ماذا حمل معه الموفد الأميركي آموس هوكشتاين هذه المرّة، أو بالأحرى يجب أن يُطرح السؤال في شكل معاكس، أي ما الذي لم يحمله معه في زيارة كان يعتقد البعض أنها لن تحصل. كثرٌ من اللبنانيين كانوا يفضّلون لو أن "مهندس" اتفاق الترسيم البحري، الذي لم يأتِ مباشرة مع إسرائيل إلى لبنان لأسباب عديدة، كان لديه من الاقتراحات ما يطمئنهم إلى أن الحرب القائمة في الجنوب لن تمتدّ إلى كل شبر من الأراضي اللبنانية، أو لو أنه حمل أجوبة عن أسئلة كثيرة بقيت من دون جواب، وقد يكون على رأس هذه الأسئلة: هل ستوقف إسرائيل حربها على غزة ومتى؟ وهل في استطاعة واشنطن الضغط على تل أبيب لكي توقف هذه الحرب، التي لا بدّ من أن تنتهي في يوم من الأيام، من دون أن يعني ذلك أن إسرائيل قد استطاعت أن تحقّق كامل الأهداف التي أعلنت عنها في بداية حربها، وأبرزها القضاء على حركة "حماس"؟    كان في استطاعة هوكشتاين، الذي لم يسمع من الذين التقاهم في تل أبيب ما يدعو إلى الارتياح، ألا يأتي إلى لبنان، وذلك لكي لا يزيد على قلبهم، لأن ما فيهم مكّفيهم، لكنه أصرّ على المجيء.

وهذا ما كان يفعله قبل التوصّل إلى اتفاق نهائي على ترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، خصوصًا أن مهمته لم تكن سهلة، بل تطلبت الكثير من المفاوضات غير المباشرة، التي قادها بين بيروت وتل أبيب حتى قّيّض له ما أرادته واشنطن، التي وضعت كل ثقلها من أجل التوصّل إلى هذا الاتفاق، التي لا تزال تعتقد أنه كان مهمًّا كثيرًا من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، الذي تهاوى عند أول امتحان في 7 تشرين الأول الماضي.      لكن هوكشتاين الذي قَبِل هذه المهمة التي كلف بها الرئيس الأميركي جو بايدن شخصيًا يعرف تمام المعرفة أن هذه المهمة هي أكثر من شاقة، ولأنها كذلك قَبِلها. فما بين إسرائيل وحركة "حماس" و"حزب الله" من خلافات جذرية وعميقة لا يمكن أن يُحلّ بكبسة زرّ. هذا ما يعيه جيدًا "مهندس تدوير الزوايا" الأميركي، الذي يتحرّك على "نار هادئة" تمامًا كما تحرّك في السابق، حيث راهن وقتها على الواقعين الجغرافي والسياسي تمهيدًا لإحداث الخرق، الذي تبلور اتفاقًا بين دولتين لا يجمع بينهما تاريخيًا سوى اتفاق هدنة أسقطته إسرائيل بفعل اعتداءاتها المتواصلة.     وما شجّع هوكشتاين على العودة إلى لبنان ما بلغه من أصداء الحكومة اللبنانية بالنسبة إلى رغبتها في استئناف المحادثات بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، بالتزامن مع ما لمسه بالتواتر عن رغبة لا تزال خجولة على ضرورة تغيير شيء ما على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية، على رغم أن تظهير صورة ما يمكن التوصّل إليه لا تزال ضبابية بفعل دخان المعارك سواء في غزة أو في جنوب لبنان الذي يشوش الرؤية الواضحة النهائية.    وعلى رغم ضراوة الحرب المحدودة في الجنوب،فإن احتمالات تحقيق أي اختراق ديبلوماسي في محادثات الحدود بين لبنان وإسرائيل على ضآلتها لا تزال واردة، ولكن في ما يشبه السباق مع الزمن. وهذا ما يعمل عليه هوكشتاين، ولكن بوتيرة حذرة، في الوقت الذي يشكّك فيه كثيرون بإمكانية الوصول إلى تسوية ما جنوبية – شمالية قبل وقف مدافع غزة.    فهل يقبل "حزب الله" مثلًا الدخول في مفاوضات في الوقت الذي يبدو فيه واثقًا من تحقيق خطوات متقدمة عسكريًا ما لا تستطيع أن تقدّمه "الديبلوماسية الناعمة" في ضوء ما سبق أن أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله من أن هناك "فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكل أراضينا ووضع معادلة تمنع العدو من انتهاك سيادتنا"؟   المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لا تزال

إقرأ أيضاً:

صحيفة لبنانية: هوكشتاين طعم إسرائيلي.. ونتنياهو لا يريد حلا

اتهمت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، المبعوث الأمريكي عاموس هوكشتاين بأنه يعمل كـ"فخ إسرائيلي" يستدرج لبنان إلى تهدئة مشروطة بينما تواصل إسرائيل عدوانها العسكري.

ورأت الصحيفة المقربة من حزب الله، أن كل زيارة يقوم بها هوكشتاين إلى بيروت تُمهد لتصعيد عسكري إسرائيلي، معتبرة أن الرجل أصبح "طعما إسرائيليا بلعه لبنان مرة أخرى"، حيث أعقب مغادرته لبنان إلى "تل أبيب" ثم واشنطن، مجزرة جديدة نفذها الاحتلال الإسرائيلي بحي فتح الله في البسطة بالعاصمة بيروت، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا بين شهداء وجرحى.

