سلطنة عُمان.. حين يعلو صوت الحق والحكمة
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
مسعود الحمداني
samawat2004@live.com
سلطنة عُمان، الجزء الهادئ المُسالم من العالم العربي، الجناح الشرقي الذي لا يطير إلا بغصن السلام، الدولة التي لا تسمع لها صوتًا في الخلافات، ولا تسمع لها دويًّا في التحالفات، ولا ترى لها وقعًا في الفتن والنزاعات، الدولة التي انتقد صمتها الزاعقون، وشتمها في أحيان كثيرة المقرّبون، وانتقدها المُسطّحون، وتآمر عليها المارقون، ولكنها ظلّت صامدة، تعمل بصمتٍ، لكي يظل هذا الخليج هادئًا، ولكي تبقى أصوات العقل واعية، تحاول جاهدة- ودون صوت- أن تعدل المائل، وترتب البيت الخليجي، وتُعيد التوازنات الإقليمية إلى مسارها الصحيح، وتظل دائمًا على الحياد.
عُمان لا تتدخل في شؤون غيرها، ولا تسمح لأحد أن يتدخل في شؤونها، وحين تهدأ صولات الغضب، ويعود عقل "المتصارعين" إلى الواقع، وتنتهي جولة البطولات، ولا يجد "العناترة" طريقًا يسلكونه، لأنهم أحرقوا كل مراكب العودة خلفهم، تتجه الأنظار إلى سلطنة عُمان لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه، وتعيد ترميم ما شوهوه، وفي كل مرة تنسى عُمان الإساءات، وتتغاضى عن الهمز واللمز، والاتهامات، وتترفع عن الرد، وتتعالى عن الهبوط إلى مستوى بعض السياسات العربية، وتعمل ما بوسعها لتعيد بوصلة العقل إلى وجهته، دون مزايدات، ودون ضجيج إعلامي، ودون منّ أو أذى.
ولكن.. للصمت حدود، ففي وسط هذا الخنوع المُزري، وهذا الوضع العربي البائس، الذي تمر به الأمة العربية هذه الأيام، وما تتعرض له غزة من مذابح، وإبادة جماعية لا مثيل لها في تاريخ إسرائيل الأسوَد، صمتت تلك الأصوات العربية النشاز، وخفت بريقها، وخبا سعيرها، واختبأت خلف متاريس المعاهدات التي أبرمتها، وأضحت لا ترى، لا تسمع، لا تتكلم؛ بل وأيّد بعضها المحرقة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الخفاء وفي العلن، وسقطت أقنعة "الدم العربي الواحد"، وهنا.. ارتفع صوت سلطنة عُمان، وأعلنت مواقفها بكل وضوح، ودون مواربة، وأدانت آلة القتل الإسرائيلية، وأعربت في كل حدث عن موقفها الصريح، رغم ما يجرّه ذلك عليها من غضب الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، وبريطانيا، وهما الحليفتان التقليديتان لها، إلا أن ذلك لم يفت في عضدها، ولم تساوم على دم الفلسطينيين، ولم تخفِ إدانتها للاحتلال في كل مناسبة.
وحين بدأت الضربات البريطانية الأمريكية على اليمن، مُتذرعة بالأعمال العسكرية التي تقوم بها جماعة أنصار الله، بزعم أنها تسبب في زعزعة استقرار البحر الأحمر، في حين أن هذه الضربات في الواقع تأتي لتأمين الحماية الكاملة لإسرائيل من كل ما يمس أمنها المنكوب أصلًا، وهنا.. كذلك كان صوت سلطنة عُمان ناقدًا لهذا العمل المُتهوِّر، الذي قد يجر المنطقة برمتها إلى حرب عالمية، ورغم أن الولايات المتحدة ذات خبرة عالمية في الهزائم، إلّا أنها لم تتعلم الدرس أبدًا، ولم تعرف سيكيولوجية الشعوب المقهورة التي كانت سببًا في تعاستها، ولم تفهم بعد أن اليمن كان دائمًا مقبرة الغزاة، وأن الحرب لا تعني النصر دون خسائر، غير أنها تصُم أذنها عن كل دروس التاريخ من أجل عيون ربيبتها إسرائيل، ولذلك يأتي صوت سلطنة عُمان غاضًبا، وناقدًا لهذا العمل الذي يزعزع أمن وسلام العالم ككل، بينما نامت عيون الصارخين في الظلام، والمزايدين على القضايا العربية.
إنَّ صوت سلطنة عُمان هو صوت الحق، وصوت العدل، صوتٌ يشرِّف كل مواطن عربي نبيل، صوت لا يَظهر إلّا حين تخفت أصوات الناعقين، الذين يملأون الدنيا نقيقًا في الصغائر، ويختفون حين يُباد أبناء العرب ويُقتلون أمام أعينهم، ولا يتحرك لسانهم إلّا بالباطل، ولذلك يفخر العُمانيون بموقف بلادهم، الذي لا ينفصل عن صوتهم، ومواقفهم، ولذلك يبقى صوت عُمان السياسي عاليًا، تمامًا كتاريخها الأصيل.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وجوب التسامح لنيل السلام.. رسالةٌ لإخوتنا في الداخل وَالخارج
علي عبدالرحمن الموشكي
رسالة التسامح لنيل السلام الدائم وذلك من خلال أن نستشعر المرحلة العظيمة والمهمة والحساسة، ونقولها ونكرّرها مرارًا وتكرارًا لا يوجد لدينا ما نختلف عليه سوى سوء الفهم واعتماد قوى الشرك والضلال على زرع الخلافات والتناقضات بمختلف مجالاتها الدينية والسياسية والاجتماعية؛ لأَنَّهم كانوا يخافون مما كانوا متوقعين له وهو الذي يحصل اليوم، العالم بأسره يرى أبناء اليمن وموقف أبناء اليمن محل فخر ونموذجًا للعزة والكرامة لموقفنا المبدئي وَالإنساني والأخلاقي.
