هيئة الرقابة الإدارية واللواء «العادل»
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
استكمالا لسلسلة مقالاتى فى البحث عن (القوى الأمين)، ومن يستحق هذا الوسام وهذا الشرف، جال فى ذهنى أن من أخطر الآفات التى تمر بها الأوطان وتتسبب فى انهيارها هو الفساد بمفهومه المطلق، ولعل حروب الجيل الرابع والخامس لم تعتمد على الدبابة والمدفع لإحداث فوضى وإنما بآليات جديدة منها انتشار الفساد فى المجتمعات وقال تعالى: (وَلَا تُفْسِدُوا فِى الْأَرْضِ بَعْدَ إصلاحهَا).
وفى وطننا الغالى مصر هناك جنود معلومون لا يغمض لهم جفن فى سبيل الحفاظ على مقدرات الوطن، يأتى فى المقدمة هيئة الرقابة الإدارية، ذلك الجهاز الوطنى الشريف بقيادة فريق من الأفذاذ يتولون قيادة هذا الجهاز الكبير برئاسة اللواء عمر عادل رئيس هيئة الرقابة الإدارية، هذا الجهاز الذى يستحق بكل صدق لقب (القوى الأمين) الذى أكد عليه كلام الله فى كتابه العزيز (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الأمِينُ) وأعيد وأذكر بأن الله اختص هذا الوطن برجال يحملون على أكتافهم هموم هذا الوطن وهذا الجهاز برجاله وقياداته فى مقدمة صفوف هؤلاء الرجال.
لطالما طالعتنى الاخبار بجهود جبارة تقوم بها هيئة الرقابة الإدارية بقيادة اللواء عمرو عادل، ترفع شعار لا أحد فوق المحاسبة (الوزير زى الغفير)، تطبيقا لسنة الله فى الأرض وتطبيقا لقواعد الحق والعدل.
ترجمت هيئة الرقابة الإدارية، الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التى وضعها الرئيس السيسى، وفطنت قيادات الجهاز إلى ما يصر عليه الرئيس من أن الفساد أخطر بكثير على الاوطان من الإرهاب والحروب وغيرها، وقام بدور كبير فى هذا الشأن.
ولا يخفى على أحد أن الفساد الإدارى آفة خطيرة لأنه يسبب فساد المؤسسات ويجعل من المال العام مستباحًا، لهذا يجب محاربته بجميع الطرق وبكافة أشكاله، سواء أكان على شكل سرقة أم رشوة أم غير ذلك.
ولعل موافقة مجلس النواب فى 11 أكتوبر 2017 على تعديلات قانون هيئة الرقابة الإدارية ونقل تبعيتها إلى رئيس الجمهورية أحدث نقلة نوعية غير مسبوقة فى سرعة كشف الفساد وتطبيق القانون على اى مواطن أياً كان.
وأصبحت بموجبه هيئة رقابية مستقلة مصرية تتبع رئيس الجمهورية.
وجاءت المادة الأولى أن: هيئة الرقابة الإدارية هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفنى والمالى والإدارى، وتهدف الهيئة إلى منع الفساد ومكافحته بكافة صوره واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة للوقاية منه، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة وحفاظا على المال العام وغيره من الأموال المملوكة للدولة.
أن انتقال التبعية لرئاسة الجمهورية أعطى المزيد من الاستقلال للهيئة، ولوحظ خلال الفترة الأخيرة دور ملموس وفاعل للهيئة فى محاربة الفساد وتحررت الهيئة من أية قيود وتطلق يدها لمكافحة الفساد.
حق علينا ومن باب إسناد الفضل لأهله ونحن نكتب للتاريخ عن سيرة هؤلاء الرجال الذى يحافظون على مقدرات الوطن فابن مصر (العادل) كما أحب أن ألقبه اللواء: عمرو عادل رئيس هيئة الرقابة الإدارية وباقى قيادات وضباط وافراد الجهاز، مثال يحتذى به وسيذكر التاريخ الدور الوطنى الكبير لهذا الجهاز.
يذكر أن اللواء العادل التحق سيادته للعمل بالهيئة عام 1995 وتدرج فى المناصب المختلفة حيث شغل بها كافة الوظائف التنفيذية والقيادية بالوحدات المركزية والإقليمية والتخصصية إلى أن شغل منصب رئيس جهاز الخدمة السرية عام 2015 ثم نائب رئيس الهيئة عام ٢٠١٩.
قضى فى العمل الرقابى أكثر 28 عاماً، شغل خلالها كافة الوظائف التنفيذية والقيادية بالوحدات المركزية والإقليمية والتخصصية، وحصل على العديد من الدورات التدريبية فى علوم الإدارة والاقتصاد والحوكمة ومنع ومكافحة الفساد داخل وخارج البلاد وهو ما دفع سيادته إلى قيادة الجهاز بفكر وروح الفريق، وادخل العديد من الامور الهامة ضمن نطاق وأولويات المرحلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر حل مشكلات الاستثمار والمستثمرين والتى يقودها فريق من امهر الضباط.
نستطيع أن نقولها وبقوة متخافوش على مصر، فعناية الله ترعاها، وأبناؤها يرفعون شعار الوطن أولا وأخيرا وبإذن الله سوف نستكمل فى مقالاتنا القادمة باقى الرموز المضيئة فى هذا الوطن.
وللحديث بقية مادام فى العمر بقية.
