منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، تبنت الصين موقفا مفاجئا، إذ وجهت انتقادات لإسرائيل، وهو ما يعود إلى انهيار التعاون بين بكين وتل أبيب في مجال حساس ومهم للغاية، وهو التكنولوجيا، ولاسيما العسكرية، بحسب علي أحمدي، في تحليل بموقع "وورلد بوليتيكس ريفيو" (WPR).

أحمدي قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إن "بكين دعمت القضية الفلسطينية تاريخيا، لكنها حافظت على علاقات جوهرية مع إسرائيل منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما في عام 1992".

وتابع: "وعلى مر السنين، أدانت الصين بناء المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل وسعت إلى منع مواطنيها من المشاركة في الأنشطة الاستيطانية، ومع ذلك، واصلت الحفاظ على علاقات اقتصادية مهمة مع إسرائيل".

"لكن بعد هجوم حركة "حماس" (على إسرائيل) في 7 أكتوبر الماضي، فاجأ رد الصين بعض المراقبين، سواء في إسرائيل أو خارجها، إذ رفضت بكين إدانة "حماس" صراحة"، بحسب أحمدي.

وأردف: "وبعد أسبوع من الهجوم، وبينما كان مؤيدو إسرائيل في الغرب (بقيادة الولايات المتحدة المنافس الاستراتيجي للصين) يدعمون حملتها العسكرية في غزة، قال المسؤولون الصينيون إن الغارات الجوية الإسرائيلية (قتلت حتى الآن أكثر من 23 ألف فلسطيني معظمهم أطفال ونساء) تجاوزت الدفاع عن النفس، وأدانوها باعتبارها عقابا جماعيا"، فيما ألقت وسائل الإعلام الصينية باللوم على الولايات المتحدة".

واستطرد: "وفي الأسابيع التي تلت ذلك، أكدت اتصالات بكين بشأن الحرب ضرورة إنشاء دولة فلسطينية باعتباره الحل المستدام الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وردت إسرائيل بالتعبير عن "خيبة الأمل العميقة" من الرد الصيني".

اقرأ أيضاً

موقع عبري: الصين تضغط على إسرائيل بتقييد الشحن البحري

تكنولوجيا عسكرية

"إذًا، ما الذي يدفع الصين إلى التحول فيما يتعلق بالصراع الحالي؟.. إنه الانهيار النسبي للركيزة الأساسية التي تقوم عليها العلاقات الصينية الإسرائيلية حتى قبل إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما رسميا، وهي التجارة في التكنولوجيا، وخاصة العسكرية"، كما أضاف أحمدي.

وقال إن "الصين اشترت منذ فترة طويلة معدات عسكرية إسرائيلية عالية التقنية واستثمرت في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، بما في ذلك الاستحواذ على شركات إسرائيلية".

ووفقا لدراسة أجراها مركز أبحاث "راند" الأمريكي، بين عامي 2011 و2018، كانت الشركات الصينية تستثمر بغزارة في قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي، سواء من حيث إجمالي المبلغ المستثمر، وهو 5.9 مليار دولار، أو عدد الصفقات المبرمة.

وتفيد الدراسة بأن العامل الرئيسي الذي يدفع الاستثمار الصيني هو أنه آنذاك لم يكن لدى إسرائيل أنظمة للرقابة على الاستثمار الأجنبي في مجال التكنولوجيا.

وأوضح أحمدي أنه "في الولايات المتحدة، مثلا، تم تكليف لجنة الاستثمارات الأجنبية بالموافقة على الاستثمارات التي تتم في البلاد للتأكد من أنها لا تشكل مصدر قلق للأمن القومي.

وتابع: كجزء من وظائفها، تراقب اللجنة ما إذا كان الاستثمار الأجنبي في الشركات الأمريكية الحساسة من الناحية التكنولوجية أو الاستحواذ عليها قد يؤدي إلى تمكين جهات معادية لواشنطن.

