رومانوسكي.. وتأثيرات (الغياب الأمريكي) عن الأنبار!!
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
يناير 13, 2024آخر تحديث: يناير 13, 2024
حامد شهاب
ربما كانت السفيرة الأمريكية فوق العادة (الينا رومانوسكي) أكثر حظا من بقية السفراء الأمريكيين في أنها استطاعت أن تمسك بالملف العراقي وتضع الحكومات العراقية التي رافقت ظهورها أمام الأمر الواقع في أن لتلك السيدة حضورا يحاول أن يفرض نفسه وليس بمقدور ساسة بغداد وبخاصة من الإطار إلا وأن تكون لديها معهم علاقات قوية ولن يكون بمقدورهم إلا وأن يستمعوا الى نصائحها وما تسديه اليهم من وجهات نظر يجدونها أنها أمر واقع ينبغي الرضوخ له شاءوا أم أبوا، بالرغم من أنهم يجدون أنفسهم مرغمين بضغوط خارجية من عدم الاستجابة أحيانا للشروط التي تفرضها على العلاقة معهم، كونهم يرون أنفسهم بين نارين.
لكن هناك نقطة جوهرية كما يبدو لم تلتفت اليها السفيرة رومانوسكي كثيرا، ولا الساسة الأمريكان بوجه عام وهي عدم اهتمامها بأهل الأنبار وبخاصة بنخب تلك المحافظة ورموزها الذين كانت تتشكل منهم سلطات أية دولة عراقية منذ قرون وهم من كانوا أهم معالم تلك الدولة وهم من رسموا استراتيجيتها وأحكموا قبضتهم على الدولة العراقية ووضعوا أسس بنائها وادوارها وكيف تكون علاقاتها مع دول العالم، وبخاصة مع دولة كبرى هيمنت على العالم مثل الولايات المتحدة، وربما لم تزر رومانوسكي الأنبار وتلتقي برموزها الا مرة واحدة قبل عام، وكأن الأنبار ليست مرتبطة بالعراق، بل هي العنصر الأساس في ركائز الدولة العراقية ومركز معادلتها، وكذا الحال بالنسبة لمحافظات كبيرة ومهمة مثل نينوى التي تغافلتها السفيرة الأمريكية وبقية السفراء الأمريكيين كليا ولم توليها الاهتمام الذي يستحق إضافة الى (غيابها) الواضح عن محافظات (سنية) أخرى مثل صلاح الدين وديالى وكركوك.
وبالرغم من أن الأنبار تحظى بأهمية استراتيجية في السياسة الأمريكية ولديهم فيها قاعدة عسكرية كبيرة في البغدادي هي (عين الأسد) وشركاتهم الكبرى تفتح عينيها على ثروات مهمة مقبلة في الأنبار وبعضها موجود من أزمنة سابقة ، والاكتشافات المهمة للغاز في الأنبار وحتى النفط وما تكتنزه هذه المحافظة من ثروات الفوسفات وكونها احد أعمدة الزراعة العراقية والصناعات التي كانت تزخر بها كالزجاج والسيراميك والفوسفات والسمنت ، وفوق كل هذا وذاك نخب السياسة والثقافة الذين تزخر بهم الأنبار وبرموزها إلا أن الاهتمام الأمريكي مع إدارات الأنبار ونخبها المهمة، وما أكثرها، لم يرتق الى الحالة المطلوبة كمكانة ودور ، ولم يكن بتلك الحالة المرضية والمقبولة الذي يفترض بأن يكون الاهتمام بها على رأس أولويات الولايات المتحدة كدولة كبرى يهمها أمن الأنبار ومستقبلها إلا أنها أبقت الاهتمام يتركز على بغداد ومحافظات الوسط والجنوب وأهملت (كليا) الاهتمام بالأنبار وبقية المحافظات (السنية) وشكلت حالة (الغياب) تساؤلات كثيرة وحالات من الريبة والشك لدى ساسة وجمهور ونخب تلك المحافظات عن تلك (الازدواجية) غير المنصفة في النظرة الى مكانة المحافظات العراقية والى دور أهلها ومكانتهم عبر التاريخ، وكأن بغداد وحدها هي من تحكم ومن نصبتهم عليها هم وحدهم من يقررون مستقبل العراق وليذهب الآخرون الى الجحيم، وهو أمر خطير أبقى تلك العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة وعوامل الاضطراب يتسع مداها دون أن يستطيع الامريكان منذ أكثر من ( 20 ) عاما من وجودهم في العراق من وضع الأمور في نصابها ، ولم يكن لدى الولايات المتحدة نوعا من حالة (التوازن) في النظرة الى المكونات العراقية الأساسية ، وبقي هذا (الاختلال الكبير) أمر مستغربا ويدعو للأسف والرثاء، ولم يلتفت اليه كل السفراء الأمريكيين وحتى صانعي قرارهم في الولايات المتحدة التي أبقت على (تماس) مع قادة (الشيعة) وأهملت بقية المكونات العراقية ، وهم أنفسهم الان من جاءوا بهم وسلموهم مقدرات العراق ليتلاعبوا بها على هواهم واذا بهم أول من يظهرون لها الان العداء ويحملون بوجهها السلاح لانتزاع السلطة منها وتسليمها لمقدرات دول خارجية تتحكم بمستقبل العراق منذ أكثر من عشرين عاما وبعلم الولايات المتحدة وبمباركة منها في كثير من الأحيان.
