة الاحتلال يبحثون دفع السكان المدنيين إلى مغادرة القطاع، وقتل كل مظاهر الحياة في هذا المكان.

ويمكن الوقوف على هذه النية في التصريحات التي أطلقها مسؤولون سابقون وحاليون، بشأن ضرورة إخلاء القطاع من سكانه وإعادة الاستيطان فيه، بغض النظر عمّا يمثله هذا من إبادة جماعية وتهجير قسري يجرمهما القانون الدولي والإنساني ويعتبرهما جريمتي حرب.

يشار إلى أن الهدف الأول للحرب كما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو القضاء على "حماس"، واستعادة العشرات من الأسرى الإسرائيليين الذي أصبحوا في قبضة المقاومة الفلسطينية.

وبعد 20 يوما من التمهيد الناري العنيف في أجزاء متفرقة من القطاع، بدأت إسرائيل توغلا بريا محدودا، قامت به آليات ثقيلة وعدد قليل من الجنود ونافذة زمنية ضيقة، فيما بدا أنه حالة لاستطلاع أرض وبيئة المعركة.

وفيما كانت القوات المحدودة تحاول الوقوف على مدى جاهزية المقاومة للقتال، كانت القوات الأكبر والأكثر تجهيزا واقفة على حدود القطاع ومستعدة لشن مناورة تقليدية من حيث الشكل وآليات التنفيذ.

وانتهجت إسرائيل طريقة القصف المستمر بقنابل مضادة للتحصينات من أجل الترويع والوصول إلى الأنفاق التي تعتبرها أقوى أسلحة المقاومة، وقد نفذت قرابة 500 ساعة طيران وألقت نحو 20 ألف طن من المتفجرات، بين 7 و27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما بدأت العملية البرية.

اقرأ أيضاً

سجال في محكمة العدل بشأن حرب غزة.. هذا ما تخشاه إسرائيل

مقاومة شرسة

وعندما بدأ التوغل، دفعت إسرائيل بقواتها من 3 محاور هي بيت حانون شمالا، وبيت لاهيا في الشمال الغربي، بهدف تغطية المساحة التي تمتد من البحر المتوسط غربا وحتى السياج الفاصل شرقا.

ومن الوسط، اجتازت قوات الاحتلال الأراضي الزراعية من جحر الديك وصولا لشارع صلاح الدين، وذلك بهدف تقطيع أوصال الجزء الشمالي من القطاع بخطوط عرضية مع الإبقاء على الغطاء الناري لقصف مدفعي وجوي وبحري لا يتوقف تقريبا.

في المقابل، كانت مهمة "القسام"، الجناح العسكري لحركة "حماس"، وبقية فصائل المقاومة، أكثر صعوبة من الناحية النظرية، نظرا لغياب التكافؤ في موازين القوة من حيث التجهيز والتسليح وأعداد الجنود.

لكن المقاومة أظهرت جانبا من وجهها الذي كثيرا ما بقي غامضا، فظهرت وحدات قتالية مختلفة المهام وألوية متعددة، مع نظام فعال للتواصل والتنسيق وإصدار الأوامر.

ولعبت قدرة المقاومة على سرعة استقراء خطط القوات المتوغلة دورا لصالحها، ومكّنتها من بلورة آلية عمل ميدانية مستندة إلى معرفتها بطبيعة وبيئة مسرح القتال الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومترا مربعا، وهو أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان والمباني في العالم، كما أنه يخضع لحصار محكم منذ 17 عاما تقريبا.

ويجمع المراقبون على أنه كما يعرف سكان القطاع تفاصيله، فإن المقاومة تعرف أيضا أرضه كما تحفظ كفَّ يدها، وهو ما جعل قوات الاحتلال تصطدم بعقد قتالية قاسية.

وكان حي الشجاعية (شمالي القطاع) واحدا من هذه العقد، حيث حاصر لواء نخبة المشاة "غولاني"، وألحق به خسائر تعد الأكبر في تاريخه الدموي مع الفلسطينيين.

