جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-14@14:54:49 GMT

الغرب وحقوق الإنسان

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

الغرب وحقوق الإنسان

 

د. إسماعيل بن صالح الأغبري

منذ أن اندلعت الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين عقب أحداث السابع من أكتوبر 2023، وما تشهده تلك الحرب من اغتيال للحياة، ووأد للطفولة في مهدها وإزهاق لروح الطفل الرضيع والقتل البشع للشيخ الطاعن في السن، والتهجير لمن بقي من النساء، بدعم غربي مطلق وواسع معنوي ومادي وإعلامي لإسرائيل، والعقلاء من سائر الأمم والشعوب وعلى مختلف مستوياتهم وتخصصاتهم واختلاف مشاربهم الفكرية والسياسية والدينية يتساءلون عن مصير المجالس والأمم والمنظمات التي تأسست عقب الحرب العالمية الثانية لسن تشريعات وقوانين تضبط شأن الحروب نحو البشر والحجر، وتجنيب غير المقاتلين مخازي ما وقع في الحرب العالمية الثانية من إهلاك للحرث والنسل بسبب استخدام الولايات المتحدة الأمريكية للقنبلة النووية والعنف المفرط للدول الغربية المتخاصمة ضد بعضها البعض في انتهاك منها صارخ للبيئة والإنسان.

هؤلاء العقلاء يتساءلون ما مصير الجمعيات الإقليمية والدولية ذات الاختصاص بحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل والمرأة خاصة؟ وأين صوت الدول الغربية الضاغط على كل من يخالفها؟ وأين صولتها وجولتها للذود عن الإنسان أينما كان وفي أي بقعة كان؟ وفي السلم والحرب معًا؟

طالما رفعت الدول الغربية عقيرتها مُنَظِّرة عن حقوق الإنسان، وتشهر سيف ما ورد في المواثيق الدولية الحقوقية، وتتحاكم إلى مواد تلك المواثيق خاصة في تعاملها مع دول العالم الثالث وبالأخص مع دول منظمة التعاون الإسلامي واليوم تتجلى الانتقائية في تطبيق تلك القوانين، وكأن الإنسان من ذوي البشرة البيضاء والحمراء هو الذي يستحق الحقوق وحفظ الكرامة أما غيره فلا يُعبأ به ولا يلتفت إليه، وكأنه من سقط المتاع.

استمرت بعض الدول الغربية تراقب حقوق الإنسان والطفل والمرأة في عدد من البلاد العربية وترصد حركة المجتمع، وتتبع ما يسن من تشريعات لتضمن حسب إدعائها ملاءمة ذلك للتشريعات العالمية المتعلقة بحقوق الإنسان والحقيقة لا صلة لأكثر دول العالم في صياغة تلك القوانين ولا دخل لها في سنها، وإنما صاغتها الدول الغربية وفق ما أتت به من أفعال خلال الحرب العالمية الثانية وحسب منظورها الثقافي وما هو سائد في بيئتها، وتريد من العالم الإسلامي والعالم الثالث التسليم بها والخضوع لها والتحاكم إليها والحكم بها ولو ضاد ذلك خصوصية المجتمعات وتشريعات الإسلام والقيم والأعراف والعادات والتقاليد أي أنها تريد حمل دول العالم على ما ترى وما تصنع، وهذا الصنيع منها يناقض دعوى حرية الإنسان وعدم إكراهه على أمر عقدي أو سياسي أو ثقافي! ويناقض حرية التعبير التي ترفع هذه الدول عقيرتها بها! إنها بذلك ترفع شعارا استبداديا طالما رفعه الفراعنة أولي الطول من قبل وهو ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد! فكيف صار المنتهك لحقوق الإنسان خلال الحرب العالمية الثانية قبلة وكعبة لحقوق الإنسان والطفل والمرأة وهو يكره أكثر من نصف سكان العالم على ما يراه!

