أصبحت مسألة توفير نوم مريح وعميق، تجارة رائجة تحقق منها العديد من الشركات الأرباح، وذلك وسط جدل يدور بشأن جدوى التقنيات والأدوات التي تباع في الأسواق وعبر المنصات الإلكترونية، وفقا لتقرير نشره موقع "أكسيوس" الأميركي.
وتزايد تمويل رأس المال الاستثماري لتكنولوجيا النوم بشكل مطرد، من حوالي 400 مليون دولار في عام 2017 إلى ما يقرب من 800 مليون دولار في عام 2021، بحسب موقع "Crunchbase" الاقتصادي.
ورأى عالم أعصاب النوم، إلس فان دير هيلم، أن بحث الناس عن حلول للحصول على نوم مريح وعميق "أصبح بمثابة منجم ذهب" للعديد من الشركات.
كيف تقوم بضبط نومك؟ لم يعد الخلود إلى النوم سهلا في عصر السرعة، الذي يتميز بكثرة وتنوع الضغوطات اليومية التي يتعرض لها الإنسان، إذ أصبح الأرق معضلة يشتكي منها كثيرون.وتابع: "هناك الكثير من الشركات التي تدعي أن منتجاتها تحسن من جودة النوم، بيد أن العديد من تلك التقنيات تجارية ولا جدوى منها".
وأردف: "في المقابل، ثمة المزيد من الأموال التي تذهب إلى المنتجات القائمة على أسس علمية أكثر من أي وقت مضى".
ووفقًا لمسح أجرته الأكاديمية الأميركية لطب النوم عام 2023، فإن أكثر من ثلث الأميركيين استخدموا أجهزة إلكترونية لمراقبة نومهم. ووجد معظم هؤلاء الأشخاص أن بيانات التتبع "مفيدة"، وغيروا سلوكهم بسببها.
ومن المنتجات الرائجة أيضا، المراتب المزودة بأجهزة استشعار، والبطانيات متغيرة الحرارة، والوسائد القابلة للتعديل لتتحول إلى أشكال مختلفة، بغية توفير نوم مريح وبأقل المنغصات.
إذا وجدت نفسك "عالقا" في المطار ليلا.. طرق سهلة للحصول على قسط من النوم لسبب أو لآخر يضطر الكثير من المسافرين إلى قضاء ليلتهم في المطار بانتظار موعد رحلتهم، وبالتالي فإنهم يواجهون معضلة الحصول على قسط من الراحة، خاصة إذا كانوا لم يناموا خلال النهار، مما يصيبهم بالتعب والإعياء.وتضاعفت قيمة صناعة المراتب في الولايات المتحدة في الفترة من 2015 إلى 2020، حيث تضخمت من 8 مليارات دولار إلى 16 مليار دولار، حسبما ذكرت مجلة "تايم" الأميركية.
وكذلك انتشرت منتجات أخرى، مثل الأضواء الموقوتة (التي تنطفئ وتضيء بأوقات معينة)، وأجهزة تنظيم الحرارة، وعصابات (أقنعة) الأعين، بالإضافة إلى المكملات الغذائية وأنواع الشاي التي تدعي أنها تساعد على هدوء الأعصاب وتوفير نوم هادئ.
من جانبها، أوضحت المديرة الطبية لمركز ولاية نورث داكوتا للنوم، سيما خوسلا، أن الناس في المجتمع الأميركي أضحوا مقتنعين أكثر بـ"تجارة النوم".
لكن ورغم انتشار تلك التقنيات، يصر دير هيلم على أنه "ليست هناك أية ضرورة لشراء أجهزة باهظة الثمن"، مضيفا: "الحفاظ على الهدوء وبرودة الحرارة في غرفة النوم، وسط جو مظلم، يساعد على توفير نوم عميق ومريح".
وزاد: "من المهم تعريض نفسك للضوء الساطع مباشرة بعد الاستيقاظ ليفهم جسمك أن يومك قد بدأ، ويكفي الوقوف أمام النافذة أو الخروج لحديقة المنزل من أجل ذلك، وبالتالي لن تحتاج إلى شراء أجهزة الضوء الموقوتة".
ورغم أن أدوات النوم قد تكون مفيدة في حالات معينة، فإنه يمكنها أيضًا أن "تسبب الأرق" عن طريق خلق حالة من القلق بشأن التفكير في موعد النوم والاستيقاظ، وفق ما ذكرت أخصائية طب النوم وأستاذة علم الأعصاب، كارين جونسون.
