قرار خطير ضد لجان التغيير والخدمات بالشمالية
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
دنقلا – نبض السودان
أصدر والي الولاية الشمالية الأستاذ عابدين عوض الله محمد، قرارا تم بموجبه حل لجان التغيير والخدمات بالأحياء والقري والفرقان والأسواق والمناطق الصناعية وتنسيقيات الحرية والتغيير بالولاية الشمالية.
ووجه القرار ، بحصر جميع الأصول الثابتة والمنقولة والمستندات والعهد والاختام الخاصة باللجان المحمولة وحجزها والتحفظ عليهآ عبر المدراء التنفيذيين للمحليات وحجز جميع الحسابات المصرفية والاموال المودعة فيها بأسم اللجان المحلولة وعدم المصرفية فيها.
ونص القرار على المدراء التنفيذيين بالمحليات تكوين لجان تسييرية بالاحياء والقري والفرقان والاسواق والمناطق الصناعية بما لايقل عن خمسة أشخاص ولايتجاوز عدد تسعة أشخاص..
ووفقا للقرار يتم إختيارهم وفق الأسس والمعايير التالية، أن يكون سوداني الجنسية بالميلاد ولايحمل أي جواز أجنبي وان يكون مقيم بالمنطقة إقامة دائمة وان لايقل عمر العضو عن ثمانية عشر عاما وان لايكون قد شارك في عضوية اللجان السابقة أو تنسيقية الحرية والتغيير وان لايكون قد أدين في جريمة تمس الشرف والامانة.
ونوه إلى تمثيل الشباب والمرأة وقدامي المحاربين والمزارعين والتجار ومشرف الاستنفار والائمة والدعاة في عضوية اللجان حسب مقتضي الحال.
وشدد القرار على أن يتم التسليم والتسلم خلال 72 ساعة من تأريخ صدور القرار وعلي الأمانة العامة للحكومة والمحليات والجهات ذات الصلة إتخاذ كافة الإجراءات لتنفيذ القرار.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: التغيير خطير ضد قرار لجان
إقرأ أيضاً:
الإصلاح مفردات ومسالك وعمليات.. مشاتل التغيير (5)
من المهم أن نعلن تحفظنا على مسألة حصر الخيارات الإصلاحية من أعلى أو من أسفل، أو أن عملية الإصلاح هي في المستويات السفلية أو العُلوية، ولكن ما نراه أساسي للتركيز عليه هو الشروط الفكرية والثقافية لعملية الإصلاح والبنية التحتية اللازمة له، ومن ثم فإننا نرفض أنماطا من السلطة جرى التسويغ لها على ألسنة كثيرين من مثل "المستبد العادل"، أو "سلطان غشوم خير من فتنة تدوم"، أو "من اشتدت وطأته وجبت طاعته"، أو "ستون سنة بسلطان ظالم خير من ليلة بلا سلطان".
إن هذا التسويغ الجامع بين متناقضات من الاستبداد والعدل أو المزيف لأوصاف من مثل الحاكم المفكر في إطار تزكية نماذج المستبد الجاهل المدّعي (أبو العريف) أو ذلك المستبد الذي يسوغ المجتمع في ضوء علاقة السيد بالعبد (دكاترة وعلماء السلطان)، يمكن الرد عليه بالتأكيد على أنه ليس هناك ما يسمى بالمستبد العادل، فالنقيضان لا يجتمعان (الاستبداد والعدل)؛ وكذلك فإن علاقات الاستبداد لا يمكن أن تنتج من خير، ولكنه في حقيقة الأمر هو نوع إن أتى بشيء يتعلق بـ"تنمية الناس" فإن ظاهره الرحمة، وباطنه من قبلهم العذاب.
وهي نماذج تحرك ضرورة الكشف عن كل ما يتعلق بالإصلاح الضال أو الإصلاح معكوسا، أو الإصلاح الزائف "وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" (البقرة: 11).
لا بد وأن يكون لدى المجتمع القدرات والأجهزة القادرة على كشف كل غطاء زائف حول عملية استبداد السلطة وطغيانها في إطار قابليات الاستخفاف الفرعوني؛ إذا كان الفاسد في سعيه يريد أن يفسد كل شيء؛ ويهلك الحرث والنسل، فإن القائم بعملية الإصلاح وجب أن تكون عينه على أمرين: الدولة والمجتمع والعلاقة فيما بينهما فيصلح أمرهما، وعلى نموذج الإصلاح ذاته حتى لا يكسد أو يفسد
لا بد وأن يكون لدى المجتمع القدرات والأجهزة القادرة على كشف كل غطاء زائف حول عملية استبداد السلطة وطغيانها في إطار قابليات الاستخفاف الفرعوني؛ إذا كان الفاسد في سعيه يريد أن يفسد كل شيء؛ ويهلك الحرث والنسل، فإن القائم بعملية الإصلاح وجب أن تكون عينه على أمرين: الدولة والمجتمع والعلاقة فيما بينهما فيصلح أمرهما، وعلى نموذج الإصلاح ذاته حتى لا يكسد أو يفسد.
