النسخة الـ55 لمعرض الكتاب.. الجمهور يتخوف من غلاء الأسعار.. ودور النشر تأمل في تخطي الأزمة.. حلول هيئة الكتاب متنفس للقرَّاء.. القضية الفلسطينية محور الاهتمام
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
معرض الكتاب
أيام قليلة تفصلنا عن انطلاق الدورة الـ 55 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، التي تشكل هذا العام حالة خاصة بكل المقاييس لأسباب مختلفة منها أزمة غلاء الأسعار التي يترتب عليها ارتفاع اسعار الورق، وبالتالي ارتفاع اسعار الكتب الأمر الذي يشكل صعوبة للفئة محدودة الدخل، التي ربما يصعب عليها عملية الشراء في ظل أزمة ارتفاع الأسعار، وكذلك الأحداث التي يمر بها العالم من ناحية اخرى
وخلال الشهور الماضية جرت على الساحة الكثير من الاحداث التي خلقت منظورا جديدا في عملية التفكير، حتى في الأولويات كان آخرها الحرب التي تجري حاليا في غزة ومن قبلها حرب أوكرانيا وروسيا الى جانب الحرب في السودان وغيرها ، كل هذا يدفع القراء الي تغيير ترتيب أولوياتهم في الكتب التي يبحثون عنها في معرض الكتاب المقبل والتي تطرحها دور النشر المختلفة في المعرض
البوابة نيوز في هذا الملف تطرح العديد من الأسئلة امام المفكرين والكُتاب وأصحاب دور النشر لمعرفة كيف يواجهون ازمة غلاء الاسعار وارتفاع اسعار الكتب وجذب الجماهير الى المعرض كما كان يحدث في السنوات الأخيرة ، هل سنجد الاقبال على المعرض كما كان من قبل أم أن الجمهور سيكون له رأي آخر، وهل تآكلت فئة قراء الكتاب الورقي بعد الغلاء؟،وهل يتمسك القراء بهوايتهم المفضلة في ظل هذه الظروف، ما هي الموضوعات والقضايا التي تفرض نفسها هذا العام وتدفع القراء للإقبال والمشاركة؟
الهيئة العامة للكتاب في كل دورة تستعد بتقديم كل ما هو جديد ليواكب التطور التكنولوجي وإشباع محبي القراءة وتحقيق غايتهم في عرسهم السنوي الذي يتكرر كل عام مرة ، ففي العام الماضي استحدثت الهيئة محور صُناع المحتوى "اليوتيوبرز"، والذي استضاف طوال أيام المعرض مجموعة من الشباب الذين حققوا نجاحات إيجابية من خلال تجاربهم عبر السوشيال ميديا، لوضعها بين يدي الحضور من جماهير المعرض، كخطوة لمن يريد صناعة مشروعه الخاص بمحتوى يفيد في ما يقدمه للبشرية ، إلى جانب ذلك طرحت عددا من المبادرات منها مبادرة تحت مسمى " الثقافة والفن للجميع" والتي من خلالها تقدم إصدارات بأسعار مخفضة تبدأ من 1 جنيه حتى 20 جنيهًا، لتشجيع زوار المعرض على اقتناء الكتب والقراءة.
ومع اقتراب الدورة الـ 55 من معرض الكتاب من انطلاقها يأمل الجمهور العاشق للقراءة أن يرى مبادرات جديدة من الهيئة العامة للكتاب ومن دور النشر المختلفة خاصة في ظل ارتفاع موجة الأسعار مع بداية العام الجديد ، وهو الأمر الذي يمثل تحديا كبيرا في أن يظل الإقبال على فعاليات معرض الكتاب بنفس الدرجة في الأعوام السابقة.
