يدرك المراقب للشؤون الدولية أن الأوربيين، الاتحاد الأوروبي ارتضى أن ينزوي تحت العباءة الأمريكية ويكون تابعاً لها حاله حال بريطانيا التي لم تعد عظمى بل أصبحت تابعاً صغيراً مربوطاً بسياسات الولايات المتحدة الأمريكية يلهث ساستها وراء السياسات الأمريكية، صارت تبعيتها للولايات المتحدة هي العظمى ارتضت هي الأخرى أن تلحق مصالحها باجندات وألاعيب سيدها الولايات المتحدة الأمريكية.


لا يختلف اثنان على أن الاتحاد الأوروبي عملاق اقتصاديا ولكنه مع ذلك قزم سياسيا في الساحة الدوليةأ حيث ارتضى أن يكون قراره ملحقاً بقرارات وسياسات الولايات المتحدة بالرغم من أن هناك دولا بقدرات اقتصادية اقل بل في بعض الأحيان أضعف استطاعت امتلاك قرارها والاستقلال بسيادتها أمام محاولات منظومة الهيمنة للولايات المتحدة الأمريكية سياسيا واقتصاديا وأمنيا وعسكريا، يبدو أن القوى العظمى في قارة أوروبا العجوز قد تبخرت.
تستغل الولايات المتحدة ببراعة الأزمات التي تنتجها، لقد استغلت الولايات المتحدة الحرب الروسية الأوكرانية في إعادة هندسة اقتصاد الاتحاد الأوروبي ودول أوروبا وإعادة هندسة هيكل إمدادات الطاقة فيها، وهندسة هيكلها الأمني بشكل يناسب مصالحها ومصالح شركاتها خصوصا شركات إنتاج السلاح (المجمع الصناعي العسكري)وشركات الطاقة، حيث قامت بنقل وتوزيع قدراتها ومواردها العسكرية بشكل كثيف جدا، وتجديد مخزونات ما يطلق علية “العتاد الحربي الاحتياطي المتموضع مسبقا” وتوسيعه في أوروبا ما يكسبها القدرة على إحكام مزيد من السيطرة وإجهاض أي محاولة للاستقلال والسيطرة أكثر فأكثر على القرار السياسي والاقتصادي والخيارات الاستراتيجية لدول الاتحاد والدول الأوروبية من خارج الاتحاد، وضرب وإجهاض أي قوة صاعدة تحاول الاستقلال بخياراتها الاستراتيجية وبهذا الانتشار العسكري من خلال منظمة الناتو هذا الهيكل العسكري العابر للجيوش الوطنية وإعادة تشكيل القوى السياسية والاقتصادية داخل دول القارة الأوروبية خلقت توازنات جديدة تعمل لمصالحها أتاحت لها مزيدا من التحكم في قرارات دول الاتحاد الأوروبي والدول من خارج الاتحاد وهذا ما نشهده بشكل واضح في محطات عدة آخرها ما أنشأته الولايات المتحدة وسمي *”بتحالف حارس الازدهار”* الذي ولد ميتا، و ما هو في حقيقة الأمر إلا إبداع لغوي للتدليس والتضليل. وفي أحيانا كثيرة تكون هذه القرارات لا تصب في مصلحة تلك الدول بل تورطها.
ولكننا لو عدنا في مراجعة سريعة للمسار التاريخي للسياسات الأمريكية والأوروبية سنكتشف أن التمايز الأمريكي الأوروبي في السياسات لا يكاد يتجاوز حد الخلافات أو التباينات الهامشية والشكلية فقط وليس في الجوهر ويعود ذلك إلى المشتركات فيما بينهم فهي ذات العقلية التي تتمثل في الأبعاد السياسية المتعلقة بشبكة المصالح السياسية المشتركة، والأبعاد الفكرية المتأصلة بالجذور الاستعمارية، والأبعاد الاقتصادية المتعلقة بالشبكة العنكبوتية للشركات والمصارف متعددة الجنسيات ومركزية وهيمنة الدولار الأمريكي.
وهذه المشتركات أنتجت لنا ما عرف في العلوم السياسية “العالم الغربي” وما ترتب عليه من مصالح لهذا الغرب في دولنا العربية والإسلامية ودول عالم الجنوب الذي ننتمي اليه.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

بداية النهاية للغطرسة والسيطرة الأمريكية

يمانيون – متابعات
كان خيار القوة العسكرية، الذي اتخذته الجمهورية اليمنية في مواجهة الغطرسة الأمريكية الغربية، خياراً مثالياً للتصدي لعدو لا يعرف سوى لغة القوة، ودعماً وإسناداً لعملية طوفان الأقصى ومظلومية الشعب الفلسطيني.

