"مدلل حركة الاستقلال".. ما يجب معرفته عن رئيس تايوان الجديد
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
مع وصول الرئيس لاي تشينغ – تي إلى رئاسة تايوان، أصبح مصير العلاقات بين الولايات المتحدة والصين معلقا عليه الآن، لا سيما مع تصريح الأخيرة بعدم رضاها عن الرئيس الجديد الذي تعتبره "الصبي المدلل لحركة الاستقلال التايوانية".
وتتجه كل الأنظار الآن نحو الكيفية التي ستتعامل بها الصين مع تايوان عقب وصول تشينغ – تي لسدة الحكم.
وفي تقرير لصحيفة "بوليتيكو"، تحدثت عن أهم النقاط التي يجب معرفتها عن الرئيس الجديد:
بكين لا تحبه على الإطلاق
وجهت الصين انتقادات متكررة إلى لاي، مشيرة إلى أنه هو من سيشعل الحرب في الجزيرة. وحتى يوم الخميس الماضي، كانت بكين تحاول إقناع الناخبين التايوانيين بعدم انتخاب عدوها الأكبر في المكتب الرئاسي. وقال المتحدث باسم مكتب شؤون تايوان الصيني تشين بينهوا إن "العلاقات عبر المضيق اتخذت منعطفا نحو الأسوأ في السنوات الثماني الماضية، من التنمية السلمية إلى المواجهة المتوترة"، مضيفا أن لاي سيحاول الآن اتباع طريق شرير تجاه تايوان، التوتر العسكري والحرب". وبحسب الصحيفة، فرغم أن بكين لم تكن قط من محبي الحزب الديمقراطي التقدمي، الذي ينظر إلى الصين باعتبارها تتعارض بشكل أساسي مع مصالح تايوان، إلا أن الاشمئزاز الشخصي تجاه لاي كان لافتا للنظر أيضاً. وينبع جزء من ذلك من ملاحظة أدلى بها عام 2017، والتي وصف فيها لاي نفسه بأنه "عامل من أجل استقلال تايوان"، وهو ما استشهدت به بكين مرارا وتكرارا كدليل على معتقداته الانفصالية.كل الأنظار تتجه نحو الأشهر الأربعة المقبلة
من المتوقع أن تتزايد حالة عدم الاستقرار خلال الأشهر الأربعة المقبلة، حتى يتم تنصيب لاي رسميا في 20 مايو. قبل أيام من الانتخابات، أرسلت الصين عدة بالونات تجسس لمراقبة تايوان، وفقا لوزارة الدفاع التايوانية. وعلى الجبهة التجارية، كثفت الصين أيضا ضغوطها، معلنة عن خطوة محتملة لإعادة فرض الرسوم الجمركية على بعض المنتجات التايوانية. كما كشفت السلطات التايوانية عن حالات تضليل وتلاعب بالانتخابات. وتشكل هذه التطورات مجتمعة ما تسميه تايبيه بـ"الحرب الهجينة"، والتي تهدد الآن بمزيد من التصعيد نظرا لاستياء بكين من الرئيس الجديد."يجب على لاي كبح غريزته المستقلة"
في حديثه في المؤتمر الصحفي الدولي الأسبوع الماضي، قال لاي إنه ليس لديه خطة لإعلان الاستقلال إذا تم انتخابه للرئاسة. ويقول المطلعون على الحزب الديمقراطي التقدمي إنهم يتوقعون أن يلتزم لاي بنهج تساي إنج وين المنتهية ولايته، دون أن يقول أشياء يمكن تفسيرها على أنها تغيير للوضع الراهن من جانب واحد. ويشيرون أيضا إلى حقيقة أن لاي اختار نائبا للرئيس بي خيم هسياو، وهو صديق مقرب من تساي، ةوقد طور هسياو علاقات وثيقة مع إدارة بايدن، وسيلعب دورا رئيسيا كجسر بين لاي والولايات المتحدة.ستتبع تايوان النهج الدولي