المحامى بالنقض
عضو مجلس الشيوخ
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المحامي بالنقض عضو مجلس الشيوخ طارق عبدالعزيز العادل كلمة حق القوى الأمين حروب الجيل الرابع مصر مقدرات الوطن هیئة الرقابة الإداریة هذا الجهاز
إقرأ أيضاً:
الخوض في قضايا وهموم الشرطة: السير فوق غابة الأشواك
الخوض في قضايا وهموم الشرطة: السير فوق غابة الأشواك
لم تبدأ علاقتي بالكتابة حول هموم الشرطة مع أيام الثورة أو بداية الحرب، بل هي علاقة قديمة، ممتدة ومتجذرة، تعود إلى ما قبل السوشيال ميديا. كانت الصحف الورقية حينها هي المنبر الذي يطالع فيه الناس الكلمة المطبوعة على الورق، شهادة للكاتب أو عليه، وأرشيفًا محفوظًا عبر الزمن.
منذ تلك الفترة، ظللت أكتب حول محورين أساسيين لا أفارقهما: المنافحة عن الشرطة حين تُظلم أو يُساء إليها، والسعي لطرح أفكار أعتقد أنها تمثل “شرطة بكرة”؛ شرطة واعية بدورها، مزودة بالأخلاق، محصنة بالعلم، ومنفتحة على التطوير.
عندما ظهرت الأسافير، كانت لنا صولات وجولات عبر منبر “سودانيزاونلاين” الشهير، حيث دافعنا عن الشرطة، وناقشنا النواقص دون تردد، وتحدثنا عن “نقص القادرين على التمام”. انتقلنا بعدها إلى صفحات “فيسبوك” بنفس النهج والأسلوب: لا فظاظة، لا شتائم، لا مهاجمة للأشخاص، بل تركيز على القضايا، وتشريح للواقع بعين شرطي متقاعد يحمل همّ الوطن والشرطة.
ثم جاءت الحرب، ففرضت واقعًا قاسيًا، وأضعفت مفاصل الدولة، وانتُشلت الشرطة من ميادينها. فكان لزامًا علينا أن نتقدم الصفوف دفاعًا عنها، وأن نبصّر الناس بحقائق مغيّبة. خضنا معارك شرسة بالكلمة، ونحن نعلم أن الكلمة في هذا الزمان قد تُعد تهمة، وأن الصمت مريح لكنه ليس خيارًا لمن يحمل همّ الوطن وهمّ الشرطة.
لقد كتبنا طوال هذه السنوات لا سعياً لمنصب أو مال أو طمعًا في جاه أو شهرة، بل كتبنا ابتغاء وجه الله تعالى، وإيمانًا بأن الكلمة أمانة، وأن الإصلاح مسؤولية. من حق الشرطة علينا أن ننصحها، ومن حق الناس علينا أن نصدح بالحقيقة، ومن حق الوطن علينا أن نكون أوفياء له، كلٌّ من موقعه، وكلٌّ بقدر طاقته.
على مدى أكثر من ربع قرن، من أواخر التسعينيات وحتى اليوم، لاقت كتاباتي استحسانًا من كثيرين: قادة شرطة، زملاء، ومواطنين مدنيين، ذلك الفضل من الله. وفي المقابل، لاقت استهجانًا وتحفظات من آخرين، بل تعرضت للأذى والتشكيك في النوايا، والاتهامات المباشرة والمبطنة. لكن ذلك كله لم يكن كافيًا لإيقاف قلمي، أو إطفاء جذوة الإيمان بداخلي بأن ما أكتبه هو واجب وطني، ورسالة يجب إيصالها كاملة غير منقوصة.
غير أن للحرب وطأتها، وللزمن أحكامه، وللجسد طاقته المحدودة. لقد أرهقتنا الأيام، وضاقت في عيوننا المساحات، وتقلصت فسحة الاحتمال. ولأن النفس لها علينا حق، كما قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن لربك عليك حقًا، ولنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، فأعطِ كل ذي حقٍ حقه”، فإنني اليوم، وبعد أن قدمت ما استطعت، وقلت ما وجب قوله، وكتبت ما لم أستبق منه شيئًا، أعلن عبر هذا المقال:
اعتزالي الكتابة عن شؤون وهموم الشرطة.
إن هذا الاعتزال ليس يأسًا أو انسحابًا من ساحة المعركة، بل هو قرار ينبع من فهم دقيق للظروف الحالية ومتطلباتها. في بعض الأحيان، تقتضي الضرورة اتخاذ خطوات إستراتيجية تتيح الفرصة لإعادة التقييم والتخطيط بشكل أكثر فعالية، بما يتماشى مع الأهداف الكبري التي لا تتحقق إلا بالصبر والحكمة في التعامل مع الأوضاع المعقدة.
الآن وبعد أن تحررت الخرطوم، وبعد أن دُحِر العدو من عاصمتنا، دقّت ساعة العمل. الحرب لم تنتهِ بعد، فهناك جولات قادمة في كردفان و دارفور، لكننا في الخرطوم أمام مسؤولية جديدة: مسؤولية بسط الأمن وإعادة الإعمار. انتهت معركة التحرير، وبدأت معركة البناء. وهذه معركة لا تقل شراسة عن القتال، لكنها تتطلب أدواتٍ أخرى. تتطلب أن نكون في الميدان، لا على الورق فقط. يجب أن نكون في خدمة الوطن، والشرطة، والمواطن، ودعم جهودها لترسيخ الأمن، وإعادة هيبة الخرطوم واستقرار السودان.
لقد حان وقت العمل. لم يعد هناك مجال للحديث والكتابة والانتظار. القلم في هذا الميدان قد انتهى دوره، ولعل في الساحة من يحمل الراية ويواصل المسير، ولو فوق غابة الأشواك.
والله من وراء القصد.
بقلم: عميد شرطة (م) عمر محمد عثمان
9 أبريل 2025م
إنضم لقناة النيلين على واتساب