رشا عوض من المعادلة الكسبية إلي الصفرية
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
كتبت رشا عوض المتحدث بإسم مجموعة " تقدم" مقالا في 14 أكتوبر 2023م بعنوان "العلاقة بين “الديمقراطيين” و”الإسلاميين “: حرب وجودية أم تفاوض على شروط التعايش السلمي؟" و كنت قد علقت على المقال بمقالين نشرا في كل من " سودانيل و سودانيزاونلاين – و التغيير التي ترأس تحريرها رشا عوض." بعنوان " جسارة الفكرة و براءة الموقف" أعتبرت أن الفكرة التي قدمتها تعتبر نقلة موضوعية و متقدمة في التفكير السياسي الواقعي، خاصة أن أغلبية المثقفين و الكتاب قد وقعوا في دائرة الاستقطاب السياسي الحاد، و التي تخرج أصحابها من دائرة الحوار الموضوعي، و تغيب عنهم فرصة التفكير العقلاني الذي يفضي إلي تقديم أفكار تساعد على الحل.
الغريب في الأمر أن رشا عوض لم تقف عند البعد عن فكرتها، بل أصبحت تتصدى لأي فكرة تأتي من قبل الأخرين في ذات سياق فكرتها التي هجرتها. كتبت رشا عوض تنقد مقالا لعبد الرحمن الغالي القيادي في حزب الأمة دعا فيه إلي حوار شامل بين القوى السودانية دون أي إقصاء. هذا المقال رغم أنه فكرة تحمل رؤية لشخص داخل الحزب لكنه أثار المتحدثة بأسم مجموعة " تقدم" و هي المرحلة التي جعلت رشا تبعد عن فكرتها " المعادلة الكسبية" بسبب تغيير المعادلات السياسية، و خاصة القرب من الميليشيا و الداعمين لها داخليا و خارجيا، و الخارج هو الذي يضع الرؤية التي يسير عليها اتباعه. كتبت رشا عوض ناقدة دعوة الحوار الشامل التي جاءت من قبل قيادات في حزب الأمة، في مقال بعنوان " خط الجلوس مع المؤتمر الوطني بحثا عن السلام" قالت فيه متسائلة (من قال للذين يتبنون هذا الخط البائس ان الكيزان يرغبون في الجلوس مع احد بحثا عن سلام او توافق؟) و تجاوب هي على سؤالها بالقول (الكيزان يفهمون شيئا واحدا وهو السلطة المطلقة في هذه البلاد كحق مكتسب غير قابل لادنى مساءلة ، ووسيلتهم الوحيدة لهذه السلطة هي القوة العسكرية والامنية ولذلك اشعلوا هذه الحرب وانهزموا) رشا من دعا للحوار مع الكيزان و ترفض الحوار تماما إذا جاء من قبل الآخرين. كتبت في مقالها"العلاقة بين “الديمقراطيين” و”الإسلاميين “: حرب وجودية أم تفاوض على شروط التعايش السلمي؟ (تقول أن حرب الخامس عشر من أبريل – مثل ما سبقها من حروب كارثية في السودان- تستوجب النظر عميقا في الجذور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعوامل الخارجية التي وطنت الحرب في بلادنا طيلة عمر الاستقلال. وفي هذا السياق تبرز أهمية مناقشة طبيعة العلاقة بين التيارات السياسية المختلفة والبحث بجدية عن “معادلة كَسبية” لصالح السلام والاستقرار السياسي على أساس ديمقراطي بدلا من “المعادلة الصفرية” التي قوامها النهج الاستئصالي للخصوم السياسيين على أساس فكرة “الحرب الوجودية” التي تتحول فيها الخصومة السياسية الى عداء مطلق أُفقه الوحيد هو إفناء الطرف الآخر، مثل هذه المعادلة هي وقود الحرب، ولو ظلت مهيمنة على الخطاب السياسي فنتيجتها استمرار الحرب طويلا جدا( هنا رشا ترفض الدعوة الإستئصالية و الإقصاء لأنها تؤجج الصراع بين القوى السياسية.. و البديل للمعادلة الصفرية هو الحوار مع الكل و مشاركة الكل حسب ما تقتضي مصلحة البلاد. و في ذات المقال تطرح سؤلا أخر ( السؤال هنا هل يمكننا إيقاف الحرب سريعا دونما امتلاك منهج واضح للتعامل مع أطراف القتال الدائر"الإسلامويون والجيش، الدعم السريع "؟ و تجاوب بنفسها و تقول (من وجهة نظري لا! إذ لا يمكن إيقاف الحرب تفاوضيا دون إقتناع أطرافها بخيار السلام، ولن يقتنع أي طرف بخيار يقضي بإعدامه تماما ، ولذلك فإن الحادبين على السلام عليهم ان يجتهدوا في صياغة خطاب سياسي يتضمن مصالح معتبرة لكل الأطراف في خيار السلام، هذا هو معنى “المعادلة الكسبية”) إذا رشا عوض تدعو للحوار مع الكل من خلال رؤيتها في " المعادلة الكسبية" الغريب في الأمر أن ذات الكاتبة أثارتها رؤية عبد الرحمن الغالي في نعليقه على " إعلان تقدم مع الميليشيا " عندما طرح مسألة الحوار الجامع إذا كان القصد و الرمي مقصود به وقف الحرب و الخروج من أزمة البلاد. فكرة عبد الرحمن الغالي أثارت رشا عوض بعد ما أصبحت الناطقة الرسمي بأسم مجموعة " تقدم" كتبت تقول (الان في ظل هذه الحرب اللعينة هناك استراتيجية مخدومة بعناية لعزل حزب الأمة عن الاصطفاف مع القوى المدنية الديمقراطية وجرجرته إلى التكتل مع الجيش والمؤتمر الوطني وما يسمى بالكتلة الديمقراطية برعاية مصرية، والهدف الاستراتيجي من ذلك ضرب عصفورين بحجر، إضعاف الصف المدني ونزع مشروعيته الشعبية، وتقسيم حزب الأمة واضعافه، واليوم وبكل حزن واسى لا أمام ليعصم من التفكك الذي سيكون حتميا لو ذهب تيار من حزب الأمة منفردا في هذا الاتجاه) خوف رشا جاء لأنها تعرف أن حزب الأمة هو الثقل الذي تتاجر به " تقدم" و هي لا تملك قاعدة اجتماعية غير قاعدة حزب الأمة. رغم أن رؤية عبد الرحمن الغالي رؤية شخصية و ليست حزبية، و هذا حق مشروع للعضو أن يعبر عن رؤيته خلافا للأحزاب اليسارية التي لا تجيز للعضو أن يصدع برؤيته داخل الحزب، و رشا أخذت هذه الثقافة.
كتبت رشا مقال بعنوان " خط الجلوس مع المؤتمر الوطني بحثا عن السلام" تحذر من الحوار مع الإسلاميين تقول فيه (من قال للذين يتبنون هذا الخط البائس ان الكيزان يرغبون في الجلوس مع احد بحثا عن سلام او توافق؟ الكيزان يفهمون شيئا واحدا وهو السلطة المطلقة في هذه البلاد كحق مكتسب غير قابل لادنى مساءلة ، ووسيلتهم الوحيدة لهذه السلطة هي القوة العسكرية والامنية ولذلك اشعلوا هذه الحرب وانهزموا،) الذي قال ذلك هي رشا عوض في دعوتها في " المعادلة الكسبية" و هي التي يجب أن تسأل نفسها هل كانت فكرتك بالون أختبار أم الهوائية هي التي تجعل المرء يكتب دعوة ثم يحاول التحلل منها؟ الغريب في الأمر أن عبد الرحمن الغالي كتب ذات الفكرة في الشهور الأولي للحرب و اعادها مرة أخرى لكي تكون أجندة حوار بعد صدور " إعلان الميليشيا مع تقدم" و هي موجهة للراغبين في الحوار الوطني ( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع و هو شهيد) لماذا لا تعتبر رشا هذه فكرة مطروحة للحوار كما هي طرحتها من قبل.. لماذا السير في طريق التخوين و فتح أبواب المؤامرات.. نقول لرشا ليس هناك من ينافسك في " تقدم" الموقع الجديد للكتابة، و هي تتطلب الانصياع الكامل للذي عنده القيادة و الإرشاد، عليكي أن تقاتلي بقلم فقد بريقه و أصبح محصورا فقط في عناوين محددة " الكيزان و من الذي فجر الحرب".