وفي التفاصيل، ذكرت الصحيفة أن غارة بأربعة صواريخ خارقة للتحصينات استهدفت مبنى سكنيا في الحي المذكور، ما أسفر عن استشهاد 20 مدنيا وإصابة 66 آخرين، في حصيلة أولية. واعتبرت أن هذا العدوان جاء في سياق "رد إسرائيلي على الملاحظات اللبنانية" التي قدمت خلال المفاوضات الأخيرة مع هوكشتين بشأن اتفاق وقف إطلاق النار.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي يخدع فيها المبعوث الأمريكي اللبنانيين، مستعرضة أمثلة سابقة على ذلك. ففي تموز /يوليو الماضي، رافقت جهوده الدبلوماسية عملية أمنية إسرائيلية أدت إلى اغتيال القيادي في حزب الله فؤاد شكر، بعد أن أكد هوكشتاين للمسؤولين اللبنانيين أن الرد الإسرائيلي على حادثة مجدل شمس سيكون محدودا وخارج بيروت والضاحية، مروجا لما سماه "نجاح الدبلوماسية الأميركية" في منع تصعيد يقود إلى مواجهة شاملة.


وفي أواخر آب /أغسطس، كرر هوكشتاين السيناريو نفسه، وفقا للصحيفة، حيث كثف جهوده الدبلوماسية لوقف التصعيد، لتفتح إسرائيل الحرب بعد مغادرته، من خلال تنفيذ عمليات نوعية استهدفت قادة المقاومة، وتفجير أجهزة النداء "بيجر"، وبدء عملية برية واسعة النطاق، إلى جانب قصف الضاحية الجنوبية وأحياء في بيروت.

وبحسب الصحيفة، فإن تسلسل الأحداث يشير إلى أن "نتنياهو لا يريد الحل"، بل يسعى لتكرار سيناريو غزة في لبنان، عبر استغلال الوقت لتحقيق مكاسب ميدانية قبل وقف إطلاق النار.

واعتبرت "الأخبار" أن تصعيد الاحتلال الأخير يعكس محاولة لإجبار لبنان على تقديم تنازلات، خصوصا أن القصف المكثف على الضاحية ومنطقة فتح الله في بيروت جاء بالتزامن مع الضغط على المقاومة في الجنوب، دون تحقيق أي تقدم ميداني يذكر.

ونقلت الصحيفة عن جهات سياسية لبنانية أن نتنياهو ربما طلب وقتا إضافيا لتحقيق إنجاز ميداني يمكنه من فرض شروط تفاوضية لاحقا، مثل الضغط على لبنان للقبول ببعض الشروط مقابل انسحاب إسرائيلي محدود من القرى المحتلة. ومع ذلك، استبعدت مصادر أخرى أن يكون ما يجري نسفا للمفاوضات بالكامل، معتبرة أن الاحتلال سيواصل تنفيذ عمليات عسكرية حتى آخر لحظة قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.


وعلى صعيد التفاوض، فقد كشفت الصحيفة أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتجاوب مع الصيغة اللبنانية التي حملها هوكشتين لمسودة وقف إطلاق النار، مشيرة إلى رفض "تل أبيب" إشراك فرنسا في اللجنة المشرفة على تنفيذ الاتفاق، رغم إصرار الجانب اللبناني على ذلك. في المقابل، تمسكت واشنطن بتعيين فريق عمل أمريكي إلى جانب الجنرال الذي سينضم للجنة، وهو ما رفضه لبنان الذي أكد أن فريقه سيقتصر على الجيش اللبناني وقوات "اليونيفل".

كما رفض لبنان مقترح الاحتلال بمناقشة النقاط الحدودية المتنازع عليها بعد وقف إطلاق النار، مصرا على أن يتم حسم هذه النقاط مسبقا. أما من حيث المدة الزمنية، فطالب لبنان بفترة تهدئة لا تتجاوز 7 أيام، بينما تسعى "إسرائيل" إلى هدنة تستمر 60 يوما، للتحقق من التزام حزب الله ولبنان ببنود الاتفاق.

وأشارت الصحيفة إلى أنه رغم ما تروجه وسائل الإعلام العبرية عن "تفاؤل" إسرائيلي بعد زيارة هوكشتين، إلا أن الخلافات الجوهرية حول شروط التهدئة لا تزال قائمة، موضحة أن استمرار القصف والتصعيد الميداني "يثبت أن العدو يناور لكسب الوقت وتحقيق مكاسب ميدانية تتيح له فرض شروط جديدة على طاولة المفاوضات".

مقالات مشابهة

  • الكشف بالاسم عن القيادي الحوثي الذي قام باغتيال شيخ قبلي بارز وسط صنعاء وهذا ما فعله بعد الجريمة
  • مسؤولون لأكسيوس: إسرائيل ولبنان على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار
  • مسئولون لأكسيوس: إسرائيل ولبنان على وشك التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار
  • صحيفة لبنانية: هوكشتاين طعم إسرائيلي.. ونتنياهو لا يريد حلا
  • خطط للسيطرة على الحدود بين لبنان وسوريا وفرنسا تشكك بتفاؤل هوكشتاين
  • وسائل إعلام: هوكشتاين هدد إسرائيل بانهاء جهود الوساطة
  • فرنسا تشكّك بتفاؤل هوكشتاين... وخطط للسيطرة على الحدود بين لبنان وسوريا
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • إستهداف ميركافا في جنوب لبنان.. وهذا ما قامت به إسرائيل بعد هجوم حزب الله
  • مدرب «مسار»: برونزية أبطال إفريقيا إنجاز كبير.. وهذا حل أزمة انسحاب الأندية من الدوري