الحديدة اليمنية.. تحليق كثيف للطائرات الحربية والحوثيين يطلقون صاروخا
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
أطلق الحوثيين في اليمن صاروخا باتجاه البحر الأحمر، بالتزامن مع تحليق مكثف للمقاتلات الأمريكية والبريطانية في سماء الحديدة. وقالت مصادر محلية يمنية، إن "طائرات حربية أمريكية وبريطانية تحلق بكثافة في سماء محافظة الحديدة المطلة على البحر الأحمر، والتي تعرضت على مدى اليومين الماضيين لسلسلة من الضربات الجوية والبحرية".
وبحسب المصادر، فإن التحليق للطائرات الحربية تزامن مع إطلاق الحوثيين صاروخا باليستيا باتجاه الممر الملاحي في البحر الأحمر".
وأكدت المصادر أن الصاروخ الحوثي انطلق من القاعدة البحرية في منطقة "الكثيب" غربي مدينة الحديدة، ما أحدث انفجارا كبيرا سمع دويه في أرجاء واسعة من المدينة.
وكان الجيش الأمريكي نفذ فجر السبت ضربات جديدة استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمال صنعاء، وذلك بعد يوم من تنفيذ ضربات مشتركة مع بريطانيا على 60 هدفا للحوثيين، من بينها القاعدة البحرية ومطار الحديدة.
وتأتي هذه الضربات، ولليوم الثاني على التوالي، في أعقاب أسابيع استهدف خلالها الحوثيون سفنا تجارية مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب وفي البحر الأحمر، كنوع من التضامن مع قطاع غزة.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد تعهد، في تصريحات للصحفيين أمس الجمعة، أن "بلاده سترد على الحوثيين إذا واصلت هذا السلوك (استهداف الملاحة الدولية في البحر الأحمر) المثير للغضب، واصفا إياهم بـ"الإرهابيين".
في السياق نفسه، حث مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ جميع الأطراف المعنية بالتطورات في البلاد على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، محذرا من تزايد عدم اليقين إزاء الوضع في المنطقة.
وأضاف في بيان، اليوم السبت، "ألاحظ بقلق بالغ السياق غير المستقر بشكل متزايد في المنطقة، وتأثيره السلبي على جهود إحلال السلام في اليمن والاستقرار والأمن في المنطقة".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
اليمن وكسر الردع الأمريكي: البحر الأحمر نموذجًا لفشل الهيمنة
عبدالوهاب حفكوف
من بين أكثر جبهات الصراع حساسيةً في الراهن الإقليمي، تبرز جبهةُ البحر الأحمر؛ بوصفها مرآةً حادةً لتعرِّي العقيدة العسكرية الأمريكية أمام خصم غير تقليدي. فاليمنيون، دونَ مظلة جوية، ولا منظومات دفاع متقدمة، ولا حماية نووية، نجحوا في إعادة صياغة مفهوم الردع، بل وفي تحطيم رمزيته في وعي القوة الأمريكية نفسها.
منذ اللحظة الأولى لتدخُّلِها في البحر الأحمر بذريعةِ حماية الملاحة، اعتقدت واشنطن أن بضعَ ضربات محسوبة ستُعيدُ التوازن وتفرض الهيبة. لكن الوقائع أثبتت عكسَ ذلك تمامًا. وقعت في فخٍّ مُحكم بُنِيَ بعناية تكتيكية فائقة، حَيثُ تقابلت العقيدة اليمنية القائمة على “رفع الكلفة بأقل الإمْكَانيات” مع منظومة أمريكية مأخوذة بالسرعة والضجيج.
كل عملية هجومية نفذها اليمنيون كانت تهدم جدارًا نظريًّا:
• فإسقاطُ مسيّرة أمريكية متقدمة لا يُضعِفُ الأدَاة فقط، بل ينسِفُ الثقةَ في أدوات الردع نفسها.
• وضرب سفينة تجارية لا يعطِّلُ الممرَّ فحسب، بل يربك مركز القرار في وزارة الدفاع الأمريكية.
• والأسوأ: أن الدفاعاتِ الأمريكية الذكية استُنزفت حتى أصبحت أضعف من الهجوم ذاته.
وفي العمق، تحولت معادلةُ الكلفة إلى كابوس استراتيجي: صاروخ بسيط لا تتجاوز تكلفته بضعة آلاف، يُقابل بمنظومة اعتراض بملايين الدولارات.
لكن الأمر لا يتوقف عند اليمن. كُـلّ ضربة يمنية ضد المصالح الأمريكية كانت تُترجَمُ إلى نقطة تفاوضية لصالح إيران؛ ليس لأَنَّ اليمنيين في سلطة صنعاء يتحَرّكون بأمر من أحد -فهم أسيادٌ تتضاءلُ أمامهم السيادة الزيتية العربية-؛ بل لأَنَّهم جزء من منظومة ردع إقليمية واسعة، نجحت في تقاسم الأدوار وتوزيع الجبهات، دون إعلان أَو ضجيج.
ومن هنا، بدأ التحول الأمريكي الحقيقي. الإدراك المتأخر أن التصعيد ضد اليمن كشف حجم الكارثة فجعل البيت الأبيض يُعيدُ الحسابات من جديد. فما كان يُخطط له كعملية تأديب محدودة، تحول إلى أزمة استراتيجية دفعت واشنطن للتراجع خطوة، والبحث عن مسار تفاوضي مع طهران.
في المحصلة، الحوثي لم يعد مُجَـرّدَ طرف محلي يحمي سواحله. لقد أثبت، من خلال أداء منضبط وحسابات دقيقة، أنه قادرٌ على تعديل هندسة القوة في الإقليم، وفرض نفسه كطرف لا يمكن تجاهله في أي معادلة تهدئة وَخُصُوصًا في المعادلة الفلسطينية.
هكذا، تحولت جبهة البحر الأحمر إلى مختبرٍ علني لفشل الردع الأمريكي، وصعود منطق جديد في إدارة الصراع.
أُولئك الذين ظنوا بأن العدوانَ الأمريكي سيقضي على اليمنِ في ظل حكم أنصار الله وحلفائهم، سيخيبُ أملُهم وَسيتعين عليهم الاستعدادُ للتعامل مع قوة إقليمية خرجت مرفوعة الرأس بعد منازلة أقوى دولة في العالم!
* كاتب وصحفي سوداني.. بتصرُّف يسير