وفي مخيم البريج (وسط القطاع) وخان يونس (جنوب)، واجه الاحتلال وما يزال مقاومة شرسة منعته من تحقيق أي إنجاز ميداني، وكبّدته خسائر بشرية مؤلمة.

ومع بداية الشهر الثاني للحرب البرية، توسعت العمليات العسكرية بمهاجمة جنوب القطاع، ثم قامت بمهاجمة الجزء الأوسط بشكل شبه متزامن مع الهجوم على الجنوب.

اقرأ أيضاً

نيويورك تايمز: حرب غزة دمرت أبرز روافد الاقتصاد الإسرائيلي.. والأزمة غير مسبوقة

ودفعت إسرائيل الألوية التي قاتلت في جنوب القطاع عبر شارع صلاح الدين دون أن تتمكن من الإطباق على مدينة خان يونس أو القرارة التي توقفت عندها القوة المهاجمة دون أن تحرز أي تقدم.

وتعرضت القوات المهاجمة لهاتين المنطقتين لخسائر في الجنود والآليات، مما أجبرها على إعادة تنظيم قواتها، بعد نحو شهرين من العملية البرية، فسحبت ألوية أبرزها "غولاني"، ودفعت بـ8 ألوية إلى الجنوب.

بالتوازي مع هذه التعزيزات للقوات الإسرائيلية، كثفت كتائب "القسام" من هجماتها، اعتمادا على سياسة الكمائن وحقول الألغام وعمليات الاستدراج، كما عدلت المقاومة من تكتيكها القتالي، مؤكدة سلامة واستمرارية تسلسل إصدار وتنفيذ الأوامر الميدانية، وفق ما يظهر من الصور التي تبثها للعمليات.

وبعد 100 يوم على بدء المعركة، تشير المعطيات الميدانية إلى أن احتمال تحقيق إسرائيل نصرا عسكريا، يبدو أمرا بعيدا أو مستبعدا، حيث فشل جيش الاحتلال في استعادة أي من الأسرى المحتجزين، كما سقطت روايته الرسمية العسكرية في كثير من المواقف، أبرزها رواية مستشفى الشفاء التي رسمها الجيش وتحولت إلى سخرية على منصات التواصل الاجتماعي.

كما يجد جيش الاحتلال نفسه أمام تراكم للفشل الاستخباراتي والأمني والعملياتي والإعلامي، رغم إعلاناته المتكررة عن السيطرة على مواقع لحماس أو تفجير أنفاق يصفها بالإستراتيجية أو قتله لقادة ميدانيين في المقاومة.

وأمام ذلك، تصاعد الغضب ضد حكومة نتنياهو، ووصلت المظاهرات إلى تل أبيب، رافعين شعارات تطالب بإستقالة الحكومة، والتوجه إلى انتخابات فورية، ودعوا إلى إعطاء الأولوية لاستعادة أبنائهم، واستئناف المفاوضات مع "حماس" لتحقيق ذلك.

كما تطرق الإعلام العبري مرارا خلال الشهور الأخيرة، إلى خلافات مستمرة بين وزير الدفاع يوآف غالانت ونتنياهو، تتعلق بكيفية إدارة الحرب على قطاع غزة، وما بعد الحرب، بالإضافة إلى محاولات نتنياهو المتكررة لتحميل الجيش مسؤولية الحرب على قطاع غزة.

اقرأ أيضاً

الحرب على غزة.. عوائد الفرصة وكلفة "الفرص البديلة"

الضفة ولبنان.. صفيح ساخن

وبموازاة حرب غزة، تواجه الضفة الغربية تصعيداً كبيراً في حملات الدهم والاغتيالات التي تقوم بها إسرائيل والتي أدت حتى الآن إلى مقتل ما لا يقل عن 347 فلسطينياً.

وتهدف العمليات الإسرائيلية، كما يبدو، إلى تفكيك شبكات يُشتبه في أن فصائل فلسطينية بنتها داخل الضفة، لاسيما في مخيماتها المكتظة.

