يمنيّون يروون لحظات الخوف ليلة الهجمات الغربية: قامت القيامة !
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
على وقع دويّ الضربات الأمريكية البريطانية على مدينة الحُديدة في غرب اليمن الخاضعة لسيطرة الحوثيين، استفاقت منال فقيرة فجر الجمعة مرعوبةً وشعرت للحظة أن المعارك عادت إلى بلادها.
تروي الموظّفة البالغة 36 عامًا، أنها كانت نائمة عندما حصلت الضربات، وتقول: «عندما سمعت أول انفجار، ارتعبت وشعرت أنني في حلم، عند الضربة الثانية أدركتُ أنه قصف، حرب.
وتضيف أنها من شدّة الخوف شعرت «كأنّ قامت القيامة». ومنال واحدة من سكان محافظة الحديدة الاستراتيجية المطلّة على البحر الأحمر، التي كانت لها حصّة كبرى من الضربات التي شنّتها القوات الأمريكية والبريطانية فجر أمس الأول الجمعة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، ردًا على هجماتهم على سفن يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا مع الدولة العبرية.
وتؤكد منال «رحتُ أفكر في الأطفال والأمهات والآباء. مَن هم الذين تعرّضوا للقصف؟ في أي مكان قُصفوا؟ ... خفتُ على وطني، خفتُ على بلادي، خفت على أهلي واضطررت إلى الاتصال للاطمئنان عليهم رغم أن الوقت كان متأخرًا».
والحديدة التي تُعتبر موانئها شريان حياة ملايين السكان في مناطق سيطرة الحوثيين، هي أحد المواقع التي يطلق منها اليمنيون صواريخ ومسيّرات لاستهداف السفن في البحر الأحمر.
كما يحتجزون في ميناء الصليف في محافظة الحديدة، السفينة «غالاكسي ليدر» المرتبطة برجل أعمال إسرائيلي بعد أن خطفوها في 19 نوفمبر الماضي ورفعوا عليها أعلام اليمن وفلسطين.
لا مكان نختبئ فيه
-يستعيد الصيدلاني عاصم محمد (33 سنة) اللحظات الأولى للضربات عندما استيقظ على أصوات انفجارات عند الساعة الثانية والنصف فجرًا وعلى بكاء طفله.
ويقول الأب لثلاثة أبناء، «كنا في المنزل وكان الأطفال نائمين وفي وقت القصف صحا ابني الصغير وهو يبكي خائفًا ويصرخ طمش طمش» أي مفرقعات باللغة العامية اليمنية، «وقد اعتقد أن هناك عرسًا في الحارة». لا يتذكر الطفل البالغ ثلاثة أعوام، أيامًا كانت فيها المعارك محتدمة في اليمن الذي يشهد منذ قرابة عامين تهدئة إثر هدنة أُعلنت في أبريل 2022، رغم انتهاء مفاعيلها بعد ستة أشهر. اندلع النزاع في اليمن في 2014. ويضيف عاصم: «ليس هناك مكان نختبئ فيه... لكننا اجتمعنا في غرفة واحدة» مضيفًا أنه لم يكن يتوقع أن تُنفّذ الدول الغربية تهديداتها للحوثيين ظنًا منه أن التحذيرات التي وُجّهت لهم لم تكن سوى «حرب إعلامية». وأحيت أصوات الغارات في ذهنه ذكريات الحرب الدامية التي شهدتها أفقر دول شبه الجزيرة العربية. ويقول «عندما وقعت الضربات لم نعرف أنها ستطول مواقع عسكرية فقط، اعتقدنا أنها قد تستهدف كلّ مكان كما كانت في السابق على مدى تسع سنوات».
لا نريد الحروب
وتقول منال إن صديق زوجها يعيش في العاصمة صنعاء حيث استهدفت واشنطن ولندن أيضًا مواقع عسكرية، اتصل للاطمئنان عليهم، وقال لهم إن «صنعاء تحترق». وتخشى منال عودة المعارك إلى اليمن بعدما نَعِمت كسائر اليمنيين بحياة شبه طبيعية في العامين الماضيين.
وتقول «إن شاء الله لا تعود الحرب وأملنا في هذه الدنيا أن نعيش بصحة وسلام».
لكنّ عاصم يبدو أكثر تشاؤمًا منها. فيقول إن «الوضع متوتر جدًا والأيام القادمة لا تبشر بالخير» مشيرًا إلى أن الحوثيين توعّدوا بالردّ على الولايات المتحدة وبريطانيا. واعتاد اليمنيون على الاستعداد للأزمات عبر تخزين خصوصًا المواد الغذائية والوقود والغاز. وتشكّلت الجمعة طوابير من السيارات أمام محطات الوقود والغاز في الحديدة وصنعاء، وفق ما أفاد مراسلو فرانس برس، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى طبيعتها. وأكدت «شركة اليمنية للغاز في صنعاء» في بيان أنها «مستمرة في تزويد المواطنين باحتياجاتهم»، داعيةً إياهم إلى «الإبلاغ عن أي محطة تقوم بإيقاف التموين أو زيادة في سعر البيع».