لقد شاءت الأقدار بالنسبة لي كإعلامي وباحث في الشؤون الإعلامية والسياسية أن أكون أحد المتابعين للسياسة الامريكية ولتطورات علاقتها بالعراق صعودا أو نزولا منذ السبعينات ولدي خبرة متراكمة تكونت عن سياسات الولايات المتحدة عبر كل تلك السنوات بكل رؤاها وتوجهات كبار مسؤولي من يضعون الاستراتيجيات الأمريكية ويرسمون معالمها ولهم أدوار مهمة في القرار الأمريكي على مستوى وزراء خارجية أو وزراء دفاع ومستشاري الأمن القومي الأمريكي ومراكز بحثية أمريكية نقرأ عنها ونعرف مديات توجهاتها ولنا معرفة متعمقة في الكثير من معالم تلك الاستراتيجيات التي رسموها وهي معلنة ونحفظ بعض أنماط توجهاتها ربما عن ظهر قلب، ولدينا كتابات وبحوث متعمقة في الكشف عن توجهاتها وأنماط تفكيرها والنظريات التي رسمت في زمنهم وكيف تغيرت الأحوال بين فترة وأخرى ، بالرغم من أن السنوات الأخيرة من عهد الولايات المتحدة لم يبرز فيها منظرو سياسة وواضعو استراتيجيات وكأنها اصبحت تعاني من (جدب فكري واستراتيجي وقيمي) وهي تعتاش الان على (بقايا) ما خطط له مفكرون وراسموا استراتيجيات أمريكيين منذ عقود وعهود مضت.
أجل.. إن أهل الأنبار ، وأقصد رموزهم ونخبهم وحتى شيوخا ورموزا من عشائرهم ما يزالون ينظرون بعين الاستغراب والحيرة من عدم اللامبالاة بأحوالهم ودورهم ودور بقية محافظاتهم التي لم تر الاهتمام الجدي والمطلوب من قبل الولايات المتحدة بالعلاقة مع تلك الرموز والنخب المهمة وهم في أغلبهم أعمدة العراق ورايات نهوضه وتقدمه وفيهم أعلام بارزة وقدرات أكاديمية وعلمية وثقافية وفنية تكاد تملأ الدنيا بخبراتها وحنكتها، لكن الولايات المتحدة وحتى السفيرة رومانوسكي ما تزال بعيدة عن اهتمامها بأحوالهم ومستقبل اجيالهم ، ولا يجدون الاهتمام الذي يفترض أن تمنحه الولايات المتحدة التي كانت (التهمة الموجهة لها منذ سنوات عديدة أنها تعاني من (الغباء) في أشكال علاقات ساستها مع دول العالم وهي أقرب من أن تكون (أحادية التفكير) وبعيدة عن النظرة الشمولية التي يفترض ان تنظر بها الى مكونات أية دولة ومنها العراق الذي له حصة الأسد من الاهتمام، وإن كان اهتمامها بهذا البلد في السنوات الأخيرة ليس بالدرجة والأهمية التي كان عليها قبل سنوات، لكنها قبلن أن يحكم العراق من طائفة بعينها حصرت لديها مراكز السلطة السياسية والعسكرية والأمنية ولم تبق للآخرين من المكونات الأساسية العراقية سوى قشور من دوائر ووزارات لا تقدم ولا تؤخر.