وهنا من الواجب علينا تأمل النموذج الفرعوني في العلاقة السياسيةبين الحاكم والمحكوم ضمن مسالك إفساد استطاعت أن تغتصب كل حقائق الإصلاح ومفرداته من الرشاد، ومن الطريقة المثلى، ومن إخراجهم عن جادة الصواب وما اعتادوا عليه، ولكن في تركيزنا على ذلك النموذج الفرعوني يجب ألا يلفتنا عن نموذج السامري في انحراف العملية الإصلاحية، ونشاطها في تزييف الشروط السابق الحديث عنها في عملية الإصلاح لحرف طبيعتها وتزوير عطاءاتها لتكر على أصل مقاصدها بالنقض والإهمال، وتسرق مفهوم الإصلاح ذاته وتغتصبه.
ومن هنا يبدو لنا نموذج الإصلاح في دعوة النبي شعيب عليه السلام: "إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود: 88)؛ تذكرنا تلك الآية بعناصر ستة في عمليات الإصلاح؛ (إن أريد) الإرادة مبدأ الفعل الإصلاحي؛ (إلا الإصلاح) وضوح الهدف الإصلاحي الكامن في التعبير بأسلوب القصر؛ (ما استطعت) الاستطاعة والقدرات والوسائل المرتبطة بها؛ (وما توفيقي إلا بالله) التوفيق الإلهي بين الوعد بالمنن والعمل بالسنن؛ (عليه توكلت) حقيقة التوكل والسعي الدائب والأخذ بالأسباب؛ التوكل بين تواكل الفعل الإنساني وتوكل الأخذ بالأسباب و السعي الفعال؛ (وإليه أنيب) الإنابة، والمراجعة، والأوبة وعمليات التقويم الذاتي.
وكذا فإن الاستطاعة والقدرة والسعة والوسع؛ والاجتهاد فيما لا مزيد عليه؛ إنما تؤسس للإصلاح وفق الطاقة للفعل الإنساني والحضاري؛ والتي تزكي فكرة المشاتل الحضارية التي تفيض من ميدان الى ميدان، ومن مساحة الى مساحة، ومن مجال الى مجال، ومن ساحة الى ساحة، ساحة إدلب التي كانت مشتلا ومعملا لإصلاح كبير وشامل. ولعل هذا الفهم يجد ما يزكيه من اختصاص النبي شعيب في رسالته أنه بعث في قوم يطففون الكيل والميزان، وما يؤديه ذلك من فساد في كامل مساحات وعلاقات المجتمع.
ومن هنا وجب على نظريات الإصلاح أن تؤكد على هذا المربع الإصلاحي التربوي الحضاري في نظريات النبي عليه الصلاة والسلام الإصلاحية. هذا الأمر الذي يتعلق بالقيامة الإنسانية إنما يحرك معنى المسؤولية في نشاط هذا العمل الإنساني الذي يجب أن نقوم عليه، فنحرك هويات مؤسسية فرعية أخرى تتعلق بنظرية الفأس (اشترِ قدوما/ فأسا.. اذهب واحتطب)، ونظرية الرباط على الثغر (رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا العَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا، وأيضا الحديث: عَيْنَانِ لاَ تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ). نعم "أنت على ثُغرة من ثغر الإسلام فلا يؤتين من قبلك"، والثغرة موطن الضعف من الحدود، أو الثُلمة في الشيء، أو الفتحة في الثوب.
فإياك يا أخي أن تكونَ أنت سببا في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، ونظرية التصدق ولو بشق تمرة (اتقوا النار ولو بشق تمرة)، ونظرية الفسيلة (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا تَقوم حتى يَغرِسَها، فليَغرِسْها)، وليس علينا في حقيقة الأمر إلا أن نمارس مسالك هذا العمل الإصلاحي الفياض بعطاءاته ضمن الفهم، وتبدو لنا هذه الرؤية السفينة للعالم (حديث السفينة).
والكون مظلة لكل هذا الفعل الإصلاحي وفاعلياته الحقيقية لإنقاذ هذا الكون ضمن الإنقاذ الثاني الذي يمكن أن يكون إنقاذا كونيا شاملا، بعد أن ضاقت الحضارة التي افتتنت بزخرفها فخنقت مبادرات العمل الإصلاحي، فتحدثت مرة عن "موت الإله" ولم يكن ذلك في عرفها إلا مقدمة "لموت الإنسان". لا نجد أفضل مما عبر به رجاء جارودي في ندائه الثاني للأحياء بعد ندائه الأول، حينما أشار إلى "حفارو القبور" والذي أدى إلى افتقاد المعنى والمغزى في الحياة الإنسانية والرؤية الكونية والعمل الإصلاحي وفاعلياته.
