نتنياهو واليمين المتطرف.. هل يستغلون الحرب على غزة للبقاء في السلطة؟
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- ما زال المجتمع الإسرائيلي متقوقعا عند صدمة أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع مرور 100 يوم من الحرب على غزة، يتضح أن عجلة الحياة للإسرائيليين وتاريخ إسرائيل ما زالت متوقفة عند "طوفان الأقصى" التي تعتبر محطة فارقة في مستقبل العلاقات الداخلية بين الإسرائيليين وتشكل نقطة تحول بالصراع مع الفلسطينيين.
وفي وقت تتقارب التقديرات للمحللين بأن الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، لم تحقق أيا من أهدافها على غزة، أجمعت القراءات والدراسات لمراكز الأبحاث أن استمرار الحرب يعيد إلى الواجهة الخلافات والصراعات الداخلية، ويعمّق الشرخ داخل المجتمع الإسرائيلي.
ويعكس الشرخ المجتمعي حقيقة زيف الوحدة المصطنعة بين الإسرائيليين التي تجلت عند بدء الحرب والتي سعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتأطيرها من خلال الترويج أن "إسرائيل تخوض حربا وجودية"، داعيا إلى الترفع عن الخلافات الداخلية والوحدة التي ما لبث أن تصدعت بعد الفشل في تحرير جميع المحتجزين الإسرائيليين وعدم تحقيق أهداف الحرب.
الخلافات الإسرائيلية
يقول الناشط في حراك "اليوم التالي"، نتان راز إن "إسرائيل متوقفة عند أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، والمجتمع الإسرائيلي ما زال يعيش هول الصدمة، وإن المعركة وجودية مثلما روجت حكومة نتنياهو، ولذا تأتي الحرب، وتستمر رغم الخسائر غير المسبوقة التي تكبدتها إسرائيل بكافة المستويات السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية".
ولكن مع ذلك، أشار الناشط الإسرائيلي للجزيرة نت إلى أن اليوم التالي للحرب الذي ما زال بعيدا على ما يبدو يجب أن يبحث في مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتسوية الصراع من خلال حلول سياسية، لكنه أيضا يقول إنه "يجب البحث في مجمل العلاقات بين الإسرائيليين أنفسهم، وأيضا العلاقات مع المواطنين العرب في إسرائيل الذين يتم التعامل معهم بموجب أنظمة الطوارئ".
وإلى جانب السجال الإسرائيلي بشأن التباين تجاه أهداف الحرب وإمكانية تحقيقها والانقسام بشأن صفقة تبادل الأسرى وملف المحتجزين، نبه راز إلى أن الخلافات الإسرائيلية الداخلية طفت على السطح مجددا مع إطالة أمد الحرب، حيث عادت قضايا الحوكمة والتشريعات الدينية والتوراتية والتعديلات على الجهاز القضائي وتقويض صلاحيات المحكمة العليا ومحاكمة نتنياهو بملفات الفساد.
انقسام في إسرائيل بشأن صفقة تبادل الأسرى وملف المحتجزين (الأوروبية) سطوة اليمينوفي قراءة بشأن مراحل الحرب على غزة وكيف وظّفها نتنياهو لمصالحه الشخصية السياسية واستغلالها من قبل أحزاب اليمين المتطرف للحفاظ على الائتلاف الحكومي على حساب تعميق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، يقول الدكتور إساف ديفيد، وهو رئيس قسم إسرائيل في الشرق الأوسط في معهد "فان لير" بالقدس إن "حكومة نتنياهو ذهبت إلى حرب. لا خيار أمام حماس".
واستعرض الدكتور ديفيد وهو أحد مؤسسي منتدى التفكير الإقليمي، في تقدير موقف تلقت الجزيرة نت نسخة منه، كيف وظفت حكومة نتنياهو الحرب بمختلف مراحلها القتالية تحت مسميات مختلفة من أجل متانة الائتلاف وخدمة مشروع اليمين المتطرف.
ولفت إلى أن حكومة نتنياهو التي خرجت إلى الحرب على مضض، رأت بمراحل القتال وسيلة لخدمة أهدافها ومشاريعها سواء داخل المجتمع الإسرائيلي أو حتى مع الفلسطينيين.
