أكد سياسيون وحزبيون أن أكاذيب ومزاعم هيئة الدفاع الإسرائيلية، أمس ، فى محكمة العدل الدولية بشأن مسئولية مصر عن عدم دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، هو نهج متعارَف عليه من قِبل الكيان الصهيونى، ومحاولة لتشتيت الانتباه عن اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية للشعب الفلسطينى.

«مسلم»: معبر رفح مفتوح وإسرائيل فاشلة فى الكذب كما الحرب

وقال الدكتور محمود مسلم، رئيس لجنة الثقافة والسياحة والآثار والإعلام بمجلس الشيوخ، رئيس مجلس إدارة جريدة «الوطن»، إن إسرائيل تزعم أن مصر تمنع دخول المساعدات إلى قطاع غزة، فإذا كانت المشكلة فى معبر رفح، فلماذا لا تُدخلها عبر 6 معابر تُسيطر عليها فى المناطق المحتلة؟ وأضاف «مسلم»، خلال استضافته على قناة «الغد»، أن مصر تدعو كل يوم إسرائيل إلى فتح معبر رفح، وكل مرة تؤكد إسرائيل أنها لن تفتحه ولن تسمح بدخول الوقود والمساعدات، متابعاً: «هذا يثير الغرابة، فإسرائيل ليست فاشلة فقط فى الحرب، ولكن فى الكذب أيضاً».

وأكد أن «الدور المصرى لم يتراجع ومستمر رغم كل الأكاذيب، ومصر تدرك أن هذه الافتراءات محاولة لتقليص دورها الضاغط على إسرائيل والمجتمع الدولى لوقف هذه الحرب، والمبادرة المصرية ما زالت مطروحة، وتُعد الحل الأمثل لوقف العدوان».

«عمر»: تتنصل من مسئوليتها باعتبارها سلطة احتلال

من جانبه، قال المهندس حازم عمر، رئيس حزب الشعب الجمهورى، المرشح الرئاسى السابق، إن المزاعم الإسرائيلية تُعد امتداداً للممارسات التى دأبت عليها إسرائيل منذ بداية الأحداث فى السابع من أكتوبر، وتنصلاً من مسئوليات سلطة الاحتلال أمام القانون الدولى. وأضاف «عمر»، فى بيان، أنه طبقاً لاتفاقية المعابر المؤرخة فى 15 نوفمبر 2005، فإنها تنص على أن استخدام معبر رفح ينحصر فى حاملى بطاقة الهوية الفلسطينية، ومع استثناء لغيرهم ضمن الشرائح المتّفق عليها، ومع إشعار مسبق للحكومة الإسرائيلية وموافقة الجهات العليا فى السلطة الفلسطينية، تُعلم السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية، حول عبور شخص من الشرائح المتوقعة، وهم: (دبلوماسيون، مستثمرون أجانب، ممثلون أجانب لهيئات دولية معترف بها، وحالات إنسانية)، وذلك قبل 48 ساعة من عبورهم، لترد الحكومة الإسرائيلية خلال 24 ساعة فى حالة وجود أى اعتراضات مع ذكر أسباب الاعتراض.

«يمامة»: ادعاءات لا أساس لها من الصحة

من جانبه، استنكر الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، ادعاءات فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية فى لاهاى، موضحاً أن مزاعم إسرائيل بأنه ليست لها أى سيطرة على الحدود المصرية مع قطاع غزة، وأن مصر تمنع دخول المساعدات كذب وتضليل، ولا أساس لها من الصحة، فيما أكد الدكتور محمد ممدوح، رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصرى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، أن الادعاءات التى ساقها ممثل الدفاع عن سلطات الاحتلال الإسرائيلى، أمام محكمة العدل الدولية، ليس لها أساس من الصحة، موضحاً أن معبر رفح البرى مفتوح من الجانب المصرى، منذ السابع من أكتوبر الماضى، مؤكداً أنه فى أصعب فترات الحرب، التى استهدفت فيها قوات الاحتلال المعبر من الجانب الفلسطينى، لم تغلقه السلطات المصرية فى وجه المساعدات.

وصرّح النائب محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بأنّ ما ذكره الدفاع الإسرائيلى حول مصر، هو نهج متعارَف عليه للتشتيت عن القضية الرئيسية، فالأصل اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية، والعدوان على الشعب الفلسطينى.

