رشا عوض
الأمنجي الذي اجتزأ مقطعا من مقابلتي مع تلفزيون الشرق وثابر على توزيعه وتحويله الى مشنقة معنوية لي، لا يستحق مني سوى الشكر الجزيل ويجب ان يعاقبه مخدمه بدلا من مكافأته للأسباب التالية:
اولا: أكد الانحطاط الاخلاقي والجرأة على الكذب والتضليل التي تمرس فيه هؤلاء السفلة من أكبرهم الى أصغرهم، فلم يتوقف الكذب عند تحريف كلامي والزعم انني قلت ان الدعم السريع لم يرتكب جريمة مطلقا في كل تاريخه في حين انني قلت ان الانتهاكات التي شهدناها في زمن الحرب لم نسمع بها في ازمنة السلم رغم وجود قوات الدعم السريع بالالاف في الخرطوم وذلك في سياق الدعوة الى ايقاف الحرب لا في سياق تبرير او تخفيف ادانة الدعم السريع، بل تناسلت الأكاذيب حول حساباتي في الامارات والشقق التي امتلكها في القاهرة وزوجي الذي يعمل ضابطا كبيرا في الدعم السريع وكل هذا كذب صراح لا اساس له مطلقا جلب السخرية والتندر على مروجيه المساكين الذين لا يدركون ان كذبة البعاتي ما زالت حاضرة وتصد العقلاء عن تصديق البلابسة !!!
هذه الحملة المسعورة اثبتت ان الكيزان ابتداء من سفهائهم الصغار حتى فلاسفتهم الكبار (سواء بالأصالة او بالوكالة) فشلوا فشلا ذريعا في مقارعتي حول ما طرحت من أفكار حول هذه الحرب وما قدمته من تفنيد لسرديتهم الكذوبة حولها ، فلم يتبقى امامهم سوى الأساليب القذرة والخسيسة التي تستبدل مناقشة الأفكار باغتيال شخصية قائلها بالتجني والبهتان والتسفل!!
ثانيا : اي بلطجة كيزانية لن تخرس لي صوتا بل ستكون دافعا الى مزيد من تعرية الزيف الذي يثابرون على تسميم وعي الشعب السوداني به، وكشف مؤامراتهم على الشعب السوداني، وقد كان من النتائج غير المقصودة لمؤامرتهم ضدي إبراز قضية مهمة الى سطح النقاش الساخن وهي الاتجاه الكارثي لتيار في حزب الامة نحو التحالف مع الكيزان و الكتلة الديمقراطية(ناس اعتصام الموز) والجيش برعاية مصرية ، وقد اظهرت النقاشات مدى عزلة هذا الخط في اوساط جماهير حزب الامة والانصار وحرضت ضده،فالمزاج الشعبي عموما بعد هذه الحرب اللعينة بات اكثر نفورا من اي تقارب مع الكيزان خصوصا ان الذي كان يمكن ان يجبر السودانيين على ابتلاع خيار اشراكهم في الصف المدني هو منع اندلاع الحرب ولكن بعد ان دارت طاحونة الحرب فعلا وطحنت البلاد بالفعل وهم عاقدون العزم على الطحن لاخر عظم سوداني فما الذي يجبرنا إذن عليهم وهم ينصبون لنا المشانق المادية والمعنوية! ما هي المصلحة في ذلك؟
ثالثا: أكثر كلمات التضامن والمؤازة وصلتني من نساء ورجال تنحصر علاقتي بهم في هذا الفضاء الاسفيري فكانوا سندا معنويا قويا واضافة كبيرة، واحيانا يكون اصدقاء وصديقات العالم الافتراضي عزاء وبديلا عن اصدقاء ومعارف في ارض الواقع يضمرون كراهية او حسدا مكتوما يجد في حفلات الشواء الكيزانية متنفسا فتبرز سخائم النفوس وهي ترتدي قناع الطهرانية الثورية والنضال الحقوقي وهؤلاء يثيرون الرثاء والشفقة لا اكثر.
رابعا: كانت حفلات الشواء مناسبة لتفنيد التضليل الكيزاني حول قضية الانتهاكات ، فالضلاليون يريدون عدم ربط الحديث عن الانتهاكات بواقع الحرب ومن ثم اعتبار الانتهاكات سببا قويا للمطالبة بإيقاف الحرب! يريدون الحديث عن الانتهاكات كقضية معزولة هبطت على السودان من السماء بل وللمفارقة يريدون استخدام الانتهاكات في التعبئة الحربية والدعوة لتوسيع رقعة الحرب واستمرارها !! وفي هذا السياق يجب ان نقول ان هناك طرف واحد فقط له انتهاكات وهو الدعم السريع ويتم الصمت تماما عن انتهاكات الجيش رغم ان انتهاكاته لا تقتصر على قصف الطيران بل تشمل الاعتقالات والقتل على الهوية العرقية وتعذيب الاسرى ونهب المواطنين، يعني نفس انتهاكات الدعم السريع مع فارق كمي بمعنى انتهاكات الدعم السريع كانت اكثر كثافة، وعندما نقول ان الحرب هي جذر الانتهاكات يحتج البعض بان للحرب نفسها قوانين تفرض حماية المدنيين وكاننا دولة اسكندنافية محكومة بالقوانين! في ذهول تام عن حقيقة العطب والخلل البنيوي في كامل منظومتنا العسكرية والامنية الذي يجعل الجيش والشرطة والدعم السريع وجهاز الامن لا مساحة لديهم لشي اسمه قوانين حرب او حقوق انسان، وبالتالي فلا نجاة للمواطنين من الانتهاكات الا بايقاف الحرب نفسها ويجب ان نعلم ان تاريخ الانتهاكات في السودان لم يبدأ في 15 ابريل بل هناك سلسلة من الابادات والمجازر الجماعية والتعذيب والتشريد ومسح قرى باكملها من الوجود في جنوب السودان قبل الانفصال وفي دارفور وضرب المدنيين بالبراميل المتفجرة في جبال النوبة وهذه الجرائم وقعت قبل ان يكون هناك شيء اسمه الدعم السريع!
