مسندم.. عوامل الجغرافيا والتاريخ ترسم الأبعاد الجيواستراتيجية لدُرة التاج العُماني
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
الرؤية- مدرين المكتومية
تُسهم عوامل الجغرافيا والتاريخ في بلورة الأبعاد الجيواستراتيجية للدول؛ إذ إنَّ لهذه العوامل دورًا مؤثرًا للغاية في تحديد الفرص والآفاق المستقبلية لنموها وازدهارها، ومحافظة مسندم الواقعة في أقصى شمال سلطنة عُمان، ترتكز على قواعد وأسس تاريخية وجغرافية تجعل منها نقطة جذب استراتيجي هائلة للاستثمارات والمشاريع الواعدة؛ خاصة أنها تعتبر بمثابة درة التاج بين المحافظات من حيث روعة المناظر الخلابة والتنوع التضاريسي، والثراء السياحي اللامحدود.
مسندم التي تتألف من سلاسل جبلية بديعة التشكيل الجيولوجي، تحفها المياه الفيروزية من مُعظم جوانبها، وتعيش على أرجائها الشاسعة مختلف الأحياء، من حيوانات برية وجبلية، وكائنات بحرية تعكس مستوى التنوع الأحيائي في هذه البقعة الطيبة من أرض عُمان الخير والنماء. وعلى مدى حقب تاريخية متعددة، ظلّت مسندم نقطة استراتيجية مُهمة للغاية، ومحورًا ارتكازيًا في حركة الملاحة البحرية عند مضيق هرمز، ذلك الممر الملاحي الضيق الذي يربط الخليج العربي ببحر عُمان من ثم المحيط الهندي، وصولًا إلى أبعد نقطة في العالم.
ومن هنا تنبع الأهمية الاستراتيجية لمحافظة مسندم؛ لكونها المحافظة المُطلة على ذلك المضيق الذي يعد أحد أكثر المضائق أهمية في العالم، باعتباره شريانًا اقتصاديًا تتدفق من خلال البضائع والسلع الاستراتيجية، وفي المقدمة منها الذهب الأسود؛ النفط. وقد استطاعت سلطنة عمان أن تضع الأسس الراسخة للسلامة البحرية في هذا المضيق، بفضل سياساتها الحكيمة التي تضمن الأمن والاستقرار الإقليميين.
والحديث عن الأهمية الاستراتيجية لمسندم، يستوجب الإشارة إلى "جزيرة تلغراف"؛ وهي إحدى الجزر الرئيسية في المحافظة، وتقع في ولاية خصب، وتحديدًا في "خور شم"، وهو من الاخوار الشهيرة التي يقصدها الزوار والسياح، وأخذت الجزيرة اسمها كونها شهدت مرور أول خط تلغراف في الشرق الأوسط، والذي ربط بين بومباي في الهند والبصرة بالعراق، وكان إيذانًا ببدء حركة الاتصالات الحديثة في المنطقة.
ومن بين أشهر الجزر العمانية جزيرة "سلامة وبناتها"؛ التي تقع على بعد حوالي 17 كيلومترًا قبالة الساحل الشمالي لمسندم، وهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الجزر ذات الطبيعة الخلّابة، وتسمى أكبر جزرها بـ"سلامة"، وتدور حولها "بناتها"، وسُمِّيت بهذا الاسم تعبيرًا عن السعادة والفرحة العارمة التي تعتري قلوب ووجوة البحّارة العائدين من رحلاتهم البحرية، وكأنها بشرى الوصول والأمان لهم عندما يرونها بعد رحلة بحرية طويلة. وتتميز الجزيرة بتنوعها البيئي البحري ووجود أنواع كثيرة من الشعاب المرجانية، وهي محل اهتمام كبير من هواة الغوص وعشاق الحياة البحرية. مثل هذه العوامل الطبيعية والجغرافية، جعلت من مسندم قبلة سياحية تستقطب مُحبي الطبيعة الفاتنة، وعشاق الاسترخاء بين أحضان هذه الطبيعة البكر.
