بعد 100 يوم من حرب غزة.. الحسم العسكري يبدو خيارا إسرائيليا مستبعدا
تاريخ النشر: 14th, January 2024 GMT
أتمت الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة يومها الـ100 بما في ذلك عملية برية متواصلة منذ أكثر من شهرين، دون أي حسم عسكري يلوح في الأفق.
وكان الهدف الأول للحرب كما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هو القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، واستعادة المئات من الأسرى الإسرائيليين الذي أصبحوا في قبضة المقاومة الفلسطينية.
وبعد 20 يوما من التمهيد الناري العنيف في أجزاء متفرقة من القطاع، بدأت إسرائيل توغلا بريا محدودا، قامت به آليات ثقيلة وعدد قليل من الجنود ونافذة زمنية ضيقة، فيما بدا أنه حالة لاستطلاع أرض وبيئة المعركة.
وفيما كانت القوات المحدودة تحاول الوقوف على مدى جاهزية المقاومة للقتال، كانت القوات الأكبر والأكثر تجهيزا واقفة على حدود القطاع ومستعدة لشن مناورة تقليدية من حيث الشكل وآليات التنفيذ.
وانتهجت إسرائيل طريقة القصف المستمر بقنابل مضادة للتحصينات من أجل الترويع والوصول إلى الأنفاق التي تعتبرها أقوى أسلحة المقاومة، وقد نفذت قرابة 500 ساعة طيران وألقت نحو 20 ألف طن من المتفجرات، بين 7 و27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما بدأت العملية البرية.
وعندما بدأ التوغل، دفعت إسرائيل بقواتها من 3 محاور هي بيت حانون شمالا، وبيت لاهيا في الشمال الغربي، بهدف تغطية المساحة التي تمتد من البحر المتوسط غربا وحتى السياج الفاصل شرقا.
ومن الوسط اجتازت قوات الاحتلال الأراضي الزراعية من جحر الديك وصولا لشارع صلاح الدين، وذلك بهدف تقطيع أوصال الجزء الشمالي من القطاع بخطوط عرضية مع الإبقاء على الغطاء الناري لقصف مدفعي وجوي وبحري لا يتوقف تقريبا.
المقاومة تظهر وجهها المخفي
في المقابل، كانت مهمة كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة حماس- وبقية فصائل المقاومة، أكثر صعوبة من الناحية النظرية؛ نظرا لغياب التكافؤ في موازين القوة من حيث التجهيز والتسليح وأعداد الجنود.
لكن المقاومة أظهرت جانبا من وجهها الذي كثيرا ما بقي غامضا، فظهرت وحدات قتالية مختلفة المهام وألوية متعددة، مع نظام فعال للتواصل والتنسيق وإصدار الأوامر.
ولعبت قدرة المقاومة على سرعة استقراء خطط القوات المتوغلة دورا لصالحها، ومكّنتها من بلورة آلية عمل ميدانية مستندة إلى معرفتها بطبيعة وبيئة مسرح القتال الذي لا تزيد مساحته على 365 كيلومترا مربعا، وهو أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان والمباني في العالم، كما أنه يخضع لحصار محكم منذ 17 عاما تقريبا.
يجمع المراقبون على أنه كما يعرف سكان القطاع تفاصيله، فإن المقاومة تعرف أيضا أرضه كما تحفظ كفَّ يدها، وهو ما جعل قوات الاحتلال تصطدم بعقد قتالية قاسية.
وكان حي الشجاعية -شمالي القطاع- واحدا من هذه العقد حيث حاصر لواء نخبة المشاة "غولاني"، وألحق به خسائر تعد الأكبر في تاريخه الدموي مع الفلسطينيين.
وفي مخيم البريج -وسط القطاع- وخان يونس -جنوبا- واجه الاحتلال -وما يزال- مقاومة شرسة منعته من تحقيق أي إنجاز ميداني، وكبّدته خسائر بشرية مؤلمة.
تكتيك جديد دون نصر
ومع بداية الشهر الثاني للحرب البرية، توسعت العمليات العسكرية بمهاجمة جنوب القطاع،، ثم قامت بمهاجمة الجزء الأوسط بشكل شبه متزامن مع الهجوم على الجنوب.
ودفعت إسرائيل الألوية التي قاتلت في جنوب القطاع عبر شارع صلاح الدين دون أن تتمكن من الإطباق على مدينة خان يونس أو القرارة التي توقفت عندها القوة المهاجمة دون أن تحرز أي تقدم.