وبالإضافة إلى عمليات الجيش، يشن المستوطنون اعتداءات يومية على الفلسطينيين ويدمرون محاصيلهم الزراعية، ويقتلون مواطنين تحت أعين الجنود أحياناً.

كما يستغل المستوطنون حرب غزة لتوسيع سيطرتهم على الضفة الغربية، من خلال توسيع المستوطنات أو إقامة بؤر استيطانية جديدة.

وتفيد تقارير مختلفة، بأن الضفة اليوم باتت على شفير انفجار يُنذر بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل.

وتضامنا مع غزة، سارع "حزب الله"، فور وقوع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، إلى تسخين الوضع في جنوب لبنان، وهي جبهة هادئة إلى حد كبير منذ حرب عام 2006.

وشن الحزب هجمات واسعة على مواقع إسرائيلية قرب الحدود، موقعاً قتلى وجرحى ومتسبباً في نزوح عشرات الآلاف من سكان شمال إسرائيل، التي ردت بعنف أكبر، موقعة عشرات الشهداء من الحزب، بينهم قادة كبار.

لكن لا يبدو، حتى الآن، أن "حزب الله" يريد الانخراط في حرب شاملة، علماً بأنه أكد أكثر من مرة، أنه لم يكن يعرف بعملية "طوفان الاقصى" قبل وقوعها.

ورغم ذلك، تقول إسرائيل إنها تستعد لحرب ضد الحزب في حال فشلت الدبلوماسية في دفعه إلى الانسحاب بعيداً عن حدودها.

وفي حين أن الضربات المتبادلة تبدو مضبوطة حتى الآن، فإنها كادت تخرج عن السيطرة مرتين على الأقل.

الأولى بعد أيام فقط من هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول في غزة، عندما انطلقت الطائرات الإسرائيلية لقصف لبنان بناء على معلومات استخباراتية بأن «حزب الله» على وشك شن هجوم عبر الحدود مماثل لهجوم "حماس" في غزة، وتدخل الأمريكيون آنذاك لوقف الضربة.

أما الانفجار الثاني المحتمل، فكان يمكن أن يحصل عندما اغتالت إسرائيل بضربة جوية قادة "حماس" في معقل "حزب الله" قرب بيروت، لكن رد الحزب اقتصر على التلويح بالانتقام.

ولا شك أن "حزب الله" يأخذ في الاعتبار هنا احتمال أن تكون إسرائيل جادة في تهديدها بتحويل بيروت إلى غزة ثانية.

وبالتزامن مع المواجهات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، شهدت جبهة الجولان السوري تسخيناً مماثلاً، لكنه أقل حدة بكثير.

وسُجلت محاولات لإطلاق صواريخ على إسرائيل التي صعّدت هجماتها داخل سوريا مستهدفة على وجه الخصوص قادة "حزب الله" و"الحرس الثوري"، على غرار اللواء سيد رضي الموسوي الذي قتل بالسيدة زينب في ديسمبر/كانون الأول.

اقرأ أيضاً

إنترسبت: هكذا انحازت 3 صحف أمريكية كبرى لإسرائيل في حرب غزة

العراق وسوريا واليمن... الضغط على أمريكا

في المقابل، حرّكت حرب غزة أيضاً ملف الأمريكيين في العراق وسوريا، حيث لجأت فصائل شيعية مرتبطة بإيران إلى استهداف قواعدهم في هذين البلدين، انطلاقاً من الاعتقاد بأنه يمكن الضغط على إسرائيل لوقف حربها من خلال الضغط على حليفها الأمريكي.

وطال القصف بالصواريخ والطائرات الانتحارية قواعد الأميركيين الأساسية في العراق؛ مثل عين الأسد والحرير، وفي سوريا مثل حقل العمر والتنف والشدادي.

وردت الولايات المتحدة على ذلك بغارات على قواعد لـ"الحشد الشعبي"، ونجحت في قتل قادة بارزين بجماعات تقف وراء شن الهجمات على جنودها.