المصدر: العرب القطرية
كلمات دلالية: اليمن الضربات الأمريكية
إقرأ أيضاً:
قُل من أنت؟
د. خلود أحمد العبيدانية **
الإنسان هو نتاج مجموعة معقدة من المشاعر والأحاسيس التي تتشكل من خلال التجارب الحياتية والفطرة، وبعض المشاعر تتكون نتيجة لتجارب مُعينة، مثل الخوف الذي قد ينشأ من تجربة سلبية، بينما تكون بعض الأحاسيس فطرية، مثل الحب والرغبة في الانتماء. تعزيز هذه المشاعر والأحاسيس يمكن أن يأتي من البيئة المحيطة بنا، سواء من خلال الدعم العائلي أو الاجتماعي أو من خلال التجارب الشخصية التي نمر بها. فهم هذه الديناميكيات يمكن أن يساعدنا في تطوير الذات وتحقيق النمو الشخصي.
تجربة الطفل ألبرت، التي أجراها جون واتسون وروزاليندا راينر في عام 1920، تهدف إلى دراسة كيفية تكوين الخوف لدى الأطفال من خلال التعلم الشرطي. في البداية، لم يكن ألبرت يخاف من الفئران البيضاء أو الأرانب أو الكلاب. ولكن بعد أن بدأ الباحثان في إحداث صوت عالٍ ومزعج كلما لمس ألبرت الفأر الأبيض، بدأ ألبرت في الربط بين الفأر والصوت المزعج. نتيجة لذلك، أصبح يخاف من الفأر الأبيض وحتى من الأشياء المُشابهة له. هذه التجربة أظهرت كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التجارب السلبية، لكنها تعرضت لانتقادات شديدة بسبب القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام طفل صغير في مثل هذه التجارب دون مُوافقة واضحة من والديه، وعدم محاولة إزالة الخوف الذي تم تكوينه لدى ألبرت بعد انتهاء التجربة.
توضح لنا هذه التجربة كيف يمكن تكوين الخوف من خلال التعلم الشرطي، وهو ما يمكن رؤيته في حياتنا اليومية. على سبيل المثال، قد يتطور الخوف من الامتحانات لدى الطلاب بسبب تجارب سابقة سلبية. أو الخوف من الأماكن المرتفعة بسبب تجربة سقوط سابقة، أو الخوف من الكلاب بعد التعرض لعضة. وكذلك تعريض الأطفال لمجموعة من المخاوف بقصد تأديبهم يمكن أن يكون له آثار سلبية على صحتهم النفسية والعاطفية. بدلًا من استخدام الخوف، يُفضل اتباع أساليب تربوية إيجابية تعزز الثقة بالنفس والشعور بالأمان لدى الأطفال. استخدم التعزيز الإيجابي لمكافأة السلوك الجيِّد، وتواصل بصدق وشفافية حول السلوكيات ونتائجها، قدم التوجيه والإرشاد بدلًا من العقاب، وساعدهم على فهم الخطأ وكيفية تصحيحه بطرق بناءة. تذكر أن الأطفال يحتاجون إلى الحب والدعم ليشعروا بالأمان والثقة، واستخدام الخوف كوسيلة للتأديب يمكن أن يؤدي إلى تدني احترام الذات ومشاكل في السلوك.
وللتغلب على المخاوف يمكن تطبيق أفكار التغلب على المخاوف وتطوير الذات في الحياة اليومية من خلال عدة استراتيجيات:
أولًا: يمكن استخدام التعرض التدريجي للمواقف المخيفة، مثل مواجهة الخوف من الأماكن المرتفعة عن طريق البدء بالصعود إلى أماكن منخفضة وزيادة الارتفاع تدريجيًا.
ثانيًا: يمكن التحدث مع الآخرين حول المخاوف للحصول على الدعم والنصائح، مما يُساعد في تقليل القلق.
ثالثًا: يمكن وضع خطط قابلة للتنفيذ لتحقيق الأهداف، مثل تحديد خطوات صغيرة ومحددة لتحقيق هدف كبير، مما يعزز الثقة بالنفس. وإضافة إلى ذلك، يمكن ممارسة التأمل واليقظة لتحسين التركيز وتقليل التوتر. ومن خلال تطبيق هذه الاستراتيجيات، يمكن للأفراد تحسين حياتهم اليومية والتغلب على المخاوف بفعالية، مما يُسهم في تطوير الذات والنمو الشخصي.
في الختام.. حياة الإنسان مليئة بالتجارب الإيجابية والسلبية التي تتراكم منذ الصغر وتستمر عبر مراحل العمر المختلفة. فهم كيفية تأثير هذه التجارب على احتياجاتنا وسلوكياتنا، يُمكن أن يساعدنا في تطوير الذات والتغلب على المخاوف بطرق بناءة. من خلال تلبية احتياجاتنا الأساسية، واستخدام استراتيجيات فعَّالة للتغلب على المخاوف، والتركيز على التعزيز الإيجابي والتوجيه البنّاء، يُمكننا بناء حياة مليئة بالثقة والأمان وتحقيق أهدافنا الشخصية والمهنية بفعالية.
** باحثة تربوية في مجال علم النفس والإرشاد، عضو المجلس الاستشاري الأسري العُماني