وأضاف «القط» لـ«الوطن» أنّ ما حاول الدفاع الإسرائيلى إثباته لن ينجح فى أن تتحول مصر إلى مدافع عن نفسها، أو تحويل مسار القضية الأصلى، فمصر لم ولن تكون طرفاً فى النزاع، ولكنها كانت وستظل محوراً رئيسياً فى الحل.

«بسيونى»: أكاذيب «تل أبيب» رد على تزويد مصر جنوب أفريقيا بمعلومات تكشف جرائمها

كما أكد محمود بسيونى، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيس الشبكة العربية للإعلام الرقمى وحقوق الإنسان، أن محاولة فريق الدفاع الإسرائيلى أمام محكمة العدل الدولية بإقحام مصر فى قضيتها، عمل يائس، يهدف إلى التنصّل من ارتكاب الإبادة الجماعية، والردّ على تزويد مصر جنوب أفريقيا بمعلومات تؤكد ارتكاب إسرائيل تلك الجريمة بحق الفلسطينيين.

 

 

 

 

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: خطة إسرائيل للتهجير دخول المساعدات محکمة العدل الدولیة الدفاع الإسرائیلى معبر رفح

إقرأ أيضاً:

ديفيد هيرست: تغلب الفلسطينيون على حرب الإبادة الإسرائيلية وعادوا إلى الديار

تناول مقال للكاتب البريطاني ديفيد هيرست في موقع "ميدل إيست آي" عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع بعد 15 من حرب الإبادة الإسرائيلية.

وقال هيرست، إن "العودة التاريخية للفلسطينيين، بعد خمسة عشر شهراً من التدمير الإسرائيلي، مؤشر على انتصار الروح الإنسانية على القهر المنظم".

وأضاف، أن "صور الدمار في غزة سوف تحرق ثقبا تاريخيا في الرواية التأسيسية لإسرائيل كدولة ولدت من رحم المحرقة وقامت على أكتاف ضحاياها".

وتابع، "سوف يخلد رفع الحصار عن شمال غزة – مهما كان مؤقتاً – في التاريخ الفلسطيني كما خلد فك الحصار عن لينينغراد (والذي حصل أيضاً في السابع والعشرين من يناير) في التاريخ الروسي للحرب العالمية الثانية. إنه لا يقل أهمية عنه".

وفيما يلي نص المقال:

يمكن للمذيع الخارجي أن تحيق به الكثير من الفجائع – في هذه الحالة، أفضل مخططات البي بي سي لعمل برنامج "اليوم" من معسكر أوشفيتز، وتكريس اليوم بأكمله للبث عبر العديد من القنوات إحياء للذكرى السنوية الثمانين لتحرير المعتقلين في ذلك المعسكر.

قد ينقطع البث من بولندا، وهو انقطاع – في زمن البث عبر الإنترنيت والأقمار الصناعية في أيامنا هذه – قد لا يتجاوز بضع ثوان، والأسوأ من ذلك هو أن ينشغل الناس عن الحدث نفسه بحدث أكبر منه تشهده الساحة العالمية، وذلك كان هو حادث تصادم السيارات الذي وقع يوم الاثنين.

بينما كان رجالات الدولة يتجمعون من مختلف أرجاء العالم في معسكر الإبادة السابق، كان مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين عانوا خمسة عشر شهراً من القصف المدمر والتجويع والمرض على أيدي دولة ولدت بعد المحرقة يمشون إلى شمال غزة في مسيرة عودة استمرت عدة ساعات.

لوحظ غياب شخصين مهمين عن هذا التجمع في بولندا. أما الأول والأبرز فهو رئيس البلد الذي كانت قواته هي من قام بتحرير معسكر الموت النازي، أي رئيس روسيا فلاديمير بوتين.

وأما الغائب الثاني فهو رئيس وزراء البلد الذي بذل أقصى ما في وسعه خلال فترة احترافه للعمل السياسي من أجل أن يقبض ثمن الشعور الأوروبي بالذنب إزاء المحرقة، ومن أجل تبرير محاولات إسرائيل المتكررة لتطهير فلسطين عرقياً من الفلسطينيين.

ثمة أسباب عملية من وراء غياب بنيامين نتنياهو عن أوشفيتز. أما الأول فهو خشيته من أن يتم إلقاء القبض عليه بموجب المذكرة التي صدرت عن المحكمة الجنائية الدولية بحقه عن ارتكاب جرائم حرب في غزة.

وأما السبب الثاني فهو مثوله أمام محكمة إسرائيلية بتهم متعددة تتعلق بالفساد.



