غارات اليمن.. ماذا يقول الدستور الأميركي بشأن شن عمل عسكري خارج البلاد؟
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
اتهم بعض أعضاء الكونغرس الأميركي الرئيس جو بايدن بمخالفة الدستور بعدما سمح بشن غارات على اليمن في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة.
لكن الخبراء يقولون إن بعض مواد الدستور الأميركي تتيح للبيت الأبيض سلطة شن عمل عسكري محدود خارج حدود البلاد.
وهددت حركة الحوثي اليمنية "برد قوي وفعال" بعد أن نفذت الولايات المتحدة ضربة أخرى في اليمن الليلة الماضية مما أدى إلى تفاقم التوتر في الوقت الذي تعهدت واشنطن بحماية حركة الملاحة من هجمات الجماعة المتحالفة مع إيران.
وقال مايكل أوهانلون، مدير البحوث في برنامج السياسة الخارجية التابع لمعهد بروكينجز "لا توجد في الواقع حجة قوية لمنع بايدن من الإقدام على تحرك من هذا النوع".
ماذا فعل بايدن؟شنت طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية عشرات الضربات الجوية على مواقع الحوثيين في اليمن في الساعات الأولى من صباح أمس الجمعة ردا على حركة الحوثي التي استهدفت سفنا في البحر الأحمر خلال الفترة الماضية بسبب الحرب الجارية في قطاع غزة.
وأبلغت إدارة بايدن الكونغرس بأمر هذه الضربات لكنها لم تطلب موافقته.
ونفذت واشنطن قصفا جديدا في ساعة مبكرة من اليوم السبت بالتوقيت المحلي قالت إنه استهدف موقعا للرادار.
علام ينص الدستور؟أشار عدد من الديمقراطيين التقدميين الذين انتقدوا بايدن إلى أن المادة الأولى من الدستور الأميركي تشترط الحصول على إذن من الكونغرس، وليس الرئيس، لشن الحرب وهي إحدى "الضوابط والتوازنات" التي تعد سمة مميزة للنظام السياسي في الولايات المتحدة.
لكن المادة الثانية من الدستور تنص على أن الرئيس هو القائد الأعلى للقوات المسلحة وتمنحه سلطة استخدام القوة العسكرية دون الحصول على إذن من الكونغرس فيما يتعلق بالأغراض الدفاعية.
ويقول مؤيدو خطوة بايدن إن هذه الأغراض الدفاعية تشمل الرد على الهجمات التي تعرضت لها قواعد أميركية في العراق وسوريا، وكذلك السفن التجارية في البحر الأحمر.
هل خالف بايدن قانون صلاحيات الحرب؟بالإضافة إلى المواد الدستورية، يتحكم (قانون صلاحيات الحرب) في أمر استخدام القوة. وأصدر الكونغرس هذا القرار في عام 1973 بوصفه أداة مراقبة لسلطة الرئيس في أعقاب حرب فيتنام. وينص هذا القرار على ضرورة إنهاء الأعمال العسكرية التي تنفذ دون إعلان حرب أو سلطة قانونية محددة في غضون 60 يوما.
كما يُلزم هذا القرار الرئيس بأن يقدم إلى الكونغرس في غضون 48 ساعة من الهجوم تقريرا عن الظروف التي استوجبت اتخاذ هذا الإجراء والسلطة التي اتُخذ بموجبها والنطاق المتوقع للأعمال القتالية ومدتها.
ماذا يحدث الآن؟قال خبراء في السياستين القانونية والأمنية إن الرد على المدى الطويل سيعتمد على ما يحدث على الأرض. وسوف تقل احتمالية حدوث تبعات في حالة عدم تصاعد الصراع مع الحوثيين واستمرار الإدارة الأميركية في إبقاء الكونغرس على اطلاع بتطور الأحداث.
وقال براين فينوكين، وهو محام سابق بوزارة الخارجية وكبير مستشاري البرنامج الأميركي التابع لمجموعة الأزمات الدولية "أعتقد أنه من السابق لأوانه معرفة مدى معارضة الكونغرس لهذا الأمر".
وأضاف "أعتقد أن رد فعل الكونغرس قد يتغير بمرور الوقت، خاصة في حالة شن الحوثيين مزيدا من الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر وتنفيذ المزيد من الهجمات على اليمن".
وأشار الخبراء أيضا إلى أن الكونغرس يمكن أن يمرر تشريعا يكبح جماح الرئيس إذا كان يريد أن تكون له الكلمة العليا نظرا للغموض الذي يكتنف القانون الحالي.
ما هي القرارات السابقة؟مرر الكونغرس قرارا لكبح صلاحيات الرئيس في شن الحروب في عام 2020 بعد أن أمر الرئيس السابق دونالد ترامب بقصف أسفر عن مقتل القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في مطار بغداد دون إطلاع الكونغرس.
واستخدم ترامب حق النقض (الفيتو) ضد هذا القرار ولم يحظ الإجراء بدعم كاف من أعضاء الحزب الجمهوري، الذي ينتمي إليه ترامب، لتجاوز الفيتو.
وفي عام 2011، سمح الرئيس الأسبق باراك أوباما بغارات جوية على ليبيا، التي كان يحكمها معمر القذافي آنذاك، دون موافقة الكونغرس.
ووصف أوباما في وقت لاحق هذا القرار بأنه أسوأ خطأ ارتكبه خلال فترة رئاسته.