العالم الغربي يصدر تقاريره عن حقوق الأقليات الدينية والعرقية واللغوية وأوضاعها في العالم الإسلامي، بينما هو ذاته يدعم حروبًا قائمة على أُسس دينية أو يدعم حكومات تضم وزراء بالغي التطرف، يدعون إلى التخلص من شعب بأسره ولو برميه في البحر أو تهجيره أو إعادة تشريده! وينصر حكومات يهدد بعض وزرائها بإمكانية استخدام القنابل النووية للتخلص من شعب أو أمة! وهو يقف بصلابة مع حكومات تنطلق دولها في تأسيسها من منطلقات دينية متطرفة!

إن عددًا من البلدان الغربية يضع أنفه في كل شأن من شؤون دول العالم الإسلامي، فتتدخل في العملية التعليمية والمناهج الدراسية لتنتقد محتوياتها الدينية والتاريخية والاجتماعية أي تستهدف من ذلك خلخلة قيم المجتمعات وترابطها الأسري وتسعى للمساس بالأعراف والتقاليد والعادات. كما توغل هذه الدول الغربية في ترصد نُظم التعليم العالي ولوائح مؤسساته وتقوم بعملية تقييم هذه المؤسسات فإن رأت منها تماهياً معها رفعت التصنيف عاليًا، وإن أبت تلك المؤسسات مسايرتها حطت من أقدارها؛ بل تضع أنفها عند تقييم المؤسسات والجامعات والكليات حتى في طريقة جلوس الطلبة والطالبات، هل هم مختلطون متداخلون أو مفصولون عن بعض، الطلاب في جهة والطالبات في أخرى، وهل للطلاب مدخل خاص بهم وللطالبات مدخل آخر أو للجميع مدخل واحد؟ فإن رأت الفصل بينهما وضعت تلك المؤسسة دون المستوى، وإن رأت الدمج اعتبرت تلك المؤسسة على درجة عالية من المستوى! بل تتدخل الدول الغربية حتى في مسألة ما تنص عليه لوائح وأنظمة مؤسسات التعليم من اللباس المحتشم بالنسبة للمرأة فتعتبر ذلك قيدا على المرأة؟! وكان الأجدر بها احترام خصوصيات المجتمعات والأولى بها إن لم يكن من ذلك بد أن تركز على قوة المناهج التعليمية وليس التركيز على الخصوصيات ما يدل على أنَّ القصد هو عولمة المجتمعات وتبعيتها وإكراه الدول لتسير سير دول الغرب فأين الحرية المزعومة؟!

يا ترى لماذا يقلق الغرب من تفوق الطالب العربي في الفيزياء والذرة والعمليات الحسابية ذات الصلة ببعض العلوم؟! ولماذا يخشى من التفوق في بعض المعارف والعلوم والتقنيات.

ظن كثير من مثقفي دولنا إما بإعجاب منهم وذوبان في الغرب وثقافته والتصاقاً به وبشعاراته وإما بسذاجة وسطحية، أن الدول الغربية كعبة للحقوق ومقصد للحريات وقدوة لعالم خالٍ من الاعتداء على الإنسان والكلمة والبيئة وموئلًا لكل "مظلوم" مزعوم في بلاده أو مضطهد أو ممنوع من حق التعبير في وطنه! خاصة وأن الدول الغربية فتحت لما يسمى بالمعارضة أبوابها، فصارت مأوى ومقرًا، كما أذنت لهؤلاء بالتسويق لأفكارهم ورؤاهم بدعوى حرية التعبير السياسي والديني والثقافي، إلّا أن الأزمة الروسية الأوكرانية فضحت تلك الشعارات وكشفت عن ذلك العوار الذي عليه العالم الغربي فهو منع التعبير وحرية الكلمة وحجب قنوات مخالفة لرؤيته حول الأزمة الروسية الأوكرانية وقامت بمضايقات لرؤساء تحرير صحف ومجلات وتم فصل صحفيين ومعلقين عقاباً لهم على اختلاف رأيهم مع رأي حكوماتهم!

ثم أقبلت الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين، فانكشفت شعارات الغرب في حرية التعبير فمارس الإعلام الغربي ازدواجية الحقوق وتزوير الحقائق وكتم حقيقة ما يجري، كما تعمد التضييق على من يخرج على المنهج الغربي ملصقا بكل صادع بالحقيقة أو منتقد لإسرائيل بأنه معادٍ للسامية مع أن الانتقاد كان للسياسة الإسرائيلية وليس للعرق أو الجنس أو الأصل أو الدين!

