الرؤية- مدرين المكتومية

 

تُسهم عوامل الجغرافيا والتاريخ في بلورة الأبعاد الجيواستراتيجية للدول؛ إذ إنَّ لهذه العوامل دورًا مؤثرًا للغاية في تحديد الفرص والآفاق المستقبلية لنموها وازدهارها، ومحافظة مسندم الواقعة في أقصى شمال سلطنة عُمان، ترتكز على قواعد وأسس تاريخية وجغرافية تجعل منها نقطة جذب استراتيجي هائلة للاستثمارات والمشاريع الواعدة؛ خاصة أنها تعتبر بمثابة درة التاج بين المحافظات من حيث روعة المناظر الخلابة والتنوع التضاريسي، والثراء السياحي اللامحدود.

مسندم التي تتألف من سلاسل جبلية بديعة التشكيل الجيولوجي، تحفها المياه الفيروزية من مُعظم جوانبها، وتعيش على أرجائها الشاسعة مختلف الأحياء، من حيوانات برية وجبلية، وكائنات بحرية تعكس مستوى التنوع الأحيائي في هذه البقعة الطيبة من أرض عُمان الخير والنماء. وعلى مدى حقب تاريخية متعددة، ظلّت مسندم نقطة استراتيجية مُهمة للغاية، ومحورًا ارتكازيًا في حركة الملاحة البحرية عند مضيق هرمز، ذلك الممر الملاحي الضيق الذي يربط الخليج العربي ببحر عُمان من ثم المحيط الهندي، وصولًا إلى أبعد نقطة في العالم.

ومن هنا تنبع الأهمية الاستراتيجية لمحافظة مسندم؛ لكونها المحافظة المُطلة على ذلك المضيق الذي يعد أحد أكثر المضائق أهمية في العالم، باعتباره شريانًا اقتصاديًا تتدفق من خلال البضائع والسلع الاستراتيجية، وفي المقدمة منها الذهب الأسود؛ النفط. وقد استطاعت سلطنة عمان أن تضع الأسس الراسخة للسلامة البحرية في هذا المضيق، بفضل سياساتها الحكيمة التي تضمن الأمن والاستقرار الإقليميين.

والحديث عن الأهمية الاستراتيجية لمسندم، يستوجب الإشارة إلى "جزيرة تلغراف"؛ وهي إحدى الجزر الرئيسية في المحافظة، وتقع في ولاية خصب، وتحديدًا في "خور شم"، وهو من الاخوار الشهيرة التي يقصدها الزوار والسياح، وأخذت الجزيرة اسمها كونها شهدت مرور أول خط تلغراف في الشرق الأوسط، والذي ربط بين بومباي في الهند والبصرة بالعراق، وكان إيذانًا ببدء حركة الاتصالات الحديثة في المنطقة.

ومن بين أشهر الجزر العمانية جزيرة "سلامة وبناتها"؛ التي تقع على بعد حوالي 17 كيلومترًا قبالة الساحل الشمالي لمسندم، وهي عبارة عن مجموعة صغيرة من الجزر ذات الطبيعة الخلّابة، وتسمى أكبر جزرها بـ"سلامة"، وتدور حولها "بناتها"، وسُمِّيت بهذا الاسم تعبيرًا عن السعادة والفرحة العارمة التي تعتري قلوب ووجوة البحّارة العائدين من رحلاتهم البحرية، وكأنها بشرى الوصول والأمان لهم عندما يرونها بعد رحلة بحرية طويلة. وتتميز الجزيرة بتنوعها البيئي البحري ووجود أنواع كثيرة من الشعاب المرجانية، وهي محل اهتمام كبير من هواة الغوص وعشاق الحياة البحرية. مثل هذه العوامل الطبيعية والجغرافية، جعلت من مسندم قبلة سياحية تستقطب مُحبي الطبيعة الفاتنة، وعشاق الاسترخاء بين أحضان هذه الطبيعة البكر.