التمسك بالهوية
في البداية يقول حسين حمودة أستاذ الأدب العربي بجامعة القاهرة: إن معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الجديدة هذا العام، يستعيد العرس الثقافي الكبير الذي تشهده القاهرة بشكل دوري كل عام، بمشاركات كبيرة مشهودة، عربية وعالمية. ويختار المعرض شخصيتين لدورته هذه: سليم حسن ويعقوب الشاروني، اللذين ينتمي نتاجهما إلى مجالين مهمين: التاريخ المصري القديم وأدب الأطفال. وبجانب هذا، في هذه الدورة، أعلنت الهيئة، برئاسة الدكتور أحمد بهي، عن نشر كتب كثيرة في عدد من السلاسل الجديدة المهمة
يرى حمودة أن هناك قدرا ما من التغير على مستوى معدلات الشراء، بعد موجة الغلاء الحالية ولكن بما لا ينفي تراجع توزيع الكتب بوجه عام.. فهناك كتب لا تزال معقولة في أسعارها، والمعرض كما نعرف جميعا يشهد أنشطة أخرى، ثقافية وفنية متنوعة، بجانب توزيع الكتب، تجعل الإقبال مشهودا على المعرض، وغير مرتهن بشراء الكتب فحسب
وحول تمسك القراء بهواياتهم المفضلة هذا العام، والموضوعات والقضايا التي تفرض نفسها في دورة المعرض الجديدة، يوضح حمودة أن الهوايات تظل كما هي دائما عند أصحاب هواية القراءة، ولا تتأثر بالمتغيرات حتى وإن اتجهت القراءات في وجهة بعينه، ولكن يمكن التفكير في احتمال وجود قدر من الإقبال المتزايد على شراء أعمال الدكتور سليم حسن بحكم إلقاء الضوء على هذه الأعمال في هذه الدورة، وربما أيضا يمكن أن يكون هناك إقبال من بعض القراء على شراء الكتب المهتمة بالقضية الفلسطينية التي تصاعد حضورها، ومتابعتها، بعد العدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة خلال الشهور الأخيرة، والذي لا يزال مستمرا حتى الآن
مصير الكتاب الورقي
في حين قال الشاعر وليد حشمت ، ان قراء الكتاب الورقي في تناقص بعد موجة غلاء اسعار الورق وتوافر الكتب بشكل مجانى أو بأسعار زهيدة بالمقارنة بالكتاب الورقي على مواقع الشبكة العنكبوتية، لكن طبعا هناك فئة - رغم قلتها - مازالت تتمسك بأهمية الكتاب الورقي ولا يستغنون عنه لأنه يمثل لهم حالة مزاجية خاصة خصوصا الجيل السبعيني وما قبله مثلى.
وأضاف حشمت أنه يرى أن أهم الموضوعات التي تفرض نفسها هذه الدورة هي القضية الفلسطينية وتداعياتها والإبادة الجماعية والوحشية التي يقوم بها الكيان الصهيوني الغاصب وبالتالي اعتقد ستكون الأعمال الأدبية او التاريخية او الفكرية الخاصة بهذه القضية والأحداث.
يقول الروائي إبراهيم عبدالمجيد : أسعار الكتب في مصر زادت بسبب ارتفاع أسعار الورق وأسعار الطباعة، والحل لمثل هذا الأمر هو إعفاء أسعار الورق من الضرائب مثلا، فنحن نردد أن القراءة على المواقع الإلكترونية صارت منافسا للكتاب الورقي وهذا صحيح، لكن نحن نساهم بعدم التدخل لإنقاذ الكتاب الورقي من تفوق المواقع الإلكترونية، وننسي أن القطاع الأكبر من القراء لا يزال يفضل الكتاب الورقي.
بيًن عبدالمجيد أن المعرض صار في منطقة بعيدة، فعلى الرغم من أننا نجد كل عام زحاما كبيرا وطوابير على أبواب معرض الكتاب ونتخيل أن هذا شيء عظيم إلا أن ذلك لو قارناه بعدد السكان فلن يكون مناسبا، فأعداد السكان تضاعفت من أربعين مليونا ذلك الوقت، إلى أكثر من مائة مليون، فكيف يكون الزحام أكثر! فقياس نسبة عدد الحاضرين إلى المعرض إلى عدد السكان تجعلنا نراها قليلة.
وطالب عبدالمجيد بتخصيص قاعة لعروض سينمائية لأفلام عن فلسطين انجزها مخرجون عرب ومخرجون فلسطينيون ويكون الدخول لها مجانا، كما يجب أن يكون في هذا المعرض تواجد روائيين من أمثال سحر خليفة ويحي يخلف ومحمود شقير وابراهيم نصر الله وربعي المدهون وسامر أبو هواش، والأسماء كثيرة يمكن الاختيار من بينها، أو الاتصال بها لمعرفة من يتسع وقته للحضور، تخصيص مكان للندوات عن فلسطين بكل تجلياتها الأدبية والفكرية.