إنَّ الدول الغربية عندما تؤوي المعارضات وتتيح لها حرية الحديث والحركة إنما تريد منها أن تجعلها بمثابة حصان طروادة فهي تستثمرها لتلوح بها عصا غليظة ضد بلدانها، إما لتحقيق مآرب سياسية أو تضغط بها لتحقيق مكاسب اقتصادية أو ثقافية فالمقصود من الإيواء ليس نصرة "المظلوم" المزعوم! بل اتخاذ هؤلاء مطايا للضغط على تلك البلدان لتحقيق أهداف الغرب! إن الدول الغربية عندما تؤوي المعارضات إنما تؤويها لتكون لديها أوراق ضاغطة على دولهم من أجل رسو صفقات اقتصادية أو تسليحية ولا تؤويهم من أجل الحقوق والحريات.

إن التمييز العنصري في دول غربية على أشده وساسة الغرب أنفسهم يتفوهون بذلك فكيف صار الغرب نصيرا للمساواة؟ وقادة غربيون يمنعون ويسعون لسن قوانين تمنع الحجاب بالنسبة للمسلمات فكيف يزعمون الحريات وهم يسنون من التشريعات ما يناقضها أما كان يمكنهم ترك المرأة وحرية ما تلبس؟!

لقد صوَّر بعض مثقفي العالم الإسلامي الغرب وكأنه جنة المأوى ومستودع الحريات وموئل كرامة الإنسان، إلّا أن الأحداث الواقعة في العالم كشفت زيف الادعاء، وما تلك المؤسسات سوى أذرع للدول الغربية لتنفيذ الاستعمار الثقافي بدلًا من الاستعمار العسكري.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ما هي الدول الأكثر تلوثًا بالعالم في عام 2024؟

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كشفت دراسة جديدة أن جميع المدن العشرين الأكثر تلوثًا في العالم خلال عام 2024 كانت في آسيا، باستثناء مدينة واحدة فقط.

تقع غالبية هذه المدن، وعددها 13، في الهند، وهي الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، حيث يعتمد النمو الاقتصادي المزدهر بشكل رئيسي على الفحم، ويعيش مئات الملايين في مدن تعاني من الازدحام المروري والاختناق.

وتوجد أربع مدن أخرى في باكستان المجاورة، ومدينة واحدة في كل من الصين وكازاخستان.

أما المدينة الوحيدة خارج آسيا التي وردت ضمن القائمة فهي إنجمينا، وهي عاصمة تشاد الواقعة في وسط إفريقيا، والتي صنّفت كالدولة ذات التلوث الهوائي الأسوء بالعالم.

في الوقت ذاته، كانت جميع المدن الأكثر تلوثًا في أمريكا الشمالية تقع في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.

وبحسب التقرير الصادر عن شركة "IQAir" السويسرية، التي تراقب جودة الهواء عالميًا، فقد ركزت الدراسة على الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5، التي تُعد من أصغر الملوّثات وأكثرها خطورة.

وتنتج PM2.5 عن مصادر مثل احتراق الوقود الأحفوري، والعواصف الترابية، وحرائق الغابات. وهي جسيمات دقيقة للغاية، يبلغ عرضها 1/20 من عرض شعرة الإنسان، ما يمكّنها من تجاوز دفاعات الجسم الطبيعية والوصول إلى الرئتين أو مجرى الدم.

تتسبب هذه الجسيمات في حدوث التهيج والالتهابات، ورُبطت بشكل أساسي بمشاكل الجهاز التنفسي وأمراض الكلى المزمنة. ويمكن أن يؤدي التعرض لها  إلى الإصابة بالسرطان، أو السكتات الدماغية، أو النوبات القلبية، وزيادة خطر الاكتئاب والقلق.