وتنصح الأخصائية بـ"طريقة رخيصة" لتحسين النوم، شارحة: "احتفظ بدفتر أو وملف على هاتفك لتسجل عليه ما يشبه المذكرات، التي تتضمن عدد المرات التي تستيقظ فيها ليلا، وما إذا كانت هناك أي عوامل تتعرض لها تؤدي إلى نوم أفضل أو أسوأ".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
كيف يعزز مركز تجارة الغاز الجديد بإسطنبول طموح تركيا في سوق الطاقة؟
إسطنبول– تقترب تركيا من تحقيق طموحها في أن تصبح مركزا إقليميا لتجارة الغاز، وسط توقعات بأن تصل إلى هدفها بحلول العام المقبل، مع تقدم محادثات أنقرة وموسكو في هذا الشأن.
وأعلن وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بيرقدار مؤخرا أن المحادثات مع روسيا بشأن إنشاء مركز لتجارة الغاز في إسطنبول تسير بخطى حثيثة، ويأتي المشروع ضمن جزء من رؤية أوسع لجعل تركيا مركزا إستراتيجيا لتجارة الطاقة في المنطقة، في وقت تسعى فيه روسيا لتعويض خسائرها في السوق الأوروبية.
مفاوضات حثيثةتأتي هذه الخطوة في إطار مساعي أنقرة لتعزيز دورها كمحور رئيسي في سوق الطاقة الإقليمي والعالمي.
وقال وزير الطاقة التركي، في مقابلة مع صحيفة "ميليت" التركية، إن تركيا أعدّت بنية تحتية قوية لمنصة تجارية، بالتعاون بين شركتي "بوتاش" التركية و"غازبروم" الروسية، ستعمل ضمن مركز إسطنبول المالي.
وأكد بيرقدار أنه تم إرسال مذكرة تفاهم إلى الجانب الروسي، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعطى تعليمات لغازبروم للعمل على المشروع.
وأضاف أنه سيتم استحداث مؤشر إسطنبول للغاز، مما يعني أن أسعار الغاز ستُحدد في إسطنبول، وستبيع روسيا الغاز بناء على الأسعار الواردة في المؤشر.
وأشار الوزير إلى أن هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي تركيا لأن تصبح مركزا إقليميا للغاز الطبيعي، إذ تواصل التفاوض مع منتجين ومستهلكين عالميين، وتستهدف زيادة وارداتها وصادراتها من الغاز الطبيعي.
جدير بالذكر أن فكرة إنشاء هذا المركز تعززها رغبة موسكو في تعويض المبيعات التي خسرتها في الأسواق الأوروبية.
مركز الطاقة العالميوفي ظل التغيرات الجيوسياسية التي تعيد تشكيل خريطة الطاقة العالمية، يبرز دور تركيا كلاعب إستراتيجي محوري في تجارة الغاز الطبيعي.
ويرى الباحث الأكاديمي إسماعيل كاواز أن تركيا تتمتع بموقع جغرافي إستراتيجي يجعلها جسرا طبيعيا بين الدول المنتجة للطاقة والدول المستهلكة لها، وهذا الموقع الفريد يمنحها ميزة تنافسية مقارنة بمراكز تجارة الغاز الطبيعي الأوروبية، مثل النمسا وفرنسا وهولندا، التي تعاني من بعد جغرافي عن الدول المصدرة للطاقة.
ويوضح كاواز في حديثه لـ"الجزيرة نت" أن هذا القرب من الدول المنتجة يتيح لتركيا الحصول على الغاز الطبيعي بتكلفة أقل، مما يعزز قدرتها على تقديم أسعار تنافسية ويسهم في تحقيق استقرار إقليمي وعالمي في مجال الطاقة.
ويؤكد الأكاديمي المختص في الاقتصاد والطاقة أن إنشاء بورصة تداولية للغاز الطبيعي سيمكن تركيا من التحول إلى مركز رئيسي لإعادة تسعير الغاز الطبيعي المستورد وإعادة تصديره، مما يحقق لها فوائد اقتصادية كبيرة.
ويرجح كاواز أن يسهم هذا التحول في جذب استثمارات أجنبية ضخمة ويفتح المجال أمام شركات الطاقة العالمية للتعاون مع تركيا، وذلك بفضل بنيتها التحتية القوية، التي تلعب دورا حيويا في أسواق الغاز العالمية التي تعتمد على العقود طويلة الأجل وسوق العقود الآجلة للغاز الطبيعي المسال.
ويشير إلى أن تركيا تعتمد على شبكة قوية من خطوط الأنابيب الوطنية والدولية لدعم دورها كمركز إقليمي للطاقة، ومن بين المشاريع البارزة التي تساهم في تحقيق هذا الهدف مشروع "تركستريم"، و"التيار الأزرق"، وخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر الأناضول (تاناب).
ويشدد كاواز على أهمية زيادة السعة التخزينية للغاز الطبيعي، حيث تخطط تركيا لرفع قدرتها التخزينية إلى 12 مليار متر مكعب بحلول عام 2028، وهذا التوسع في التخزين يدعم استدامة استهلاك الغاز محليا ويقوي موقف تركيا كمحور طاقوي عالمي.
