لا تشيحوا أعينكم عن اتهام إسرائيل بالإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
ترجمة: أحمد شافعي
حيال السؤال عما لو أن إسرائيل ترتكب الإبادة الجماعية في غزة ونظره أمام محكمة العدل الدولية، لجأت إدارة بايدن إلى نبرة الرفض الفوري.
يبدو أن القول بأنه اتهام «متهافت» هو القول المتفق عليه بين المسؤولين الأمريكيين. فقد قال وزير الخارجية الأمريكية أنطوني بلينكن من منصة في تل أبيب الأسبوع «الماضي» إن «اتهام الإبادة الجماعية متهافت» وقال المتحدث باسم مجلس الأمن الوطني جون كيربي إنه «متهافت، ولا أساس له، ويؤدي إلى نتائج عكسية».
يصعب كثيرا أن نصدق هذه اللامبالاة من جانب الإدارة. فالقضية المقدمة من جنوب أفريقيا في أربع وثمانين صفحة إلى المحكمة تزخر بأدلة دامغة على أن إسرائيل انتهكت التزامات اتفاقية الإبادة الجماعية الدولية لعام 1948، التي تعرِّف الإبادة الجماعية بأنها «أعمال ترتكب بنية التدمير، كليا أو جزئيا، لجماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية». والوثيقة المعروضة على المحكمة موثقة المصادر والإحالات ويقول خبراء كثيرون إن حجتها القانونية قوية بصورة غير معتادة.
وقد أعان قادة إسرائيليون كبار سياسيون وعسكريون على تعزيز القضية المرفوعة على حكومتهم. فتضمنت أدلة النية [أي نية الإبادة الجماعية] تصريحات مسؤولين إسرائيليين منها حثُّ رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الإسرائيليين على أن يتذكروا رواية العهد القديم لمذبحة العماليق («لا تعفُ عنهم، بل اقتلْ رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا» سفر صمويل 15-3)، وتعهد وزير الدفاع يوآف غالانت بأن «غزة لن ترجع كما كانت من قبل، سنمحو كل شيء»، وتوعّد وزير الطاقة والبنية الأساسية بأنهم «لن يلقوا قطرة ماء أو بطارية إلى أن يرحلوا عن هذا العالم». وبالحديث الصريح عن تدمير غزة وتشتيت سكانها، أعلن قادة إسرائيليون ما كان يجري إخفاؤه أو إنكاره في قضايا إبادة جماعية أخرى.
لا مجال لنعرف بطبيعة الحال إلى أي مدى من الفعالية سوف يظهر كل جانب، أو على أي نحو سوف يأتي حكم القضاة. فجلسات محكمة العدل الدولية هذا الأسبوع لن تحدد إن كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية ـ فهذا سيتضح بعد الجمع المضني للأدلة وتقديمها، وقد يستغرق سنين. في الوقت الراهن، طلبت جنوب أفريقيا من المحكمة «على وجه السرعة القصوى» أن تأمر إسرائيل بإيقاف مذبحتها حماية للفلسطينيين وحفاظا على الأدلة. ولا بد من إقناع هيئة القضاة بأن اتهام الإبادة الجماعية معقول لكي تأمر بإجراءات مؤقتة خلال الأيام والأسابيع القادمة.
بل إن اعتزام تأكيد إشارة الأدلة إلى إبادة جماعية سوف يرغم المجتمع الدولي على حماية شعب غزة الجائع والمصدوم من خلال المطالبة بوقف إطلاق النار وإغراق الفلسطينيين بالمعونات. وعلى المدى البعيد، قد تمثل القضية قاعدة مبكرة لفرض عقوبات على إسرائيل أو لمحاكمة مسؤوليها.
وهذه الإجراءات لها معنى بالنسبة للولايات المتحدة أيضا. فقد كانت إدارة بايدن راعيا لا غنى عنه لهذه الحرب، من خلال التسليح والتمويل والدعم الدبلوماسي برغم تزايد التقارير الرهيبة عن موت الفلسطينيين وتشريدهم. وفي حال القول بأن عنف غزة يمثل إبادة جماعية، قد تُتهم الولايات المتحدة بالتواطؤ في إبادة جماعية، وهي جريمة في حقها. وفي ضوء قوة الولايات المتحدة الهائلة وسجل الحصانة الدولية الذي حظيت به، فإن احتمال وقوع أي عواقب كبيرة قد يكون ضئيلا، لكن ينبغي أن يفهم الأمريكيون برغم ذلك أن القضية مهمة وخطيرة، وأن حكومتهم متورطة.