اقرأ أيضاً

محللون: الحرب بين إسرائيل وحماس اختبار لاستراتيجية الصين الدبلوماسية

خبرة أمريكية 

أحمدي قال إن "قطاع التكنولوجيا في إسرائيل يندمج بشكل كبير في عالم التكنولوجيا الغربي، وتتعاون الشركات الإسرائيلية مع نظيراتها الأمريكية والأوروبية، وتتلقى منها الاستثمار والتكنولوجيا وتجري أبحاثا مشتركة".

وبحسب أحد الباحثين، فإن الشركات الصينية  مهتمة بـ"التقنيات الغربية"، ووسط التوترات المتزايدة مع الغرب، فإن "الخيار الوحيد هو إسرائيل".

واستدرك أحمدي: "لكن علاقات قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي مع نظرائه الغربيين، وخاصة الولايات المتحدة، خلقت في النهاية عقبات أمام التعاون التكنولوجي الصيني الإسرائيلي".

وأردف: "ويوجد تاريخ طويل للغاية من الصراع بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول المبيعات الإسرائيلية للصين من التقنيات التي تشمل التكنولوجيا والخبرة الأمريكية، وفي النهاية تمت إزالة عامل الجذب الرئيسي للتعاون الصيني الإسرائيلي بالنسبة لبكين، وهو ما يفسر موقف الصين من الحرب في غزة".

اقرأ أيضاً

دعاية وذخيرة وجزيرة.. حرب إسرائيل وحماس نعمة لروسيا والصين

المصدر | علي أحمدي/ وورلد بوليتيكس ريفيو- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الصين إسرائيل غزة حرب انتقاد تعاون تكنولوجيا عسكرية الولایات المتحدة قطاع التکنولوجیا

إقرأ أيضاً:

انهيار صناعة السفن الأمريكية وصعود العملاق البحري الصيني.. ماذا يعني هذا للعالم؟

سلطت مجلة "نيوزويك" الضوء على التراجع الكبير في صناعة السفن الأمريكية في مقابل النمو الهائل للصين كقوة بحرية؛ حيث تتزايد الفجوة بين الدولتين في مجال بناء السفن مع تزايد الهيمنة الصينية العالمية في هذا القطاع.

وقالت المجلة، في تقرير ترجمته "عربي21"، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يسعى لإعادة تنشيط صناعة السفن الأمريكية المتراجعة؛ حيث أعلن في خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي عن إنشاء مكتب بحري جديد في مجلس الأمن القومي لتنشيط بناء السفن العسكرية والتجارية على حد سواء.

ويأتي ذلك بالتزامن مع تقرير نشره هذا الأسبوع مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، وهو مركز أبحاث في واشنطن، يسلط الضوء على مكانة الصين كلاعب مهيمن عالميًا في مجال بناء السفن، مما يشكل تحديات اقتصادية وأمنية للولايات المتحدة.


وأشارت المجلة إلى أن البحرية الأمريكية تمتلك أربعة أحواض بناء سفن عامة نشطة فقط، بينما تمتلك الصين ما لا يقل عن 35 موقعًا معروفًا بصلته بالمشاريع العسكرية أو مشاريع الأمن القومي في هذا المجال، وفقًا لباحثي مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، الذين حللوا 307 من أحواض بناء السفن الصينية، وجميعها "تعمل بتوجيهات من الدولة".

وقد وصف تقرير وزارة الدفاع الأمريكية السنوي حول القوة العسكرية الصينية، الصادر نهاية السنة، البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني بأنها الأكبر في العالم "بقوة قتالية تزيد عن 370 سفينة وغواصة، بما في ذلك أكثر من 140 سفينة حربية سطحية رئيسية".

وأفاد مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية السنة الماضية بأن البحرية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني تشغل 234 سفينة حربية، مقارنةً بـ 219 سفينة تابعة للبحرية الأمريكية، وتتمتع الولايات المتحدة بميزة في الطرادات والمدمرات المزودة بصواريخ موجهة، بالإضافة إلى الحمولة الإجمالية، بفضل أسطولها المكون من 11 حاملة طائرات، مقابل ثلاث حاملات للصين.

