صحيفة: إسرائيل تصر على السيطرة على محور فلادلفيا رغم القلق المصري
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
تسعى إسرائيل للسيطرة على الشريط الحدودي بين جنوبي قطاع غزة ومصر، المعروف بـ"محور فيلادلفيا" أو "محور صلاح الدين"، بعد ما يقرب من عقدين على انسحابها من القطاع الفلسطيني، وذلك بالرغم من "القلق المصري" بهذا الخصوص، وفق تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال".
ويقول قادة إسرائيليون، بمن فيهم رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إنه يجب على إسرائيل أن تسيطر على المنطقة الحدودية، التي يطلق عليها الجيش الإسرائيلي اسم "محور فيلادلفيا"، لمنع حركة حماس من تهريب الأسلحة إلى القطاع.
وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن هذه الخطة ستكون "جزءا من استراتيجية إسرائيل لهزيمة الحركة الفلسطينية المسلحة، ومنع تكرار هجومها في السابع من أكتوبر"، الذي يقول مسؤولون إسرائيليون إنه أسفر عن مقتل أكثر من 1200 شخص معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال.
وقال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون، إن "العملية ستشمل على الأرجح إبعاد مسؤولين فلسطينيين من معبر رئيسي، وتمركز قوات إسرائيلية على امتداد الأراضي من الزاوية الجنوبية الشرقية لقطاع غزة، المتاخمة لكل من إسرائيل ومصر، باتجاه البحر المتوسط، على بعد حوالي 14 كيلومتر إلى الشمال الغربي"، وفق الصحيفة.
وقال بعض المحللين والمسؤولين الإسرائيليين إن "إنهاء السيطرة الفلسطينية على معبر رفح الحدودي، جزء أساسي من رؤية إسرائيل لمستقبل غزة، والتي بموجبها سيحل كيان فلسطيني غير مسلح بسلطات محدودة محل حماس، ويتولى مسؤولية الشؤون المدنية في القطاع".
و"بالنسبة لإسرائيل، فإن استعادة المنطقة الحدودية من شأنها أن توجه ضربة استراتيجية لحماس، حيث سيسمح ذلك لإسرائيل بإغلاق أنفاق الحركة الفلسطينية في المنطقة، والحد من تدفق الأسلحة ومنع مسلحيها من الهروب من قطاع غزة، وإزالة أي سيطرة لها على معبر رفح"، وفقا للصحيفة ذاتها.
وقال الرئيس السابق لقسم شؤون الفلسطينيين في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، مايكل ميلشتين: "لا توجد فرصة لأن نسمح لهذا المعبر بالعمل كما كان من قبل".
لكنه قال إن الوضع "معقد للغاية أكثر مما هو عليه في المواقع شمالي ووسط غزة، حيث تعمل القوات البرية الإسرائيلية حتى الآن".
"ليس لديهم ما يخسرونه"وقال مسؤول إسرائيلي كبير تحدث لصحيفة "وول ستريت جورنال" دون الكشف عن هويته: "لا تريد إسرائيل أن تكون مسؤولة عن غزة على المدى الطويل، لكن السؤال هو كيف نتأكد من بقاء غزة منزوعة السلاح؟".
وأضاف: "إنها معضلة حقيقية. الطريقة الوحيدة للسيطرة على منطقة جغرافية ما، هي التحكم بما يدخل إليها ويخرج منها".
وتابع المسؤول: "في الوقت الحالي وعلى المدى القريب، تحتاج إسرائيل إلى السيطرة على الحدود خلال العقود المقبلة، بسبب القضايا الأمنية".
ولم يعطِ القادة الإسرائيليون الضوء الأخضر النهائي للعملية على طول الحدود، وسيعتمد توقيت التنفيذ على المفاوضات مع الحكومة المصرية، حسب الصحيفة الأميركية.
وقالت "وول ستريت جورنال"، إن مصر "تشعر بالقلق" من أن العملية الإسرائيلية يمكن أن تنتهك شروط معاهدة السلام الموقعة بين البلدين عام 1979، والتي تضع قيودا على عدد القوات التي يمكن لكلا البلدين نشرها بالقرب من الحدود في المنطقة.
