كسرت القوالب المتعلقة بالصراع: قراءة قانونية في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
الثورة / قضايا وناس
لأول مرة في تاريخه يمثل الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية في مدينة لاهاي الهولندية، في الدعوى التي قدمتها ضده دولة جنوب أفريقيا، والتي تتهمه بارتكاب جريمة “إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
صحيفة “إنفورماسيون” الدنماركية قدمت قراءة قانونية في هذه الدعوى عبر مقابلة مع أستاذ القانون الدولي في جامعة كوبنهاغن مارك شاك الذي قال إن الدعوى ليست فقط مهمة من الناحية القانونية “حيث ستتحقق محكمة العدل الدولية مما إذا كانت إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية”، بل لأنه “تحقيق يمس بالشرعية السياسية لدولة إسرائيل، وما إذا كان بإمكان الدول الأخرى الاستمرار في دعمها إسرائيل».
ووفقا لخبير القانون الدولي شاك، فإن أهمية دعوى جنوب أفريقيا “هي الأكثر إثارة في السياق الدولي ويراقبها الجميع عن كثب، لأنها تقول الكثير عن العلاقات بين الدول، وعن القواعد والمبادئ، وبشكل عام عن العالم الذي نجد أنفسنا فيه حاليا، فبرأيه تشكل الدعوى كسرا للقوالب المتعلقة بالصراع “بحيث يصير هذا الصراع الأكثر مناقشة في العالم، والموضوع الأكثر تفجرا، حتى وصل الأمر إلى الإبادة الجماعية، التي لا يفوقها شيء مهما تطور هذا الصراع».
ويوضح شاك انه على النقيض من المحكمة الجنائية الدولية، حيث لا يمكنك إجراء محاكمات إذا كانت الدولة المتهمة لا ترغب في تسليم الأشخاص الذين تدور حولهم المحاكمات، فإن الأمر في المحكمة الدولية (محكمة العدل) ليس في أيدي إسرائيل، ولا يمكن لها أن توقف العملية (النظر في القضية المرفوعة) ويجب أن تترك الحيز لعمل القضاة، الذين هم في نهاية المطاف “مستقلون وموضوعيون».
الخبير القانوني الدولي شاك قال إن إسرائيل فاقدة للسيطرة وأن مسألة نظر المحكمة بجرائم الإبادة ليست أمرا بسيطا للاحتلال الإسرائيلي، ولهذا فالمؤسسة الأمنية ومكتب المدعي العام (في دولة الاحتلال) “يشعران بالقلق إزاء دعوى جنوب أفريقيا، التي يمكن أن تكون لها عواقب قصيرة وطويلة المدى».
إسرائيل قد تضطر لوقف الأعمال العدائية
صحيفة “إنفورماسيون” وبناء على قراءتها القانونية قالت إنه على المدى القصير هناك احتمال كبير “بأن تضطر إسرائيل لوقف الأعمال العدائية، لأن إسرائيل ملزمة بقرارات المحكمة”، أما على المدى البعيد فإن “الإجراء يهدد بتعزيز الادعاءات بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى عزلة دبلوماسية أو فرض عقوبات ضد إسرائيل أو الشركات الإسرائيلية.
ماهي محكمة العدل الدولية؟
محكمة العدل الدولية هي واحدة من العديد من المحاكم الدولية، وهي الهيئة القضائية الأبرز والأكثر موثوقية على نطاق واسع لأنها الهيئة القضائية الوحيدة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.
ومحكمة العدل، لها ولاية قضائية عامة بدلاً من أن تقتصر على مجالات قانونية محددة مثل المحكمة الدولية لقانون البحار أو محاكم حقوق الإنسان الإقليمية مثل المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
الفرق بينها والجنائية الدولية
لا بد من التمييز بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، التي يقع مقرها أيضاً في لاهاي بهولندا، إذ يمكن للمحكمة الجنائية الدولية إدانة ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات الفردية مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وفي المقابل، تتعامل محكمة العدل الدولية فقط مع مسؤولية الدول عن انتهاكات القانون الدولي، إذ أن لها ولاية قضائية على محاكمة الحكومات، وليس لها دور في مساءلة الأفراد.
ولا تعترف إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن المحكمة ليس لها اختصاص عليها، ومع ذلك، فإن إسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية عام 1948م، التي تمنح محكمة العدل الدولية الولاية القضائية عليها.
المتوقع من محكمة العدل الدولية
يتوقع خبراء قانونيون، أن تصدر محكمة العدل الدولية خلال هذه المحاكمة قراراً عاجلا بوقف الهجمات الصهيونية على قطاع غزة، وعادة ما تحتاج المحكمة إلى أسبوعين لإصدار قرار في الإجراءات الطارئة بعد الجلسات.
وقرارات محكمة العدل في هذا الصدد، نهائية وملزمة ولا يحق لأية جهة الاستئناف على القرار، لكنها لا تملك صلاحية تنفيذها، إلا أنها يمكنها إحالة الملف إلى مجلس الأمن لتطبيق الحكم.
وفيما يخص قرار المحكمة الذي قد تصدره بحق الكيان الصهيوني، نقل موقع الديمقراطية عن خبيرة القانون الدولي في جامعة حيفا التابعة للكيان الصهيوني شيلي أفيف يني قولها “إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً موقتاً في هذه القضية فإنها تصدر أمراً حاسماً لإسرائيل بوقف الحرب».
“ يني” أضافت إذا رفضت اسرائيل الامتثال لحكم المحكمة الدولية، سيحال الملف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعندها يكون من الصعب للغاية على الدول الصديقة لإسرائيل أن تستخدم حق النقض ضد اقتراح مثل هذا القرار».
