توصَّلت دراسة علمية مُحكَّمة نُشرت بمجلة الآداب والعلوم الاجتماعية في جامعة السلطان قابوس بعنوان "الانضباط اللغوي في المحتوى العربي لحسابات المؤسسات الحكومية بسلطنة عُمان في مِنصَّة إكس (X)" إلى الأخطاء اللغوية الشائعة في المحتوى العربي لحسابات المؤسسية الحكومية من خلال اختيار 55 حسابًا مؤسسيًّا حكوميًّا بحُكم طبيعتها الخِدمية المجتمعية، واعتماد معيار فاعلية الحساب المتمثلة في عدد التغريدات، ثم حُصِرتْ عينة الدراسة في أعلى 20 حسابًا بمعيار الحساب الأكثر في عدد التغريدات لكونها مرتكز الدراسة.

تكوّن الفريق البحثي للدراسة من أكاديميين من جامعة السلطان قابوس، وهم: الباحث الرئيس: الدكتور زاهر بن بدر الغسيني الأستاذ المشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية، والباحث المشارك الدكتور زاهر بن مرهون الداودي رئيس قسم اللغة العربية وآدابها في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية، والطالبة ريان بنت محمد المالكية، طالبة بكالوريوس في كلية التربية بجامعة السلطان قابوس، تخصص اللغة العربية.

وبعد تطبيق منهج الدراسة التي استمرت أكثر من 9 أشهر؛ حَلَّلتْ الدراسة الأخطاء الشائعة في 20 حسابًا مؤسسيًّا حكوميًّا، هي: جريدة عُمان، وكالة الأنباء العُمانية، مركز الأخبار بتلفزيون سلطنة عُمان، تلفزيون سلطنة عُمان، وزارة التراث والسياحة، هيئة حماية المستهلك، مجلس الشورى، وزارة الصحة، وزارة التربية والتعليم، المركز الوطني للإحصاء والمعلومات، غرفة تجارة وصناعة عُمان، إذاعة سلطنة عُمان، قطاع البحث العلمي والابتكار بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وزارة الإعلام، مركز القبول الموحد بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات، وزارة الثقافة والرياضة والشباب، مجلس الدولة، شرطة عُمان السلطانية.

واعتمدتْ الدراسة على استقراء البيانات المؤرشفة في حسابات الجهات المذكورة في مِنصّة إكس (X) من خلال اختيار عينة تبلغ (30) تغريدة لكل حساب مؤسسي: (10) تغريدات في 2020، ومثلها في 2021، وفي 2022م، بحيث يكون مجموع عدد التغريدات في الدراسة (600) تغريدة، ثم تحليلها للوقوف على الانضباط اللغوي في المؤسسات الحكومية المذكورة.

ويقول الباحث الرئيس في الدراسة الدكتور زاهر بن بدر الغسيني في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: إنه رغم النظرة الدونية للبحوث الإنسانية لكن قيمتها المعرفية لا تقل عن قيمة البحوث ذات التخصص العلمي البحت، إذ تعالج البحوث الإنسانية إشكاليات تتعلق بالواقع الاجتماعي والنسق الثقافي والتربوي، في مقدمتها الهُوية، وتكمن إشكالية الدراسة المذكورة في أنها تركز على جانب الهُوية اللغوية للبلد، فقد حَدد النظام الأساسي للدولة في سلطنة عُمان في مادته الثالثة أنّ اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلد، لكن هناك خللًا لغويًّا في المحتوى العربي لبعض الحسابات الحكومية الرسمية في سلطنة عُمان، ممَّا انعكس سلبًا على المؤسسة التي صَدر منها الخبر في بعض الأحيان.

وأضاف أنه من المؤمل أن تُسهم نتائج الدراسة في إفادة صُنَّاع القرار بسلطنة عُمان في معالجة جوانب القصور اللغوي بما يُحقق أهداف المؤسسة ورسالتها المنوطة بها.

وارتكزت الدراسة على المنهج الاستقرائي التحليلي للمحتوى العربي في تغريدات المؤسسات الحكومية ضمن عينة الدراسة في مِنصَّة إكس (X). ونظرًا لتفاوت الآراء في الصحة اللغوية، وجواز استعمال بعض الألفاظ تفاديًا للتضييق اللغوي من زاوية، ومراعاة التطور الدلالي للكلمة من زاوية أخرى، فإن هناك آراءً مقبولة عَملًا بمبدأ اتساع اللغة، إلا أن هدف الدراسة هو تحقيق أعلى مستوى من الانضباط اللغوي والدقة في توظيف الألفاظ الفصيحة، وعليه؛ فقد اعتمدت الدراسة في تتبع الأخطاء على المعيارية في الفصيح.

وأوضح أنّ الدراسة حاولت الإجابة عن الأسئلة الآتية: ما مدى الانضباط اللغوي في حسابات المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان؟ وما أكثر الأخطاء اللغوية تكرارًا في حسابات المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان، سواء الأسلوبية، أم الإملائية، أم النحوية، أم المعجمية؟ وما الأسباب الكامنة خلف الأخطاء اللغوية وتكرارها في حسابات المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان، وسبل علاجها؟

وتطرقت الدراسة إلى الأخطاء: الإملائية، والأسلوبية، والنحوية، والمعجمية، إذ بلغ عددها 637 خطأً إملائيًّا، بنسبة (60.96%)، من مجموع الأخطاء، وبلغت الأخطاء الأسلوبية، (218) خطأً أسلوبيًّا، وبنسبة (20.86%) من مجموع الأخطاء، أما الأخطاء النحوية فقد بلغت (120) خطأً نحويًّا، وبنسبة (11.48%) من مجموع الأخطاء، وبلغت الأخطاء المعجمية (70) خطأً معجميًا، وبنسبة (6.70%).

ويرى الباحثون في الدراسة أنّ أسباب هذه الأخطاء راجعة إلى ضعف مستوى المُدققين اللغويين في المؤسسات الحكومية؛ لعدم الممارسة التطبيقية للّغة العربية في واقعها التداولي، بوصفها لغة وظيفية أكبر من كونها لغة تنظيرية، وتركيز المؤسسات الحكومية في صناعة المحتوى المعرفي والمُنتج الإعلامي والتسويقي المُراد إيصاله للمجتمع على المعنى والفكرة دون اهتمام بالاستعمال اللغوي السليم للمحتوى العربي، وهيمنة الثقافة السمعية والبصرية -مُمثلة في المقاطع المرئية- على المشهد الإعلامي في قنوات التواصل الاجتماعي، مقابل تراجع ثقافة الكلمة المكتوبة والمقروءة، ووجود أكثر من حساب للمؤسسة في أكثر من مِنصَّة للتواصل الاجتماعي يُشكل عائقًا في التدقيق اللغوي، لا سيما أن ثورة الإعلام الرقمي تستوجب سرعة التعامل مع الحدث وأخباره، ممَّا يؤدي إلى قلة التركيز في الكتابة، وعدم الانتباه إلى تدقيق التغريدات لغويًّا قبل تداولها ونشرها في المجتمع. إضافة إلى ذلك؛ تشكلت الصورة النمطية لبعض الألفاظ اللغوية لدى مشرفي حسابات المؤسسات الحكومية في منصات التواصل الاجتماعي بأنها صحيحة في توظيفها اللغوي، وهي ظاهرة تقع ضمن مقولة: "خطأٌ مشهورٌ خيرٌ من صوابٍ مهجور"، والاعتماد بصورة كبيرة على خدمات التدقيق اللغوي الإلكترونية، أو التصحيح التلقائي في بعض البرامج مثل (Word) ممَّا يؤدي إلى عدم دقة التصحيح اللغوي.

وتوصَّل الباحثون في هذه الدراسة إلى نتائج منها وجود تباين في مستوى التوظيف اللغوي للمحتوى العربي في حسابات المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان، إذ لم يظهر أي خطأ معجمي ولا نحوي في حساب وزارة الإعلام، يقابل ذلك وجود (45) خطأً إملائيًّا بنسبة (7.1%)، و(7) أخطاءٍ أسلوبية، بنسبة (3.2%) في الحساب نفسه، وهذا يَسهل على المختصين في وزارة الإعلام علاجه من خلال الاطلاع على توصيات هذه الدراسة، وجاءت الحسابات الإعلامية والإخبارية (عدا حساب إذاعة سلطنة عُمان) في صدارة الـ 20 حسابًا ضمن معيار عدد التغريدات، وهو أمرٌ مُسلم به، لكونها حسابات إخبارية مهمتها الأساسية الإعلام والإخبار بكل ما يشهده المجتمع العُماني والعالمي من أحداث متنامية ومتجددة.

وانطلاقًا من النتائج التي توصل إليها الباحثون؛ خرجت الدراسة بتوصيات تهدف إلى المحافظة على اللغة العربية الصحيحة في النسق التداولي بمنصات التواصل الاجتماعي، وتنمية الحس اللغوي في التوظيف اللغوي السليم للمحتوى العربي من خلال إشعار المؤسسات في سلطنة عُمان بمسؤوليتها الوطنية تجاه تعزيز المواطنة اللغوية في منصات التواصل الاجتماعي والواقع الإداري للمؤسسات بما يضمن تشكيل الوعي العام في المجتمع العُماني بقيمة اللغة العربية. ومن توصيات الدراسة ضرورة وجود قانون يحافظ على سيادة اللغة العربية في النسق التداولي في جميع المؤسسات الحكومية في سلطنة عُمان، لكونها اللغة الرسمية للبلد، مع أهمية وجود هُوية لغوية واضحة لكل مؤسسة حكومية في سلطنة عُمان، تتضمن الألفاظ والمصطلحات المستعملة والمتداولة ضمن مهام المؤسسة الوظيفية واختصاصاتها بما يضمن الخصوصية اللغوية للمؤسسة، وتنفيذ الحلقات التدريبية التطبيقية بشكل مستمر لمشرفي حسابات المؤسسات الحكومية في منصات التواصل الاجتماعي، بهدف تطوير مهارات التوظيف اللغوي السليم، ومعالجة الأخطاء المتكررة، وأهمية وجود إستراتيجيات اتصالية لغوية فاعلة توظفها المؤسسات الحكومية في المحتوى العربي لرسائلها المجتمعية من خلال مِنصَّة إكس (X) بما يضمن الاستفادة من الإمكانيات التفاعلية التي تُقدمها هذه المِنصَّة، ولفت انتباه المجتمع العُماني إلى الحساب المؤسسي والخدمات المُقدَّمة، مع اشتراط حد أدنى من المستوى اللغوي من اللغة العربية في الوظائف والمناصب الإدارية، أسوة بشرط إتقان اللغة الإنجليزية تحدثًا وكتابة في كثير من الوظائف، ويتوجب على المؤسسات التعليمية أيضًا إعادة النظر في الخطط التكوينية للمتخصصين في اللغة العربية، بحيث يكون الجزء الأكبر من الخطط الدراسية للجانب اللغوي التطبيقي، مع التوسع في عدد المدققين اللغويين في المؤسسات الحكومية، ووضع معايير مختلفة لاختيار هؤلاء المدققين؛ بما يضمن الممارسة التطبيقية السليمة، وتقليل الأخطاء اللغوية في الواقع الإداري التداولي للغة العربية، وإلزام المؤسسات الحكومية بإصدار جميع أخبارها، ومطبوعاتها، وتقاريرها ونشرها في منصات التواصل الاجتماعي باللغة العربية أولًا، ثم التفكير في اللغة الإنجليزية إن كانت هناك ضرورة، مع تبني مسابقات تحفيزية بين حسابات المؤسسات الحكومية تستهدف أفضل حساب يُحافظ على الهُوية اللغوية في المحتوى العربي بالواقع التداولي في مِنصَّة إكس (X)، وأقل الحسابات المؤسسية في الأخطاء اللغوية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی منصات التواصل الاجتماعی فی المحتوى العربی العلمی والابتکار للمحتوى العربی اللغة العربیة الدراسة فی ع مان فی م بما یضمن من خلال فی حساب فی م نص حساب ا

إقرأ أيضاً:

دراسة جديدة تستكشف آراء المجتمع اليمني حول العدالة الانتقالية

يمن مونيتور/قسم الأخبار

أصدرت مجموعة من المنظمات الحقوقية المحلية بالتعاون مع شركاء دوليين دراسة ميدانية بعنوان “الطريق نحو السلام”، تسلط الضوء على آراء المجتمع المحلي بشأن العدالة الانتقالية وسبل تنفيذها.

وأشارت الدراسة، التي أعدتها منظمة سام للحقوق والحريات ورابطة أمهات المختطفين بدعم من معهد دي تي، إلى أن اليمن يعاني من انتهاكات جسيمة ضد المدنيين منذ حوالي عشر سنوات. وأكد التقرير أهمية أن تكون العدالة الانتقالية، التي تتضمن مبادئ الإنصاف والمساءلة، جزءًا أساسيًا من أي عملية سياسية أو اتفاق سلام مستقبلي.

واعتمدت الدراسة منهجية نوعية تضمنت 122 مقابلة و20 جلسة بؤرية في ست محافظات، حيث تم جمع البيانات وتحليلها لضمان دقتها. وكشفت النتائج أن 79% من الضحايا أكدوا تعرضهم لانتهاكات مباشرة، بما في ذلك الاعتقال التعسفي والتعذيب، مع تأثيرات واضحة على النساء والفئات الضعيفة.

وفي سياق مسارات العدالة الانتقالية، أوصى المشاركون بضرورة إنشاء آليات لتعويض الضحايا وإجراء إصلاحات حكومية ودعم مبادرات المصالحة. كما تم التأكيد على أهمية كشف الحقائق وتعزيز المراقبة الدولية، على الرغم من وجود تحديات كبيرة تشمل غياب هيئة وطنية مختصة ونقص الموارد المالية.

كما تناولت الدراسة أهمية بناء مقاربة شاملة لمعالجة جذور الأزمة، حيث اعتبر المشاركون أن إنهاء الصراع وإقامة دولة قوية هو الأساس لتحقيق العدالة. وأبرزوا ضرورة إشراك الفئات المهمشة في عمليات العدالة الانتقالية وتوفير الدعم القانوني والمالي لهم.

ولفتت الدراسة الانتباه إلى الانقسام بين المطالبين بالمصالحة والمطالبين بالمحاسبة، مما يعكس الحاجة إلى نموذج مرن يوازن بين الجانبين. كما أوضحت العقبات التي تواجه الضحايا في سعيهم لتحقيق العدالة، مثل الخوف من الانتقام ونقص الضمانات القانونية.

وأكدت الدراسة على أهمية دور المجتمع المدني في دعم العدالة الانتقالية، ودعت إلى الاستفادة من الفرص المتاحة لتحقيق تقدم في هذا المجال.

وأوصت بضرورة تضمين مبادئ العدالة الانتقالية في أي اتفاقية سلام مستقبلية، وإنشاء محكمة وطنية مختصة لضمان محاسبة المسؤولين.

 

 

 

 

 

 

 

مقالات مشابهة

  • دراسة جديدة تستكشف آراء المجتمع اليمني حول العدالة الانتقالية
  • دراسة جديدة تكشف عن نظام هيدرولوجي نشط في المريخ
  • كلية الألسن بالأقصر تختتم فعاليات مؤتمرها الدولي الرابع حول التواصل اللغوي والثقافي في عصر الرقمنة
  • وزارة الإعلام تطلق أول منصة إعلامية للطفل في سلطنة عُمان
  • 5 أدوية تساعد على الوقاية من الخرف
  • دراسة تحذر من الاستهلاك المفرط للسكر وتأثيره على الصحة العامة في سلطنة عُمان
  • يعزز ذكاء المراهقين.. دراسة ترصد تأثير النوم المبكر على تطور الدماغ
  • دراسة: حفنة من الجوز يوميا تحميك من سرطان القولون
  • دراسة: الدارجة تهيمن والفصحى تتوسع عند المغاربة
  • تعاون بين "عمان داتا بارك" و"أوشرم" و"إليفاتوس" لتطوير قطاع التوظيف والموارد البشرية بالذكاء الاصطناعي