كما أن أية عملية عسكرية إسرائيلية "تخاطر بإلحاق أضرار عرضية داخل الأراضي المصرية". وقال المسؤولون الإسرائيليون إنهم يعملون على معالجة هذه المخاوف "من خلال تنسيق خططهم للتوغل في جانب غزة مع مصر".
في المقابل، أكدت القاهرة أنها ستظل تسيطر على حدودها مع قطاع غزة، بعد تصريحات جديدة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، السبت، جدد فيها التأكيد على رغبة بلاده في استعادة السيطرة على "محور فيلادلفيا".
وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، لقناة "صدى البلد" المحلية، السبت، إن "مصر تسيطر بشكل كامل على حدودها، وهذه القضية تخضع لاتفاقيات قانونية وأمنية بين الدول المعنية، لذلك فإن أي حديث في هذا الأمر يخضع بشكل عام للتدقيق، ويتم الرد عليه بمواقف معلنة".
لكن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إن مصر "لم تمنع بشكل كامل وصول تدفق الأسلحة إلى حماس"، بما في ذلك بعض الشحنات التي يزعمون أنها جاءت "على متن مركبات عبر معبر رفح" الحدودي الرسمي.
من جانبهم، رأى محللون أمنيون، وفق الصحيفة الأميركية، أن أي وجود عسكري إسرائيلي مستدام في غزة، بما في ذلك على طول حدود رفح، "يهدد بتكرار الانتفاضات الفلسطينية السابقة والتمرد المسلح".
وتساءلت كبيرة المحللين الفلسطينيين في مجموعة الأزمات الدولية، تهاني مصطفى، قائلة: "هل سيقبل سكان غزة ذلك؟".
وتابعت: "السكان فقدوا كل شيء تقريبا في هذه المرحلة، وليس لديهم ما يخسرونه".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: وول ستریت جورنال محور فیلادلفیا قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
هل بدأت إسرائيل بمخطط تقسيم دول المنطقة؟
إذا أمعن الرائي في الخلفيات الظاهرة والخفية لإصرار إسرائيل على إبقاء احتلالها لمواقع في الجنوب اللبناني تعتبرها "استراتيجية" لأمن مستوطناتها الشمالية لتبيّن له أن هذا الإصرار يرتبط في جزء كبير منه بما تقوم به تل أبيب في الجنوب السوري، وامتدادًا ما له علاقة بما يجري على الساحل السوري، وبالأخص في المدن، التي كانت تُعتبر معقل نظام البعث، أو بتعبير أوضح "النظام العلوي" بما له من دلالات تقسيمية قد بدأت تتبلور معالمها. ولا يخطئ المرء كثيرًا إذا ذهب في تحليلاته إلى أبعد مما يطفو على سطح الأحداث المتسارعة في سوريا، بدءًا بـ "السقوط الكارتوني" لنظام الأسد، مرورًا بالتحرّك التركي شمالًا، ووصولًا إلى عودة تحريك الملف الكردي، وذلك بالتزامن مع ما يبدو اتفاقًا "ناعمًا" بين الرئيسين الأميركي والروسي دونالد ترامب وفلاديمير بوتين على إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا لمصلحة موسكو بعد عملية "التطويع" القسري للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، التي مورست عليه في لقاء "البيت الأبيض"، والتي أدّت في نهاية المطاف إلى تسليمه بالشروط الأميركية لاتفاقية المعادن.
وقد يكون لهذا الاتفاق الأميركي – الروسي "الناعم" أوكرانيًا تداعيات شرق أوسطية بفعل وجودهما القوي في المنطقة، وبالأخصّ في سوريا المعرّضين لمزيد من التفاعل في مناطق تقاسم النفوذ، حيث لكل من واشنطن وموسكو مصالح حيوية تمتد حتمًا، ومع التطورات السريعة على الساحل السوري الغربي وما يمكن توقعه في المناطق الشمالية، إلى خارج الحدود السورية في اتجاه العراق ولبنان كونهما البلدين الأكثر تأثرًّا بما يجري في الداخل السوري، غربًا وشرقًا وجنوبًا.
