القدس العربي: هل سيحقق العدوان الثنائي على اليمن أهدافه؟
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
قبل أن نطرح هذا السؤال/ العنوان يفترض أن نعرف ماهية الأهداف التي تقف وراء العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن فجر الجمعة والسبت، والذي شن وفق جماعة أنصار الله (الحوثيون) عشرات الغارات استهدفت مواقع في خمس محافظات يمنية منها العاصمة صنعاء. وأكدت الجماعة أن الأضرار والخسائر المادية الاستراتيجية تكاد تكون منعدمة؛ وهو مؤشر سيتأكد بلا شك مع استئناف الحوثيين لعملياتهم في البحرين الأحمر والعربي واستمرار وصول صواريخهم ومسيّراتهم إلى جنوب إسرائيل.
عودا على بدء: لِمَ تشن أمريكا وبريطانيا ضربات عدائية على اليمن؟ قد ينبري البعض ليقول إنها مرتبطة باستهداف مراكز ومواقع تُسند الحوثيون في تنفيذ ضرباتهم ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.. فهل هذا الهدف صحيح؟ وهل تستهدف الولايات المتحدة حماية الملاحة انطلاقا من هذا الفعل العسكري، كما تكرر في سياقاتها الإخبارية؟ هذا غير صحيح؛ فالهدف بجلاء مرتبط بالاعتداء على إسرائيل؛ وهذا ليس استنتاجا بقدر ما هو إقرار بواقع أعلنته إسرائيل على أكثر من مستوى، وأكدت أن الحوثيين تجاوزوا حدودهم وتخطوا الخطوط الحُمر بإعلان الحرب على إسرائيل؛ هنا نتذكر، في السياق، الغارات الصاروخية التي شنها نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في مستهل تسعينيات القرن الماضي على إسرائيل؛ وما صدر عن السلطات الإسرائيلية إزاء تلك الغارات، وما نجم عنها.
لنعد للسؤال الأهم: هل ستحقق الهجمات العدائية على اليمن أهدافها ممثلة فيما أعلنه الأمريكيون في إيقاف هجمات الحوثيين على خطوط الملاحة البحرية الدولية وقبل ذلك فيما يخفوه وهو إيقاف غاراتهم بالصواريخ والطيران المسير على إسرائيل وإفقادهم القدرة على القيام بتلك العمليات؟ نقول هنا إن هذه الأهداف لن تتحقق، ونستند في ذلك إلى فرضيات نحاول إقرارها اقترابًا من الوقائع.
إن اقدام الولايات المتحدة على خوض حرب في منطقة ملتهبة، وإن كانت عمليات محدودة وضربات خاطفة؛ قرار لم يقم على معرفة دقيقة بما صارت إليه المنطقة، وما يمكن للحوثيين أن يقوموا به اعتمادًا على أسلحتهم التقليدية، التي تمنحهم قدرة على المناورة لفترة طويلة، وخوض حرب النفس الطويل، مستفيدة من تجربتها في الحرب مع التحالف العربي بقيادة السعودية، التي استمرت ثماني سنوات؛ وكان التحالف يحاول تحقيق هدف مقارب من هدف الضربات الخاطفة؛ وهو نزع سلاح الحوثيين الصاروخي؛ وهو سلاح ورثته الجماعة من نظام الرئيس علي عبدالله صالح، وعملت على تطويره بالاستفادة من خبرات إيرانية، حتى أصبح لها مخزون كبير قادرة من خلاله أن تقود حربها لفترة طويلة، مستفيدة من حسابات الخصم الرياضية للأرباح والخسائر، و ما يترتب عليها من مؤشرات اقتصادية تصنع الفارق السياسي.
لن تتوقف العمليات الحوثية في البحر الأحمر والبحر العربي؛ وهو ما سبق وأكدته الجمعة؛ عقب الضربات العدائية، في دلالة على أن الهجمات لن تحقق أهدافها؛ وهو ما سيؤكده استئناف تنفيذ عملياتهم في البحرين العربي والأحمر وقبل ذلك تقديم مفاجآت في العتاد، كما سبق وأعلنوا.
