جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-03@23:07:37 GMT

مسندم.. المحافظة الاستراتيجية

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

مسندم.. المحافظة الاستراتيجية

 

د. يوسف بن حمد البلوشي

yousufh@omaninvestgateway.com

 

تزخر محافظات وولايات السلطنة من أقصاها إلى أقصاها بجملة من المقومات الاقتصادية والمزايا النسبية ومكامن القوة، والتي إن نجحنا في ربطها وتوظيفها سنتقدم بثقة نحو تحقيق نقلة نوعية في كل محافظة وولاية من ولايات هذا الوطن الشامخ، وسيكون لها تأثير حقيقي ونوعي على الاقتصاد العماني، والإسهام في الناتج المحلي الإجمالي.

ولا يخفى أن مُحافظة مسندم على وجه الخصوص، تتفرد بميزات استراتيجية تضعها على رأس سلم أولويات الحكومة والوجهات الاقتصادية الواعدة خلال السنوات المُقبلة، وبما ينعكس على توفير المزيد من الوظائف وزيادة زخم النشاط الاقتصادي في إطار التنمية الإقليمية للمحافظات والبناء على الميز النسبية. وتتفرد محافظة مسندم، بموقعها الجغرافي، وأهميتها الاستراتيجية العظيمة، فهي تطل على مضيق هرمز الذي يعد من أهم الممرات المائية في التجارة الدولية، إضافة إلى قرب المحافظة من أسواق الدول المجاورة وتوفر الموارد الطبيعية السمكية والحيوانية والزراعية والتعدينية؛ حيث حظيت بالعديد من الامتيازات والاستثناءات التي من شأنها تمكين المستثمرين المحليين والأجانب وجلب الاستثمارات.

حظيت محافظة مسندم الجميلة بعناية كبيرة من قِبل الحكومة، وظهرت علامات هذا الاهتمام من خلال التطور الشامل الذي شهدته المحافظة في مختلف مجالات الاقتصاد والمجتمع. فقد تم إعداد الاستراتيجية الشاملة للتنمية الاقتصادية والمخطط الشامل لمحافظة "مسندم 2040" والتي تستهدف رفع مستوى المعيشة للأفراد في المحافظة من خلال تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة مع الحفاظ على المقومات الطبيعية والتراثية والثقافية في المنطقة.

ركزت هذه الاستراتيجية على وضع رؤية واضحة لتطوير محافظة مسندم في السنوات المقبلة، وذلك من خلال التنويع الاقتصادي وتطوير القطاعات الاقتصادية الرئيسية في المحافظة؛ بما في ذلك القطاع اللوجستي كمحرك أساسي لتطوير القطاعات الأخرى، والقطاع السياحي البيئي كمحرك رئيسي لتنمية الاقتصاد المحلي، وقطاع الثروة السمكية من خلال تطوير موانئ الصيد ومشاريع القيمة المضافة والاستزراع السمكي، إضافة إلى القطاعات الأخرى مثل التجارة والصناعة، فضلًا عن خلق تنمية اقتصادية مستدامة من خلال تعزيز النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية والتراث الثقافي والقيم الاجتماعية.

كما أولت الاستراتيجية أهمية كبيرة لتطوير البنية الأساسية والمرافق العامة بالتوازي مع تنمية القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى وضع واعتماد خطة شاملة للتخطيط العمراني في المحافظة، بهدف ضمان التخطيط السليم والاستغلال الأمثل للأراضي في مختلف استخداماتها، لخدمة سكان المحافظة والأجيال القادمة.

ومن ركائز الاستراتيجية الاقتصادية لمحافظة مسندم تطوير البنية الأساسية والمرافق العامة وتحسين جودة وفعالية المساحات العامة وحماية المقدرات الطبيعية للمحافظة واستثمارها لتعزيز التنمية الاقتصادية على المدى البعيد كإنشاء المتنزه الوطني الطبيعي، كما ستُركِّز الاستراتيجية على التنويع الاقتصادي من خلال الاستثمار في عدة قطاعات مثل القطاع السياحي واللوجستي والثروة السمكية والقطاع التجاري والصناعي من خلال إيجاد تنمية اقتصادية مُستدامة وتحفيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الموارد الطبيعية والإرث الثقافي والقيم الاجتماعية في المحافظة.

وعلى لسان المحافظ الشاب معالي السيّد إبراهيم بن سعيد البوسعيدي فقد "تم التركيز على التنويع الاقتصادي من خلال تطوير أبرز القطاعات الاقتصادية المتمثلة في القطاع اللوجستي، وقطاع السياحة لتطوير الاقتصاد المحلي، وقطاع الثروة السمكية، ويشمل موانئ الصيد ومشروعات القيمة المضافة والاستزراع السمكي، والتجارة والصناعة كون الاقتصاد محركا أساسيا في التنمية المستدامة".