بطبيعة الحال سوف تضع إسرائيل وداعموها الأمريكيون الأمر في إطار مختلف. فسوف يشيرون ـ محقين ـ إلى أن إسرائيل عانت من ضربة لا يمكن التسامح معها في السابع من أكتوبر حينما شق مقاتلو حماس طريقهم لارتكاب أعمال وحشية في جنوب إسرائيل فقتلوا المئات من المدنيين واقتادوا المئات غيرهم رهائن إلى غزة.
لقد عمد مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون مرارا إلى تبرير العنف في غزة بالدفاع عن النفس، ومن المتوقع أن يكون الدفاع عن النفس هو الذي يصوغ حجة إسرائيل أيضا في محكمة العدل الدولية.
لكن الدفاع عن النفس وحده لا يبرر أو يسوغ أعمال إبادة جماعية، وهجوم إسرائيل على غزة لا يتناسب إطلاقا مع جرائم السابع من أكتوبر. وإسرائيل لم تعِد أو تعمل على الانتقام الحاد من حماس (التي يدير زعماؤها عملياتهم السياسية من قطر) أو التعقب الاستراتيجي لرهائنهم.
لم تنقذ إسرائيل غير رهينة واحدة، وقتل جنود إسرائيليون ثلاث رهائن إسرائيليين كانوا يلوحون براية بيضاء ويتوسلون من أجل إنقاذهم، ثم فسروا ذلك لاحقا بأنهم تصوروا خطأ أنهم فلسطينيون. وأغلب المئة وعشرة رهينة الذين رجعوا إلى الديار تم إطلاق سراحهم بسبب وقف إطلاق النار والتفاوض وتبادل الأسرى.
في غضون ساعات من هجمة حماس، فرضت إسرائيل حصارا على قطاع غزة، قاطعة الكهرباء والماء والوقود والغذاء على سكان يبلغ عددهم 2.2 مليون نسمة في هذه المصيدة، وقرابة نصفهم من الأطفال. الحصار نفسه ارتقى إلى العقاب الجماعي وهو جريمة حرب، ولكن ذلك لم يكن إلا رفعا للستار. وفي غضون ساعات بدأت القنابل تسقط ولم تزل مستمرة إلى اليوم.
في مقطع تليفزيوني إسرائيلي أشارت إليه جنوب أفريقيا قال الكولونيل يوجيف بار شيشيت من غزة: «من يرجع إلى هنا كائنا من كان، إذا ما رجع أحد أصلا، فلن يجد إلا أرضا محروقة. لا بيوت، لا زراعة، لا شيء. لا مستقبل لهم».
قتلت إسرائيل أكثر من ثلاثة وعشرين ألفا في غزة، بحسب وزارة الصحة الغزاوية. أكثر من تسعة آلاف من الموتى أطفال. وبحلول نهاية نوفمبر حسبما قالت اليونيسيف كان أكثر من ألف طفل قد تعرضوا لعمليات بتر مؤلمة، أجريت في بعض الأحيان بلا تخدير. واضطرت أيضا النساء إلى أن يلدن بعمليات قيصرية بغير تخدير بحسب ما قال أطباء في غزة. وتحطمت أحياء كاملة، ونزح أكثر من 85% من السكان.
ولكي نفهم نوبات العنف غير المعهود بوصفها دفاعا وطنيا عن النفس، فلا بد من القبول بأن فرصة إسرائيل الوحيدة في الأمن تعتمد على تدمير غزة وإفراغها ـ بالموت أو التهجير ـ من كل الفلسطينيين.
والحق أن مسؤولين إسرائيليين قالوا مثل ذلك.
إذ أوضحت تسيبي هوتوفلي سفيرة إسرائيل في بريطانيا أخيرا لمذيع التليفزيون البريطاني إيان دالي إن إسرائيل كانت مرغمة على تدمير غزة لأن «كل مدرسة، وكل مسجد، وكل منزل من اثنين» مرتبط بنفق تستعمله حماس.
قال دالي «هذه حجة لتدمير غزة كلها، وكل بناء فيها».