تناقض صارخ
انسجاماً مع تعامل إسرائيل الخسيس تاريخياً مع الناجين من المحرقة، لم تتحول قنواتها التلفزيونية الرئيسية إلى سمت "لقد ماتت الملكة" كما فعلت البي بي سي، بل استمرت تلك القنوات في بث برامجها الاعتيادية طوال اليوم.

لم يمض دون أن يلفت الأنظار نفاق إسرائيل في تعاملها مع واحدة من أهم الذكريات السنوية في التاريخ اليهودي، ولا التناقض الصارخ الذي يولده ذلك إذا ما أخذنا بالاعتبار ما تعودت عليه إسرائيل من اغتنام كل فرصة ممكنة لاتهام نقادها بمعاداة السامية وبإنكار المحرقة.

لم ينس أحد تلك الحركة الاستعراضية التي قام بها نتنياهو عندما ألبس أعضاء وفد إسرائيل إلى الأمم المتحدة نجوماً صفراء بعد هجوم حماس يوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 – وهي الحركة الاستعراضية التي ندد بها رئيس النصب التذكاري للمحرقة المسمى ياد فاشيم، معتبراً إياها إهانة لضحايا الإبادة الجماعية ولدولة إسرائيل في آن واحد.

إلا أن رد البي بي سي على هذه الأزمة من القيم الإخبارية كان بالفعل سوفياتياً: وهو أن تقوم بمحو الأخبار التي لا تتناسب مع توجه الحزب.

لا ريب أن ذلك كان بأوامر من الجهات العليا، وذلك أن كل واحد من معدي البرامج فعل نفس الشيء. بعد تدبر عميق طوال اليوم، منحت نشرة أخبار العاشرة مساء في تلفزيون البي بي سي 22 دقيقة لذكرى المحرقة وأربع دقائق لغزة.

وضعت تغطية الذكرى السنوية للمحرقة ضمن إطار توجيه رسالة إلى عالم اليوم. قال المتحدثون، الواحد تلو الآخر، إن الدروس المستوحاة من المحرقة لا ينبغي أن تموت مع آخر من تبقى من الناجين منها، على الأقل بسبب ما يجتاح العالم من مستويات غير مسبوقة من معاداة السامية.

لا يمكن للمرء معارضة هذا التصريح. إلا أن الفيل الذي في الحجرة كان التشابه بين ما فعله النازيون باليهود وما لم يزل يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة على مدى خمسة عشر شهراً، ونحن هنا لا نتكلم عن التشابه خطابياً أو بلاغياً فحسب، بل من حيث أنه بات الأساس الذي انبني عليه إجراءان قضائيان في أرفع المحاكم الدولية.

ومع مرور اليوم نما أكبر فأكبر. في برنامج "اليوم" توجه فيليب ساندز، الخبير القانوني في جرائم الحرب، إلى المستمعين بشرح لتاريخ المحاولات التي بذلت تاريخياً من أجل تصنيف الإبادة الجماعية جريمة حرب.

ذكر ساندز كلمة "غزة" المحرمة، ولكنه سعى للقول إنه أياً كان ما توصف به ما تقوم به إسرائيل من أفعال في فلسطين وغزة، فما كان ينبغي له أن يحصل. رغم أن محكمة العدل الدولية تنظر حالياً في تهمة الإبادة الجماعية التي توجهت بها جنوب أفريقيا ومعها بلدان أخرى، إلا أن المذيع وساندز كلاهما التزما الصمت إزاء القضية رغم أنها ماتزال حية. لا يمكن لهما التأثير على المحلفين لأنه لا وجود لمحلفين. إذن، لابد من أن صمتهما وراءه سبب آخر.

تاريخ لا ينسى
ثمة جدل حول الأفعال الإسرائيلية في غزة حتى داخل إسرائيل.

أجرى اثنان من مؤرخي المحرقة، وهما دانيال بلاتمان وآموس غولدبيرغ، مقارنات مخيفة وخلصا منها إلى التالي: "مع أن ما يحدث في غزة ليس أوشفيتز، إلا أنه ينتمي إلى نفس العائلة – جريمة الإبادة الجماعية."

لنتنياهو نفسه ينسب الفضل في وقوع هذين الحدثين الدوليين الهائلين في نفس اليوم – أكبر عودة فلسطينية إلى الأرض التي طردوا منها في تاريخ الصراع والذكرى السنوية لتحرير أوشفيتز.

فقراره منع الفلسطينيين من العودة يوم السبت كما كان مقرراً لهم، بسبب خلاف حول من ينبغي أن يطلق سراحه من الرهائن الإسرائيليين، هو الذي أخر مسيرة العودة شمالاً يومين حتى الاثنين.