وهناك سعي حثيث لتنفيذ العديد من المشروعات في مختلف المجالات الاستراتيجية والتنموية والسياحية والبلدية موزعة على مختلف ولايات المحافظة والتي ستنقل المحافظة لتكون وجهة استثمارية خلال الفترة المقبلة، وبفضل الدعم السّامي من لدن حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تم تنفيذ العديد منها، كما إنه جارٍ العمل على بعضها، والتي بلغ مجملها نحو 56 مشروعًا في مختلف المجالات المشار إليها آنفًا، ويتم تنفيذ تلك المشروعات من مختلف الجهات ذات العلاقة وبإشراف من مكتب المحافظ.

ونظرًا لما تتمتع به مسندم من مقومات طبيعية تعززها البنية الأساسية للقطاع السياحي والمشروعات التنموية، تعمل المحافظة على الجمع بين سياحة المغامرات والسياحة الترفيهية والثقافية والتراثية والبيئية؛ حيث تُركِّز على الأنشطة السياحية المتنوعة الخاصة بسياحة المغامرات؛ مثل أنشطة المشي الجبلي وتسلق الجبال والغوص، وغيرها من الأنشطة التي تحظى بقبول من سياح المغامرات.

ويشهد القطاع السياحي بمحافظة مسندم نموًّا متزايدًا في عدد السفن السياحية العملاقة التي ترسو بميناء خصب وكذلك بالنسبة لعدد السياح القادمين من داخل سلطنة عُمان وخارجها؛ حيث يشكل عدد السياح القادمين من الخارج النسبة الأكبر، ومن أجل تنشيط هذا القطاع تم اعتماد هوية تسويقية للموسم السياحي تحت مسمى "شتاء مسندم"؛ إذ يتم من خلالها الترويج للمقومات السياحية التي تتميز بها وكذلك إقامة العديد من الفعاليات والبرامج السياحية والثقافية والفنية والرياضية.

ويأتي المرسوم السُّلطاني رقم (54/ 2022) بإنشاء محمية المنتزه الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم، تجسيدًا لما تزخر به المحافظة من تنوع جغرافي ثري وبيئة طبيعية ومقومات جاذبة للسياح من مختلف دول العالم. وكذلك البدء في تنفيذ مشروع طريق (دبا- ليما- خصب) لدفع في مسار تنمية المحافظة.

ولا يفوتنا أن نشير إلى النشاط المُميَّز لفرع غرفة تجارة وصناعة عمان بالمحافظة في تعزيز بيئة الأعمال وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي للنهوض بهذه المحافظة الجميلة، فهناك مبادرات عديدة تستحق الإشادة، ونشد على أيديهم للاستمرار في النزول إلى أرض ميدان الأعمال للتعرف على التحديات التي يواجهها رجال الأعمال ومحاولة التعامل معها عن قرب وتشبيك الفرص الاستثمارية والجلوس مع الجهات الحكومية والمستثمرين الأجانب والمحليين للوصول إلى خلطة تنموية خاصة بهذه المحافظة.

وتجدر الإشارة إلى أن هناك جهودًا كبيرة مطلوبة من الجميع في المرحلة المقبلة وفي جميع محافظات عُمان؛ سواءً كانوا أفرادًا أو أسرًا في المجتمع، وكذلك مجتمع الشركات في القطاع الخاص والأجهزة والكيانات الحكومية المناط بها تنمية هذه المحافظات.

نعم هناك عمل كبير قد أُنجِز، لكن ثمّة جهود أكبر تنتظر التنفيذ من الجميع؛ لتحقيق القفزة النوعية المنشودة لمحافظة مسندم وغيرها، ونرى المزيد من الحراك الاقتصادي والاستثماري والتجاري والمزيد من المصانع والمزارع والمصائد، والجميع على يقين أنها ستتحقق في ظل تكاتف جهود أهل هذه المحافظات ونشاط شركاتها والدعم الحكومي المستمر، لدعم الإرادة الصلبة والرغبة الأكيدة لكي تتبوأ هذه المُحافظة مكانتها الاقتصادية التي تستحقها.

وأودُ أن أختم بالتساؤل: هل لنا أن نرى في كل محافظة برنامجًا تنمويًا تنفيذيًا مُتقنًا، بالشراكة مع القطاع الخاص، يُسطِّر المزايا النسبية، ويُحدِّد الفجوات التنموية، ويضع التدخلات والمُعالجات المطلوبة على مستوى المشاريع والسياسات، ويكون مدعومًا بلوحة معلوماتية ومؤشرات متاحة للجميع؟ وذلك لرصد التقدم المحرز في تحقيق الرؤى والاستراتيجيات والخطط والمبادرات، التي نتحدث عنها، لضمان قياس التطور وتحديد التدخلات المبكرة، من أجل تحقيق الأهداف التي نسعى إليها، كبديل للتقليدية السائدة في تطوير قطاعاتنا ومحافظاتنا، على أن يتم تحديث هذه اللوحة كل 6 أشهر، ومن ثم تنتظم مسيرة التنمية على أُسس علمية، وتضع الجميع تحت المسؤولية لتنفيذها بدقة دون تأخير.