وانتصار الحق على الباطل لا يعني أن يستمر الظلم والطغيان يعمي بصائرنا ويحجب عنا أفق الإخاء والتسامح وكظم الغيظ، والسعي الجاد لتطهير الضمائر والقلوب وتوطينها على تقبل الحق من أية جهة ومن أي طرف، وهذا يعتبر أرقى مراتب الإيمَـان التي على ضوئها يرتقي أبناء الأُمَّــة الإسلامية.
والعالم بأسره يرى أن المشروع القرآني النموذج الصحيح والأرقى في مواجهة قوى الشرك والضلال؛ لأَنَّه موقف الحق وقدم نموذجًا راقيًا للعالم ورفع رأس الإسلام وعبر عن يمن الإيمَـان والحكمة وتصحيح الهدف والغاية وإعادة ضبط بوصلة العداء، ليس خزياً أَو ذلة، وكلنا كنا جميعًا ضحية ثقافات مغلوطة تلاشت واضمحلت وذابت أمام قضايا الأُمَّــة، ولو كابرنا وغضضنا بصائرنا وتصنعنا العمى أمام ما يحدث فنحن سنجد أنفسنا نقف مع أمرنا الله بمواجهتهم ومعاداتهم وهذه هي قمة الخسارة.
ولكن الوقوف إلى جانب الحق هو ما سيريح ضمائرنا وسنحظى برعاية الله وتوفيقه وتأييده، عندما نرى الحق حقًا ونؤيده ونكون من أعوانه ونرضي الله وليس كسرًا لكبرياء أنفسنا، بل إنه عزة وشرف ورفعة وكرامة، ونرى الباطل ظلماً وننبذه ونتبرأ ممن يسعى لفرض حالة من الطغيان؛ فنحن أهل الحق، ولنثبت للعالم أننا يمن واحد موحد، أنصار لله ولرسوله ولأوليائه.
ومن يفرق ويشتت ويحتقر ويغتر ولا يتواضع ويذعن، ولا يحب أن يعم الخير ويوحد الصف يعبر عن نقص في نفسه وغيه، وليس من أهل الإسلام ومتجرد من أخلاق الدين الإسلامي العظيمة، وسيجد نفسه في هاوية الشرك والضلال.
لكل إنسان مقامه وقدره ومكانته، والمسيرة القرآنية جميع المنتمين إليها لديهم نفسيات راقية وتعلمنا منهم الكثير في تعزيز مواقفنا وقضايا الأُمَّــة العربية ورسالة التسامح والسلام، وستجدون نماذج يفترشون الأرض كي تطأ عليها كُـلّ قدم تقبل على الانتماء والتحَرّك صفًا واحدًا في مواجهة أعداء، ويتقاسمون رغيف الخبز ويقدمون أنفسهم فداءً لكل إنسان أقبل على دين الله ونبذ قوى الشرك والضلال، وسيحظى باحترام الجميع، وَمن أعماق قلوبنا نوصل رسالة السلام التي تعبر عن أفق واسع للأقبال على دين الله وإمْكَانية تغيير وجهات النظر وتغيير واقتلاع جذر الكبرياء من أعماق النفس، وأقولها وبكل صراحة والله إن المسيرة القرآنية أرحم بكل يمني وعربي من أية قوة في العالم تنفذ أجندتها وسياساتها في الأمة.
كلنا شعب واحد ونؤكّـد على أن اليمن واحد موحد وَاليمن يتسع للجميع في التوجّـه والتحَرّك وتوحيد الصفوف، ونعلم أن هنالك من لديه عادات من الجاهلية ولا يدركها ويعتبر كُـلّ ما حصل ويحصل ثأراً لا بُـدَّ من أن يستمر حتى لو لم يبقَ واحد، وهو لا يعلم أنه يقاتل بدون مبادئ إلهية وقرآنية ولا يحب أن يسمع وأن يتنازل ويتسامح ويصفح ويكظم غيظة ويحسن؛ لأَنَّه تعزز لديه واستفحل مرض الكبرياء والغرور والعظمة، وندعو أبناء اليمن في كُـلّ المحافظات المحتلّة لتوحيد الصفوف والتسليم لله ولرسوله ولعلم الهدى ونبذ الفرقة وتقديم التنازلات، التي تحفظ الكرامة وتعزز من توحيد صفوف الأُمَّــة العربية والإسلامية في مواجهة قوى الشرك والضلال، وبقية التفاصيل التي تصرفنا عن الهدف والغاية العالمية هي منافذ وأبواب الشيطان الرجيم والعياذ بالله.