هذا الخيار فضح أكذوبة القوة العسكرية الأمريكية التي ظلت تردد أنها لا تُقهر، وجعل شعوب العالم تعيد التفكير بإمكانية مواجهة أمريكا والقول لسياستها الرعناء (لا).. لقد تحررت شعوب كثيرة من رهاب الخوف الذي زرعته أمريكا في نفوس كثيرين من قادة دول العالم، وهذا نتاج المواجهة الشجاعة في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب، بين البحرية اليمنية وآلة الحرب الأمريكية البريطانية الغربية، التي أصبحت حقيقة واقعة في عالم اليوم..

فمنذ تأسيسها وإلى اليوم ارتكبت أمريكا جرائم حرب في بلدان كثيرة، وتعاملت مع العالم بفوقية يحكمها الشعور بالقوة العسكرية، لكن دوام الحال من المحال، فقد بدأ زمن الغطرسة والسيطرة الأمريكية البريطانية الغربية بالأفول، وأخذت تلوح في الأفق ملامح تشكل عالم جديد بتحالفات قوية تنذر بقيام نظام متعدد الأقطاب بزعامة روسيا والصين، يُنهي مخلفات مخرجات الحرب العالمية الثانية التي بنتها أمريكا والغرب الاستعماري لحماية مصالحهم وضمان سيطرتهم على العالم.

على الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في دول أوروبا الاستعمارية أن تعي تلك الحقيقة المُرة بالنسبة لها، وأنه لا مفر من زوال نظام أحادي القطب جرع العالم المُر أشكالاً وألوانا، واكتوت بناره شعوب وأمم كثيرة في مختلف قارات العالم.

إن واقعاً سياسياً جديداً آخذ في التشكل في العالم على أنقاض العالم الأحادي الذي تتزعمه أمريكا، هذا النظام الجديد اصطدم وسيصطدم باستماتة أمريكا والغرب الاستعماري في الحفاظ عليه وبقاء النظام الدولي القديم، ولكن دون جدوى، فالتغيير سمة أساسية في الحياة وحركة التاريخ لا يمكن إيقافها ولا تخضع لرغبات الأنظمة وقادتها.

الآلة الإعلامية الغربية خلقت من الولايات المتحدة الأمريكية بعبعاً مخيفاً على المستوى الدولي خاصة في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج العربي، الأمر الذي ترك قناعة لدى أنظمة هذه الدول باستحالة الوقوف أمام تلك الدولة، وأنه لا مفر من التسليم بكل إملاءاتها والإذعان لأوامرها.. لكن واقع الحال اليوم وما فعلته البحرية اليمنية في مواجهتها الجبارة مع البحرية الأمريكية دحض تلك الأمور وفرض واقعاً عسكرياً، وسيعقبه واقع سياسي جديد يصب في مسار إغلاق ملف القطب الواحد، الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات مشابهة

  • الحكومة الأمريكية تشيد بجهود مصر للقضاء على الاتجار بالبشر
  • الحكومة الأمريكية تشيد بجهود مصر في القضاء على الاتجار بالبشر
  • التهديد الأكبر للولايات المتحدة الأمريكية
  • مصادر عسكرية تكشف ما وراء تمادي الحوثيين في التصعيد العسكري ضد الولايات المتحدة وبريطانيا
  • الاتحاد العربي يلغي البطولة العربية للأندية
  • بداية النهاية للغطرسة والسيطرة الأمريكية
  • "المصريين": الاستثمار مع أوروبا يترجم التعاون الاقتصادي بشكل واقعي
  • الولايات المتحدة تشتري من الصين كمية قياسية من التبغ والسجائر في مايو
  • "فورين بوليسي": أوروبا الموحدة أو المفتتة مرتبطة بعودة ترامب للبيت الأبيض!
  • محاولة الانقلاب في بوليفيا رتبتها واشنطن