ودفع هذا التصعيد المتبادل بين الطرفين بالحكومة العراقية إلى فتح ملف وجود التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، معلنة رغبتها في مفاوضات لجدولة انسحابه من العراق.

لكن ذلك ليس بالأمر السهل، علماً بأنه يمثل رغبة إيران وحلفائها وتم طرحه مباشرة عقب اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني في بغداد عام 2020. وإضافة إلى ذلك، يمكن أن يثير مطلب سحب الأمريكيين أزمة جديدة مع إقليم كردستان الذي يتمسك ببقائهم.

وفي الجنوب، أعلن الحوثيون، المدعومون من إيران، إطلاق صواريخ باليستية ومسيّرات في اتجاه إسرائيل (إيلات) دعماً لغزة، لكن البحرية الأمريكية والبريطانية والدفاعات الإسرائيلية أسقطت معظمها قبل أن تصل إلى هدفها.

ورد الحوثيون بتوسيع نطاق الهجمات لتشمل سفناً تجارية في البحر الأحمر، كونها إسرائيلية أو مرتبطة بإسرائيل.

واستدعى تهديد الحوثيين الملاحة في البحر الأحمر إنذاراً من الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى، وعندما رفضوا الانصياع، شن الأمريكيون والبريطانيون هجمات واسعة جواً وبحراً على مواقع داخل اليمن.

لكن الحوثيين ردوا بالقول إن ذلك لن يردهم عن شن هجمات جديدة "دعماً لغزة".

اقرأ أيضاً

بلينكن: محور عربي تركي لـ "إدارة وإعمار" غزة بعد الحرب

تداعيات إقليمية

وعلى الصعيد الإقليمي، غيرت الحرب بين إسرائيل و"حماس" المشهد السياسي في الشرق الأوسط بشكل كبير، كما أصبح المزيد من التقارب الإسرائيلي العربي معلقا في الوقت الحالي.

ودفعت الحرب، القضية الفلسطينية إلى الواجهة مرة أخرى، بعدما بدت في السنوات الأخيرة، وكأنها دخلت في طي النسيان، على الأقل في نظر العديد من القادة هناك.

ولم تكن طموحات الفلسطينيين بشأن إنشاء دولتهم في أولوية وذات أهمية كبرى في حسابات العديد من الحكام، حتى جاءت الحرب.

وتمثل عودة القضية الفلسطينية للواجهة واستمرار المواجهة في فلسطين بأشكال ومستويات مختلفة واقعا جديدا في المنطقة، حيث سيفرض بيئة أمنية وسياسية جديدة، وينقل المنطقة من مسارات دمج إسرائيل في النظام السياسي والأمني والاقتصادي الإقليمي إلى بيئة هشة وقابلة للاشتعال في أي لحظة.

كما أثرت الحرب على غزة على البيئة الشعبية العربية، حيث ينظر إلى الموقف العربي الرسمي كونه عاجزا عن التصدي للعدوان الإسرائيلي، ولم يقم بالدور المطلوب في مساعدة الفلسطينيين في قطاع غزة، الأمر الذي قد ينتج عنه ردود فعل شعبية في البيئة العربية على غرار تلك التي وقعت بعد حرب العام 2008-2009.

ولعل أبرز تداعيات الحرب، هو تعليق ملف التطبيع السعودي مع إسرائيل، وتصاعد الغضب ضد دولة الاحتلال في الدول المطبعة، كمصر والأردن والبحرين.

ومن التداعيات أيضا، أن وجدت إسرائيل نفسها مجبرة على الوقوف أمام محكمة العدل الدولية، حيث تُحاكَم بتهمة "الإبادة الجماعية" في غزة، وسط توقعات بعواقب سيئة على إسرائيل حتى لو لم تنصاع المحكمة لطلب جنوب أفريقيا بوقف العمليات العسكرية في غزة.