ومن المتوقع أن يكون للولايات المتحدة واليابان وأوروبا الأسبقية في التواصل الدبلوماسي الذي يقوم به لاي، بينما ستظل العلاقات مع الصين سلبية. وخلال التجمعات الانتخابية في جميع أنحاء الجزيرة، سلط مرشح الحزب الديمقراطي التقدمي الضوء مرارا وتكرارا على جهود حكومة تساي لتنويع الاقتصاد بعيدا عن الاعتماد التجاري على الصين، وتحويل التركيز إلى الحلفاء الثلاثة ذوي التفكير المماثل. ووفقا للسلطات التايوانية، انخفضت صادرات تايوان إلى الصين وهونج كونج العام الماضي بنسبة 18.1 بالمئة مقارنة بعام 2022، وهو أكبر انخفاض منذ أن بدأت تسجيل هذه المجموعة من الإحصاءات في عام 1982. وفي المقابل، ارتفعت الصادرات التايوانية إلى الولايات المتحدة وأوروبا بنسبة 1.6 بالمئة و2.9 بالمئة على التوالي، مع وصول حجم التجارة إلى أعلى مستوياته على الإطلاق. ومع ذلك، يشير النقاد إلى أن الصين لا تزال أكبر شريك تجاري لتايوان، حيث يعيش ويعمل العديد من رجال الأعمال التايوانيين في البر الرئيسي.المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات تشينغ تي الصين بكين الحزب الديمقراطي التقدمي استقلال تايوان الرسوم الجمركية الحرب الهجينة الولايات المتحدة اليابان الاقتصاد تايوان الولايات المتحدة تايون الصين أميركا تشينغ تي الصين بكين الحزب الديمقراطي التقدمي استقلال تايوان الرسوم الجمركية الحرب الهجينة الولايات المتحدة اليابان الاقتصاد تايوان الولايات المتحدة أخبار العالم
إقرأ أيضاً:
حين تطلق النار على نفسك: ثمن الحرب الاقتصادية على الصين
ترجمة: نهى مصطفى
في تغريدة شهيرة عام 2018، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب: «عندما تخسر دولة مثل الولايات المتحدة مليارات الدولارات في التجارة مع معظم شركائها، فإن الحروب التجارية تكون مفيدة وسهلة الفوز».
وعندما فرضت إدارة ترامب مؤخرًا رسومًا جمركية تتجاوز 100% على الواردات الأمريكية من الصين، مما فجّر حربًا تجارية جديدة وأكثر حدة، قدّم وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، مبررًا مشابهًا لتبرير هذا التصعيد، قائلًا: «أعتقد أن التصعيد الصيني كان خطأً جسيمًا، فهم يلعبون بأوراقهم المحدودة. ماذا سنخسر إذا رفعت الصين الرسوم علينا؟ نحن نصدر إليهم خمس ما يصدرونه إلينا، لذا فالخسارة الكبرى من نصيبهم».
تعتقد إدارة ترامب أنها تمتلك ما يصفه خبراء نظرية الألعاب بـ«هيمنة التصعيد» على الصين وأي اقتصاد آخر تعاني معه من عجز تجاري. و«هيمنة التصعيد» تعني، وفقًا لتقرير صادر عن مؤسسة راند، أن «الطرف المقاتل يملك القدرة على تصعيد الصراع بطرق تضر بالخصم أو تكبّده تكاليف، في حين لا يملك الخصم الوسائل للرد بالمثل».
وإذا صحّ هذا المنطق، فإن الصين وكندا وأي دولة أخرى ترد على الرسوم الأمريكية تكون خاسرة. لكن هذا المنطق خاطئ: فالصين هي من تملك فعليًا هيمنة التصعيد في هذه الحرب التجارية. إذ تعتمد الولايات المتحدة على واردات حيوية من الصين لا يمكن استبدالها قريبًا أو تصنيعها محليًا دون تكلفة باهظة.
ورغم أن تقليل هذا الاعتماد قد يكون هدفًا مشروعًا، فإن الدخول في حرب تجارية قبل تحقيق ذلك يُعدّ وصفة شبه مؤكدة لهزيمة مُكلفة. أو لنستخدم تعبير بيسنت: واشنطن، لا بكين، هي من تراهن بكل شيء على يد خاسرة.
تفتقر رواية الإدارة الأمريكية إلى الدقة لأمرين: أولًا، الحروب التجارية تُلحق الضرر بالطرفين، لأنها تحرم كل منهما من الوصول إلى ما يحتاجه اقتصاداهما ويطلبه مواطنوهما وشركاتهما. وكما في الحروب التقليدية، تتعرض قوات الطرف المهاجم وجبهته الداخلية للخطر؛ فلا يُتوقع من الطرف المدافع أن يستسلم ما لم يكن الرد مستحيلًا أو غير ذي جدوى.
وتشبيه بيسنت بلعبة البوكر مضلل وسطحي، لأن البوكر لعبة محصلتها صفر: أحدنا يربح فقط إذا خسر الآخر. أما التجارة، فعلى العكس، لعبة محصلتها غير صفرية؛ غالبًا ما يعني تحسّن وضع أحد الطرفين تحسّن وضع الآخر أيضًا. في البوكر، لا تحصل على شيء مقابل ما تراهن به إلا إذا فزت. أما في التجارة، فتحصل على مقابل رهانك مباشرة، على هيئة سلع وخدمات. وتفترض إدارة ترامب أن ارتفاع حجم الواردات يقلل من المخاطر. وبما أن الولايات المتحدة تعاني من عجز تجاري مع الصين، أي تستورد منها أكثر مما تصدّر، فإنها أقل عرضة للخطر، بحسب هذا التصوّر. لكن هذه الفرضية ببساطة خاطئة، وليست موضع خلاف أو رأي. فحظر التجارة يُضعف الدخل الحقيقي للدولة ويقيد قدرتها الشرائية؛ إذ إن الدول تُصدّر لتحصل على المال الذي يمكنها من شراء ما لا تستطيع إنتاجه، أو ما يتطلب تصنيعه محليًا تكلفة مرتفعة.
علاوة على ذلك، حتى عند التركيز فقط على الميزان التجاري الثنائي، كما تفعل إدارة ترامب، فإن المؤشرات لا تبشّر بالخير للولايات المتحدة في حال نشوب حرب تجارية مع الصين. ففي عام 2024، بلغت صادرات الولايات المتحدة من السلع والخدمات إلى الصين 199.2 مليار دولار، بينما بلغت الواردات من الصين 462.5 مليار دولار، مما أسفر عن عجز تجاري قدره 263.3 مليار دولار. وعندما يُستخدم الميزان التجاري الثنائي كمؤشر على الطرف «الفائز» في الحرب التجارية، فإن الكفة تميل لصالح الدولة ذات الفائض التجاري، لا الدولة ذات العجز. الصين، باعتبارها دولة ذات فائض، تتخلى عن أموال فقط، أي عن عائدات المبيعات؛ أما الولايات المتحدة، الدولة ذات العجز، فتتخلى عن سلع وخدمات لا تنتجها داخليًا بكفاءة، أو لا تنتجها أصلًا.
الأموال قابلة للتعويض: في حال فقدان الدخل، يمكن خفض النفقات، أو البحث عن أسواق جديدة، أو توزيع الخسائر على مستوى الدولة، أو السحب من المدخرات، مثل اللجوء إلى التحفيز المالي. الصين، كحال معظم الدول ذات الفائض التجاري، تدّخر أكثر مما تستثمر، ما يمنحها فائضًا ادخاريًا يمكن استخدامه. لذا سيكون التكيف بالنسبة لها أسهل نسبيًا، إذ لن تواجه نقصًا حادًا، ويمكنها تعويض الكثير من صادراتها إلى الولايات المتحدة عبر السوق المحلية أو أسواق أخرى.
في المقابل، الدول ذات العجز التجاري العام، مثل الولايات المتحدة، تنفق أكثر مما تدّخر. وفي الحروب التجارية، تتخلى هذه الدول عن حاجات يصعب تعويضها، لأن الرسوم الجمركية ترفع أسعارها وتجعلها أقل توفرًا في الأسواق. وبالتالي، تتأثر صناعات وأماكن وأُسر محددة بنقص حقيقي، أحيانًا في سلع أساسية، وبعضها لا يمكن تعويضه على المدى القصير، كما أن الدول ذات العجز تستورد رأس المال، ما يجعلها أكثر عرضة لتقلبات الثقة في حكوماتها وجاذبيتها كوجهة استثمار. ومع القرارات المتقلبة لإدارة ترامب بفرض ضرائب مرتفعة وإرباك سلاسل التوريد، يتراجع الاستثمار في الولايات المتحدة، وترتفع أسعار الفائدة على ديونها.