ليس هذا فحسب.. إذ إن التاريخ يروي لنا قصصًا بطولية وأحداثًا فاصلة في حياة العُمانيين القاطنين بمحافظة مسندم على مر الحقب والأزمنة المختلفة، ولذلك حرصت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على توثيق هذه الأحداث، ودراستها بأسلوب علمي معاصر، لاستكشاف المزيد من التفاصيل حول تاريخ هذه المحافظة العُمانية، التي أسهمت بدور حضاري رائد، واستطاعت في أن تكون حائط الصد ضد الكثير من الحملات العسكرية التي استهدفت احتلالها أو فرض سيرطتها عليها، إدراكًا للأهمية الاستراتيجية لها، لكن العُمانيين صمودوا أمام مثل هذه المحاولات. وقد وثق معرض أقامته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ضم أكثر من 1200 وثيقة ومخطوط، للتعريف بالمحافظة وولاياتها الأربعة: خصب، ومدحاء ودبا وبخاء، وتسليط الضوء على أبرز المواقع الأثرية والتاريخية في المحافظة، مثل حصن دبا وحصن مدحاء ومقابر الحوامي الأثرية والإسلامية، ومواقع الدابر وموقع سبطان، وبيت القفل.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بشكلٍ دائم
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)— اعتاد العديد من الأمريكيين على سماع مجموعة متنوعة من الأسباب التي تجعل الحياة في أوروبا أمرًا مغريًا، مع انتقال العديد منهم إلى أماكن مثل البرتغال، وفرنسا، وإيطاليا.
ولكن بالنسبة لبعض الأشخاص الذين جعلوا من العيش في الخارج أمرًا دائمًا، فإن الجوانب الأقل وضوحًا لما يمكن أن يجعل الحياة في أوروبا جذابة للغاية تأتي غالبًا في شكل غياب بعض المخاوف الأصغر، أو "الضغوط الصغيرة" التي اعتادوا عليها في الولايات المتحدة.
تحدّثنا مع بعض الأمريكيين الذين عاشوا في الخارج لسنوات حول بعض الطرق الصغيرة التي قللت بها العيش في أوروبا من ضغوطهم التراكمية.
شبكات الأمان في أشكال عديدةغادر جوش يوديس، وهو في الـ35 من العمر، كاليفورنيا في عام 2013 سعيًا وراء درجة الماجستير في علم النفس العصبي الإدراكي في ميونيخ بألمانيا، وعاش في البلاد منذ ذلك الحين.
وقال يوديس إنّ العيش في ألمانيا أدى لانخفاض بعض مسببات التوتر الصغيرة، موضحًا أنّ الرعاية الصحية الشاملة المقدمة في العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا، تساعد في تقليل مستوى التوتر العام لديه.
يرى بعض الأمريكيين أنّ العيش في ألمانيا يزيل بعض عوامل التوتر التي شعروا بها في الولايات المتحدة.Credit: CHRISTOF STACHE / Contributorولكن في ألمانيا، توجد شبكة أمان أخرى تساعد في حماية الأشخاص من "الأشياء الصغيرة" التي قد تسوء، وهي تأمين المسؤولية الشخصية التي تُدعى "Haftpflichtversicherung".
وشرح: "معظم الأشخاص هنا يتمتعون بهذا التأمين، وهو ميسور التكلفة حقًا ويغطي مواقف مختلفة، مثلاً، في حال سكب طفلك القهوة على الحاسوب المحمول الخاص بشخصٍ غريب".
موسم عطلات أكثر هدوءًا صورة لكيت ماكولي مع زوجها في سوق عيد الميلاد في النمسا.Credit: Kate McCulleyعاشت كيت ماكولي، وهي صاحبة مدونة السفر " Adventurous Kate"، في براغ منذ عام 2020، وهي من بوسطن في الأصل.
وأصبحت مؤخرًا مقيمة دائمة في جمهورية التشيك.