لكن إسرائيل تخشى من التداعيات المترتبة على صدور قرار من المحكمة يطالبها بالوقف الفوري لحربها على غزة، أو إدانتها بتهمة الإبادة الجماعية لاحقاً، فالحكم قد تكون له عواقب مباشرة تتمثل في عزلة دبلوماسية وضرر كبير بسمعة إسرائيل، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من الضغوط السياسية.

في الوقت نفسه، أظهرت البيانات أن هجمات الحوثيين المدعومين من إيران على سفن الشحن في البحر الأحمر تسببت في انخفاض حجم الحاويات المنقولة هناك لنحو 70% تقريباً، حيث أجبرت الهجمات شركات الشحن على تغيير مساراتها وإرسال سفنها في رحلات أطول وأكثر تكلفة.

وبدلاً من الإبحار عبر البحر الأحمر، تبحر السفن الآن حول أفريقيا ورأس الرجاء الصالح، وهي طريق تستغرق من 7 أيام إلى 20 يوماً.

وكذلك انخفضت التجارة العالمية بنسبة 1.3% في الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني، إلى ديسمبر/كانون الأول 2023.

وأدى طول وقت الرحلة إلى زيادة أسعار الشحن بشكل كبير، حيث تكلفة نقل حاوية قياسية طولها 40 قدماً بين الصين وشمال أوروبا حالياً أكثر من 4 آلاف دولار، مقارنة بنحو 1500 دولار في نوفمبر/تشرين الثاني.

ويأتي ذلك في ظل دخول الولايات المتحدة إلى عام الانتخابات الحاسم، الذي سيكون للمشهد في الشرق الأوسط التأثير الكبير في نتائجها.

اقرأ أيضاً

أمن الشرق الأوسط 2024.. حرب غزة تهدد بإشعال 3 ساحات إقليمية

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة إسرائيل فلسطين اليمن الحرب في غزة الحوثي لبنان حزب الله فی 7 أکتوبر تشرین الأول الولایات المتحدة الذین قتلوا فی الضفة الغربیة جیش الاحتلال البحر الأحمر إسرائیل فی الحرب على اقرأ أیضا وبلغ عدد من الحرب حتى الآن قطاع غزة حزب الله أکثر من بلغ عدد من سکان على غزة حرب غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

ما هي خطة “الأصابع الخمسة” التي تسعى دولة الاحتلال لتطبيقها في غزة؟

#سواليف

منذ تجدد العدوان الإسرائيلي على قطاع #غزة في 18 آذار/مارس الماضي، أصبحت ملامح #الحملة_العسكرية في القطاع، التي يقودها رئيس أركان #جيش_الاحتلال الجديد آيال زامير، واضحة، حيث تهدف إلى تجزئة القطاع وتقسيمه ضمن ما يعرف بخطة “الأصابع الخمسة”.

وألمح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مؤخرًا إلى هذه الخطة قائلًا: “إن طبيعة الحملة العسكرية القادمة في غزة ستتضمن تجزئة القطاع وتقسيمه، وتوسيع العمليات العسكرية فيه، من خلال ضم مناطق واسعة، وذلك بهدف الضغط على حركة حماس وإجبارها على تقديم تنازلات”، وفق زعمه.

جاء حديث نتنياهو تعقيبًا على إعلان جيش الاحتلال سيطرته على ما أصبح يُعرف بمحور “موراج”، الذي يفصل بين مدينتي “خان يونس” و”رفح”. حيث قادت “الفرقة 36” مدرعة، هذه السيطرة على المحور بعد أيام من إعلان الجيش عن بدء حملة عسكرية واسعة في مدينة رفح، أقصى جنوب القطاع.