ومع ذلك؛ قال مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية هذا الأسبوع إن الصين في طريقها للوصول إلى أسطول من 425 سفينة بحلول عام 2030، مقارنة بـ300 سفينة تمتلكها البحرية الأمريكية.

وأكدت المجلة أن تضاؤل النفوذ البحري الأمريكي إلى جانب تنامي حجم البحرية الصينية وقوتها يشكل تحديات كبيرة للاستعداد العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وقال مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية إن أكبر شركة بناء سفن مملوكة للدولة في الصين، وهي شركة بناء السفن الحكومية الصينية، قامت ببناء سفن تجارية في عام 2024 أكثر مما بنته صناعة السفن الأمريكية بأكملها منذ الحرب العالمية الثانية.

وأوضحت المجلة أن بكين قامت بدمج الإنتاج التجاري والعسكري في العديد من أحواض بناء السفن التابعة لها، مما أتاح لبحرية جيش التحرير الشعبي الصيني الوصول إلى البنية التحتية والاستثمار والملكية الفكرية الخاصة بالعقود التجارية.

وقال مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية إن الشركات الأجنبية، بما في ذلك شركات من دول حليفة للولايات المتحدة، اشترت 75 بالمئة من السفن التي بنيت في أحواض بناء السفن الصينية ذات الاستخدام المزدوج، مما منح البلاد إيرادات وخبرات تكنولوجية.

وعلى النقيض من ذلك، أغلقت البحرية الأمريكية خلال العقود السابقة عددًا من أحواض بناء السفن العامة التي كانت تديرها، والتي كانت حيوية للمجهود الحربي الأمريكي في الحرب العالمية الثانية.


وأفادت المجلة بأن تقريرا للكونغرس الأمريكي لعام 2023 سلط الضوء على تضاؤل قدرات الولايات المتحدة في بناء السفن؛ حيث ذكر أن أحواض بناء السفن الأمريكية كانت تبني في سبعينيات القرن الماضي حوالي 5 بالمئة من حمولة السفن في العالم - أي ما يصل إلى 25 سفينة جديدة في السنة - ولكن بحلول الثمانينيات، انخفضت هذه النسبة إلى المعدل الحالي البالغ حوالي خمس سفن في السنة.

وفي الوقت نفسه، كشفت إحاطة مسربة للبحرية الأمريكية أن قدرة الصين على بناء السفن كانت أكبر بـ 232 مرة من قدرة الولايات المتحدة.

وختمت المجلة بأن التقرير الصادر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بعنوان "حروب السفن"، أوصى بضرورة اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات حاسمة للتصدي للتحديات الأمنية والاقتصادية متعددة الأوجه التي تفرضها صناعة بناء السفن الصينية، مؤكدًا أن التجارب السابقة في صناعات مثل الألواح الشمسية وبطاريات السيارات الكهربائية، حيث تم إقصاء الشركات الأمريكية والحليفة بالكامل تقريبًا من السوق بسبب التصنيع الصيني منخفض التكلفة، تقدم تحذيرات واقعية لما يمكن أن يحدث في صناعة بناء السفن.

مقالات مشابهة

  • تحليق مكثف للطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء قطاع غزة
  • البيت الأبيض: إسرائيل أبلغت إدارة ترامب بشأن الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: إذا تجرأ الأعداء على رفع أيديهم ضد دولة إسرائيل مرة أخرى، فستُقطع هذه اليد
  • "طلبات مصر" و"إنجيج كونسلتينج" تنظمان جلسة نقاشية لتعزيز الاستثمار في التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية
  • 315 مليار جنيه.. إيرادات التكنولوجيا في مصر خلال 2024
  • جمعية رجال أعمال إسكندرية: تعاون مستمر مع الضرائب لحل مشكلات قطاع الأعمال
  • سفير الصين بالقاهرة: ندعم خطة مصر لإعادة إعمار قطاع غزة
  • تعاون ليبي-بيلاروسي لتعزيز التكنولوجيا في قطاع النفط والطاقة
  • انهيار صناعة السفن الأمريكية وصعود العملاق البحري الصيني.. ماذا يعني هذا للعالم؟
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا