كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط":   يستمر الشغور الرئاسي مع ارتفاع المخاوف من أن يتمدَّد إلى أمد طويل؛ ما يشكل تحدّياً للبرلمان اللبناني، لجهة اختبار مدى قدرته على وضع حد للفراغ بانتخاب رئيس للجمهورية قبل أن تنتهي ولاية المجلس، ما دام يتخبط في انقسام عمودي غير مسبوق، لا يعود في المطلق إلى الخلاف الماروني - الماروني، وإنما إلى بلوغ التجاذبات داخل البرلمان ذروتها، التي لم يوقفها جنوح الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان نحو تبنّيه الخيار الرئاسي الثالث، بذريعة أن الإصرار على حصر المنافسة، وحتى إشعار آخر، بين مرشح محور الممانعة رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، ومرشح المعارضة الوزير السابق جهاد أزعور، بتقاطعها على دعمه مع "التيار الوطني الحر"، سيؤدي إلى تمديد الفراغ.

  فبقاء الجمهورية، كما يقول البطريرك الماروني بشارة الراعي، بلا رأس بغياب الرئيس، يفتح الباب أمام تصاعد وتيرة الانقسام السياسي داخل البرلمان، ويعرّض الحكومة لاستهداف من قبل المعارضة و"التيار الوطني" على السواء، بتوافقهما في انتقاد رئيسها نجيب ميقاتي، على خلفية تماديه في مصادرة الصلاحيات المنوطة برئيس الجمهورية، في طلب ردّه لثلاثة مشاريع قوانين كان أقرها البرلمان في جلسته التشريعية الأخيرة، بعد توقيعه عليها بالتضامن والتكافل مع الوزراء الذين لم يتخلفوا عن مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء.   لكن طلب ميقاتي رد القوانين هذه، بعد امتناعه عن نشرها في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة، جاء استجابة لطلب المدارس الكاثوليكية في الاجتماع الذي رعاه الراعي، في حضور الممثلين عنها ووزير التربية القاضي السابق عباس الحلبي، ما يعني أن الكنيسة المارونية وفّرت له الغطاء السياسي لطلب ردّه القوانين، ومن بينها تلك المتعلقة بالقطاع التربوي، وهذا ما قيل للراعي في اجتماعه بوفد يمثل جامعة آل ضو.   وفي هذا السياق، انبرى مصدر وزاري بارز في الدفاع عن ميقاتي، من زاوية أنه من غير الجائز تحميله مسؤولية استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، وبالتالي التصرف معه كونه يعطل انتخابه، وكأنه يقف على رأس أكبر كتلة نيابية تمعن في تمديد الفراغ، رغم أنه كان في عداد الذين عزفوا عن خوض الانتخابات النيابية. ورأى المصدر الوزاري أن إلصاق التهمة بميقاتي؛ بتعطيل انتخاب الرئيس، ما هو إلا هروب للأمام، خصوصاً أنه لم ينقطع عن دعوته في مستهل جلسات مجلس الوزراء لانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد.   إلا أن المصدر نفسه يفضّل عدم الدخول في سجال مع المعارضة، بانتقاد مصدر رفيع فيها لميقاتي على خلفية قوله في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء لجميع الموفدين إن "الحديث عن تهدئة في لبنان فقط أمر غير منطقي، انطلاقاً من عروبتنا ومبادئنا، ونطلب أن يصار في أسرع وقت ممكن إلى وقف النار في غزة بالتوازي مع وقف إطلاق نار جدي في لبنان". فالمصدر المعارض رأى في موقف ميقاتي أنه يتعارض مع طلبه بضرورة تطبيق القرار الدولي "1701".   ولفت المصدر إلى أن المعارضة لم تتردّد في إدانة العدوان الإسرائيلي على غزة، وترفض المساواة بين إسرائيل وفصائل المقاومة في تصديها لاجتياحها البري لها، لكن "لا نرى من مبرِّر للعودة إلى مقولة تلازم المسار والمصير طوال فترة وصاية النظام السوري على لبنان". وأكد المصدر لـ"الشرق الأوسط" أنه لا مبرر لهذا التلازم، ما دام "حزب الله" هو مَن تفرّد بإعلان مساندته للمقاومة في غزة من دون العودة إلى الحكومة أو التشاور في قراره مع شركائه في الوطن، وكأنه يحتكر لنفسه قرار السلم والحرب، وما على الآخرين سوى الانصياع لقراره. وعدّ أن ربط "حزب الله" الجنوب بغزة يعني أنه لا مجال للالتفات لإيجاد الحلول للمشكلات المتراكمة التي يعاني منها البلد، وأولها انتخاب رئيس للجمهورية، بوصف انتخابه يعيد الانتظام للمؤسسات الدستورية، بدلاً من إشعار السواد الأعظم من اللبنانيين بأن الأمور تسير بشكل عادي في غيابه.
 