** مُؤسس البوابة الذكية للاستثمار والدراسات

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الصناديق السيادية في ضيافة عُمان

 

 

راشد بن حميد الراشدي

 

لأوَّل مرة على مستوى الصناديق السيادية العالمية، تستضيف سلطنة عُمان ممثلة في جهاز الاستثمار العُماني، أكبر اجتماع في تاريخ المنتديات العالمية لصناديق الثروة السيادية في مسقط خلال الفترة من 3- 6 نوفمبر الجاري.

خطوات وثابة وبيئةً خصبة لمختلف المشاريع الكبرى ومواقع مُميزة تحظى بها سلطنة عُمان وسط قوانين وتشريعات اقتصادية واستثمارية محفزة لجميع الشركاء من مختلف دول العالم.

ومع هذا المنتدى العالمي الضخم والذي تقدر أصول ثروات الصناديق السيادية المشاركة فيه بمبلغ يصل إلى 8 تريليونات دولار، يجتمع رؤساء وأعضاء أكثر من 50 صندوقًا سياديًا من 46 دولة حول العالم في مسقط.

المؤتمر تشارك فيه أسماء عملاقة في مجال المال والاقتصاد ولعل من أبرز المتحدثين على المستويين العالمي والإقليمي إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركتي "سبيس إكس" و"تسلا" والذي سيشارك عن بُعد، ومعالي المهندس سالم العوفي وزير الطاقة والمعادن، ومعالي عبدالسلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، إلى جانب روبرت سميث أمريكي من أصول أفريقية، وأنطونيو كراسيس الرئيس التنفيذي لشركة "فالور"، إلى جانب يان يُو المستشارة القانونية لدى صندوق النقد الدولي وذلك من خلال الورش والاجتماعات المصاحبه للمنتدى العالمي.

آفاق جديدة لجوانب التكامل الاقتصادي والاستثماري سيفتحها المنتدى من خلال تواجد رؤساء أكثر من خمسين صندوقاً سيادياً في مسقط وتعرفهم على مختلف مختلف الفرص الاستثمارية في مختلف المشاريع التنموية الكبرى والمجالات تستاهل وتعرفهم كذلك على الإمكانيات وسلاسة قوانين الاستثمار والمقومات الاستثمارية التي تتمتع بها سلطنة عمان مما سيسهم في فتح آفاق جديدة نحو بناء علاقات استثمارية طويلة المدى مما سينعكس إيجابًا في جهود التنويع الاقتصادي ومصادر الدخل وتنمية الاقتصاد العماني.

المنتدى العالمي لصناديق الثروة السيادية وهو يقام على أرض السلطنة يحمل دلالات كثيرة على متانة وثبات الاقتصاد العماني ونموه، وأن سلطنة عُمان خصبة بالمقومات الجاذبة والمشاريع المستقبلية القادمة ووفق منهجيات واستراتيجيات مدروسة حققت خلال السنوات البسيطة من عمر النهضة المتجددة طفرة كبيرة في رفد خزينة الدولة بملايين الدولارات وحققت فوائض مالية جيدة.

إن وجود أكثر من خمسين صندوقا سياديا على أرض سلطنة عُمان سيبشر بالخير وستسهم مثل هذه الصناديق مستقبلا في المشاريع الاستثمارية المستقبلية العملاقة التي تخطط سلطنة عُمان لإنشائها.

حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها، وأدام عليهم نعمة الأمن والأمان والاستقرار والتقدم والازدهار.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الصناديق السيادية في ضيافة عُمان
  • البيئة تبدأ إعداد الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الدائري
  • برنامج عن تحقيق الذات والتميز المهني بمحافظة مسندم
  • صندوق النقد: متفهمون لحجم التحديات الكبيرة التي تواجهها مصر
  • أمريكا تعلن وصول قاذفات بي -52 الاستراتيجية إلى الشرق الأوسط
  • الشراكات الاستراتيجية العمانية
  • مسؤولون واقتصاديون: الاهتمام السامي بقطاع الأعمال يعزز مشاركة المؤسسات الخاصة في التنمية الاقتصادية الشاملة
  • محافظ اللاذقية الدكتور خالد أباظه لمراسل سانا: إخماد جميع الحرائق التي اندلعت في ريف المحافظة، مع بقاء بؤرة على اتجاه قرية السمرا ويتم التعامل معها من خلال فرق إطفاء حقلية لصعوبة وصول الآليات لوجودها في جرف صخري، وامتدادها محدود ولا تشكل أي خطر في محيطها
  • شعبة المستوردين: مشاركة الحكومة للقطاع الخاص يحقق التنمية الاقتصادية
  • الإمارات والصين.. 40 عاماً من الشراكة الاستراتيجية