يوضح عبدالمجيد أن وجود فلسطين في المعرض هو أجمل تعبير عن الروح المصرية، ولا أتمنى أن ينتهى المعرض بالحديث السنوي عن الكتب الأكثر مبيعا وغيرها، بل اتمني أن يكون الحديث عن فلسطين وحضورها مع المصريين، وهو حضور لم يغب طوال التاريخ، ثم تأتي القضايا الأخرى للنقاش في الصحافة في الدرجة الثانية.
في حين يقول الكاتب محمد سعيد مصطفى أنه في ظل الغلاء الذي نراه حاليا من الطبيعي أن يتراجع الإقبال على شراء الكتب الورقية وانحسار القراءة في فئات معينة وهذا واضح لمن يدقق يجد أن الكتاب الورقي يحتضر.
وأضاف مصطفى صعب أن يتمسك محبو القراءة بهوايتهم المفضلة في القراءة، فقد تراجعت القراءة إلى مستويات متدنية من خلال الاحصاءات التي تتم وهذا الأمر يستلزم إيجاد بدائل تشجع القراءة حتى لا يفقد الوطن قوته الناعمة من المثقفين ،إلى جانب ذلك سنرى في الدورة المقبلة من معرض الكتاب أن المشكلة الاقتصادية من كل جوانبها ستكون محور الاهتمام وأيضا أزمة ملف سد النهضة عند القرّاء
دور النشر تبحث عن حلول
في حين قال محمد رشاد رئيس اتحاد الناشرين العرب: إن ارتفاع الأسعار ليس بأيدينا وخارج عن ارادتنا لان 90 بالمئة من مستلزمات الانتاج للكتاب كلها مستوردة تخضع للأسعار العالمية ونظرا لسعر الصرف يالنسبة لسعر الدولار هذا أدى أن يكون على مستوى الوطن العربي أن ترتفع الاسعار لعدة أسباب منها أنه لما كان هناك أزمة كورونا فكان هناك نقص في المعروض بالنسبة لمستلزمات الانتاج والحرب الاوكرانية أثرت بشكل كبير على ارتفاع الاسعار وسلاسل الابداع والظروف الاقتصادية التي يمر بها الوطن العربي مع تغير سعر الصرف أدي الى تغير أسعار مستلزمات الانتاج وارتفاع أسعار الكتب وبالتالي الناشر غير مسئول عن ارتفاع سعر الكتاب خاصة ان الناشر العربي يعاني معاناة شديدة من الكميات التي يطبعها التي تعتبر كميات قليلة فربما بعض الناشرين يطبعون من 100 نسخة الى 200 نسخة لكن الناشر الكبير هو من يستطيع أن يطبع حتى ألف نسخة وبالتالي كلما تزيد الكمية كلما يكون هناك انخفاض في تكلفة الكتاب لكن الكميات التي تُطبع على مستوى الوطن العربي قليلة وهذا الأمر يخلق علامة استفهام لأننا أكثر من 400 مليون على مستوى الوطن العربي لكن هناك قصور بالنسبة للكميات التي تطبع وهذا يرجع إلى أنه لا يوجد دعم كافي للناشرين من خلال تزويد ما ينتجونه للمكتبات العامة والمدرسية والمكتبات الجامعية والمراكز الثقافية .
وأضاف رشاد من المفترض أن تضع الحكومات العربية في حسبانها أن يكون هناك في ميزانيات للشراء لكن الناشر العربي حاليا يعتمد على موارد القارئ العربي وموارد القارئ العربي ضعيفة نظرا للظرف التي نمر بها ويمر بها الخليج نحن كإتحاد ناشرين عرب سنتغلب على موجة الاسعار بأننا هذا العام طرحنا مبادرة مع الزملاء من الناشرين العرب انهم يمنحوا خصم للقراء يصل إلى 50 بالمئة من خلال ترتيبات معينة على أساس أن تكون الدعاية موجودة والناشرين العرب على أتم الاستعداد لعمل خصومات كبيرة في المعرض هذا العام .