ومن وجهة نظر الباحث الإسرائيلي، فإن حكومة نتنياهو تخوض الحرب على ظهر المحتجزين الإسرائيليين والفلسطينيين المدنيين في قطاع غزة، وكل ذلك لمنع تفكيك الحكومة.
وأشار إلى أن نتنياهو، وفي ظل عدم تحقيق أيّ من أهداف الحرب، يسعى بالمرحلة الثالثة من القتال للحفاظ على متانة معسكر اليمين للبقاء بالسلطة في حال أجريت انتخابات مبكرة، حتى ولو كان ذلك على حساب تعميق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي.
بداية تصدع
بخصوص التطورات والتغييرات التي قد تطرأ على المشهد السياسي، يعتقد ديفيد أن حكومة الطوارئ التي تشكلت أصلا من أجل دعم الجيش الإسرائيلي في الحرب على غزة، قد لا تصمد طويلا بسبب ائتلاف اليمين المتطرف.
ونبه ديفيد إلى وجود بداية تصدع حتى في الإجماع الإسرائيلي على الحرب، مستذكرا الأصوات التي تتعالى وتصاعد الاحتجاجات في وجه ائتلاف أحزاب اليمين الذي يصر على إرسال الجنود والضباط للقتال بغية أهداف بعيدة المنال حددتها لهم حكومة منقسمة ومتضاربة وغير متجانسة، والتي أوصلت المجتمع الإسرائيلي إلى كارثة غير مسبوقة.
اليمين المتطرف الذي يهيمن على المشهد السياسي والحزبي بإسرائيل، يقول ديفيد "لا يفهم إلا القوة، ولا يعرف كيف يتحدث مع خصومه وأعدائه سواء اليهود أو الفلسطينيون إلا بالقوة، وحوّل إسرائيل تدريجيا إلى دولة مجنونة، دون أدنى تفكير باليوم التالي للحرب، وكل أمله بقاء 200 ألف فلسطيني في غزة عوضا عن 2.2 مليون".
إساف ديفيد: نتنياهو يسعى للحفاظ على معسكر اليمين لضمان بقائه في السلطة (الجزيرة) بقاء حماسمع استمرار الحرب على غزة والنتائج المرحلية والوقائع على الأرض، يقول الكاتب الإسرائيلي مناحيم كلاين إن "الحكومة الإسرائيلية تضع بيديها حماس في قيادة الشعب الفلسطيني"، مستذكرا ما حصل بعد أن خسرت إسرائيل حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، حيث رفضت أن تكون الضفة الغربية تحت حكم الأردن ما ساعد بتعزيز نفوذ منظمة التحرير الفلسطينية "فتح" لتكون الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني.
والآن، وعلى طريقة حربها في غزة وتعاملها مع القضية الفلسطينية، يشير كلالين بمناسبة مرور 100 يوم على الحرب على غزة في موقع "سيحه مكوميت" إلى أن "إسرائيل قد تفعل الشيء نفسه مع حركة حماس لتنصبها على رأس الحركة الوطنية الفلسطينية".
لقد أصاب الهجوم الذي نفذته حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول إسرائيل بطريقة لم تفعلها أي منظمة فلسطينية من قبل، ولهذا السبب، يقول كلاين إن "أي جهة تأتي للسيطرة على قطاع غزة أو إعادة تأهيله، ستكون مطالبة على الأقل بالحصول على موافقة حماس، وربما أيضا مشاركتها بشكل ما في الحكومة".
صعوبة الحسم
وعلى الصعيد الأمني الإسرائيلي، وصف البحث بالأمن القومي والاستخبارات والصراع العربي الإسرائيلي، المحاضر في جامعة حيفا البروفيسور أوري بار-سوف، "طوفان الأقصى بالزلزال" ويجزم أنه أهم حدث في تاريخ إسرائيل منذ حرب الأيام الستة مايو/أيار 1967.