لذلك، فإن مقاربة الملف الرئاسي لم تعد كما كانت قبل بدء الاجتياح الإسرائيلي البري لغزة، بعد أن أُلحق هذا الملف، وبقرار من "حزب الله"، بما سيؤول إليه الوضع العسكري فيها، الذي يؤدي حكماً إلى تمديد الأزمة اللبنانية، ما يعني أن الحزب ليس في وارد إخراج انتخاب الرئيس من التأزم. فاستبعاد "حزب الله" لوجود مقايضة بين الرئاسة وتطبيق القرار "1701" المتوقف على التطورات العسكرية والسياسية في غزة، يتطلب منه الفصل بين المسارين لمصلحة تزخيم الجهود الرامية لانتخاب الرئيس، للتأكيد على أن التهمة الموجهة إليه من قبل المعارضة مردودة إلى أصحابها.   كما أن مجرد الربط بين الجنوب وغزة يعني أن الظروف المحلية لانتخاب الرئيس، بحسب المعارضة، لم تنضج حتى الساعة، وهذا ما يشكل تحدياً للجنة الخماسية، في ضوء الحديث عن استعدادها للاجتماع لتنشيط دورها لمساعدة لبنان على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، تمهيداً لعودة لودريان إلى بيروت لتسويق الخيار الرئاسي الثالث، مع استبعاد مجيء الموفد القطري إلى لبنان استباقاً لما سترسمه الخماسية لوقف مسلسل التأويل لموقفها من انتخاب الرئيس.
فهل يعيد "حزب الله" النظر في موقفه لتعبيد الطريق أمام استعداد الخماسية للتحرك إنقاذاً لانتخاب الرئيس؟ أم أنه باقٍ على موقفه؟

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: لانتخاب الرئیس انتخاب الرئیس حزب الله یعنی أن

إقرأ أيضاً:

حسم قضائي في كركوك.. القضاء يثبت صحة انتخاب المحافظ ويغلق الطريق أمام المعترضين

بغداد اليوم - بغداد

علق عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، إدريس حاج عادل، اليوم الخميس (30 كانون الثاني 2025)، على قرار المحكمة الإدارية بخصوص جلسة انتخاب المحافظ ريبوار طه التي عقدت في فندق الرشيد بالعاصمة بغداد.

وقال حاج عادل لـ"بغداد اليوم"، إن: "القضاء الإداري حسم الأمر، وأثبت صحة وقانونية جلسة مجلس محافظة كركوك وبالتالي على الجميع تقبل الأمر ودعم الحكومة المحلية".

وأضاف، أن "كركوك تشهد مرحلة استقرار سياسي وتفاهم بين المكونات، ولكن بعض الجهات المعترضة لا يروق لها الأمر وعليها تقبل قرار القضاء الذي حسم الجدل وبدء مرحلة جديدة في كركوك للحفاظ على استقرار المدينة الأمني والإداري ودعم حركة الأعمار".

وكشف مصدر قضائي، امس الاربعاء (29 كانون الثاني 2025)، ان محكمة القضاء الإداري، قضت بقانونية إجراءات تشكيل حكومة كركوك . 

وقال المصدر لـ "بغداد اليوم"، ان "المحكمة رفضت طعناً اخر لمحافظ كركوك السابق راكان الجبوري، والمقدمة ضد الجلسة الثالثة التي تم فيها انتخاب المحافظ ونائبه الفني"، واكدت ان "جلسة انتخاب الحكومة المحلية جلسة قانونية".

وردت المحكمة الإدارية، الاربعاء الماضي، الدعوى المقامة بشأن شرعية انتخاب الحكومة المحلية في محافظة كركوك بشكل نهائي. 

وقال مصدر قضائي، إن "المحكمة الإدارية ردت الدعوى المقامة على عدم شرعية جلسة فندق الرشيد ببغداد، والخاصة بانتخاب مجلس محافظة كركوك والمحافظ". 

وأضاف المصدر، أن "المحكمة قررت، بشكل نهائي اعتبار إجراءات الحكومة المحلية في كركوك صحيحة". 

وأُنتخب يوم العاشر من شهر آب من العام الماضي محافظ كركوك ورئيس مجلس محافظتها في بغداد من دون مشاركة أعضاء كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني وعدداً من النواب العرب، إذ تم تعيين ريبوار طه محافظاً ومحمد حافظ رئيساً لمجلس المحافظة. 

وقبل الاجتماع الذي انعقد في العاصمة بغداد أعلنت ثلاث كتل على انفراد وهي كتل الحزب الديمقراطي الكردستاني والتحالف العربي والجبهة التركمانية عن مقاطعتها للاجتماع، معلنة أن جلسة مجلس المحافظة التي أفضت لاختيار رئيس الحكومة المحلية، ورئيس مجلس محافظة كركوك غير قانونية، مؤكدة أنه لم تتم دعوتها لحضور الجلسة.

مقالات مشابهة

  • الرئيس عون تسلّم رسالة دعم ومساندة من مصر للبنان
  • وزير الخارجية يؤكد دعم مصر للبنان خلال لقاءه رئيس حكومة تسيير الأعمال
  • وزير الخارجية والهجرة يؤكد دعم مصر للبنان خلال لقاءه رئيس حكومة تسيير الأعمال
  • هل تنجح المعارضة في تفجير الخلاف بين الثنائي والعهد؟
  • كركوك.. القضاء يثبت صحة انتخاب المحافظ ويغلق الطريق أمام المعترضين
  • حسم قضائي في كركوك.. القضاء يثبت صحة انتخاب المحافظ ويغلق الطريق أمام المعترضين
  • القوى المعارضة لـحزب الله… إضعافه هدف كاف!
  • بالصور: الجبهة الديمقراطية تؤكد تمسك الشعب الفلسطيني بأرضه وحقوقه
  • أكبر أحزاب المعارضة التركية ينوي الإعلان عن مرشحه الرئاسي قريبا
  • بعد طوفان العودة.. المعارضة الإسرائيلية تهاجم حكومة نتنياهو