كان المؤمل أن تقيم السفيرة رومانوسكي علاقات وطيدة ليس مع بعض رموز الأنبار الموجودين في ظاهر السياسة في بغداد أو مركز المحافظة فقط، وعلى عدد محدود جدا منهم ولكن مع بقية نخبها المخبئة التي لم تظهر الى الوجود لظروف مختلفة كانت الولايات المتحدة وإهمالها لمكانتهم هي من دقت هذا (الأسفين) الكبير في العلاقة مع أهل الأنبار ومحافظات (المكون السني) وتركت (معاول الهدم) وهي تحاول الابتعاد من الاقتراب من الولايات المتحدة بعد أن تجاهلت دورهم ومكانتهم فما بقي منهم إلا أن يقابلونها بالمثل في (التجاهل المتبادل) ، وخسرت الولايات المتحدة بسبب تلك السياسة التمييزية القاصرة بين المكونات العراقية خسرت الكثير من سمعتها ومن فرصة أن يكون لها وجود مؤثر وقوي يمنحها مكانة أقوى لو أعطت لتلك المكونات الاهتمام الذي يستحق.
بل أنه حتى من كانوا بارزين على مستوى سياسي من أبناء محافظات المكون (السني) ومنهم رموز الانبار الذين كانوا في الواجهة السياسية كانوا أبعد ما يكونون من علاقة طيبة مع السفيرة الأمريكية ومن كل السفراء الامريكيين السابقين الذين كانوا يقبعون ببغداد ، ولم يكن بمقدور المسؤولين الامريكيين وبخاصة سفرائهم أن يتجولوا ولو بأمتار ويقيموا علاقات مع رموز العراق التي لم تظهر الى الوجود وحتى مع شعب العراق وكانت علاقتهم (شبه غائبة) وتحكمها علاقات (تباعد وافترق) كثيرة أكثر من علامات التقارب والود التي تركت آثارا سلبية خطيرة على تلك العلاقة وبقيت تحكمها حالات الريبة والتشكك والابتعاد بسبب (الانكماش الامريكي) وسياسة (عدم الانفتاح) على المكونات العراقية التي تشكل اعمدة الثقافة العرقية وإرثها التاريخي الأصيل الزاخر بالرموز الكبيرة والمؤثرة والتي بقي أغلبها خارج العراق، ولم تبذل الولايات المتحدة جهودا كما يفترض لإعادتها الى الحياة السياسية، إن لم تكن قد حاربت من عادوا منهم بطرق مختلفة ، ولم توليه الاهتمام المطلوب وبقي الاخرون من المستويات الرفيعة من أهل العراق بعيدين عن الاقتراب من الأمريكان ، كونهم هم قد عانوا من مخلفات السياسات الامريكية ولامبالاتها أزاءهم وتجاهلها دورهم وهم بالآلاف وليس بالعشرات.
وهناك غيض من فيض من (المرارات) وتراكمات من الماضي الثقيل والسحيق المحمل بالنظرة القاصرة والأحادية وغير المتزنة أو غير العادلة التي يسجلها أهل الأنبار وبقية المحافظات العراقية التي لم تنل الإهتمام الامريكي وحتى الاوربي الذي يوازي مكانتها ودورها ، وهي من أكثر من نالت من أذى السياسات الأمريكية وإرهابها عليهم في سنوات مضت ووجهت لهم مختلف التهم التي لا يستحقونها وقد اعترفت الولايات المتحدة بأحقية معارضتهم لسياساتها الاحتلالية في بداية دخولهم الى العراق ، بالرغم من أن هناك (فرصا سانحة) قد توفرت لإقامة الكثير من حالات التلاق والتقارب مع نخبها وساستها ومع من لهم بعضا من سلطة القرار.