مقالات ذات صلة “شكرا لأمتنا العربية سنحرق أشعارنا”.. الأكاديميون بغزة يضطرون لحرق الدواوين الشعرية في طهي طعامهم 2025/04/05

لطالما كانت هذه الخطة مثار جدل واسع بين المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، حيث كان المعارضون لها يستندون إلى حقيقة أن “إسرائيل” غير قادرة على تحمل الأعباء المالية والعسكرية المرتبطة بالبقاء والسيطرة الأمنية لفترة طويلة داخل القطاع. في المقابل، اعتبر نتنياهو وفريقه من أحزاب اليمين أنه من الضروري إعادة احتلال قطاع غزة وتصحيح الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات الإسرائيلية السابقة عندما انسحبت من القطاع.

ما هي ” #خطة_الأصابع_الخمسة “؟
تم طرح خطة “الأصابع الخمسة” لأول مرة في عام 1971 من قبل رئيس حكومة الاحتلال الأسبق أرئيل شارون، الذي كان حينها قائد المنطقة الجنوبية بجيش الاحتلال. تهدف الخطة إلى إنشاء حكم عسكري يتولى إحكام القبضة الأمنية على قطاع غزة، من خلال تجزئة القطاع وتقسيمه إلى خمسة محاور معزولة كل على حدة.

كان الهدف من هذه الخطة كسر حالة الاتصال الجغرافي داخل القطاع، وتقطيع أوصاله، من خلال بناء محاور استيطانية محاطة بوجود عسكري وأمني إسرائيلي ثابت. ورأى شارون أن إحكام السيطرة على القطاع يتطلب فرض حصار عليه من خلال خمسة محاور عسكرية ثابتة، مما يمكّن الجيش من المناورة السريعة، أي الانتقال من وضعية الدفاع إلى الهجوم خلال دقائق قليلة فقط.

استمر هذا الوضع في غزة حتى انسحاب جيش الاحتلال من القطاع في عام 2005 بموجب اتفاقات “أوسلو” بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال.

الحزام الأمني الأول

يعرف هذا الحزام بمحور “إيرز”، ويمتد على طول الأطراف الشمالية بين الأراضي المحتلة عام 1948 وبلدة “بيت حانون”، ويوازيه محور “مفلاسيم” الذي شيده جيش الاحتلال خلال العدوان الجاري بهدف قطع التواصل الجغرافي بين شمال القطاع ومدينة غزة.

يشمل المحور ثلاث تجمعات استيطانية هي (إيلي سيناي ونيسانيت ودوجيت)، ويهدف إلى بناء منطقة أمنية تمتد من مدينة “عسقلان” في الداخل المحتل إلى الأطراف الشمالية من بلدة “بيت حانون” أقصى شمال شرق القطاع.

تعرضت هذه المنطقة خلال الأيام الأولى للعدوان لقصف مكثف، تعرف بشكل “الأحزمة النارية” واستهدفت الشريط الشمالي الشرقي من القطاع، وبالتحديد في موقع مستوطنتي “نيسانيت” و”دوجيت”. وواصل الجيش قصفه لهذه المنطقة، حيث طال ذلك منطقة مشروع الإسكان المصري (دار مصر) في بيت لاهيا، رغم أنه كان لا يزال قيد الإنشاء.

الحزام الأمني الثاني

يعرف هذا الحزام بمحور “نتساريم” (بالتسمية العبرية “باري نيتزر”)، ويفصل المحور مدينة غزة عن مخيم النصيرات والبريج في وسط القطاع. يمتد هذا المحور من كيبوتس “بئيري” من جهة الشرق وحتى شاطئ البحر، وكان يترابط سابقًا مع قاعدة “ناحل عوز” الواقعة شمال شرق محافظة غزة.

كان محور “نتساريم” من أوائل المناطق التي دخلها جيش الاحتلال في 27 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وأقام موقعًا عسكريًا ضخمًا بلغ طوله ثماني كيلومترات وعرضه سبعة كيلومترات، مما يعادل خمسة عشر بالمئة من مساحة القطاع.