من خلال ذلك، أسس نتنياهو وزمرة المتعصبين الدينيين من حوله لمناسبة تضاف إلى التاريخ الإسلامي والعربي.

لم يكن يوم الاثنين، السابع من يناير (كانون الثاني) أي إثنين يُستهل به العام الجديد. صادف ذلك في التقويم الإسلامي يوم السابع والعشرين من رجب، والذي لم يزل حتى هذا الأسبوع يُحتفل به من قبل المسلمين في أنحاء العالم لحدثين آخرين تصادف وقوعهما فيه.

ليلة الإسراء والمعراج هي الليلة التي حملت الملائكة فيها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) من مكة إلى المسجد الأقصى قبل أن تعرج به إلى السماوات العلى ثم تعود به إلى مكة. تلك الرحلة، التي اجتمع فيها النبي بموسى وإبراهيم وآدم وعيسى، وتلقى من الله التعليمات، هي جزء مهم في الدين. فهي تربط المسلمين بالمسجد الأقصى، وخلدت ذكرها آيات في القرآن الكريم.

هذا من مبادئ العقيدة. ولكن تصادف نفس اليوم مع مناسبة أخرى وقعت في التاريخ العربي، وهي أيضاً حدث يربط العرب بالقدس، كان ذلك في عام 1187 عندما حرر صلاح الدين مدينة القدس من لورد باليان أوف إبيلين، منهياً بذلك قرناً من الاحتلال الصليبي.

والآن أضاف نتنياهو مناسبة ثالثة إلى السابع والعشرين من رجب.



سعادة وتحدي
هذا هو اليوم الأول في تاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي يمارس فيه الفلسطينيون حق العودة إلى أراض لم تدخر إسرائيل وسعاً في محاولة إخراجهم منها عنوة. كل الأحداث الثلاثة ترسخ وتعزز إيمان الفلسطينيين بأن القدس هي عاصمتهم الوطنية، وكذلك إيمان المسلمين بأن القدس جزء لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية.

ما شهدناه هذا الأسبوع من مسيرة طويلة لمئات الآلاف من الفلسطينيين وهم يعودون إلى ديارهم لهو حدث ملحمي وتاريخي – ليس فقط بسبب ما في المشهد من صور، وإنما لما سيكون لهذا الحدث من أثر عميق على الأجيال القادمة.

لقد أثبتت غزة لكل فلسطيني ولكل العالم أن حقهم في العودة ليس ممكناً فحسب، بل وقريب المنال كذلك.

ما يقرب من نصف مليون فلسطيني عادوا إلى الشمال، وذلك رغم علمهم التام بأن منازلهم أصبحت ركاماً وأنهم قد لا يرون أفراداً من عائلاتهم تركوهم خلفهم عندما خرجوا.

يعبّرون في طريق عودتهم عن السعادة، وكلهم عزم، وتصميم، وتحد. في تصريح لموقع ميدل إيست آي، قالت كبير روسومي، وهي من بيت لاهيا، إنها تتجه نحو الشمال لتبحث عن أحبتها، سواء من كانوا على قيد الحياة أو من كانوا في عداد الأموات.

وقالت: "الشمال هو القلب والروح، الشمال هو الأرض التي فقدناها. نأمل أن نلتحف بهذه الأرض، أرض ديارنا، وأرض شعبنا، التي فقدناها."

رسومي محقة. فقد عانى شمال غزة من أطول وأصعب فترة احتلال لقطاع غزة طوال أيام الحرب التي بلغت 471 يوماً. فقد كان المكان الذي حاولت إسرائيل مراراً وتكراراً إخلاءه من مقاتلي حماس، ثم من كل المواطنين، من خلال فرض التجويع.

يمكننا أن نعبر عن ذلك بالأرقام. فقد نقلت قناة الجزيرة عن مصدر طبي القول إن ما لا يقل عن خمسة آلاف إنسان قتلوا أو فقدوا، وأن 9500 جرحوا، بسبب حملة التطهير العرقي التي أطلق عليها خطة الجنرالات، والتي بدأت في وقت مبكر من شهر أكتوبر (تشرين الأول).

رغم ذلك، خرج من تحت الركام مقاتلو حماس ومن بحوزتهم من رهائن. يمكن لملايين الإسرائيليين الذين أيدوا الحرب أن يروا الآن بأعينهم عبثية ما جنتهم أياديهم وما تسببوا به من دمار.

هنا ليبقوا
سوف تحرق صور الدمار في غزة ثقباً تاريخياً في الرواية التأسيسية لإسرائيل كدولة ولدت من رحم المحرقة وقامت على أكتاف ضحاياها.