جماعة أنصار الله عملت منذ أسابيع في تمويه مواقعها العسكرية الحساسة، ونقل عتادها الصاروخي والمسيرات إلى مواقع غير محتملة؛ لأنها كانت تدرك أنها ستتعرض لضربات قبل تشكيل تحالف حارس الازدهار، بدليل فتحها معسكرات التدريب وتواصل أعمال التعبئة استعدادًا لمواجهة العدو الأمريكي كما يسموه الحوثيون؛ ما يعني أنهم استعدوا جيدًا لإخفاء وإبعاد عتادهم بعيدًا عن مواقعها السابقة، علاوة على احتراف الحوثيين في صناعة أهداف وهمية؛ وهو ما سبق واستخدمته الجماعة في حربها مع التحالف بهدف استنزاف قدراته.
استئناف الضربات
عند استئناف الحوثيين عملياتهم ضد السفن الإسرائيلية المرتبطة بإسرائيل والمتجهة إلى موانئ إسرائيل ستعمل واشنطن على استئناف الضربات، وهذا سيمثل بداية لاستدراج الولايات المتحدة لحرب جديدة لم تعمل حسابها في الشرق الأوسط؛ وهو ما تخشاه واشنطن؛ وأفصح عنه وزير خارجيتها، انتوني بلينكن، خلال جولته الأخيرة في المنطقة، مؤكدا أن العمليات على اليمن ستكون محدودة، وعبارة عن هجمات خاطفة. لكن استمرار الحوثيين في شن هجماتهم في البحر الأحمر، (وهذا سيكون مرهونا ما يملكه من أسلحة وعتاد صاروخي) سيدفع بواشنطن للرد كما سبق وأعلنت انها مستعدة للتصعيد في حال صدر رد الفعل …والحوثيون هنا سيدفعون بواشنطن بلاشك إلى توسيع دائرة الحرب في حال استمرت عملياتهم؛ وبالتالي تمدد الحرب يقابل ذلك توسع دائرة الغضب الشعبي العربي؛ وهو ما سيعزز من مكانة الحوثيين باعتبارهم يواجهون أمريكا التي تقف خلف إسرائيل، التي تمثل العدو التاريخي للأمة العربية الإسلامية في سياق الرؤية الشعبية.
هدد الحوثيون باستهداف كافة المصالح الأمريكية والبريطانية في حال تم استهدافهم؛ وهاهم اليوم يتعرضون للاستهداف؛ الأمر الذي يضع المنطقة في دائرة من نار في حال استهدف الحوثيون القواعد الأمريكية في المنطقة، وتحديدًا في المملكة العربية السعودية علاوة على استهداف السفن الأمريكية والبريطانية في البحر الأحمر والبحر العربي، الأمر الذي يهدد المنطقة بمزيد من العنف؛ فهل أدركت واشنطن مغبة ما هي ذاهبة إليه من خلال اشعال فتيل الصراع في هذه المنطقة؟!
في حال قرر الحوثيون استهداف ناقلات النفط الأمريكية والبريطانية مثلا فإن الأمر يترتب عليه مواجهة؛ وبالتالي تأثر حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وهو ما سيترتب عليه ترديًا في الأوضاع الاقتصادية في أوروبا؛ وستكون أول الدول المتأثرة هي بريطانيا التي تعاني وضعًا اقتصاديا سيئا؛ وسيزداد سوءا مع تأثر حركة ناقلات النفط.
يمثل عام 2024 عاما بالغ الأهمية للحكومتين الأمريكية والبريطانية؛ لأنه عام انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة وبرلمانية في المملكة المتحدة؛ وبالتالي فإن تردي الأوضاع الاقتصادية سيؤثر حتمًا على نتائج الانتخابات؛ وهو ما يدركه الحوثيون الذين سيعملون، وفق احتمال، على استدراج واشنطن ولندن لحرب طويلة في المنطقة وبالتالي تأثر حركة الملاحة في البحر الأحمر.