وساعدت الغارات في الإطاحة بالقذافي لكنها تركت ليبيا في حالة من عدم الاستقرار.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هذا القرار
إقرأ أيضاً:
بوركينا فاسو بين مطرقة الإرهاب وسندان الانتهاكات.. حملة تجنيد عسكري تُشعل فتيل الأزمة الطائفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت القوات العسكرية الحاكمة في بوركينا فاسو، في الأيام الماضية، عن إطلاق حملة واسعة النطاق لتجنيد 14,000 مقاتل ضمن "متطوعي الدفاع عن الوطن"، في خطوة اعتُبرت تصعيدًا في المواجهة ضد الجماعات المسلحة التابعة لتنظيمي القاعدة وداعش. وتأتي هذه الحملة في ظل تصاعد العنف واستمرار سيطرة المتمردين على نحو نصف مساحة البلاد، ما يضع علامات استفهام حول جدوى النهج الأمني المتبع ومآلاته على السلم الأهلي.
تدريب عاجل وتسليح سريعوبحسب ما نشره موقع Defense Post، فإن الجنود الجدد سيخضعون لتدريب مدني وعسكري مكثف يستمر لأربعة عشر يومًا فقط، يتسلمون بعده الأسلحة ويتم نشرهم في الخطوط الأمامية لجبهات القتال.
وأكد رئيس الوزراء، ريمتالبا جان إيمانويل ويدراوغو، أن أكثر من 14,000 مقاتل جرى تدريبهم وتسليحهم، إلى جانب آلاف من المتطوعين المدنيين في مختلف التخصصات.
حملات سابقة وحضور طاغٍ للمتطوعينوليست هذه الحملة الأولى من نوعها، فقد أطلقت السلطات في أغسطس 2024 حملة سابقة استهدفت تجنيد 35,000 متطوع، في سياق ما يُعرف باسم "لواء اليقظة والدفاع الوطني".
وأشار حينها العقيد بوكاري زونغرانا، قائد اللواء، إلى أن دور هؤلاء المتطوعين يتمثل في الدفاع عن المجتمعات المحلية بالتنسيق مع قوات الأمن والدفاع.
ووفقًا لمشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها (ACLED)، فإن وصول النقيب إبراهيم تراوري إلى السلطة في عام 2022 تزامن مع انضمام نحو 90,000 متطوع إلى هذه التشكيلات خلال شهري أكتوبر من العام نفسه.
غير أن هذه التعبئة واجهت اتهامات بتحولها إلى أداة لقمع المعارضين والناشطين، حيث تم إجبار بعضهم على الالتحاق بالجبهات.
مجازر بحق المدنيين واتهامات بالانتقام الطائفيعشية إطلاق الحملة الجديدة، وُجهت اتهامات خطيرة للمتطوعين بارتكاب مجزرة مروعة في مدينة سولينزو غرب البلاد، راح ضحيتها عشرات المدنيين، معظمهم من قبائل الفولاني. ونشرت إحدى منظمات المجتمع المدني مقاطع فيديو التقطها شهود عيان عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر مشاهد تقشعر لها الأبدان: امرأة تنزف من رأسها، طفل صغير ممدد على الأرض مصاب بجروح بليغة، وأخرى شابة مصابة بجانب طفلها، يُهددها المسلحون ويأخذون الطفل منها.
في أحد المقاطع، يُسمع أحد المهاجمين وهو يخاطب الضحايا قائلًا: “أبوك وأمك هما من جلباك إلى هنا، أتظنون أنكم قادرون على السيطرة على بوركينا فاسو؟ هذه نهايتكم". وفي مشهد آخر، تُهدد شابة مصابة بالقتل، ويُتهم الفولانيون بمحاولة الاستيلاء على البلاد.
وأكدت الباحثة إيلاريا أليغروزي، كبيرة باحثي شؤون الساحل، أن هذه المقاطع المصورة توثق بوضوح فشل السلطات في إخضاع قواتها لأي نظام محاسبة، ما يهدد بتفاقم الانقسامات العرقية والمجتمعية.
استبعاد الفولانيين من التجنيدوفي تحليل نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية، أوضح المحلل مايكل دي أنغيلو أن متطوعي الدفاع عن الوطن يفترض أن يشملوا مدنيين من كافة الأعراق دون استثناء.
إلا أن السلطات تعمدت استبعاد الفولانيين من هذه الحملات، بسبب الشكوك التي تربطهم بالجماعات المتطرفة.
ويُعزى ذلك جزئيًا إلى أن هذه الجماعات المسلحة قد جندت بالفعل عددًا من الفولانيين، بعد استغلال مشاعر التهميش والإحباط نتيجة الفساد الحكومي والصراع على الموارد.
المتمردون لا يزالون على الأرضورغم حملات التجنيد والتسليح وتوسيع العمليات العسكرية، ما زالت الجماعات المتشددة تسيطر على مناطق واسعة من البلاد. وبحسب تقارير Defense Post، فإن هذه الجماعات تسيطر حتى منتصف مارس على مناطق تبعد حوالي 100 كيلومتر شمال العاصمة واغادوغو وشرقها، مما يثير تساؤلات جدية حول فعالية الاستراتيجية الأمنية الحالية.
تداعيات مستقبليةتُظهر التطورات المتسارعة في بوركينا فاسو أن الاعتماد المفرط على "المتطوعين المدنيين" دون ضوابط قانونية ورقابة، قد يقود البلاد نحو مزيد من الانقسام والاضطرابات.
فبينما تتصاعد وتيرة العنف من جانب الجماعات المسلحة، تزداد كذلك وتيرة الانتهاكات من الجانب الحكومي، مما يُنذر بعواقب وخيمة على السلم الأهلي ووحدة الدولة الهشة.