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: حزب الأمة الجلوس مع رشا عوض بحثا عن من قبل
إقرأ أيضاً:
خذلان
هبوط منسوب الحرية في المجتمعات العربية والإسلامية أثر بشكل مباشر على الإنتاج الفكري كما ونوعا، وتعطيل الفكر العربي والإسلامي جعل المتلقي عرضة للاستهلاك الفكري والمعلوماتي في مختلف المجالات بالطريقة البروباجندية، فهذه الظاهرة من التراخي مع العدو الصهيوني والتي نعيشها اليوم ليست حالة طارئة أو وليدة الصدفة بل هي مدبرة منذ عقود، فالعقل والمنطق يقول أنه وطالما المصدر للمعلومات خارجي، وطالما النتائج مرتبطة بالمقدمات، فان النتيجة ما نراه اليوم ونسمعه من حالة التبلد واللامبالاة المتفشية في الشارع العربي وموقف الغالبية المتخاذل مما يحدث في غزة ولبنان منذ اكثر من عام، فغالبية الشعوب العربية والإسلامية قد ظهر عليها الأعياء الشديد، وكأنها أصيبت بشلل الأطفال المفضي للعجز وهو مرض مزمن وخطير قد نال من هذه الأمة وأصابها في وطنيتها وقوميتها وتدينها، فواقع الأمة يؤكد أنه قد استوطنها الخذلان وتمكن منها الخوف . الخوف من الحكام المتماهين مع العدو الصهيوني والأمريكان، والخوف على لقمة العيش وفقدان المنصب والوظيفة، والأمر نفسه بالنسبة للنخبة الذين كانوا فيما سبق الدينامو المحرك للحركة الشعبوية وتحرير القرار السياسي من ديكتاتورية الحاكم المتسلط في أي دولة ومجتمع عربي وإسلامي كان، فهم صفوة المجتمعات ومحل ثقة الشعوب، غير أن الحاصل اليوم أن خوف أولئك النخبة قد نالهم من الخوف ما نال العوام إن لم يكن خوفهم أكبر، خوف على مكانتهم الاجتماعية والرسمية، وفقدان المال الوفي، والعيش الرغيد على عكس من سبقهم، فماتت الأمة بموت ضمائر العلماء والمثقفين، الذين جفت أقلامهم، وخفتت أصواتهم، وصار غالبية الناس بلا إحساس من كل ما يجري لشعب غزة ولبنان المكلوم بالشعوب العربية وحكامها ومثقفيها وعلمائها، وكأن لسان حال أولئك يقول إن قلوبهم قلوب واجفة، فما عادت تلك الأحداث المؤلمة التي تجري كل يوم على شعب غزة ولبنان تؤلمهم، ولا صرخات واستغاثات الأطفال والنساء توقظهم، لأنهم ببساطة ميتين فقط يتنفسون، وأحياء فقط ليأكلوا ويشربوا ويتناكحوا . أما بالنسبة للقادة العرب والمسلمين فيكفيهم عقد تلك القمة العربية الإسلامية التي انعقدت واختتمت أعمالها في السعودية يوم الثلاثاء 12 نوفمبر. صحيح أن ظاهر القمة من اجل غزة ولبنان غير أن باطنها هو محاولة لترميم الوجوه المتساقطة لأولئك الشخوص وليس غير ذلك، أما ثالثة الاثافي هو ما حصل في اليوم التالي لانتهاء القمة حيث افتتحت المملكة السعودية موسم الرياض بعري فاضح وانحطاط واضح دون ادنى حياء ومراعاة لما يحصل في غزة ولبنان من جرائم إبادة وحشية لم يشهد لها التاريخ مثيلا