بل أن الولايات المتحدة بنرجسية ساستها ولامبالاتهم هي من أضاعت فرصا كثيرة لبناء علاقات متينة مع من لهم أدوار مهمة في تلك المحافظات التي عانت من حالات (الجفاء) و(التباعد) و(الافتراق) مع الولايات المتحدة، وربما نحتاج لـ (مجلدات) للحديث عن (الجروح المثخنة) والآلام الكبيرة ومخلفاتها الكارثية التي تسببت بها الولايات المتحدة في سياساتها القاصرة ، التي لا ترتقي الى دولة كبرى يهمها أمن العالم واستقراره ، وكانت سياساتها المتخبطة والمفرطة في النرجسية والاستعلاء غير المبرر ، وربما بسبب حالة (الغباء) التي عانت منها السياسة الأمريكية أزاء محافظات ( المكون السني) ومواقفها غير العادلة من القضايا العربية وبخاصة القضية الفلسطينية وانحيازها السافر للكيان الصهيوني كليا هي من وضعتها في هذا المصير الذي لا تحسد عليه.
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الکثیر من التی لم أکثر من
إقرأ أيضاً:
ما دلائل دعوة السيستاني إلى حصر السلاح بيد الدولة العراقية؟
أثارت دعوة المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، إلى تحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة العراقية، العديد من التساؤلات بخصوص توقيت هذه الخطوة، ومن الجهات المطالبة بالتخلي عن سلاحها، وما مدى استجابة الفصائل المسلحة لذلك.
ودعا السيستاني خلال استقباله ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الجديد لدى بغداد العماني محمد الحسان، الاثنين، إلى "منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات".
وشدد المرجع الديني الشيعي في العراق، على أن هناك "مسارا طويلا كما يبدو أمام العراقيين إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك"، مشيرا إلى "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد"، وفقا لوكالة الأنباء العراقية.
"فرصة تاريخية"
وبخصوص توقيت دعوات المرجعية، قال المحلل السياسي العراقي، عائد الهلالي، إن "البيان كان لافتا بعد غياب لمدة طويلة، وأن المرجعية الدينية اليوم تدخل على الساحة السياسية باعتبارها مراقب ومتابع، بل هي لاعب أساسي في صناعة المشهد السياسي للبلاد".
وأضاف الهلالي لـ"عربي21" أن "المرجعية تدرك، أن المتغيرات الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط والتحديات الكبيرة من الممكن أن تجر العراق وتجعله طرفا أساسيا في الحرب من خلال بعض التصرفات، وربما تجعله متضررا بشكل كبير حتى وإن حقق انتصارات على إسرائيل".
ولفت إلى أن "بيان المرجعية يتماهى مع خطاب الحكومة، عندما صرح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل أيام بضرورة عدم جر البلاد إلى الحرب، وأن قرار السلم والحرب بيد الدولة حصرا".
وأشار إلى أن "الكثير من الجهات السياسية تنادي اليوم بحصر السلاح بيد الدولة وألا يكون هناك عملية إقحام للعراق في المشهد الحاصل بمنطقة الشرق الأوسط، لذلك كل القوى أيدت بيان المرجعية سواء الإطار التنسيقي أو غيره".
واستبعد الهلالي أن "يجري حصر السلاح بيد الدولة في الوقت الحالي، لأنه كثير، سواء لدى الفصائل أو العشائر أو في عموم الشارع العراقي، لكن لابد من الامتثال لأمر المرجعية وتطبيق ما تريده بشكل دقيق جدا، وذلك تجنبا لإيقاع البلاد في مأزق الحرب".
ورأى المحلل السياسي أن "الحكومة العراقية الحالية لديها فرصة تاريخية بخصوص حصر السلاح بيد الدولة، لأن المرجعية الدينية تقف وراءها، لذلك يجب أن تبقى كل الأسلحة في مفاصل الدولة الأمنية العسكرية".
وشدد الهلالي على ضرورة ألا "تكون هناك فصائل رديفة أو تعمل بالتوازي مع القوات الأمنية خارج إطار الدولة، لأن هذا الشيء غير مقبول، فهي عندما لا تمتثل لأوامر الدولة فإنها تعرّض البلد إلى الخطر".
وتابع: "لا نقول إن الحكومة ستذهب إلى الصدام مع الفصائل من أجل نزع سلاحها، وأن الأخيرة تدرك تماما بأن الحكومة الحالية هي الأفضل منذ عام 2003 وحتى اليوم، بالتالي يجب أن تتم العملية بشكل سلسل من دون تعكير الوضع العام للبلد".
وأشار الهلالي إلى أن "الحكومة الآن عقدت اتفاقا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية على إخراج قواتها نهاية عام 2025، بالتالي الاحتكام إلى العقل هو المطلوب في الوقت الحالي".