سوف يخلد رفع الحصار عن شمال غزة – مهما كان مؤقتاً – في التاريخ الفلسطيني كما خلد فك الحصار عن لينينغراد (والذي حصل أيضاً في السابع والعشرين من يناير) في التاريخ الروسي للحرب العالمية الثانية. إنه لا يقل أهمية عنه.

أكثر من أي شيء آخر، يعتبر هذا الصمود الجماعي في وجه كل العوامل الطاغية، ووسط دمار لا يقل عما لحق بهيروشيما من دمار، أفضل رد على نتنياهو وعلى المجتمع الدولي، الذي ظل يتفرج سامحاً للكارثة أن تحصل – ثم على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.



لم يكن من باب الصدفة، عشية ذلك الحدث التاريخي، أن يقول ترامب بعفوية خادعة تصدر عنه كلما أراد الحديث عن تحركات محسوبة بعمق إنه ينبغي أن تُنظف غزة من مليون ونصف المليون فلسطيني، بحيث يتم نقلهم إلى الأردن ومصر لإتاحة المجال لإعادة تعمير القطاع. ينسجم ذلك تماماً مع طلب نتنياهو في الأيام الأولى من الحرب من ذراعه الأيمن، رون ديرمر، البحث عن طرق لتقليل عدد السكان في غزة.

فقط بيرني ساندرز، السيناتور المستقل من فيرمونت، أطلق على هذه الخطة ما ينطبق عليها تماماً، حيث قال: "هناك اسم لهذا – تطهير عرقي – وهو جريمة حرب."

لحسن الحظ، لا توجد فرصة لتطبيق خطط ترامب ونتنياهو في التطهير العرقي – والتي أعيدت تسميتها الآن لتصبح "الهجرة الطوعية". فخلال ساعات، أعلن كل من الأردن ومصر عن رفضهما لأي تهجير للسكان – ليس من باب التعاطف مع الفلسطينيين، ولكن بشكل أساسي لأن الدولتين تعلمان بأن تدفق أعداد كبيرة من الفلسطينيين إليهما يمكن أن تشكل مزيجاً متفجراً.

يعتبر الأردن ومصر ذلك مشكلة وجودية تهدد نظاميهما. ثم ورد اسم ألبانيا، ولكن ما لبثت تيرانا أن رفضت ذلك بعد ساعات.

في فترته الرئاسية الأولى، أخفق ترامب في بيع "صفقة القرن" للمنطقة، والتي كانت محاولة لدفن الحقوق الفلسطينية في قبر شيد بالصفقات التجارية وبكثير من الخرسانة. وفي فترته الثانية، أخفقت حتى قبل أن تبدأ خطته لبيع التطهير العرقي للفلسطينيين إلى جيرانهم. وهذا أمر أكثر أهمية.

هذا يعني أن الفلسطينيين هنا ليبقوا، وبأعداد أكبر من اليهود، داخل فلسطين التاريخية. تحقق ذلك في خضم معاناة شخصية غير مسبوقة، ورغم ذلك أثبت الفلسطينيون تمسكهم بهذه الأرض.
هذا هو انتصار الروح الإنسانية على القهر المنظم. وهذا هو أيضاً الدرس المستفاد من المحرقة.

مقالات مشابهة

  • ديفيد هيرست: تغلب الفلسطينيون على حرب الإبادة الإسرائيلية وعادوا إلى الديار
  • الكشف عن 3 مرشحين لمنصب رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي
  • الرئيس الكولومبي يرد على ترامب: سأعتذر لو كنت مشاركا في الإبادة الجماعية بغزة
  • القناة 14 الإسرائيلية تكشف عن إنشاء مهبط للطائرات العمودية للجيش الإسرائيلي في جبل الشيخ بسوريا
  • الخارجية الفلسطينية تدين اقتحام وزير الدفاع الإسرائيلي جنين بالضفة
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: الجيش سيبقى في جبل الشيخ لضمان أمن الجولان
  • الجيش اللبناني: إصابة جندي و3 مواطنين برصاص الاحتلال الإسرائيلي
  • سياسيون: إسرائيل عدونا الأكبر نوايا ترامب تصفية القضية الفلسطينية
  • محاولة بائسة وظالمة.. الأزهر يرد في بيان على مقترح ترامب بتهجير الفلسطينيين من غزة
  • الأزهر: الدعوة لتهجير أهالي قطاع غزة محاولة بائسة لتمكين الاحتلال من أرضهم