ومن أهم هذه الأمور تقع هذه الأجهزة الثلاث تحوطها وسائط ثلاث أخرى؛ إن النظر الواعي والبصير لا بد أن يهتم بأجهزة الإصلاح المجتمعي والحضاري والسياسي والتي تتمثل في ثلاث أجهزة أساسية وثلاث أخرى وسيطة تشكل أطرا وسياقات مؤسسية لتفعيل وتشغيل هذه الأجهزة الثلاث؛ يقع على رأسها جهاز المناعة الذاتية الذي يحقق الحصانة بالنسبة لأي كيان ويدفع كل عدو أو خصم يريد النيل منه أو إضعافه وإنهاكه؛ إنه الجهاز المناعي في الكيان محركا كل طاقاته في الممانعة والمدافعة والمقاومة.
أما الجهاز الثاني فيتمثل في جهاز المراجعة والنقد الذاتي ليحفظ للكيان مسيرته الحقة والفاعلة في مواجهة أي قصور أو ضعف أو انحراف يشكل مع تراكمه استمراء لفعل الغفلة أو ارتكاب الخطأ والتغاضي عن القصور؛ ضمن رؤية كامنة لدى قياداته وأهله بقداسة الكيان وسياساته وحركته وتصرفاته، فيغطي على كل ذلك بمسوغات بالتقاط المعاذير وانتحال مسالك التبرير؛ فلا يفطن غالبا مع هذه الحال إلى ضرورات المراجعة والنقد الذاتي كل حين أو في أي أزمة تطرأ أو فرصة تلوح وقد فات وقتها.
كما الاستبداد واصطحابه الفساد كما هو صناعة فإن الإصلاح كذلك صناعة يقوم على أركان عدة تتفاعل في بنائه وبنيته، في سيرته ومسيرته، في تحولاته وسيرورته. ومن هنا وجب علينا أن نؤكد على أنه ليس فقط النماذج الإصلاحية في مواجهة نماذج الاستبداد والإفساد، ولكن علينا كذلك أن نؤكد على إمكانية انحراف عملية الإصلاح
أما الجهاز الثالث والأخير فيرتبط بالتجدد الذاتي حتى يحافظ الكيان على استمرايته النشطة وحركيته الحقة، فلا يصاب بتجمد قد يطوله أو تكلس قد يحوطه.
إن عناصر التجدد والاجتهاد ومسيرة الإحياء بلا إبطاء من خلال الاستجابات الفاعلة والدافعة والرافعة؛ أجهزة ثلاث تتكافل وتتكامل فعلا وفاعلية؛ تشكل أجهزتها المؤسسية الضامنة أجهزة الفاعلية الإصلاحية في بناء وصياغة الاستراتيجيات للفاعليات المجتمعية والحضارية. أما الأجهزة الوسيطة الناظمة لها سياقا والمؤسسة لها استمرارا؛ فتكمن في مؤسسات متعددة ومتنوعة من مؤسسات تحفظ مهمات التنبه والإنذار ومداخل الاستنفار؛ وأخرى تتعلق بالمتابعة والمراقبة والرقابة والمحاسبة؛ ومؤسسات أخرى تمارس كل مداخل ومسالك المبادأة الإيجابية والمبادرة القائمة والقدرة على المواجهة ضمن سياقات الاستعداد والاستمداد وقدرات التصحيح الذاتي.
وغاية الأمر أن كما الاستبداد واصطحابه الفساد كما هو صناعة فإن الإصلاح كذلك صناعة يقوم على أركان عدة تتفاعل في بنائه وبنيته، في سيرته ومسيرته، في تحولاته وسيرورته. ومن هنا وجب علينا أن نؤكد على أنه ليس فقط النماذج الإصلاحية في مواجهة نماذج الاستبداد والإفساد، ولكن علينا كذلك أن نؤكد على إمكانية انحراف عملية الإصلاح، ضمن هذا التكامل تأتي عملية الإصلاح كعملية حضارية وتربوية شاملة تزكي هذا النظر وهذا التفاعل ما بين المثلث المهم، فإن مثلث قاعدته الإصلاح لا بد وأن يحمل ضلعين أساسيين؛ السياسة بمضامينها الحضارية الشاملة، والفكر بمضامينه الإدراكية والوعي بعالم الأفكار الضرورية التي تشكل شروطا أولية لعملية الإصلاح التي تؤكد أن عملية الإصلاح لا تحتاج فقط للرجل الصالح في ذاته، ولكن تحتاج للرجل المصلح لغيره وجماعته وأمته. ويأتي قول البشير الإبراهيمي جوهريا ومصيبا: "الاصلاح ليس أقوالا إنما هو صناعة حضارية ممتدة، وأن الحديث المستمر من جانب أولى السلطان عن الإصلاح هو الشهادة على أنفسهم بأنهم أفسدوا".
x.com/Saif_abdelfatah