ليس هذا فحسب.. إذ إن التاريخ يروي لنا قصصًا بطولية وأحداثًا فاصلة في حياة العُمانيين القاطنين بمحافظة مسندم على مر الحقب والأزمنة المختلفة، ولذلك حرصت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية على توثيق هذه الأحداث، ودراستها بأسلوب علمي معاصر، لاستكشاف المزيد من التفاصيل حول تاريخ هذه المحافظة العُمانية، التي أسهمت بدور حضاري رائد، واستطاعت في أن تكون حائط الصد ضد الكثير من الحملات العسكرية التي استهدفت احتلالها أو فرض سيرطتها عليها، إدراكًا للأهمية الاستراتيجية لها، لكن العُمانيين صمودوا أمام مثل هذه المحاولات. وقد وثق معرض أقامته هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ضم أكثر من 1200 وثيقة ومخطوط، للتعريف بالمحافظة وولاياتها الأربعة: خصب، ومدحاء ودبا وبخاء، وتسليط الضوء على أبرز المواقع الأثرية والتاريخية في المحافظة، مثل حصن دبا وحصن مدحاء ومقابر الحوامي الأثرية والإسلامية، ومواقع الدابر وموقع سبطان، وبيت القفل.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إشراقة تدعم عددا من المشروعات بمسندم

تم بمحافظة مسندم توقيع عدد من الاتفاقيات بين عدد من المؤسسات في المحافظة ومؤسسة إشراقة ذراع الاستثمار الاجتماعي لمجموعة كيمجي رامداس

منها اتفاقية مع المديرية العامة للخدمات الصحية لتوفير (97) جهازت طبيا، واتفاقية مع المديرية العامة للتربية والتعليم لتحديث بعض الملاعب الرياضية المدرسية وتوفير شاشات تفاعلية وتجهيز قاعة متعددة الأغراض تخدم العملية التعليمية التعلمية وكذلك توفير شاشات خارجية، واتفاقية مع وزارة التنمية الاجتماعية لتجهيز غرفة حسية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بمركز الوفاء ودعم جمعيات المرأة العمانية بمعدات وأجهزة كهربائية إلكترونية إلى جانب توفير عدد من الأجهزة للفرق الخيرية، وتوقيع اتفاقية مع إدارة الثقافة والرياضة والشباب بالمحافظة لدعم الأندية الرياضية بمعدات وأجهزة إلكترونية .

وأكد معالي السيد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي محافظ مسندم على أهمية الشراكة بين المجتمع ومؤسساته المختلفة والتي من شأنها أن تسهم في تقدمه وتلبية أهم احتياجاته مشيدا بدور مؤسسة إشراقة في دعم المشروعات الخدمية والتنموية.

من جهته أكد محمود بن خليفة الصقري الرئيس التنفيذي لمؤسسة إشراقة السعي الدائم في مسيرة العطاء انطلاقا من مبدأ الشراكة المجتمعية الفاعلة بين مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص وتعزيزا للالتزام المتعلق بالاستثمار الاجتماعي وتطوير أنشطة المسؤولية الاجتماعية بما يحقق الاستدامة .

وأكدت نبيلة بنت عبدالله الشحية المديرة العامة للمديرية العامة للتربية والتعليم أهمية الخدمات التي تقدمها مؤسسات القطاع الخاص ضمن قيامها بواجبها ومسؤوليتها الاجتماعية مضيفة أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تعد أحد أهم المحاور التي ترتكز عليها رؤية عمان، مضيفة ان هذه الشراكة تعمل على الوقوف على أبرز الاحتياجات المجتمعية وتلبيتها وتذليل الصعاب ليمتد أثرها الإيجابي إلى الإسهام في إيجاد مشاريع اقتصادية توفر فرص عمل وتساعد الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق رفاهية المجتمع.

مقالات مشابهة

  • محمد الدّويش : ثلاث عوامل ساهمت في ما حدث للنصر
  • اليابان تنتج أول نقود ثلاثية الأبعاد.. حماية مضاعفة ضد التزوير
  • المنصوري ترسم طريق القضاء على الصفيح في أفق 2028
  • لله والتاريخ.. الموقف الصحيح هو رجوعنا جميعا لمدن السودان
  • "الحياة الفطرية" يعتمد بروتكول خطة استجابة لتقييم تفشي نجم البحر ذي التاج الشوكي
  • لحماية الشعاب المرجانية.. اعتماد خطة استجابة لتقييم تفشي "التاج الشوكي"
  • "التنمية الاجتماعية" توقع مع "مؤسسة إشراقة" على 3 اتفاقيات لتنمية المجتمع في مسندم
  • إضافة استثمارات بأكثر من 7 ملايين ريال في جنوب الباطنة
  • إشراقة تدعم عددا من المشروعات بمسندم
  • شابة ترسم الفرح على وجوه الأطفال في معرض الزهور