أفادت منظمة الصحة العالمية أن متوسط المستويات السنوية لجسيمات PM2.5 يجب ألا يتجاوز 5 ميكروغرامات لكل متر مكعب.

سجّلت مدينة بيرنيهات الصناعية الواقعة في شمال شرق الهند تركيزًا لجسيمات PM2.5 بلغ 128.2 العام الماضي، أي أكثر من 25 ضعفًا من المعيار الذي حددته منظمة الصحة العالمية.

من بين المدن العشرين الأكثر تلوثًا، هناك 12 مدينة أخرى تقع في الهند، وقد ظهرت عاصمتها نيودلهي كأكثر العواصم تلوثًا في العالم للعام السادس على التوالي، بتركيز PM2.5 يبلغ 91.8. 

في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، غطّت سحابة خانقة من الضباب الدخاني سماء دلهي، ما تسبب في تعطيل الرحلات الجوية، وحجب المباني عن الرؤية.

وبشكل عام، تراجعت الهند، أي الدولة الأكثر اكتظاظًا بالسكان في العالم، حيث يبلغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، من المركز الثالث إلى المركز الخامس مقارنة بالعام السابق.

ذكر التقرير أن تلوث الهواء "لا يزال يشكل عبئًا صحيًا كبيرًا... حيث يقلل متوسط العمر المتوقع بنحو 5.2 سنوات".

أما عن الدول المجاورة للهند، أي بنغلاديش وباكستان، وهما يضمان معًا نحو 400 مليون نسمة، فقد احتل البلدان المركزين الثاني والثالث لأكثر البلدان تلوثًا في العالم من حيث جزيئات PM2.5.

أما بالنسبة إلى الصين، التي كانت تهيمن سابقًا على التصنيفات العالمية لأسوأ جودة هواء، فقد شهدت تحسنًا طفيفًا.

وأشار التقرير إلى أن متوسط تركيز جزيئات PM2.5 السنوي الوطني في الصين انخفض من 32.5 ميكروغرام لكل متر مكعب إلى 31، مع تحسّن جودة الهواء في المدن الكبرى مثل بكين، وشنغهاي، وتشنغدو، وقوانغتشو، وشنتشن.

تُعد الصين أكبر مصدر لثاني أكسيد الكربون في العالم، لكنها خلال السنوات الأخيرة خاضت حملة ضد تلوث الهواء، لا سيما في المدن التي ساهمت في تحفيز نموها الاقتصادي، ودعمت التوسع الضخم في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

وأظهر تقرير "IQ Air" أن جميع المدن العشرين الأكثر تلوثًا في العالم العام الماضي تجاوزت إرشادات PM2.5 الخاصة بمنظمة الصحة العالمية بأكثر من 10 مرات.

في الانفوغراف أعلاه، تعرّف إلى الدول الأكثر تلوثًا في العالم، بحسب شركة "IQAir"تشاد بنغلاديشباكستانجمهورية الكونغو الديمقراطيةالهندطاجيكستاننيبالأوغندارواندابوروندينيجيريامصرالعراقغاناإندونيسياغامبياتشادمنظمة الصحة العالميةنشر الخميس، 13 مارس / آذار 2025تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2025 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

مقالات مشابهة

  • لازم تعرف.. إزاى تتواصل مع وحدات شئون المرأة وحقوق الإنسان بالنيابة الإدارية
  • اكتشاف أقدم أحفورة لوجه بشري في أوروبا الغربية.. هذا عمرها
  • مصر والعراق ضمن الدول الأكثر تلوثا في العالم (إنفوغراف)
  • كيف تؤثر حرب «الرسوم الجمركية» على اقتصاد العالم؟
  • الدبلوماسية السورية في عهد جديد.. أين تقف دمشق من العالم؟
  • الصِّيغة الجديدة لأمْرَكة العالم
  • ما هي الدول الأكثر تلوثًا بالعالم في عام 2024؟
  • اعتقالات إسرائيلية جديدة في شمال الضفة الغربية
  • مقررة أممية تصف ما يحدث بالضفة الغربية “بالتطهير العرقي”
  • مقررة أممية: ما يحدث في الضفة الغربية حملة تطهير عرقي