في إطار اتفاق التهدئة الذي وقع بين المقاومة و”إسرائيل”، انسحب جيش الاحتلال من المحور في اليوم الثاني والعشرين من الاتفاق، وتحديدًا في 9 شباط/فبراير 2025. ومع تجدد العدوان الإسرائيلي على القطاع في 18 آذار/مارس الماضي، عاد الجيش للسيطرة على المحور من الجهة الشرقية، في حين لا يزال المحور مفتوحًا من الجهة الغربية.

الحزام الأمني الثالث
أنشأ جيش الاحتلال محور “كيسوفيم” عام 1971، الذي يفصل بين مدينتي “دير البلح” و”خان يونس”. كان المحور يضم تجمعًا استيطانيًا يحتوي على مستوطنات مثل كفر دروم، ونيتسر حزاني، وجاني تال، ويعتبر امتدادًا للطريق الإسرائيلي 242 الذي يرتبط بعدد من مستوطنات غلاف غزة.

الحزام الأمني الرابع
شيدت دولة الاحتلال محورًا يعرف بـ”موراج” والذي يفصل مدينة رفح عن محافظة خان يونس، يمتد من نقطة معبر صوفا وصولاً لشاطئ بحر محافظة رفح بطول 12 كيلومترًا. يُعتبر المحور امتدادًا للطريق 240 الإسرائيلي، وكان يضم تجمع مستوطنات “غوش قطيف”، التي تُعد من أكبر الكتل الاستيطانية في القطاع آنذاك.

في 2 نيسان/أبريل الماضي، فرض جيش الاحتلال سيطرته العسكرية على المحور، حيث تولت الفرقة رقم 36 مدرعة مهمة السيطرة بعد أيام من بدء الجيش عملية عسكرية واسعة في محافظة رفح.

الحزام الأمني الخامس
أثناء السيطرة الإسرائيلية على شبه جزيرة سيناء، وتحديدًا في عام 1971، سعت دولة الاحتلال إلى قطع التواصل الجغرافي والسكاني بين غزة والأراضي المصرية، فشيدت ما يُعرف بمحور “فيلادلفيا” وأقامت خلاله تجمعًا استيطانيًا يبلغ مساحته 140 كيلومتر مربع، بعد أن هجرت أكثر من 20 ألف شخص من أبناء القبائل السيناوية.

يمتد المحور بطول 12 كيلومترًا من منطقة معبر “كرم أبو سالم” وحتى شاطئ بحر محافظة رفح. سيطرت دولة الاحتلال على المحور في 6 أيار/مايو 2024، حينما بدأت بعملية عسكرية واسعة في محافظة رفح، ولم تنسحب منه حتى وقتنا الحاضر.

استأنف الاحتلال الإسرائيلي فجر 18 آذار/مارس 2025 عدوانه وحصاره المشدد على قطاع غزة، بعد توقف دام شهرين بموجب اتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، إلا أن الاحتلال خرق بنود اتفاق وقف إطلاق النار طوال الشهرين الماضيين.

وترتكب “إسرائيل” مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 إبادة جماعية في قطاع غزة، خلفت أكثر من 165 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم من الأطفال والنساء، وأزيد من 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • غضب في إسرائيل.. دعوات لوقف الحرب ولابيد يطالب باستقالة نتنياهو
  • جنرال إسرائيلي: حرب غزة كانت الأكثر ضرورة في تاريخ إسرائيل ولكن..!
  • ما هي خطة “الأصابع الخمسة” التي تسعى دولة الاحتلال لتطبيقها في غزة؟
  • هايمان: ثلاثة خيارات “لتحقيق أهداف الحرب” وأسهلها أصعبها
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • حماس: لن ننقل "الرهائن" من المناطق التي طلبت إسرائيل إخلائها
  • إسرائيل تعلن توسيع العملية البرية في قطاع غزة 
  • تقرير: 3 بدائل لحكم حماس لن تحل معضلات إسرائيل في غزة
  • 17 قائدا أمنيا يواجهون نتنياهو: خطر وجودي يهدد إسرائيل
  • إسرائيل: العمليات في غزة ستتوسع تدريجياً وهذا هو الطريق الوحيد لوقف الحرب