يقول بار-سوف في تقدير موقف نشره في صحيفة "هآرتس" إن "طوفان الأقصى والحرب نقطة تحول في العديد من المجالات، وأحد أهمها هو مفهوم الأمن القومي، وقد تجلى فشل المفهوم الحالي بشكل واضح في نتائج هجوم حماس".
مع استمرار الحرب على غزة، يقول الباحث بالأمن القومي "نعود هنا إلى النقطة الرئيسية، لقد أفلس المفهوم الأمني الإسرائيلي والتفوق العسكري الذي استمر لمدة 75 عاما".
ويرى أن ما ينقص إسرائيل هو العنصر السياسي، الذي سيكون دوره، يقول كلاين "الحد من دوافع أعدائنا لخوض الحرب ضدنا، وتخفيف العبء معادلة الردع والإنذار والحسم. ودون ذلك، فإن الردع سوف يفشل، ولن يصمد التحذير أمام الاختبار، وسوف يجد الجيش صعوبة بالحسم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المجتمع الإسرائیلی أکتوبر تشرین الأول الیمین المتطرف حکومة نتنیاهو الحرب على غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
غالانت لعائلات الرهائن: الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في غزة
ذكرت تقارير إعلامية عبرية، أن وزير الدفاع الإسرائيلي المُقال، يوآف غالانت، أبلغ عائلات الرهائن المحتجزين في غزة، أن الجيش الإسرائيلي ليس لديه سبب للبقاء في القطاع.
ووفقاً لتقارير في وسائل الإعلام العبرية، قال غالانت للعائلات: «إنه ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي هرتسي هاليفي، متشككان في مزاعم وجود مبررات أمنية أو دبلوماسية لترك القوات في القطاع»، وفق صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
ونقلت عنه «قناة 12» الإخبارية قوله: «أستطيع أن أخبرك... أنا ورئيس جيش الدفاع الإسرائيلي قلنا إنه لا يوجد سبب أمني للبقاء في ممر فيلادلفيا»، في قطاع غزة.
وأضاف، وفقاً للتقرير، الذي يبدو أنه يستند إلى روايات من العائلات التي حضرت الاجتماع: «قال نتنياهو إنه كان اعتباراً دبلوماسياً، وأنا أقول لك إنه لم يكن هناك اعتبار دبلوماسي» (للبقاء في فيلادلفيا).
ونُقل قول غالانت: «لم يتبقَّ شيء في غزة للقيام به. لقد تم تحقيق الإنجازات الرئيسية... أخشى أننا نبقى فقط لأن هناك رغبة في الوجود».
غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود
وقال غالانت أيضاً إن فكرة بقاء إسرائيل في غزة لخلق الاستقرار كانت «غير مناسبة للمخاطرة بحياة الجنود»، وفقاً للتقارير.
وهذه التعليقات هي الأكثر وضوحاً حتى الآن، والتي تُسلط الضوء على الاختلافات بين غالانت، الذي أيّد اتفاق وقف إطلاق النار لإعادة الرهائن إلى إسرائيل، ونتنياهو، الذي أقال وزير دفاعه يوم الثلاثاء، وفق «تايمز أوف إسرائيل».
وتؤكد هذه التصريحات أن نتنياهو لم يحقق مراده من جلب وزير دفاع جديد مثل يسرائيل كاتس الموالي له والذي يوافق معه على الاستمرار في الحرب «حتى تحقيق الانتصار الكامل» فالموقف السائد في المؤسسة العسكرية هو ضرورة وقف الحرب، وما ينفذه الجيش من عمليات حربية في قطاع غزة، هو مجرد انتقام بلا هدف سياسي أو فائدة، وينفذها بحكم وجوده في القطاع وتعرضه لعمليات انفرادية ممن بقي من عناصر (حماس) تستنزف قواته».
واقال نتنياهو وزير الدفاع غالانت، في محاولة لإخافة النواب العشرة في ائتلافه الحكومي، الذين يعارضون سن قانون جديد يتيح منح رواتب للشبان اليهود المتدينين الذين يرفضون الخدمة العسكرية أو سن قانون يتيح العفو عن رافضي الخدمة، غير أن غالبية النواب تمسكوا بموقفهم حتى بعد إقالة غالانت، ولم تجد الأزمة حلاً بعد.