وقالت ماكولي التي تبلغ من العمر 40 عامًا: "طوال حياتي البالغة، لم أكن شخصًا مولعًا بعيد الميلاد أبدًا"، وشرحت: "شعرت أن فترة عيد الميلاد مرهقة للغاية في الكثير من الأحيان بسبب الاضطرار إلى شراء الهدايا للأشخاص، وبسبب الطريقة التي تغمرك بها جميع المتاجر في أمريكا بإعلاناتهم لشراء الأشياء".
لدى انتقالها إلى أوروبا، أصبحت ماكولي تُقدِّر عيد الميلاد على الطريقة الأوروبية، ووصفت انعدام ضغوط التسوق بأنّه "مريح".
وقالت: "لا يوجد ضغط لشراء أي شيء رُغم وجود الكثير من الأشياء المعروضة للبيع. يعجبني أنّ فترة عيد الميلاد هنا تتعلق بالاستمتاع بالأجواء المبهجة بدلاً من شراء كل شيء تراه".
الشعور بالأمان بدون وجود حضور ضخم للشرطةعاشت بروك بلاك، البالغة من العمر 43 عامًا، في الدنمارك مع زوجها وابنتيها الصغيرتين منذ عام 2020.
وقالت إنّ العيش هناك جعلها تدرك غياب أمرٍ لم تفكر به حتى كمسببٍ للتوتر عندما كانت تعيش في كاليفورنيا.
وأوضحت بلاك: "إنّ الافتقار إلى قوات شرطة بالطريقة التي هي موجودة عليها في الولايات المتحدة أمر جميل نوعًا ما".
بروك بلاك مع ابنتها في الدنمارك.Credit: Brooke Blackوعند حديثها عن تجربتها في الدنمارك، قالت: "عندما كنت أعيش في يوتلاند، كنت أرى سيارة شرطة مرتين تقريبًا خلال ثلاث سنوات، وكنت أقود السيارة في كل مكان في البلاد".
ومع أنّها لاحظت حضورًا أكبر للشرطة منذ انتقالها إلى كوبنهاغن، إلا أنّه لا يُقارن بما شعرت به عندما كانت تعيش في الولايات المتحدة، وفقًا لما ذكرته.
شعور أكبر بالثقةتشعر بلاك أيضًا بوجود مستوى أكبر من الثقة بشكلٍ عام في المجتمع الدنماركي.
وقالت: "لقد رأيت أشخاصًا يقومون في القطارات ويتركون كلجميع أغراضهم للذهاب إلى الحمام، وهذا صادم بالنسبة لي، فهناك الكثير من الثقة في المجتمع".
وتشعر بلاك أيضًا بالرضا من التخلي عن ثقافة الإكراميات في الولايات المتحدة منذ انتقالها إلى الدنمارك.
وقالت: "بينما لا يوجد حد أدنى للأجور (في الدنمارك)، إلا أنّ هناك اتفاقيات مع النقابات، ويتقاضى الأفراد أجورًا جيدة. لذا لا توجد توقعات بشأن الإكراميات".
وداعًا لثقافة ركوب السيارات سهولة المشي وتوفر وسائل النقل العام، بما في ذلك مركبات "الترام" في فرنسا، تجعل الحياة بدون سيارة أكثر ملائمة بالنسبة لبعض الأميركيين الذين يعيشون في الخارج.Credit: THOMAS COEX / Contributorلم تكن الحاجة إلى قيادة السيارة إلى كل مكان أمرًا مُجهِدًا بالنسبة لغابي مارين إلى أن انتقلت إلى قرية كامبريدجشاير في إنجلترا مع عائلتها في عام 2018.
وقالت: "نحن نمشي ونركب الدراجات في كل مكان. نحن عائلة تمتلك سيارة واحدة، وهو أمر لا يمكنك فعله على الإطلاق في تامبا وفلوريدا، حيث أتيت".
وأضافت: "الحافلات ومركبات الترام متوفرة. تعجبني حقًا حقيقة أنّنا لا نعتمد على القيادة إلى كل وجهة".
وانتقلت سيرا جوتو، وهي حاملة للجنسيتين الأمريكية واليابانية، من كاليفورنيا إلى فرنسا، وهي تستمتع بأسلوب حياة أقل اعتمادًا على السيارات في بوردو.