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي القريب من الفصائل المسلحة، علي فضل الله، الثلاثاء، أن "كلام المرجع عن السلاح يُقصد به التحالف الدولي لأن يستبيح البلد. وليس من المنطق أن تُجرد الفصائل من سلاحها في وقت تلوح فيه واشنطن بوجود مجاميع إرهابية على حدود البلاد".
وأرجع "فضل الله" تفسيره بأن السلاح الذي دعت المرجعية الشيعية لحصره بيد الدولة هو ما لدى التحالف الدولي وليس الفصائل، إلى أن "حديث السيستاني جاء مع شخصية تمثل الأمم المتحدة (محمد الحسان) وليس مسؤول محلي في الدولة العراقية".
"اختلاف المرجعيات"
وعلى صعيد آخر، قال المحلل السياسي العراقي، غانم العابد، إن "بيان السيستاني واضح، وأن الجهات المطلوب تسليم أسلحتها إلى الدولة هي ذاتها التي أيدت فتوى (الجهاد الكفائي) عن المرجع عام 2014 لقتال تنظيم الدولة، وبالتالي من المؤكد المقصود هم الفصائل والمليشيات المنفلتة، وأسلحة العشائر وكل الجهات غير الرسمية".
وتوقع العابد في حديث لـ"عربي21"، عدم تسليم هذه الفصائل لسلاحها، وذلك لأنها من الناحية العقائدية لا تتبع مرجعية السيستاني، لأنه في عام 2019 عندما اندلعت "احتجاجات تشرين" طالبت المرجعية بعدم التعرض للمتظاهرين، لكن هذه الأطراف لم تستمع لها واستمرت بقتل المحتجين.
وبحسب الخبير العراقي، فإن "مرجعية هذه الفصائل هي تابعة للولي الفقيه (علي خامنئي) في إيران، وإذا لم تصدر من الأخيرة فتوى بما طالب به السيستاني، فإنها لن تسلم الأسلحة إلى الدولة العراقية".
ورأى العابد أن "هناك الكثير من العوامل التي لن تمكّن الدولة العراقية من حصر السلاح بيدها، الأول هو أن حكومة محمد شياع السوداني، بقي من عمرها عام واحد فقط، الأمر الآخر أن هذه الفصائل مشاركة في حكومته".
وتابع: "كذلك، فإن رئيس الوزراء لا يمتلك عشرات المقاعد في البرلمان، حتى يوفر الدعم البرلماني لأي قرار يتخذه بالضد من هذه الفصائل، بل على العكس وهو أن الأخيرة بإمكانها العبث بأمن بغداد والعراق في مقابل ألا تسلم سلاحها، لذلك لا أعتقد أن السوداني بإمكانه مواجهتها أو سحب سلاحها بالقوة".
وأعرب العابد عن اعتقاده بأن "ذهاب الأمم المتحدة إلى مرجعية تتبعها غالبية المذهب الشيعي في العالم هي رسالة إلى المليشيات، تفيد بأن الأخيرة إذا رفضت تسليم السلاح للدولة العراقية، ربما تكون خطوات تصعيدية أممية بقرارات دولية ضدها وضد قادتها".
ولم يستبعد الخبير العراقي أن "تصل القرارات الأممية ضد المليشيات المسلحة في العراق إلى حد التعامل معها بالطريقة ذاتها التي عوملت بها التنظيمات المتطرفة السنية (تنظيم الدولة والقاعدة)".
وفي 24 تشرين الأول المنصرم، أعلن رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، أن "قرار الحرب والسلم تقرره الدولة بمؤسساتها الدستورية، وكل من يخرج عن ذلك سيكون بمواجهة الدولة التي تستند إلى قوة الدستور والقانون في تنفيذ واجباتها ومهامّها".
وبين الحين والآخر تعلن فصائل شيعية، تحت عنوان "المقاومة الإسلامية في العراق"، شن هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة على الاحتلال الإسرائيلي، في سياق الرد على العدوان على قطاع غزة الذي بدأ في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وتضم "المقاومة الإسلامية في العراق" بشكل أساسي، خمس جماعات، هي: "كتائب حزب الله"، و"عصائب أهل الحق"، و"حركة النجباء"، و"كتائب سيد الشهداء" و"كتائب الإمام علي"، إضافة إلى بعض الفصائل الصغيرة مثل "أنصار الله الأوفياء، ولواء الطفوف".