فقالت هوتوفلي «هل لديك حل آخر؟»
ومع اقتراب مرافعات لاهاي حاول مسؤولون إسرائيليون تحسين صورتهم.
يوم الثلاثاء، نشر الجيش الإسرائيلي فيديو عبر تويتر يصر (باللغة الإنجليزية) على أن «حربنا حرب على حماس، لا على أهل غزة» وأوردت القناة الثانية عشرة أن نتانياهو نبَّه وزراءه إلى أن يتحوطوا في ما يقولون عن الحرب. فجاء أن نتانياهو قال لهم «انتقوا كلماتكم بحذر» وذلك على الرغم من خطابه العنيف. وصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إيلون ليفي مرارا قضية جنوب أفريقيا بـ»فرية الدم» في إشارة إلى نظريات مؤامرة أوروبية معادية للسامية كانت وقودا لاضطهاد اليهود منذ العصور الوسطى. فقال ليفي مخاطبا حكومة جنوب أفريقيا «سوف يحاكمكم التاريخ، وسوف يكون حكما لا رحمة».
والاعتقاد بأن جنوب أفريقيا تمارس تراثا عتيقا وكريها من معاداة السامية يتماس مع الحساسيات الفائقة المحيطة بهذه القضية. لقد نشأت المفاهيم المعاصرة لجرائم الحرب والإبادة الجماعية من أهوال الهولوكوست. وحينما نسمع أن اتهام الإبادة الجماعية ينقلب على الدولة اليهودية فإن ذلك كثيرا ما يثير لدى الناس تكذيبا عميقا، ومن هؤلاء كثير من الأمريكيين ـ الذين درسوا الهولوكوست بحرص في حين لم تلق محنة الفلسطينيين إلا التجاهل أو التهوين.
قال راز سيجال، وهو مؤرخ إسرائيلي وخبير إبادة جماعية، أخيرا إن أعمال إسرائيل في غزة «قضية نموذجية لإبادة جماعية»، وقد وصف لي أخيرا هذا التناقض المعرفي.
قال سيجال الأستاذ بجامعة ستوكتون في نيوجيرزي: إن «فكرة أن الدولة اليهودية يمكن أن ترتكب جرائم حرب، ناهيكم بإبادة جماعية، تصبح منذ البداية فكرة غير قابلة للتصور» وإن «حصانة إسرائيل جزء أصيل في النظام».
في حديثه أمام المحكمة يوم الخميس، قال المحامي الجنوب أفريقي ماكس دو بليسيس إن قهر إسرائيل على مدى عقود لحقوق لفلسطينيين لا بد أن يعد سياقا حاسما لعنف غزة الذي «لا يصح تصويره باعتباره نزاعا بسيطا بين فريقين».
وأوضح أن إسرائيل قوة احتلال «تخضع الشعب الفلسطينيين لانتهاك قاهر وطويل الأمد لحقه في تقرير مصيره منذ أكثر من نصف قرن. وتحدث هذه الانتهاكات في عالم اعتبرت إسرائيل نفسها فيها أعلى من القانون أو أبعد من متناوله».
إن لاصطلاح «الإبادة الجماعية» رنينا جهيرا في خيالنا. إذ تخطر لنا رواندا والبوسنة والأرمن، و«طريق الدموع»، والهولوكوست بطبيعة الحال. وقد سمعت كثيرين يرفضون مجرد الإشارة إلى أن غزة تتعرض لإبادة جماعية. فقد محت الهولوكوست في نهاية المطاف أكثر من 60% من يهود أوروبا. أما حرب إسرائيل ـ التي أطلق شرارتها أصلا قتل يهود ـ فقتلت 1% من الفلسطينيين في غزة. وبالطبع نسبة الواحد في المائة رهيبة، لكن هل هي إبادة جماعية؟
غير أن المصطلح بموجب معاهدة الإبادة الجماعية يشير إلى «نية» القضاء على مجموعة معينة من الناس واتخاذ خطى لتحقيق هذه الغاية. فلا ذكر في المعاهدة لعتبة للموت أو نسبة للموت لا بد من الوصول إليها. فمن الممكن أن يتعرض للقتل عدد صغير نسبيا، ومع ذلك يرقى قتلهم إلى الإبادة الجماعية.
