حسين خوجلي: بيت القصيد في عزاء بيت العائلة المجيد
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
من كان يصدق أن حي ودنوباوي الابن البكر لأمدرمان العريقة يمكن أن يُحتل ويُخلى ويُسرق وتُعدم فيه الخطى نحو المساجد والمكارم والتواصل الحميد بكل هذه السهولة والتفريط. من كان يُصدق أن هذا الحي الموّار بالحياة يمكن أن يُصبح واحداً من أشهر الأطلال المشهودة في الشهور البائسة التي عاشتها بلادنا بعد مزلة الاجتياح الأعمى.
من كان يصدق بعد انكشاف المستور وبعد خروج هذه القوى المارقة، أنهم قاموا بتدبيرٍ مجرم باقتحام منزل أو بالأحرى خلوة الوالد الحاج خوجلي محمد حسن والوالدة الشريفية زينب طه حفيدة الشهيد العارف الشريف أحمد ود طه. اقتحموه وسرقوه وتملكوا بالحرام كل مقتنياته ومن ضمنها المكتبة العامرة التي كان يحتفظ بها شقيقنا الأكبر وعميد الأسرة الراحل شيخ العرب حسن خوجلي، وكانت تحتوي مجموعة مقدرة من مكتبة بروفيسور حيدر خوجلي والأديب المؤرخ عبد الله خوجلي والشهيد الدكتور عبدالاله خوجلي وجزء من مكتبتي الخاصة وقد أضاف لها سراج ومحمد ونجاة الكثير، وقد رفض الراحل حسن خوجلي ترحيلها بعد تخرجنا من هذا البيت العريق إلى بيوتنا الخاصة، وذلك للذكرى والفائدة العامة مع كثير من الوثائق والصور والذكريات.
لم يكن مجرد منزل بل كان قلعة من المآثر والفضائل الحقيقية وحب الآخرين ومن ديوانه وخلوته تخرج مئات الطلاب، والالاف من الضيوف والمرضى وأصحاب الحاجات والمسافرين، الذين تعلمنا منهم البِّشر والبشرى وكل مافي الناس من فيوضات المشاعر والإنسانية التي لا يسربلها المن ولا الأذى، بل أننا اكتسبنا منه وفيه آلاف المعارف والأصدقاء والأصحاب من كل أصقاع السودان ومن قبل ومن بعد صاروا أعواناً على الدين والدنيا.
وبعد أن قاموا هؤلاء الأوغاد بكل عمليات النهب والسلب تجرأوا على هدمه وإحراقه وكأنهم أرادوا بالفعلة النكراء أن يقولوا للناس إن هذا البيت الرامز المدمر هو عنواننا للسودان الديمقراطي الذي نبشرُ به. وبعض العزاء العامر الذي يصلنا عبر الميديا في المنافي أن الأحباب الذين صابروا واصطبروا كانوا يطوفون على الطلل المبارك وهم يرددون:
ما حطموك ولكن بكَ حُطِّموا
من ذا يحطمُ رفرف الجوزاءِ
أما العزاء الكبير على هذا الحزن العميق هو إيماننا الراسخ بأن سودان ٥٦ الذي يعرفنا ونعرفه عائد، وأن الفكرة الرمادية في أذهان شعبنا سوف تغادر إلى الأبد، وأن المبدئيين وأهل الوسطية والاعتدال وحدهم هم الذين سوف يبنون السودان الجديد، وسوف يمزقون إلى الأبد أكذوبة المدني والعسكري. فكل أمةٍ فصمت العلاقة ما بين القلم والبندقية اختارت لنفسها أكبر مقبرة في عراء الحضارات.
وأخيراً من قال أن المنازل لا تبكي ولا تحسُ كما يبكي ويحسُ الناس. عزيزي منزل الحاج خوجلي والحاجة زينب ومهوى قلوب حارة القرشاب بودنوباوي دعنا نرفع النشيد والهتاف:
لكِ يا منازلُ في القلوبِ منازلُ
أقفرتِ أنتِ وهُنّ منكِ أواهلُ
حسين خوجلي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
تفاصيل انطلاق «برنامج زيارة العائلة» بمكتبة الإسكندرية خلال صيف 2024
أعلنت مكتبة الإسكندرية، بدء «برنامج زيارة العائلة» خلال الإجازة الصيفية أسبوعيا من الأحد إلى الخميس، ابتداءً من الأربعاء 10 يوليو، حتى الخميس 29 من الشهر ذاته.
مواعيد وتفاصيل زيارة العائلة لمكتبة الإسكندريةبحسب بيان مكتبة الإسكندرية اليوم، فإن تفاصيل البرنامج كالتالي:
- يُقدم مرتين يوميا في تمام الساعة 11:30 صباحا و01:30 ظهرا، لتكون مدة الزيارة ساعتين تقريباً.
- يمكن أن يحضر للزيارة أطفال من عمر أربع سنوات.
- الانضمام لبرنامج زيارة العائلة يكون بأسبقية الحضور على أن يكونوا من حاملي التذكرة المجمعة فقط.
مميزات زيارة العائلة لمكتبة الإسكندريةيأتي ذلك ضمن إدارة الزيارات التي تعمل من خلال قسمي الاستقبال والجولات الإرشادية، على استقبال زائري المكتبة من كل المراحل العمرية، من طلاب المدارس والجامعات من المصريين والجنسيات المختلفة، وكذلك كبار الزوار.
كما أنه يمكن حجز وتنظيم الجولات الإرشادية، وعروض البانوراما الحضارية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية.
فيما يجري تزويد الزوار بالمعلومات اللازمة عن تاريخ مكتبة الإسكندرية القديمة، وأقسام المكتبة الجديدة، وما تقدمه من خدمات ومشروعات لمستخدميها.