من جانبه يقول فرانسيس بويل- محامي حقوق الإنسان الأمريكي الذي فاز بطلبين أمام محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ضد يوغوسلافيا نيابة عن البوسنة والهرسك: إنه بناءً على مراجعته للوثائق المقدمة من جنوب أفريقيا، فإنه يعتقد أن بريتوريا ستفوز بالفعل، وأضاف قائلا: ستستصدر جنوب أفريقيا، أمراً ضد إسرائيل بالكف عن ارتكاب كافة أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، مضيفا انه استنادا إلى خبرته في القضية البوسنية، إن الأمر قد يصدر في غضون أسبوع من جلسة الاستماع هذا الأسبوع.
منصة لتقديم الشكاوى والأدلة على الجرائم الصهيونية
وبالتزامن مع انطلاق جلسات الاستماع لدعوى جنوب أفريقيا ضد الكيان الصهيوني الخميس الماضي في محكمة العدل، افتتح مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية منصة رقمية لتمكين الأفراد والهيئات من تقديم الشكاوى عبر الإنترنت حول جرائم الاحتلال في فلسطين إلى المحكمة.
وتتضمن المنصة خيار إضافة صور ومقاطع فيديو تظهر جرائم الاحتلال الإسرائيلي ضدهم للنظر فيها.
ويُطلب من أولئك الذين لديهم معلومات ذات صلة بالأحداث الجارية في فلسطين تقديم مذكراتهم عبر الموقع.
ومن الضروري أن تتعلق المعلومات المقدمة عبر هذه البوابة بالجرائم التي تدخل في نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، وهي جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية أو العدوان.
ويتاح لأي شخص تقديم المعلومات من خلال البوابة، ولا يلزم بالضرورة أن يكون ضحية أو شاهدا على الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
عبر "واتساب".. إسرائيل تتجسس على 1400 صحفي ومُعارض حول العالم.. عاجل
كاليفورنيا- رويترز
أصدرت قاضية أمريكية حكمًا بالإدانة لصالح تطبيق واتساب المملوك لشركة ميتا بلاتفورمز في دعوى قضائية تتهم مجموعة "إن.إس.أو" الإسرائيلية باستغلال ثغرة في تطبيق الرسائل لتثبيت برامج تجسس مما أتاح مراقبة 1400 شخص.
وخلصت القاضية فيليس هاميلتون بالمحكمة الجزئية في أوكلاند بولاية كاليفورنيا إلى أن مجموعة "إن.إس.أو" مسؤولة عن الاختراق وانتهاك التعاقد.
وقالت هاميلتون إن الدعوى ستحال الآن إلى المحاكمة بشأن مسألة التعويضات فقط. ولم ترد مجموعة إن.إس.أو حتى الآن على طلب بالبريد الإلكتروني للتعليق.
وقال ويل كاثكارت رئيس تطبيق واتساب إن الحكم يمثل انتصارا للخصوصية. وأضاف في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي "أمضينا خمس سنوات في عرض قضيتنا لأننا نعتقد اعتقادا راسخا أن شركات برمجيات التجسس لا يمكنها الاختباء وراء الحصانة أو تجنب المساءلة عن أفعالها غير القانونية".
وتابع "ينبغي لشركات المراقبة أن تعلم أنه لن يتم التسامح مع التجسس غير القانوني".
وقال متحدث باسم تطبيق واتساب إنهم ممتنون لهذا القرار. وأضاف "نحن فخورون بالوقوف في وجه مجموعة إن.إس.أو ونشكر المنظمات الكثيرة التي دعمت هذه القضية. لن يتوقف واتساب أبدا عن العمل على حماية الاتصالات الخاصة للأشخاص".
ورحب خبراء الأمن الإلكتروني بالحكم.
ووصف جون سكوت رايلتون، كبير الباحثين لدى مختبر سيتيزين لاب الكندي لمراقبة الإنترنت، الحكم بأنه تاريخي، موضحا أنه ستكون له "تداعيات كبيرة على صناعة برامج التجسس".
وقال في رسالة "لقد اختبأت الصناعة بأكملها وراء ادعاء يفيد بأنهم غير مسؤولين عن أي شيء يفعله العملاء بأدوات القرصنة الخاصة بهم... يوضح الحكم أن مجموعة إن.إس.أو مسؤولة في الواقع عن انتهاك العديد من القوانين".
ورفع واتساب في عام 2019 دعوى قضائية ضد مجموعة "إن.إس.أو" سعيًا للحصول على أمر قضائي وتعويضات، متهمًا إياها بالوصول إلى خوادم واتساب دون إذن قبل ستة أشهر لتثبيت برنامج "بيجاسوس" على الأجهزة المحمولة للأشخاص المستهدفين.
وأشارت الدعوى إلى أن الاختراق سمح بمراقبة 1400 شخص منهم صحفيون وناشطون مدافعون عن حقوق الإنسان ومعارضون.
وتقول شركة "إن.إس.أو" إن برنامج بيجاسوس يساعد وكالات إنفاذ القانون والمخابرات في مكافحة الجريمة وحماية الأمن القومي، وإن تقنيتها تهدف إلى المساعدة في القبض على الإرهابيين والمتحرشين بالأطفال وعتاة المجرمين.
وقدمت "إن.إس.أو" طعنًا أمام محكمة في عام 2020 على رفض منحها "الحصانة القائمة على السلوك"، وهو مبدأ في القانون العام يحمي المسؤولين الأجانب الذين يتصرفون بصفتهم الرسمية. لكن محكمة الاستئناف الأمريكية في سان فرانسيسكو أيدت الحكم في عام 2021.
ورفضت المحكمة العليا الأمريكية في العام الماضي استئناف مجموعة "إن.إس.أو" المُقدَّم أمام محكمة أقل درجة؛ الأمر الذي سمح باستمرار الدعوى القضائية.