100 يوم على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس حوّلت قطاع غزة إلى خراب
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
في مخيم مستحدث في مدينة رفح في جنوب القطاع، يقول عبد العزيز سعدات “إنها مئة يوم فقط، لكن كأنها مئة سنة”.
فرّ سعدات من منزله على غرار غالبية سكان غزة. في خيمته، يشعر ببرد قارس في الليل. تركت الحرب بصمات بدّلت تماما شكل القطاع الساحلي الصغير المكتظ بـ2,4 مليون نسمة، فبعدما كانت أحياؤه تضجّ بالحركة والسيارات، باتت الآن مليئة بالركام والمباني المهدمة.
لم توفّر الحرب أيا كان”. ونزح حوالى 1,9 مليون شخص يمثلون 85 في المئة من سكان القطاع المحاصر من منازلهم، بحسب أرقام الأمم المتحدة.
“مكانا للموت واليأس”
ووصف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث قطاع غزة بأنه بات “بكل بساطة غير صالح للسكن… مكانا للموت واليأس”.
ويسعى الغزاويّون للاستمرار كما يتيسّر لهم، وتمكن بضع مئات منهم فقط من الخروج من القطاع الخاضع منذ 2007 لحصار فرضته إسرائيل بعد سيطرة حماس عليه وأحكمته بعد اندلاع الحرب.
وتوعدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وأدى الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما اقتيد نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي. وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف وباشرت في 27 تشرين الأول/أكتوبر عمليات برية في القطاع، ما أدى الى مقتل 23469 شخصًا غالبيتهم من النساء والأطفال وإصابة حوالى 60 ألفا بجروح، فيما لا يزال الآلاف مطمورين تحت الأنقاض، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وخلّف القصف حفرا في مخيمات اللاجئين والطرق، وتضرّرت مدارس وجامعات ومساجد ومرافق عامة.
وتتهم إسرائيل حماس باستخدام المدنيين دروعا بشرية من خلال شن عملياتها انطلاقا من المساجد والمدارس والمستشفيات، وهي اتهامات تنفيها حماس.
دمار هائل
وخلص أستاذان جامعيان أميركيان هما خامون فان دين هوك وكوري شير استنادا إلى صور عبر الأقمار الصناعية، إلى أن 45 إلى 56% من مباني قطاع غزة دمرت أو تضررت حتى الخامس من كانون الثاني/يناير.
ورأى كوري شير أن الدمار “واسع جدا وكان سريعا للغاية”، معتبرا أن حجم الأضرار “مماثل للدمار في المناطق الأكثر عرضة للقصف في أوكرانيا”.
وكشفت دراسة أجراها مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية أن 18% من المباني دمرت أو تضررت بعد خمسين يوما من الحرب.
وفي حال انتهاء القتال، فهذا لا يعني أنه سيكون بإمكان سكان القطاع العودة إلى منازلهم، إذ إن إعادة الإعمار ستكون عملية شاقة تتطلب مجهودا هائلا.
فقد أصيبت مواقع أثرية ومعالم هامة في قطاع غزة، وعلى الأخص بين الأزقة الضيقة المتشابكة في وسط مدينة غزة التاريخي، حيث دمر المسجد العمري، أقدم مساجد القطاع. وضاقت المقابر بالقتلى فدفنوا في مقابر جماعية حفرت في البساتين وباحات المستشفيات وحتى في ملعب لكرة القدم، على ما أفاد صحافيون في وكالة فرانس برس.
تتوالى الأيّام والمشهد واحد: رجال ونساء ينتحبون وهم يتعرفون على الجثث الملفوفة بأغطية بلاستيكية بيضاء، فتكتب عليها الأسماء بقلم حبر أسود.
وحين يتمكن الجرحى من الوصول إلى واحد من المستشفيات الـ15 التي لا تزال في الخدمة جزئيا من أصل 36، يكتشفون “ساحة معركة” من نوع آخر، بحسب ممثل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية ريك بيبركورن. في المستشفيات التي تمكن من زيارتها، وصف “الفوضى” و”بقع الدماء على الأرض” وصراخ الجرحى الذين ينتظرون أحيانا أياما قبل تلقي العلاج، مشيرا إلى أن بعض غرف العمليات تضاء بالهواتف النقالة لانقطاع الكهرباء وتجري العمليات الجراحية أحيانا بدون تخدير. وقال ممثل منظمة الصحة العالمية “هناك انقطاع في كل المعدات الطبية تقريبا”، مضيفا “لم أر في حياتي هذا العدد من الأطراف المبتورة”.
“الناس يتضورون جوعا”
ويقول ابراهيم سعدات النازح أيضا الى رفح “فقدنا الأمل”، مضيفا “لا ماء ولا كهرباء، وبسبب نقص الماء لا نستحمّ إلا مرة في الشهر، حالتنا النفسية متعَبة وانتشرت الأمراض في كل مكان”.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، ازدادت حالات الإسهال لدى الأطفال الشهر الماضي من 48 ألف حالة إلى 71 ألفا خلال أسبوع، بالمقارنة مع ألفي حالة في الشهر قبل الحرب.
