ذا إيكونوميست: صراع اليمن مع الغرب يرفع شعبيته
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
تحدث تقرير مطول في مجلة "إيكونوميست" البريطانية عن آثار الهجمات الأميركية البريطانية على اليمن منذ أيام، معتبراً أنّها ستعاظم من قوة حركة أنصار الله وقوات حكومة صنعاء، لأنها حولتها من قوة محلية إلى قوة في صراع مع قوى عالمية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا و"إسرائيل" ودول غربية عدة.
وأشار التقرير إلى أنه منذ أكتوبر، تمكّنت حكومة صنعاء من وضع نفسها في صراع مع أقوى قوة في الشرق الأوسط والقوة العظمى في العالم، مشككة فيما إذا كانت الضربات ضد اليمن ستكون فعالة في ردعهم عن استهداف السفن الإسرائيلية.
وأكّد التقرير أنّ التشكيك في فعالية الضربات ناجم عن أنّ حكومة صنعاء "أثبتت قدرتها على الصمود من قبل، في وجه تحالف عسكري بقيادة السعودية قام بغزو البلاد منذ آذار/مارس 2015، لإطاحة حركة أنصار الله بقيادة السيد عبدالملك الحوثي من السلطة، واستعادة الحكومة القديمة".
وذكّر التقرير أنه "في ذلك الوقت، اعتقد المسؤولون السعوديون أنّ بإمكانهم إنهاء الحرب في 6 أسابيع، ولكن بعد مرور 9 سنوات، تحولت إلى ما زالوا يحاولون انتشال أنفسهم من المستنقع اليمني"، منوّهاً إلى أنّ "السعودية قاتلت في الغالب من الأعلى، وأثبتت الضربات الجوية عدم فعاليتها في إضعاف حركة أنصار الله".
وبحسب التقرير، فإنّ القوات المسلحة اليمنية تزوّدت على مدى العقد الماضي بمخزون متنوع من الصواريخ المضادة للسفن، بما في ذلك صاروخ "بافيه" الذي يبلغ مداه 800 كيلومتر، وهم يشغلون الآن ما يصل إلى 6 أنواع مختلفة من صواريخ كروز المضادة للسفن، و6 أنواع أخرى من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن، وفقاً لدراسة أجراها فابيان هينز من المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية.
ولفت إلى أنه "إذا ظلّت الترسانة سليمة إلى حد كبير، فسيكون اليمنيون قادرين على الاستمرار كما كانوا من قبل، أو الوفاء بوعدهم بتوسيع الحملة".
مبيناً أنه "على المدى الطويل ستكون صنعاء قادرة على تجديد مخزونها واستجلاب أنظمة صاروخية جديدة مفككة - يمكن تفكيك الصواريخ المضادة للسفن بسهولة نسبية.
من جهة أخرى، فقد رجّحت "ذا إيكونوميست" أن يكون للصراع مع الغرب "فوائد أخرى بالنسبة لليمن، فقد أكسبهم حصارهم لإسرائيل إعجاباً جديداً في جميع أنحاء العالم العربي، حيث استفادوا من المشاعر المؤيدة للفلسطينيين، بينما تقف الدول العربية متفرجةً عاجزةً أمام الحرب في غزة".
وقدّر التقرير أنّ "استهداف القوات اليمنية من قبل الولايات المتحدة، في حين أن معاداة واشنطن تتصاعد بسبب دعم بايدن لـ"إسرائيل"، سيزيد من شعبيتهم.
كذلك، يمكن أن يعزز ذلك أيضاً موقفهم في محادثات السلام مع السعودية، يحلل التقرير، لافتاً إلى أنه "قبل بضع سنوات ربما كان السعوديون سيهتفون للضربات الغربية على اليمن، ولكنهم اليوم في موقف حرج، حيث يدعون إلى الهدوء خشية أن يقرّر اليمن توسيع حملته من خلال استهداف دول الخليج بالصواريخ أو الطائرات بدون طيار، كما فعلوا مئات المرات خلال الحرب منذ 9 سنوات".
واعتبر التقرير أنّ "أحداث الشهرين الماضيين ستعزز لدى السعوديين سبب رغبتهم في التوصل إلى اتفاق وإنهاء حربهم مع صنعاء، حتى لو ترك ذلك حركة أنصار الله هي القوة المهيمنة في اليمن".
وشدّد التقرير على أنّ واشنطن "لا تريد أن تنجر إلى صراع طويل آخر في الشرق الأوسط، بينما ليس لدى صنعاء مثل هذه المخاوف، فلقد صمدت قواتها أكثر أمام قوات الرئيس السابق، الذي خاض سلسلة من الحملات الوحشية ضدهم، واستنفدوا التحالف الذي تقوده السعودية"، معتبراً أنهم الآن "بلا شك مسرورون لأنهم اجتذبوا واشنطن إلى عمليتها المفتوحة".