وتعرضت القوات المهاجمة لهاتين المنطقتين لخسائر في الجنود والآليات، مما أجبرها على إعادة تنظيم قواتها، بعد نحو شهرين من العملية البرية، فسحبت ألوية أبرزها "غولاني"، ودفعت بـ8 ألوية إلى الجنوب.
وتقدر الولايات المتحدة عدد الجنود الإسرائيليين الموجودين في الشمال بنحو 50 ألفا، حسب ما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز".
بالتوازي مع هذه التعزيزات للقوات الإسرائيلية، كثفت كتائب القسام من هجماتها، اعتمادا على سياسة الكمائن وحقول الألغام وعمليات الاستدراج، كما عدلت القسام من تكتيكها القتالي مؤكدة سلامة واستمرارية تسلسل إصدار وتنفيذ الأوامر الميدانية، وفق ما يظهر من الصور التي تبثها للعمليات.
وبعد 100 يوم على بدء المعركة، تشير المعطيات الميدانية إلى أن احتمال تحقيق إسرائيل نصرا عسكريا، يبدو أمرا بعيدا أو مستبعدا، كما تقول صحيفة "هآرتس" العبرية.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: المقاومة طورت عملياتها وجعلت جنود الاحتلال صيدا سهلا
يرى الخبير الإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي أن العمليات العسكرية التي تقوم بها المقاومة الفلسطينية (شمال قطاع غزة) حققت تطورا نوعيا ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف -خلال فقرة التحليل العسكري- أن الجيش الإسرائيلي بدأ مؤخراً تطوير عملياته العسكرية في المنطقة الشمالية، مما جعله "صيداً سهلاً" لفصائل المقاومة التي نفذت عمليات عسكرية نوعية أدت إلى ارتفاع فاتورة خسائره البشرية والمادية.
وكانت إذاعة جيش الاحتلال قد أعلنت أمس عن إصابة 3 جنود إسرائيليين بجروح متفاوتة أحدهم حالته خطيرة، وذلك خلال حدوث انفجار عبوة ناسفة في دبابة، وأوضحت أن الحادث وقع أثناء عملية دهم شنها "لواء هارئيل" وسط القطاع، أمس الأحد.
ومن جانبها أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أول أمس أن مقاتليها -وفي عملية مركّبة وسط مخيم جباليا شمالي القطاع- أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاكين واغتنموا أسلحتهم الشخصية.
وقد اقتحم مقاتلو القسام بعد ذلك منزلا تحصنت به قوة راجلة أخرى -حسب ما ذكرت الكتائب- وأجهزوا على جنديين من أفرادها عند بوابة المنزل، واشتبكوا مع بقية أفراد هذه القوة من مسافة صفر.
إعلان
كفاءة المقاومة
وفي عملية أخرى، أعلنت القسام عن إلقاء قنابل يدوية (إسرائيلية الصنع) صوب جنود للاحتلال بجوار ناقلة جند وأوقعتهم بين قتيل وجريح، وسط مخيم جباليا.
وأشار العقيد الفلاحي إلى محاولات الاحتلال توسيع نطاق سيطرته في المنطقة، خاصة في عزبة بيت حانون، بهدف منع تسلل المقاومين من وإلى الوحدات الإسرائيلية المنتشرة على مساحة واسعة.
ولفت إلى أن الدروس المستخلصة من المعارك الجارية كشفت حاجة الجيش الإسرائيلي لقوات أكبر، مؤكداً أن قوات الاحتلال الحالية "قليلة وغير قادرة على خوض معارك على جبهات متعددة".
وحول العملية المصورة التي نفذتها سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– شمال القطاع، أوضح الفلاحي أن مسرح العمليات مقسم بين فصائل المقاومة، حيث تخوض الكتائب معارك في منطقة جباليا، بينما تنشط السرايا في المنطقة الغربية والشمالية باتجاه منطقة التوام.
وأكد الفلاحي أن سرايا القدس نجحت في إصابة عدد من الناقلات والدبابات الإسرائيلية، مشيراً إلى أن ذلك يعكس كفاءة منظومة القيادة والسيطرة لدى فصائل المقاومة التي تنسق عملياتها وتقسم الواجبات والأهداف فيما بينها بشكل محكم.