وباختصار، سيواجه الاقتصاد الأمريكي صعوبات شديدة في حرب تجارية شاملة مع الصين، كما يتضح من الرسوم الجمركية الحالية التي فرضها ترامب، والتي تجاوزت 100%، خاصة إذا استمرت دون تغيير. في الواقع، ستتضرر الولايات المتحدة أكثر من الصين، وسيتفاقم الضرر إذا صعّدت واشنطن إجراءاتها. ورغم أن إدارة ترامب قد ترى نفسها حازمة، فإنها عمليًا تضع الاقتصاد الأمريكي في موقع هش أمام ردود الفعل الصينية.
وقد تواجه الولايات المتحدة نقصًا في مدخلات حيوية، مثل مكونات الأدوية، وأشباه الموصلات الرخيصة المستخدمة في السيارات والأجهزة المنزلية، والمعادن الأساسية للصناعات المختلفة، بما في ذلك الأسلحة. وإذا تم خفض الواردات من الصين بشكل حاد أو إيقافها تمامًا، كما يلوّح ترامب، فإن النتيجة ستكون صدمة في العرض تؤدي إلى ركود تضخمي، على غرار ما حدث في السبعينيات أو خلال جائحة كوفيد-19، حيث تراجع النمو وارتفع التضخم في الوقت نفسه. وفي مثل هذا السيناريو، الأقرب مما يتصوره البعض، لن يبقى أمام الاحتياطي الفيدرالي وصناع القرار المالي سوى خيارات قاسية وفرص ضئيلة لتفادي البطالة سوى بقبول مستويات أعلى من التضخم.
عندما يتعلق الأمر بحرب فعلية، فإن استفزاز الخصم قبل الاستعداد وتسليح النفس يُعدّ مخاطرة قاتلة، خصوصًا إذا كان هناك ما يدعو للخوف من غزو محتمل. وهذا هو جوهر الخطر الذي ينطوي عليه الهجوم الاقتصادي الذي تقوده إدارة ترامب. فبما أن الاقتصاد الأمريكي يعتمد اعتمادًا كبيرًا على الصين في تأمين سلع حيوية مثل الأدوية، وأشباه الموصلات الرخيصة، والمعادن الأساسية، فإن الإقدام على قطع العلاقات التجارية دون ضمان وجود موردين بديلين أو إنتاج محلي كافٍ يُعد تصرفًا متهورًا. وبهذا النهج العكسي، ستُحدث الإدارة الضرر ذاته الذي تدّعي أنها تسعى لتجنبه.
قد يكون ما يحدث مجرد مناورة تفاوضية، بغض النظر عن تصريحات ترامب وبيسنت المتكررة وسلوكهما، إلا أن النتيجة تظل واحدة: هذه الاستراتيجية تُلحق ضررًا يفوق نفعها. وكما أشرت في مجلة «الشؤون الخارجية» في أكتوبر الماضي، تكمن المشكلة الأساسية في نهج ترامب الاقتصادي في أنه يتطلب تنفيذ تهديدات تُلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي ذاته كي يكون مُقنعًا، ما يؤدي إلى توقعات دائمة بعدم الاستقرار. ونتيجة لذلك، سيُحجم المستثمرون المحليون والأجانب عن ضخ أموالهم في الاقتصاد الأمريكي، وستضعف الثقة في التزام الحكومة الأمريكية بأي اتفاق، مما يُصعب فرص التوصل إلى تسوية أو تهدئة للتوتر.
وبالتالي، فإن القدرة الإنتاجية الأمريكية لن تتحسن كما تأمل الإدارة، بل ستتراجع، مما يمنح الصين وغيرها من المنافسين نفوذًا أكبر على الولايات المتحدة. بهذه الطريقة، تُطلق إدارة ترامب حربًا اقتصادية تشبه حرب فيتنام ــ حربًا اختيارية تنزلق سريعًا إلى مستنقع، وتُضعف الثقة داخليًا وخارجيًا في كفاءة ومصداقية الولايات المتحدة. ونحن جميعًا نعرف كيف انتهت حرب فيتنام.