ثمة عامل آخر مهم يتمثل في العائد الاستراتيجي من الأسلحة التقليدية التي يستخدمها الحوثيون مقارنة بالأسلحة الذكية التي يستخدمها الأمريكيون والبريطانيون؛ فالأولى ليست مكلفة ويمكن بواسطتها الاستمرار في الحرب لفترة أطول، وإحداث مناورة، وتحقيق نتائج ذات تأثير استنزافي، علاوة أن الأسلحة الذكية ذات كلفة عالية، ومع استمرار الحرب يترتب عليها خسائر اقتصادية ينتج عنها مشكلة سياسية في بلدها. وعلى الرغم من أن دقة استهداف الخصم من خلال الأسلحة الذكية عالية إلا إنه لا يمكن الاعتماد عليها في حرب طويلة مع خصم يعتمد أسلحة تقليدية استراتيجية علاوة أن الغارات الجوية وحدها غير كافية للحسم في حال تمدد الحرب؛ وبالتالي ستكون الهجمات منهكة اقتصاديا لاقتصاد بلدها، وغير قادرة، في ذات الوقت، على حسم المعركة جوا كما سبقت الإشارة، أما الدخول بريا فواشنطن لن تكرر ما حصل معها في الصومال وأفغانستان.
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تحقق الضربات الأمريكية والبريطانية العدائية ضد اليمن أهدافها؛ وهو أمر سبق وعجز عنه التحالف العربي، الذي قاد حربا لثمان سنوات انفق فيه مئات المليارات من الدولارات من أجل القضاء على صواريخ جيش علي عبدالله صالح ومن ثم الحوثيين؛ وفي الأخير خرج الحوثيون أقوى مما كانوا عليه؛ بل إنهم أصبحوا يصنعون الصواريخ محليًا؛ على الرغم من أن التحالف العربي وظف القدرات الأمريكية لوجستيا وعسكريًا؛ وفي الأخير فشلوا في تحقيق أهدافهم لضعف درايتهم بواقع الحال اليمني؛ وها هو الحوثي يقف أمامهم واستطاع بصواريخه، أن يصل إلى إسرائيل، وهنا كانت المشكلة التي دفعت بواشنطن لاستهداف اليمن.
لكن ما موقف اليمن من هذا العدوان؟ من الطبيعي ان يكون هناك انقسام في ظل ما أفرزته الحرب من خنادق متعددة نجم عنها مواقف متطرفة تسندها كراهية باتت ضاربة باطنابها في أعماق الذات اليمنية جراء استمرار خطاب الحرب، لكن على الرغم من ذلك ماتزال هناك مواقف يمكن المراهنة عليها وتمثل الموقف اليمني الحقيقي في رفضها للعدوان على اليمن بكل اشكاله بما فيه العدوان الأمريكي البريطاني ولعل بيان جماعة نداء السلام كأن أقرب للواقع كثيرا. وقال البيان «إن هذا العدوان جاء متطابقاً مع موقف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من مأساة الشعب العربي الفلسطيني، واستماتتهما في حماية الكيان الصهيوني وفي دعم الإبادة الجماعية، التي يقوم بها في قطاع غزة». واعتبر هذا العدوان «مدانا بكل المقاييس الأخلاقية والقانونية والوطنية والإنسانية».
وقال البيان «لقد دأبت الدولتان (أمريكا وبريطانيا) والأجهزة التابعة لهما والدول والهيئات التي تدور في فلكهما، دأبتا على تضخيم الخطر الذي يهدد التجارة الدولية في البحر الأحمر، نتيجة استهداف أنصار الله الحوثيين للبواخر المتجهة إلى موانئ الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة. رغم التأكيدات الرسمية في صنعاء، بأن البواخر المستهدفة هي تلك التي لها علاقة بالكيان الصهيوني، وتحمل الإمدادات له، في الوقت الذي تُحاصر فيه غزة براً وبحراً وجواً، ويُمنع عنها الماء والغذاء والعلاج، وكل مقومات الحياة الطبيعية».