فإذا بدأت معالم تقسيم سوريا تتوضح مع تفاعل التطورات العسكرية، التي لم تفاجئ الكثير من المحللين الاستراتيجيين، فإن كلًا من العراق ولبنان ستلحق بهم حتمًا "طرطوشة" هذه الجرثومة، التي لا بدّ منها كحال مكمّلة للمخطط التفتيتي لدول المنطقة، الذي سعت إليه تل أبيب من خلال تدميرها شبه الكامل لقطاع غزة، واستكمال ما بدأت به في القطاع من مخطّط تهجيري في القطاع ونقله إلى الضفة الغربية. ولأن الشيء بالشيء يُذكر أذكر ردّة فعل الرئيس الراحل كميل شمعون عندما سئل سنة 1976، أي بعد اندلاع الحرب في لبنان بسنة تقريبًا عن مشروع تقسيم لبنان، فكان جوابه صادمًا لجميع الصحافيين، وقال بما معناه إن لبنان لن يُقسّم قبل أن يُقسّم العراق، الذي كان يومها بعيدًا كل البعد عن نظرية التقسيم، حيث كان الرئيس صدام حسين يمسك بزمام الأمور بقبضة من حديد.
فما قامت به إسرائيل منذ اليوم الأول لسقوط نظام الأسد في سوريا من ضربات موجعة استهدفت القدرات العسكرية للدولة السورية بما تبقّى لها من قدرات المواجهة لم يكن مجرد حدث ظرفي له علاقة مباشرة بالتطورات السورية حصرًا، بل تمتد مفاعليه، وهذا ما بدأ يظهر جليًا، إلى لبنان والعراق لاحقًا، مع إمكانية توجيه ضربة عسكرية خاطفة للمفاعل النووي في إيران.
وما مكّن تل أبيب من القيام بما كانت تحلم به حتى قبل مشروع هنري كيسنجر بالنسبة إلى خلق كيانات ضعيفة ومتصارعة في المنطقة هو سقوط النظام السوري السابق بهذه الطريقة الكاريكاتورية وفرض واقع سياسي وأمني جديد. وهذا ما ساعد إسرائيل على تحقيق ما كانت تحتاج إليه في ظروف أخرى لكي تشّن حربًا واسعة النطاق بدأت في القطاع وامتدّت إلى لبنان فسوريا. فإضعاف ما كان لسوريا من قدرات وإمكانات سابقة من شأنه أن يبعدها عن دائرة التأثير على مسرى الأحداث في المنطقة كلاعبة أساسية، وهذا ما قد يمكّن تل أبيب من توسيع نطاق نفوذها خارج حدودها الجغرافية بعدما أصبحت تشكّل خطرًا حقيقيًا على كل من فلسطين، بقطاعها وضفتها، ولبنان وسوريا، وذلك بعدما أنهكت كلًا من حركة "حماس" في غزة، و"حزب الله" في لبنان، وبعد سقوط النظام السوري، ولاحقًا في كسر شوكة النفوذ الإيراني في المنطقة. كذلك فإن للبعد الإسرائيلي في أهدافه المعلنة قطع الممر ربما الوحيد للسلاح الآتي إلى "حزب الله" من إيران عبر الأراضي السورية.
فالمخاطر المستجدّة في سوريا في ضوء التوسع الإسرائيلي في جنوبها وفرض منطقة عازلة، يشكلان التفافًا مدروسًا أيضًا على لبنان، بحيث يتحوّل جزء من الحدود السورية إلى خاصرة رخوة للبنان. وهذا ما تشهده الحدود الشرقية من حين إلى آخر من مناوشات غير بريئة .
وما شهده الجنوب قبل أيام من استهداف إسرائيل لعدد من مواقع تدّعي تل أبيب بأنها مخازن أسلحة لـ "حزب الله" خارج الحدود الجنوبية لنهر الليطاني سوى حلقة في سلسلة طويلة لن تنتهي قبل أن تكتمل كل حلقاتها المتواصلة من إيران ومرورًا بالعراق وسوريا ولبنان وصولًا إلى قطاع غزة والضفة الغربية. المصدر: خاص "لبنان 24"