المصدر: ٢٦ سبتمبر نت
كلمات دلالية: حرکة أنصار الله المضادة للسفن التقریر أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
لبنان يرفع علمه على جراحه.. ويبحث عن نفسه بين أنقاض الحلم
في بعض الأوقات، نحسدُ نحنُ، الشّباب اللبنانيّ، شباب بعض الدول العربية والأوروبية وغيرها على جنة الأمن في بلادهم.. هذه الميزة، التي على الرغم من الصمود داخل هذا البلد نفتقدها من وقت إلى آخر، خاصةً خلال هذه الفترة، بعد أنّ سلبت منّا آلة القتل الإسرائيلية أمننا وحريتنا، وبتنا رهينة إنذار، واتصال تحذيريّ، وطائرة مسيّرة، وغيرها من أفكار البطش الإسرائيلي.منذ 5 سنوات، ولبنان مجروح، يعاني من كافة جوانبه، اقتصاديًا، سياسيا، واجتماعيًا، وحتى الشعب الذي يظهر لك أنّه صامد، وهذا فعلا هو الحال، إلا أنّ داخله مكسور ومحطّم على حال بلد عريق، قدّم للعالم الحرف، والثقافة، والإبتكارات والأدمغة، التي استفادت منها دول العالم ولم يستفد منها الداخل كما يجب.
هكذا يحلّ عيدا العلم والإستقلال على لبنان، مثقلين بالهموم والمشاكل، وسط أزمات تتلبد كالغيوم السوداء في سماء الوطن، ومحملين برائحة البارود وصرخات الأمهات وحطام الأحلام. هذا الوطن الذي حلم به أجدادنا حرًا وسيّدًا، يقف اليوم مثقلًا بأعباءٍ تكاد تطحن قلبه. لا تُرفع الأعلام بزهو كما كانت تُرفع، ولا تُعزف الأناشيد الوطنية إلا على أوتار القهر والغضب.
أكثر من مليون لبناني نزحوا من بيوتهم، تاركين وراءهم ذكرياتٍ امتزجت بدخان المعارك. هل يمكن أن يكون الوطن سجنًا يهرب منه أهله؟ في المدارس والكنائس وبيوت الشركاء في الوطن، يصنع النازحون أوطانًا صغيرة من بقايا عنفوانهم الممزق، لكن الوطن الكبير يبدو ضائعًا بين حقول الألغام ونيران المصالح.
مصالحٌ، دفعت بشبابنا إلى أن يملاوا الطائرات التي خرجت من المطار أسرابا أسرابا حاملة أدمغة وشبابا غادروا بأعينٍ ملأى بالدموع والخذلان. لا يعودون، ولا يلتفتون إلى الوراء، لأنّ الوطن الذي حلموا بخدمته خذلهم مرارًا وتكرارًا.. فهم يعلمون حجم الكسرة التي سيشعرون بها عندما تطأ اقدامهم تراب الغربة، ولكن هكذا اعتدنا نحن كلبنانيين.. اعتدنا على الإستمرارية، والمواجهة، والتحدي، ولن نتوقف عن الحلم.
اليوم، أمام هذا الكمّ من الخراب، يقف اللبنانيون متسائلين: ماذا يعني الاستقلال؟ هل الاستقلال هو علمٌ يرفرف بينما البلد يتهاوى؟ هل هو نشيدٌ يُنشد بينما العيون تذرف دمعًا؟ الاستقلال ليس مجرد ذكرى. إنه مسؤولية، حلم مستمر يجب أن يُحيا كل يوم. ولكنه اليوم يبدو كجثةٍ محنّطة تُعرض في كل عام لتذكيرنا بما فقدناه، وليس بما يجب أن نحافظ عليه.
رغم كل ما مرّ، لا يزال اللبناني يحتفظ بشيءٍ من الصمود. شيء يشبه عناده. شيء يقول: لن نستسلم. قد يبدو الأمل ضئيلاً، لكنه كافٍ ليبقي هذا الوطن واقفًا على قدميه، ولو بترنّح. ربما يأتي يوم يستعيد فيه الاستقلال معناه الحقيقي، يوم ينفض فيه الوطن عن نفسه غبار الحروب والفقر، ليقف قويًا كما حلم به أجدادنا يوم انتزعوه. وحتى ذلك اليوم، سنبقى نبحث في هذا الحطام عن وطن يليق بنا. المصدر: خاص لبنان24