وحذّرت مديرة برنامج الأغذية العالمي في المنطقة كورين فلايشر “لم أرّ خلال ثلاثين عاما نقصا في الأغذية بهذا الحجم”.
وقالت لوكالة فرانس برس “إنتاج الأغذية متوقف تماما ولا يستطيع الناس التوجه إلى حقولهم ولا الصيد في البحر، لا سيما مع قصف مرفأ غزة” الذي كان الصيادون يفرغون أسماكهم فيه كل يوم.
أما الأراضي الزراعية، فلا يمكن الوصول إليها. وأصيب العديد من المخابز أو أغلقت لعدم توافر الوقود.
وصعد سكان يائسون إلى شاحنات المساعدات بحثا عن طعام، على ما أفاد صحافيون في فرانس برس.
وقالت فلايشر “المتاجر فارغة، ليس هناك ما يمكن شراؤه لتناول الطعام” مضيفة “الناس يتضورون جوعا”.
وتعبّر هديل شحاتة (23 عاما) المقيمة في خيمة في مدينة رفح (جنوب) عن يأس الشباب الذين يشكّلون نصف سكان القطاع، فتقول “كل أحلامنا راحت… سنون راحت من عمرنا”.
المصدر: مأرب برس
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فرانس برس قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
قطاع الصناعة ينفض عنه غبار الحرب.. الغد سيكون افضل
يوماً بعد يوم يتكشف حجم الخسائر الكبيرة التي خلفتها الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان، سواء اكانت مباشرة او غير مباشرة، خصوصاً وان هذه الحرب طالت كافة القطاعات على وقع اقتصاد يترنح نحو الاسوأ منذ اكثر من خمس سنوات.ولعل القطاع الصناعي هو واحد من القطاعات التي تضررت من جراء الحرب الاسرائيلية على لبنان والتي استمرت 60 يوماً، وان لم تكن الاضرار كبيرة ومؤثرة على القطاع وانتجيته على ما يؤكد نائب رئيس جمعية الصناعيين زياد بكداش.
بكداش وفي حديث عبر "لبنان 24" أكد ان الاضرار لم تكن كبيرة في القطاع الصناعي، فمن بين 850 مصنعاً تشير احصاءات وزارة الصناعة الى ان 4 مصانع في الجنوب وبعلبك تضررت بشكل كامل، فيما اقتصرت اضرار المصانع الاخرى على الزجاج، او بعض الاضرار بالمبنى، مشيراً الى ان هذه الحرب كانت عسكرية، على عكس حرب العام 2006 التي كانت اقتصادية بالدرجة الاولى، نتيجة المضاربات بين الصناعة اللبنانية والصناعة الإسرائيلية حيث كنا ندخل مع المؤسسات المانحة والدولية في مناقصات.
وردا على سؤال عن الخطة التي من الممكن ان تضعها جمعية الصناعيين للنهوض بالقطاع، بعد الخسائر التي مني بها، لفت بكداش الى ان احداً لا يستطيع النهوض بهذا القطاع، لان اي عملية نهوض تحتاج الى دولة داعمة وهذا الامر غائب اليوم لان الدولة غير قادرة على المساعدة في ظل الاوضاع الصعبة اقتصاديا، مشددا على ان المطلوب اليوم العمل باطر جديدة لاعادة الامور الى نصابها الطبيعي، ولعل ابرز هذه الامور اعادة فتح الاسواق نحو الخليج واعادة السماح بالحصول على تأشيرات الى دول الخليج حيث السوق كبير ويمكن البحث عن اسواق اكبر.
وتابع بكداش: "من الضروري ان تترافق هذه الخطوة مع اعادة دراسة الاتفاقات التجارية الخارجية ليكون الوضع بالمثل لأنها كانت لمصلحة الطرف الثاني على حساب المصلحة اللبنانية"، متمنياً على الجيش الضرب بيد من حديد للحد من الإقتصاد الغير شرعي ومن موضوع التهريب والفواتير المخفضة التي تأتي من المستوردين من بلدان الشرق الأقصى، وبالتالي العمل على اتباع قوانين جديدة في الجمارك لضبط البضاعة المستوردة من الخارج.
وعما اذا كانت الاوضاع في سوريا ستؤثر سلبا على عملية التصدير، طمأن بكداش الى ان التصدير الصناعي لا يتم عبر البر، بل عبر البحر، لكننا اليوم نتمنى ان تفتح عمليات التصدير عبر البر نظراً لسرعتها مقارنة مع التصدير عبر البحر على الرغم من ان الكلفة هي نفسها.
تمكن قطاع الصناعة من نفض غبار الحرب عنه مرة جديدة، الا انه لن يتمكن من العودة الى موقعه الريادي في المنطقة الا في حال انتظام الحياة السياسية في البلاد من خلال انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة بخطة انقاذية واضحة تنقذ ما تبقى من الاقتصاد.
المصدر: خاص لبنان24