وأضاف: «ولذا فإن تبرير الدولتين لعدوانهما بالمحافظة على حرية الملاحة الدولية في البحر الأحمر، هو تبرير كاذب، يضاف إلى جملة الأكاذيب التي تسوق لها الدولتان وأجهزتهما المختلفة والدول والهيئات، التي تدور في فلكهما، في محاولة مكشوفة منهما للتغطية على كل ما يتعلق بالإبادة الجماعية في فلسطين».
وأكدت الجماعة «أن الموقف الذي اتخذه أنصار الله الحوثيون، في دعم شعبنا العربي في فلسطين، من خلال منع مرور السفن ذات العلاقة بالكيان الصهيوني هو موقف صحيح، نابع بالأصل من الطبيعة اليمنية، ومن إحساس اليمنيين، بمختلف توجهاتهم السياسية، بالغبن والقهر وبالظلم الذي يمارسه الغرب الاستعماري بحق إخوتنا في فلسطين، وبحق كل شعبنا العربي وقضاياه العادلة».
وقال البيان «إن العدو الصهيوني وداعموه، هم أعداء للحق والعدل ولكل ما هو إنساني. وإلا لما هب هؤلاء للعدوان على بلادنا، لمجرد منع بعض السفن التجارية من إيصال الإمدادات إلى المحتل الصهيوني، التي يحرم منها شعبنا العربي الفلسطيني في غزة المدمرة المحاصرة، التي حكم عليها الصهاينة وداعموهم بالموت جوعاً وعطشاً ومرضاً وقتلاً وإبادة جماعية، بكل أنواع الأسلحة الفتاكة».
وأضاف» لقد أضحى الأعداء ينظرون إلى اليمن وكأنها ساحة مفتوحة ومباحة لكل من يريد أن يتطاول عليها. واللوم في هذا لا يوجه إلى الأعداء فحسب، بل يوجه، وبالدرجة الأولى، إلينا نحن اليمنيين، إلى عجزنا في أن نحل مشاكلنا الداخلية، بالحوار والتفاهم والتنازلات المتبادلة، لصالح الوطن، وأن نتوجه إلى بناء دولتنا الوطنية القوية، القادرة على حماية اليمن والمحافظة على استقلاله وسلامة أراضيه، دولة الشراكة الوطنية والمواطنة المتساوية والتبادل السلمي للسلطة عبر صناديق الانتخابات».
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن أمريكا غارات الحوثي البحر الأحمر الأمریکیة والبریطانیة الولایات المتحدة فی البحر الأحمر على إسرائیل أنصار الله على الیمن فی فلسطین من خلال وهو ما ما سبق فی حال
إقرأ أيضاً:
هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟
المصدر: العربي الجديد الإنجليزية- جوناثان فينتون هارفي
ترجمة وتحرير “يمن مونيتور”
كجزء من الصراع في غزة، تطورت جماعة الحوثيين المتمركزة في اليمن من تمرد محلي إلى قوة إقليمية قادرة على التأثير في الجغرافيا السياسية للبحر الأحمر وتعطيل التجارة العالمية.
شمل هذا التحول هجمات بحرية غير مسبوقة ومرونة ضد الضربات الجوية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسرائيل.
يغير وقف إطلاق النار في غزة بين إسرائيل وحماس الذي تم الإعلان عنه في 18 يناير/كانون الثاني استراتيجيتهم. وقد تعهد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بمواصلة الهجمات على السفن الإسرائيلية مع الإشارة أيضًا إلى استعدادهم لتقليل الضربات ضد الشحن الدولي الأوسع.
منذ ديسمبر/كانون الأول 2023، أطلق الحوثيون النار على الشحن الدولي المار عبر باب المندب – وهو نقطة اختناق حيوية مجاورة لليمن تمر من خلالها 10 في المئة من التجارة العالمية و30 في المئة من نفط وغاز العالم.
أدت أعمال الحوثيين إلى تحويل طرق التجارة حول رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، وهو بديل أكثر تكلفة ويستغرق وقتًا أطول من التنقل عبر المسار التقليدي للبحر الأحمر وقناة السويس.
خلال هذه الفترة، اتخذ الحوثيون خطوات للإشارة إلى ضبط النفس وإظهار الجدية في تقليل أعمالهم. أطلقوا سراح طواقم الشحن التي تم القبض عليها خلال رحلاتهم في البحر الأحمر، بما في ذلك أولئك الذين تم احتجازهم في وقت مبكر من ديسمبر 2023 عندما وجهت الجماعة أنظارها نحو الشحن الدولي.
بالإضافة إلى ذلك، في 25 يناير، أطلق الحوثيون سراح أكثر من 153 سجينًا من الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا الذين تم القبض عليهم خلال الحرب في اليمن.
تعكس هذه الأفعال محاولة أوسع لتخفيف صورتهم وكسب الاعتراف الدولي. على الرغم من هذه التحركات، لا تزال هناك تساؤلات حول ما إذا كان الحوثيون سيستمرون في تهديد الشحن في البحر الأحمر في المستقبل.
بعد أن أدى اليمين كرئيس للولايات المتحدة في 20 يناير، كان أحد أول أعمال دونالد ترامب في الشرق الأوسط هو إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في 23 يناير، ليس فقط بسبب هجماتهم على الشحن في البحر الأحمر ولكن أيضًا بسبب هجماتهم المتقطعة بالطائرات المسيرة والصواريخ على إسرائيل.
تطور الحوثيون كقوة إقليمية
كانت إحدى المطالب الرئيسية للحوثيين خلال الحرب في غزة هي وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، حيث قاموا بتأطير أعمالهم في البحر الأحمر كعقوبات ضد إسرائيل وحلفائها الغربيين.
من خلال القيام بذلك، لم يسلطوا الضوء فقط على توافقهم مع القضية الفلسطينية، بل أعادوا اليمن إلى دائرة الضوء الدولي بعد ما يقرب من عامين من الهدوء النسبي بعد وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الأمم المتحدة في أبريل /نيسان 2022.
حازت هذه الاستراتيجية على دعم كبير من اليمنيين وسكان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الذين يؤيدون فلسطين بشكل ساحق.
عززت هجماتهم المتقطعة على إسرائيل، بما في ذلك الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، صورتهم كمدافعين عن الفلسطينيين المحاصرين.
ومع ذلك، يجادل المحللون بأن أعمال الحوثيين كانت مدفوعة أكثر برغبة في تعزيز مكانتهم كقوة إقليمية بدلاً من التضامن الحقيقي مع غزة.
قال الباحث والمحلل اليمني نبيل البكيري لصحيفة “العربي الجديد” بنسختها الانجليزية: “لم يكن هدف الحوثيين دعم حماس والفلسطينيين في غزة بشكل حقيقي”.
وأضاف: “بدلاً من ذلك، كانوا يهدفون إلى تأكيد وجودهم الدولي من خلال استغلال هذه الأزمة لتأسيس أنفسهم كقوة إقليمية مهمة، مما يجبر العالم على الاعتراف بهم، حتى لو فعلوا ذلك من خلال تهديد السلام والأمن الدوليين.”
حذر الحوثيون من أنه إذا فشل وقف إطلاق النار الهش في غزة أو استؤنفت أعمال العنف، فسوف يزيدون من هجماتهم إلى مستويات سابقة، بما في ذلك استهداف أوسع للسفن الدولية. تبرز هذه التهديدات نيتهم في الحفاظ على النفوذ على الطرق البحرية الرئيسية وإبراز تأثيرهم.
محليًا، عزز الحوثيون السيطرة على شمال اليمن، وهي عملية جذرها عقود من الصراع.
وتوسع نفوذهم بشكل كبير خلال فترة ما بعد الربيع العربي، وبلغ ذروته مع استيلائهم على العاصمة صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014 وإطاحة الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأدت الحرب التي تلت ذلك مع التحالف الذي تقوده السعودية منذ مارس/آذار 2015 إلى تمكين الحوثيين من ترسيخ سلطتهم في شمال اليمن وسط انهيار الدولة.
لعب الدعم المستمر من إيران دورًا رئيسيًا، حيث قدمت طهران الأسلحة، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطويلة المدى، وعززت الروابط الأعمق مع الجماعة خلال وبعد الحرب. استمرت هذه الجهود حتى بعد وقف إطلاق النار في 2022، مما سمح للحوثيين بتعزيز قوتهم.
بالحديث عن قوة الحوثيين المتزايدة في المنطقة، أشار فريق خبراء الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 إلى أن “تحول الجماعة إلى الأعمال البحرية زاد من نفوذها” في المنطقة.
وأضاف الفريق “مثل هذا الحجم من الهجمات، باستخدام أنظمة أسلحة على السفن المدنية، لم يحدث منذ الحرب العالمية الثانية”.
بعيدًا عن علاقاتهم مع إيران، قام الحوثيون بتطوير علاقات مع فصائل مختلفة عبر الشرق الأوسط. تشمل هذه التحالفات المقاومة الإسلامية المدعومة من طهران في العراق، حيث ادعى كلا الجماعتين المسؤولية عن الهجمات الصاروخية على حيفا، بما في ذلك مينائها الاستراتيجي، في يونيو/حزيران 2024.
علاوة على ذلك، هناك اقتراحات، مثل تلك الواردة من الاستخبارات الأمريكية، تشير إلى أن الجماعة قد تحالفت مع جماعة الشباب المتطرفة في الصومال لمناقشة التعاون العسكري.
نظرًا لتوسع نفوذ الحوثيين، فمن غير المرجح أن يتراجعوا عن البحر الأحمر. ويرجع ذلك ليس فقط إلى المكاسب السياسية والشعبية الناتجة عن هذه العمليات، ولكن أيضًا إلى الفوائد المالية الكبيرة.
“قدمت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر فرصة لهم لتحقيق نفوذ كبير على التجارة الدولية وجني حوالي 2 مليار دولار سنويًا كرسوم تفرض على بعض شركات الشحن لمنحهم المرور”، قال توماس جونيو، أستاذ مشارك في جامعة أوتاوا، لصحيفة “العرب الجديد” الانجليزية.
وأضاف: “نظرًا لطموحات الحوثيين في وضع أنفسهم كقوة إقليمية وتعزيز سلطتهم محليًا، فإنه من الصعب تصديق أنهم يمكن أن يتخلوا ببساطة ودون حدود عن الفرصة لمواصلة هذه الهجمات.”
ومع ذلك، مع تزايد طموحات الحوثيين الإقليمية، فإنهم يواجهون أيضًا تحديات محلية كبيرة. يعيش حوالي 70 في المئة من سكان اليمن تحت سيطرتهم، حيث تدهورت الخدمات وسبل العيش بشكل كبير، بينما لا يزال الغالبية يعتمدون على المساعدات الإنسانية بعد الصراع الوحشي الذي استمر سبع سنوات.
لذا، من الصعب تخيل أن الحوثيين سيتخلون طواعية عن دعمهم العلني للقضية الفلسطينية، حتى لو استمر وقف إطلاق النار في غزة.
“نظرًا لضعف الحوثيين المحلي، خاصة على الصعيد الاقتصادي، يمكننا أن نتوقع منهم الاستمرار في جهودهم العدوانية للتلاعب بالقضية الفلسطينية لحماية مصالحهم المحلية”، أشار الدكتور جونيو.
تهديد مستقبلي من الحوثيين
حتى إذا تراجعت عمليات الحوثيين على المدى القصير بعد توقف حرب إسرائيل على غزة، فمن المحتمل أن تهدف الجماعة إلى الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، فضلاً عن السعودية، في المستقبل، بفضل نفوذها الجديد في البحر الأحمر.
لم تؤد الغارات الأمريكية والبريطانية ضد الجماعة منذ يناير 2024، التي تهدف إلى تقليل ترسانتها العسكرية، إلى إضعافها بشكل كبير. حتى الهجمات الإسرائيلية، رغم أنها أضرت بالبنية التحتية اليمنية، لم تعطل الحوثيين، مما يشير إلى ضعف في تحديد قيادة الجماعة.
ومع ذلك، أضعفت الهجمات الإسرائيلية قدرة ميناء الحديدة، الذي يعد حيويًا لجلب المساعدات الإنسانية.
أكد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية هذه الحقيقة، لكن فعاليته في كبح أنشطتهم لا تزال غير مؤكدة.
على سبيل المثال، في حين أن الحوثيين قد بنوا شبكات مالية مستقلة قد تقلل من تأثير العقوبات، فإن هذا التصنيف سيقطع المساعدات الحيوية لليمنيين، على الرغم من أن الحوثيين أنفسهم قد اتهموا بتهريب المساعدات.
“سيستمر التهديد لتجارة البحر الأحمر ما دام الحوثيون في السلطة”، أشار المحلل اليمني نبيل البكيري.
رحب المجلس الرئاسي اليمني – الهيئة الحكومية المعترف بها دوليًا – بتصنيف ترامب كوسيلة لإعادة تنشيط الجهود ضد الحوثيين. يؤكد المراقبون اليمنيون، بما في ذلك البكيري، أن الدعم الدولي المستمر للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا أمر حاسم لكبح نفوذ الحوثيين.
في النهاية، أثبتت إدارة ترامب الجديدة أنها مؤيدة بشدة لإسرائيل، مما يثير القلق بشأن سلامة الفلسطينيين خلال السنوات الأربع المقبلة. علاوة على ذلك، برز الحوثيون كفاعل أقوى في البحر الأحمر ويظلون ثابتين في استغلال القضية الفلسطينية لمصلحتهم الخاصة.
من المحتمل أن يؤدي هذا المزيج إلى المزيد من المواجهات في البحر الأحمر والهجمات بين إسرائيل والحوثيين.
يمن مونيتور30 يناير، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر مقالات ذات صلة سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق تراجم وتحليلات اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الأخبار الرئيسية هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 مقتل 20 من عمال النفط في تحطم طائرة بجنوب السودان 29 يناير، 2025 رسمياً.. تنصيب أحمد الشرع رئيساً للمرحلة الانتقالية في سوريا 29 يناير، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 وزير دفاع إسرائيل: قواتنا ستبقى في مخيم جنين 30 يناير، 2025 اعتقال طالب يمني في الهند 29 يناير، 2025 الجيش اليمني يحبط هجوما للحوثيين شرق صنعاء 29 يناير، 2025 الأرصاد اليمني يتوقع استمرار الأجواء الباردة على عدة محافظات 29 يناير، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 14 ℃ 23º - 11º 50% 1.18 كيلومتر/ساعة 23℃ الخميس 21℃ الجمعة 21℃ السبت 22℃ الأحد 21℃ الأثنين تصفح إيضاً هل يؤثر وقف إطلاق النار في غزة على استراتيجية الحوثيين في البحر الأحمر؟ 30 يناير، 2025 سلطنة عمان تتوقع تحسن ظروف الشحن في البحر الأحمر 30 يناير، 2025 الأقسام أخبار محلية 29٬170 غير مصنف 24٬203 الأخبار الرئيسية 15٬617 عربي ودولي 7٬343 غزة 10 اخترنا لكم 7٬194 رياضة 2٬457 كأس العالم 2022 75 اقتصاد 2٬312 كتابات خاصة 2٬125 منوعات 2٬055 مجتمع 1٬878 تراجم وتحليلات 1٬879 ترجمة خاصة 133 تحليل 18 تقارير 1٬651 آراء ومواقف 1٬573 صحافة 1٬491 ميديا 1٬470 حقوق وحريات 1٬358 فكر وثقافة 927 تفاعل 828 فنون 492 الأرصاد 388 بورتريه 66 صورة وخبر 38 كاريكاتير 33 حصري 27 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية أخر التعليقات عبدالملك قاسماخي عمره ٢٠ عاما كان بنفس اليوم الذي تم فيه المنشور ومختي من...
جمالاشتي اعرف الفرق بين السطور حقكم وأكد المسؤول العراقي في تصري...
محمد شاكر العكبريأريد دخول الأكاديمية عمري 15 سنة...
عبدالله محمد علي محمد الحاجانا في محافظة المهرة...
سمية مقبلنحن لن نستقل ما دام هناك احتلال داخلي في الشمال وفي الجنوب أ...