هذه هي الصورة الكاملة لما يجري في بلادنا والطهرانية والنزاهة تقتضي كشف و إدانة هذه الصورة كاملة والسعي لتجاوزها بمشروع ديمقراطي في القلب منه عملية اصلاح امني وعسكري حقيقي وعدالة انتقالية!
اما حجب اجزاء رئيسية من هذه الصورة وتسليط الضوء فقط على الجزء الذي يريده الكيزان لاغراضهم السياسية فهذا تدليس لن نتورط فيه مطلقا! وهذا هو سبب هيجانهم وصراخهم !
وكلما ازدادوا هيجانا وصراخا كلما ازددنا في كشف الحقائق التي يريدون طمسها.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
زهير عثمان
تشهد الساحة السودانية تصاعداً في تعقيد الصراعات السياسية والعسكرية، حيث تُعتبر الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال وقوات الدعم السريع فاعلين رئيسيين في المشهد السوداني. ورغم اختلاف أهدافهما وسياقاتهما، يتشاركان النفوذ العسكري والسياسي. يُثير هذا التساؤل حول مصير البلاد إذا ما قررت الحركة الشعبية إعلان حكومة في مناطق نفوذها، وما قد يعنيه ذلك على المستويين الداخلي والإقليمي.
الفروق الأساسية بين الحركة الشعبية والدعم السريع
الأيديولوجيا والأهداف
الحركة الشعبية لتحرير السودان , تعتمد الحركة على رؤية سياسية واضحة تُعرف بـ"السودان الجديد"، التي تسعى لإعادة تشكيل الدولة السودانية على أسس المواطنة والمساواة واحترام التنوع. تهدف إلى إنهاء التهميش التاريخي لمناطق مثل جبال النوبة والنيل الأزرق.
الدعم السريع وطرحه نعلم انها تفتقر قوات الدعم السريع إلى أيديولوجيا متماسكة أو رؤية سياسية طويلة المدى. يُنظر إليها كقوة عسكرية تهدف إلى تعزيز نفوذ قيادتها، وعلى رأسها محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مع التركيز على تحقيق مكاسب تكتيكية بدلاً من طرح مشروع وطني شامل.
القاعدة الشعبية والجغرافية
الحركة الشعبية اسست والان تمتلك قاعدة شعبية راسخة في المناطق المهمشة مثل جبال النوبة والنيل الأزرق، وتطرح نفسها كممثل للمهمشين والمظلومين في السودان.
الدعم السريع قاعدته الأساسية في دارفور مع توسع نفوذها إلى مناطق أخرى، لكنها تُعتبر أكثر ارتباطاً بالبُنى القبلية والمصالح الاقتصادية لقادتها.
الشرعية والممارسات
الحركة الشعبية بالرغم تعرضها لانتقادات في قضايا كثيرة مثل علمانية الحكم والحقوق المدنية ، إلا أنها تُعتبر فاعلاً سياسياً مشروعاً يسعى إلى تغيير بنية الدولة السودانية.
الدعم السريع يواجه انتقادات شديدة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان واعتمادها على القوة العسكرية المفرطة في حروبها كلها .
إعلان حكومة من قبل الحركة الشعبية: السيناريوهات والتداعيات
الأثر على وحدة السودان
إعلان حكومة في مناطق نفوذ الحركة الشعبية سيُعيد إلى الأذهان تجربة جنوب السودان. قد يُعزز ذلك الشعور بانعدام الثقة بين الأطراف السودانية المختلفة، ويُؤدي إلى مزيد من الاستقطاب.
التحديات الداخلية
الاعتراف الدولي أول ما ستواجه الحركة تحدياً كبيراً في الحصول على اعتراف دولي بحكومتها.
الخدمات والبنية التحتية: تعتمد هذه المناطق على المركز في تقديم الخدمات، ما يعني أن إعلان حكومة سيضع عبئاً هائلاً على موارد الحركة.
التداعيات الإقليمية
التدخل الإقليمي وقد يدفع إعلان حكومة دول الجوار مثل إثيوبيا وجنوب السودان إلى اتخاذ مواقف متباينة، بناءً على مصالحها.
التوازنات الجيوسياسية سيُربك ذلك حسابات القوى الدولية والإقليمية لفترة وخاصة التي تسعى لاستقرار السودان.
مقارنة مع تجربة الدعم السريع
إذا كانت قوات الدعم السريع تُركز على تثبيت نفوذها داخل النظام الحالي، فإن الحركة الشعبية قد تسعى لتأسيس كيان مستقل تماماً. الفرق الجوهري هو أن الدعم السريع لا يمتلك مشروعاً سياسياً متكاملاً، بينما للحركة الشعبية رؤية تتجاوز حدود السلاح.
وفي حال أعلنت الحركة الشعبية حكومة في مناطق نفوذها، سيشكل ذلك تحولاً جذرياً في المشهد السياسي السوداني. بينما تظل احتمالات نجاحها مرتبطة بقدرتها على كسب الاعتراف الدولي والتعامل مع تحديات داخلية معقدة. ومع ذلك، يبقى الحل الأمثل هو السعي نحو تسوية سياسية شاملة تُعالج جذور الأزمات السودانية وتجنب البلاد سيناريوهات التفكك والمزيد من الصراع.
zuhair.osman@aol.com