ويلفت إلى أن شبكة خطوط الأنابيب الحالية في تركيا، مثل خط باكو-تبليسي-أرزورم "بي تي سي" (BTC) وخط تركيا-اليونان، تعزز من قدرتها على لعب دور محوري في تجارة الغاز، كما تمتلك تركيا وحدات تخزين وإعادة تشغيل الغاز الطبيعي المسال مثل محطة "دورطول" و"أرطغرل غازي".
وبشأن تأثير الحرب الأوكرانية على العلاقات الطاقوية بين تركيا وروسيا، يشير كاواز إلى أن تصريح الرئيس الروسي بوتين في نهاية عام 2022 حول إمكانية إنشاء مركز تجاري للغاز الطبيعي في تركيا يعكس الثقة بقدرتها على تحقيق هذا المشروع.
ويضيف الأكاديمي التركي أن التوترات بين روسيا وأوروبا دفعت تركيا إلى الواجهة كوسيط موثوق في تأمين إمدادات الطاقة، مما عزز مكانتها في المعادلة العالمية في هذا الصدد.
ويؤكد أهمية دور تركيا في تنويع مصادر الطاقة الأوروبية، خاصة مع الاعتماد الكبير على الغاز الروسي، إذ توفر منطقة بحر قزوين وشرق المتوسط بدائل مهمة، مما يجعل تركيا حلقة وصل أساسية لنقل موارد الطاقة من الدول المنتجة إلى الأسواق الأوروبية.
ويوضح كاواز أن هذا المشروع يشكل نموذجا لمبدأ "الربح الثلاثي"، الذي يحقق فوائد لتركيا والدول المنتجة والمستهلكة للطاقة على حد سواء.
الخيار الوحيدمع تعقّد مسارات نقل الغاز الروسي التقليدية نتيجة الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية، أصبحت تركيا الخيار المنطقي الوحيد لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، بحسب رأي الخبراء.
ويشير رئيس مركز أبحاث وسياسات وإستراتيجيات الطاقة التركية في جامعة الشرق الأوسط التقنية، أوغوزهان أكينر، إلى أن المحادثات بين تركيا وروسيا بشأن إنشاء مركز تجارة الغاز الطبيعي ليست جديدة، بل امتدت لسنوات، لكنها اكتسبت زخما كبيرا في الفترة الأخيرة بسبب الأوضاع الجيوسياسية المتوترة، وقد تتسارع بعد فوز ترامب بالرئاسة الأميركية.
ويؤكد أكينر لـ"الجزيرة نت" أن هذا المشروع يعد الخيار الأكثر منطقية في ظل التحديات التي تواجه مسارات نقل الغاز الروسية التقليدية، خصوصا بعد تفجير خطي نورد ستريم وانتهاء صلاحية مسارات أخرى عبر أوكرانيا وبيلاروسيا.
ويوضح أكينر أن العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا دفعت أوروبا لمحاولة تنويع مصادرها الطاقوية، ولكنها لا تزال تعتمد على الغاز الروسي بسبب استدامته وكلفته الاقتصادية المنخفضة مقارنة بالغاز الصخري الأميركي.
ويشير خبير الطاقة إلى أن انخفاض الطلب الأوروبي على الغاز بشكل مؤقت قد لا يستمر طويلا، خاصة مع قدوم الشتاء القارس، مما سيؤدي إلى استنزاف المخزونات بسرعة وعودة الطلب إلى الارتفاع.
ويبيّن أكينر أن خط "ترك ستريم" الحالي يعدّ البوابة الوحيدة لنقل الغاز الروسي إلى أوروبا، ويتكون الخط من مسارين بسعة إجمالية تصل إلى 31.5 مليار متر مكعب سنويا، مع خطط طموحة لزيادة هذه السعة إلى الضعف عبر إضافة مسارات جديدة.
ويؤكد أن مشروع مركز تجارة الغاز الطبيعي في إسطنبول يتماشى مع الخطط الروسية القديمة التي تسعى إلى جعل تركيا مركزا إقليميا لتوزيع الغاز، وهو ما تم طرحه قبل الأزمة الروسية الأوكرانية.
ويعتقد أكينر أن تركيا باتت الخيار الوحيد أمام روسيا لتأمين إمداداتها من الغاز إلى أوروبا، إذ إن إنشاء مركز تجارة الغاز في إسطنبول سيضمن تحقيق أهداف موسكو في الحفاظ على أسواقها الأوروبية، ويعزز من مكانة تركيا كحلقة وصل رئيسية بين منتجي ومستهلكي الطاقة، مما يعزز الاستقرار الطاقوي في المنطقة.