علينا أن نتناول هذا السؤال بتواضع، لأننا في أمريكا والغرب أظهرنا مرارا أننا مهرة في التعرف على الإبادة الجماعية ولكن بأثر رجعي فقط. إذ توشك كل كارثة نعرفها الآن بوصفها إبادة جماعية، بما في ذلك الهولوكوست، أن تكون قد قوبلت أول الأمر بالشك والمراوغة اللغوية إلى أن يصدر أخيرا، وبعد فوات الأوان، إعلان بغير ذلك.
فلم يتم الاعتراف برواندا ـ التي غالبا ما يأتي ذكرها عقب الهولوكوست في السجلات القذرة للإبادة الجماعية ـ إلا بعد أن أهدر الأوروبيون والأمريكيون أسابيع ثمينة في المراوغة والتباطؤ، خوفا من التدخل، بينما رفض مسؤولون أمريكيون التلفظ بكلمة «الإبادة الجماعية» علنا. ولم يزل إنكار الإبادة الجماعية البوسنية مستمرا حتى اليوم.
حينما قرأت وثيقة جنوب أفريقيا، دار عقلي: كيف أمكن أن يحدث هذا؟ كيف أتيح له الحدوث؟
والتفاصيل المريعة الواردة من غزة تستمر وتستمر. تدمير النظام الطبي. ذبح عمال الإغاثة. قتل الصحفيين. الحرب على المكتبات ودور العبادة والثقافة. تدمير الأسر والاقتصاد والقدرة نفسها.
«ما من مكان آمن في غزة». هذا سطر يتكرر في قضية جنوب أفريقيا. أغلب الناس يتضورون جوعا. قرابة 70% من الموتى نساء وأطفال وتلقى والدتان مصرعيهما كل ساعة، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة.
يوم الخميس أشار المحامي الجنوب إفريقي تمبيكا نكوكايتوبي إلى منع إسرائيل الوقود والماء عن غزة.
وقال إن «هذا بلا ليس يعني خلق ظروف موت للشعب الفلسطيني في غزة. فإما موت بطيء بالجوع والجفاف أو موت سريع بقنبلة أو رصاص قناصة. ولكنه موت في كل حال».
تدمير المخابز وأنابيب المياه وشبكات الصرف الصحي والكهرباء. ورفع الأعلام الإسرائيلية فوق الحطام. والدعوات إلى إعادة الحكومة الإسرائيلية المستوطنين إلى غزة.
لست بحاجة إلى التساؤل عن كيفية السماح بحدوث ذلك كله. فهو يحدث الآن، على مرأى ومسمع منا جميعا.
ميجان ك. ستاك تكتب مقال رأي وسبق لها العمل مراسلة في الصين وروسيا ومصر وإسرائيل وأفغانستان والمنطقة الحدودية بين الولايات المتحدة والمكسيك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإبادة الجماعیة إبادة جماعیة جنوب أفریقیا أن إسرائیل تدمیر غزة عن النفس أکثر من إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
حرب الإبادة.. إسرائيل تواصل عدوانها على غزة وغرق خيام «خان يونس»
يواصل الاحتلال الإسرائيلى عدوانه على غزة، إذ استُشهد وأُصيب عدد من الفلسطينيين، أمس، جراء قصف طائرات الاحتلال الحربية منزلاً فى جباليا النزلة شمال القطاع ليصل عدد الشهداء إلى 44 ألفاً و235 مواطناً، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 104 آلاف و638 آخرين، فى حصيلة غير نهائية، إذ لا يزال آلاف الضحايا تحت الركام وفى الطرقات، ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، فيما يواصل الاحتلال قصفه المدفعى شمال ووسط وجنوب القطاع.
وفى خان يونس، تطايرت أكثر من 10 آلاف خيمة فى خان يونس نتيجة الرياح الشديدة والأمطار، ما اضطر النازحين إلى نقل خيامهم إلى مناطق بعيدة عن الشاطئ فى ظروف صعبة وقاسية جداً، وفقاً لمدير البرامج الصحية، مدير مستشفى القدس التابع لجمعية الهلال الأحمر فى قطاع غزة بشار مراد، لإذاعة «صوت فلسطين»، مشيراً إلى أن المواطنين يعانون أمراضاً صدرية مختلفة، خاصة كبار السن والأطفال نتيجة عدم توفر الملابس الشتوية ووسائل التدفئة والأغطية فى ظل تدنى درجات الحرارة بشكل كبير، منوهاً بانتشار المجاعة فى غزة، ووصول نسبة الأطفال الذين يعانون سوء تغذية إلى 40% فى الجنوب، نتيجة منع سلطات الاحتلال دخول المساعدات الإغاثية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بشكل كبير.