اهتمامات القراء
بيًن أنه عندما يكون هناك احداث غير طبيعية تحدث فالقارئ يتجه إلى ما هو يحيط بمثل هذه الأحداث والمشاكل الموجودة في الوطن العربي في اعتقادي أنه سيكون هناك اتجاه الى الكتب التاريخية بشكل كبير وكتب التنمية البشرية وكتب الفلسفة وعلم النفس بالإضافة إلى الكتاب الديني لكن كل هذا يتوقف على المزاج العام للقارئ فربما يكون هناك قارئ مهتم بالرواية وخاصة أنه في السنوات الاخيرة هناك اقبال كبير عليها لجيل الشباب من سن 18 عام وحتى 35 ، أما عن الكتاب الورقي فذلك مجال لو رجعنا للبدايات القديمة نجد أن شكل الكتاب مختلف لأن الإنسان كان ينقل افكاره عن طريق جدران المعابد والعظم والجلود وتحول غلى أوراق البردي والواح الطيب إلى أن وصلنا إلى الكتاب الذي بين أيدينا وبالتالي فالكتاب الورقي مستمر لكن الكتاب الصوتي أو التفاعلي أو الالكتروني له مجال آخر وسنجد أن الاحصائيات التي تأتي من الدول المتقدمة وأمريكا أن النشر الورقي يزيد من 8 إلى 10 بالمئة سنويا لأن لكل شيء مجال فالدول المتقدمة نجد أن الموسوعات ودوائر المعارف والقواميس تنشر الكترونيا أو رقمي وحتى الكتب العلمية لكن الكتب الفكرية والعلمية فهي التي تنشر ورقيا لكن نحن مشكلتنا أننا نخلق مشكلة فلو لدينا عادة القراءة أصيلة لدى المواطن أو لدى الطفل منذ الصغر كنا استطعنا أن حل هذه المشكلة لكننا مازلنا ندعي أن الناس انصرفت عن الكتاب الورقي واتجهت الى الكتاب الالكتروني .
واختتم رشاد قائلا: كنا قديما لدينا كتب عن القضية الفلسطينية لكن في الفترة الاخيرة والأحداث الجارية التي تحدث في غزة لا يستطيع أحد أن يكتب عن المشكلة الحالية إلا عندما تتضح الأحداث كاملة لكن لدينا بعض الكتب التي تسلط الضوء على الاحتلال الاسرائيلي.
على الجانب الآخر يرى محمد عبدالمنعم مدير نشر أنه قد تتأثر مبيعات الكتب نظرا لارتفاع الأسعار بصفة عامة وليست أسعار الكتب فقط في ظل الظروف الاقتصادية لكن سيظل الكتاب الورقي في الصدارة ولن يتأثر بأشكال النشر المختلفة ، ولا نستطيع توقع الشعب المصري ونتمنى أن نرى تفاعل القراء على السوشيال ميديا مع أخبار المعرض ايجابي ومبشر بالخير، فمن وجهة نظري أن القراء سيظلوا متمسكين بالكتاب الورقي لأنه لا سبيل في الاستغناء عنه حتى مع موجة الأسعار الغالية الحالية التي يواجهها الجميع
وأضاف عبدالمنعم أن القراء لهم أذواق مختلفة ويجب على الناشر أن يحاول ارضاء كافة الأذواق وهناك تنوع لدى العديد من الناشرين خلال الاصدارات حتى تفي بالغرض وترضي معظم القراء فالناشر يجب أن يكون لديه رسالة وهذا ما رأيناه في المعرض العام الماضي من خصومات كبيرة حتى يستطيع القراء الحصول على الكتب وهذه رسالة كل ناشر.
مصطفى سليم أحد المسئولين بدار نشر وتوزيع : في الثلاث سنوات الأخيرة هناك مشكلة كبيرة تواجهنا بسبب تزايد تكاليف الطباعة تبدأ من الورق فسعره كان منذ سنتين في حدود عشرون ألف جنيها أو خمسة وعشرين ألف جنيه زاد في السنة الأخيرة من المعرض وصل إلى ستين ألف جنيه لكن طن الورق في هذه الدورة وصل في حدود 58 ألف جنيه هدا غير الطباعة، إلى جانب زيادة الإيجارت في المعرض وكل هذا يؤدي إلى زيادة أسعار الكتب ونتغلب على ذلك بأننا نبدأ في عمل خصومات للجمهور وهذا يؤثر بشكل كبير على حركة البيع في المعرض ،لكن معرض القاهرة الدولي للكتاب يعتبر من أهم المعارض في العالم والجمهور في مصر يمثل قوة شرائية حتى لو هناك ظروف استثنائية يتواجد في ظل هذه الأزمات .