وحذر رئيس شبكة المنظمات الأهلية فى قطاع غزة أمجد الشوا، ومدير الإغاثة الطبية فى الجنوب بسام زقوت، من خطورة الأوضاع بسبب الجوع والأمطار، مطالباً المجتمع الدولى بالتدخل العاجل لوقف العدوان وفتح المعابر لإدخال المساعدات الإغاثية والغذائية، وإنقاذ حياة النازحين خاصة الأطفال وكبار السن إذ يشهد القطاع غرق المزيد من الخيام مع تعمق المنخفضات الجوية خلال فصل الشتاء، مشيراً إلى أن العديد من النازحين عادوا إلى ما تبقّى من أنقاض منازلهم، بسبب غرق خيامهم، كما أن الاحتلال يتعمد خلق الفوضى بين النازحين فى القطاع عبر استخدام عصابات منظمة خارجة على القانون تسرق المساعدات الغذائية.
وقال «زقوت» إن الأوضاع الإنسانية تزداد كارثية، مبيناً أن الجوع والبرد آفتان تقتلان المواطنين فى القطاع فى هذه المرحلة، مشيراً إلى مناشدات من عشرات العائلات النازحة خلال ساعات الليل لإيوائها بعد أن أغرقت مياه الأمطار خيامها وباتت بلا مأوى، وأن ما يحدث ظاهرة خطيرة بدأت تتصاعد وتتمثل بقيام مجموعات منظمة فى القطاع بالسيطرة على المساعدات التى تدخل إلى غزة فى إطار فوضى عارمة تعمد الاحتلال إحداثها ضمن حرب الإبادة المستمرة.
وفى الضفة الغربية، كشف رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، الوزير مؤيد شعبان، أن جيش الاحتلال والمستعمرين نفذوا 407 اعتداءات ضد قاطفى الزيتون منذ بدء الموسم فى الأسبوع الأول من الشهر الماضى وحتى الآن، وشملت الاعتداءات عنفاً جسدياً، أدى إلى استشهاد مواطن ومواطنة فى نابلس وجنين على التوالى، إضافة إلى حملات اعتقالات ومنع وصول وترهيب، موضحاً أن الاعتداءات توزعت بين 120 اعتداءً نفذها جيش الاحتلال، 242 اعتداءً من قبل المستعمرين، و45 اعتداءً مشتركاً بين الجانبين، كما تركز معظم الاعتداءات فى نابلس (160 حالة)، تلتها سلفيت (58) ثم الخليل (54)، موضحاً أن الموسم الحالى شهد تصاعداً غير مسبوق مقارنة بالسنوات السابقة، حيث زادت الاعتداءات من 333 فى موسم 2023 إلى 407 هذا العام، بينما سجل موسم 2022 ما مجموعه 108 اعتداءات، وفقاً لوكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
وفى سياق منفصل، لا تزال ردود الفعل العالمية متباينة على قرار الجنائية الدولية، إذ ألمحت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، أمس، على هامش اجتماع لوزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى فى مدينة فيوجى الإيطالية، إلى احتمال تنفيذ مذكرة الاعتقال الدولية الصادرة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إذا دخل الأراضى الألمانية، وأن «الحكومة الفيدرالية تلتزم بالقانون لأنه لا أحد فوق القانون»، وأن «استقلالية القضاء سارية، وقد توصل القضاء فى هذه الحالة إلى نتيجة مفادها أن هناك ما يكفى من القرائن لاتخاذ هذه الخطوة الآن».
وكانت الدائرة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت الخميس الماضى، بالإجماع، قرارين برفض الطعون المقدمة من قبل دولة الاحتلال بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسى، وأصدرت أوامر اعتقال بحق كل من نتنياهو ووزير جيشه السابق يواف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 8 أكتوبر 2023 على الأقل حتى 20 مايو 2024، وهو اليوم الذى قدمت فيه النيابة العامة طلبات إصدار مذكرات الاعتقال.