ودعا سليم دور النشر إلى عمل خصومات بشكل كبير في الدورة المقبلة للمعرض لمواكبة هذا الغلاء والفجوة التي تحدث في الأسعار فالكتاب من ثلاث سنوات اقصى شيء 100 جنيه لكن في هذه الدورة الكتاب يصل الى 600 جنيه وليس كل الطبقات واحدة فالبعض يستطيع شراء الكتاب بهذا السعر والآخر لا يستطيع ، وفي هذه الدورة أسعار الكتب تتفاوت وتختلف من دار نشر لأخرى فربما يكون أقل سعر كتاب في هذه الدورة بمتوسط 100 جنيه .
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: معرض الكتاب معرض القاهرة الدولي للكتاب ارتفاع الأسعار أزمة ارتفاع الأسعار ابراهيم عبد المجيد
إقرأ أيضاً:
فك شيفرة الخوارزمية التي تستخدمها شركات الطيران لزيادة أسعار التذاكر
في ثمانينيات القرن الماضي كان السفر بالطائرة باهظ الثمن، ولأن الطائرات في ذلك الوقت كانت كبيرة نوعا ما وتتسع للكثير من الركاب فإن شركات الطيران احتاجت إلى إستراتيجيات لجذب المسافرين وملء المقاعد الفارغة. على سبيل المثال أعلنت شركات الطيران عن خصومات للمسافرين الذين تتراوح أعمارهم بين 26 و60 سنة بشرط أن يقضي المسافر ليلة واحدة في عطلة نهاية الأسبوع أو البقاء مدة معينة في وجهة السفر.
وكان الهدف من هذه الشروط هي منع رجال الأعمال من الاستفادة من الخصم، إذ إنهم يسافرون خلال أيام الأسبوع. ولكن رغم هذه الإستراتيجيات كانت شركات الطيران تعاني من مشكلات أسعار التذاكر والتي لا تناسب الجميع مما يتسبب في نقص الركاب وبالتالي خسارة للشركة.
وفي عام 1987 ابتكر بيتر بيلوبابا وهو باحث علمي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا "إم آي تي" (MIT) خوارزمية خاصة لتحديد أسعار تذاكر الطيران والتي لا تزال تستخدم حتى اليوم.
وأول تطبيق لهذه الخوارزمية كان في نظام محوسب في شركة الطيران "ويسترن إيرلاينز" (Western Airlines) والذي يعمل بمبدأ المقايضات وتحديد حدود الحجز للرحلات القادمة؛ فهذا النظام يعتمد على الخوارزميات والتنبؤات.
إعلان كيف أصبح تسعير تذاكر الطيران؟قد تجد أن أسعار تذاكر الطيران متقلبة بشكل عشوائي، يرجع ذلك إلى خوارزمية بيلوبابا المحسوبة بعناية والتي تستخدمها شركات الطيران لزيادة أرباحها من خلال تحقيق توازن بين تسعير التذاكر الفردية وسعة الطائرة، حيث يُحدد سعر التذكرة بناء على عدد المقاعد المتاحة ومعدل الطلب على الرحلة وتوقيت الحجز، وكل ذلك يكون من خلال نموذج "إي إم إس آر" (EMSR) ويعني الإيرادات الهامشية المتوقعة للمقعد، ويعمل هذا النموذج من خلال مبدأين أساسيين:
حساب احتمالية وصول الركاب: تبدأ الخوارزمية بحساب احتمالية وصول كل راكب بناء على توقعات الطلب، تُضرب هذه الاحتمالية بمستوى السعر الخاص بفئة الحجز التي ينتمي إليها الراكب. مثلا إذا كانت احتمالية وصول راكب في فئة رجال الأعمال 0.8 (80%)، ومتوسط إيراد هذه الفئة 2000 دولار، فإن "إي إم إس آر" لهذا الراكب سيكون: 0.8 × 2000 = 1600 دولار، وهذا يعني أن الشركة تتوقع تحصيل 1600 دولار من هذا الراكب إذا قام بالحجز. حجز المقاعد بشكل تدريجي: تُحجز المقاعد بشكل تدريجي بدءا من الركاب الذين يدفعون أسعارا كاملة، ويستمر الحجز حتى يصبح "إي إم إس آر" أقل من أو يساوي معدل الخصم.وقد أدى تطبيق هذا النظام إلى زيادة إيرادات شركات الطيران بنحو 3-7% سنويا، ولكن بدلا من تبسيط الأمر ضاعفت الصناعة جهودها، ففي العقد الأول بعد التطبيق حققت شركات الطيران مليارات الدولارات من الإيرادات الإضافية.
تأثير الذكاء الاصطناعي في إدارة إيرادات شركات الطيرانيمكن أن تستفيد شركات الطيران من الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات الضخمة التي تشمل كل شيء من أنماط الحجز إلى أسعار المنافسين الحالية، حيث تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتقدمة بمعالجة هذه البيانات في الوقت الفعلي، مما يسمح لشركات الطيران بتوقع الطلب بدقة وضبط الأسعار بشكل ديناميكي وحتى التنبؤ بتفضيلات المسافرين. ونقوم بشرحها.
إعلان توقع الطلب: يستخدم الذكاء الاصطناعي البيانات التاريخية وبيانات الوقت الفعلي من أجل التنبؤ بموعد ارتفاع أو انخفاض الطلب على السفر، يساعد ذلك شركات الطيران في ضبط الأسعار وبالتالي زيادة الإيرادات خلال فترات الطلب المرتفع، بينما يضمن ملء المقاعد خلال فترات الطلب المنخفض. التسعير التنافسي: تراقب خوارزميات التعلم الآلي أسعار المنافسين بشكل مستمر، مما يمكّن شركات الطيران من ضبط أسعارها في الوقت الفعلي دون أن تضع أسعارا منخفضة للغاية. رؤى سلوك العملاء: يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل عادات حجز المسافرين مثل متى يشترون تذاكرهم وأي الطرق يفضلونها وحتى، كم المبلغ الذي هم مستعدون لدفعه، وتساعد هذه المعلومات شركات الطيران على تخصيص عروض شخصية للمسافرين. متى تشتري تذكرة الطيران؟أفضل وقت لشراء تذكرة الطيران هو في وقت متأخر من يوم الثلاثاء أو في وقت مبكر من يوم الأربعاء في حال كانت العطلة الرسمية يوم الاثنين، ويجب مراعاة المنطقة الزمنية التي فيها شركة الطيران. وذلك لأن معظم التذاكر ذات الأسعار المنخفضة تُفتح يوم الاثنين وقليل من الناس يميلون لحجز الرحلات في بداية الأسبوع، لذا بعد مرور 24 ساعة كاملة مع الطلب المنخفض، قد تنخفض الأسعار مرة أخرى، لتصل إلى أدنى مستوياتها الأسبوعية في وقت ما يوم الثلاثاء أو الأربعاء.
وفي وقت لاحق من يوم الأربعاء وطوال بقية الأسبوع، يميل المزيد من الناس لشراء تذاكر الطيران، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى. علاوة على ذلك، يميل الطلب وبالتالي السعر إلى أن يكون أعلى في بداية الشهر بعد أن يتلقى الجميع رواتبهم، لذا يُفضل الحجز في النصف الثاني من الشهر.
ومن جهة أخرى، ترتفع أسعار المقاعد في دورات أسبوعية كلما اقترب موعد الرحلة. لذا، بدءا من 21 يوما قبل تاريخ الرحلة سترتفع الأسعار قليلا وتحدث هذه الزيادة مرة أخرى قبل 14 و7 أيام من الرحلة، لذا فإن أفضل رهان لك هو الحجز قبل أكثر من 3 أسابيع.
إعلانومن المفيد الاتصال والحجز عبر الهاتف حتى تتمكن من التحدث إلى موظف الخدمة، حيث يرى الموظفون عرضا يوضح المقاعد والأسعار المختلفة المتاحة، وهكذا سيكون بإمكانهم تقديم أفضل صفقة ممكنة لك على عكس المواقع الإلكترونية التي ترفع السعر تلقائيا إلى فئة السعر الأعلى في حال لم تكن مجموعتك بالكامل مع الفئة الأدنى.
ويمكنك استخدام تطبيقات الحجز مثل "هوبر" (Hopper) أو تغيير أسعار في "غوغل فلايتس" (Google Flights) لرؤية أفضل الأسعار للشهر حتى تتمكن من اختيار أرخص يوم للسفر، ومن المهم أن تحجز مسبقا قبل أن تُباع جميع المقاعد ذات الأسعار المنخفضة، وتحقق دائما من تسجيل الوصول عبر الإنترنت قبل 24 ساعة من رحلتك للحصول على أي مقاعد جيدة لا تزال متوفرة. وفي النهاية، غالبا ما تحتوي درجة رجال الأعمال على مقاعد فارغة، لذا اطلب بلطف من مضيف الطيران أن يمنحوك ترقية مجانية.