نزوح كبير إلى رفح في ظل أوضاع إنسانية كارثية
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
سرايا - قالت منظمة “آكشن إيد” الدولية، إن الأوضاع الإنسانية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة وصلت إلى نقطة الانهيار، حيث يتجمع فيها ما يزيد على مليون شخص في منطقة مكتظة للغاية، مع قدوم المزيد منهم كل يوم، بمساحة تقدر بنحو 32 كيلومترا مربعا.
وأوضحت المنظمة في بيان، صدر اليوم السبت، أن مئات الآلاف من الأشخاص ينامون في العراء، دون ملابس كافية ومأوى ضد البرد والمطر، بسبب اكتظاظ مراكز الإيواء، وتجاوز قدرتها الاستيعابية.
وأشارت إلى أنه يتقاسم الخيمة ما يزيد على 20 شخصا، وكل يوم يمثل كفاحا للمواطنين، للعثور على الغذاء والماء، حيث يواجه جميع سكان قطاع غزة الآن مستويات من الجوع، مع خطر المجاعة الذي يزداد يوما بعد يوم.
وتطرّق عبد الحكيم عوض، وهو عضو في مجموعة شبابية لمؤسسة شريكة لـ”آكشن إيد”/ فلسطين، إلى الظروف الإنسانية الكارثية التي يواجهها الناس في رفح، قائلا: “نحن نعيش في وضع لا يمكن أن نصفه بالإنساني، فلا توجد صحة ولا طعام، ولا مقومات الحياة الأساسية، ولا خيم كافية يمكنها استيعاب جميع الأشخاص الذين جاءوا من المنطقة الوسطى في قطاع غزة، فهم ينامون في العراء، ويجب أن يكون لديك 3000 شيقل (ما يعادل 635 جنيهًا إسترلينيًا) لكي تتمكن من شراء خيمة. وأضاف: إذا أردت شراء أي شيء، كطعام في الصباح، أو بعد الظهر، أو الليل، فيجب أن تكون وجبة واحدة، قد تحصل عليها في منتصف النهار، وتبلغ تكلفة هذه الوجبة 50 شيقلا على الأقل (10.58 جنيه إسترليني).
أما عن الوضع الصحي، أشار إلى أن من يصاب، فعليه أن يبقى في منزله، لأنه لا يوجد مكان لاستقباله على الإطلاق، فلا يوجد كهرباء، والطاقة الشمسية أو الخلايا الشمسية تستخدم للشحن في الأيام العادية، ويجب الانتظار ثلاثة أيام حتى تحصل على الشحن، وهناك طوابير للمياه العذبة، وأخرى للمياه المالحة، وللطعام، وللشرب، وكل شيء له طابور”.
وأوضحت “اليونيسف” عن وجود ما يقارب 3200 حالة جديدة من حالات الإسهال بالمتوسط كل يوم بين الأطفال دون سن الخامسة، وفي أسبوع واحد من شهر كانون الأول، في حين وصلت حالات الاسهال المسجلة عادة قبل السابع من تشرين الأول ما يقارب 2000 حالة في هذه الفئة العمرية كل شهر، والحفاظ على مستويات النظافة يكاد يكون مستحيلا، بسبب نقص المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي، حيث يضطر مئات الأشخاص إلى استخدام مرحاض، أو حمام واحد للاستحمام.
وحسب “آكشن ايد”، فالصورة مماثلة في أماكن أخرى جنوب ووسط قطاع غزة، حيث تم تكثيف الغارات الجوية في الأيام الأخيرة، وقد نزح أكثر من 85% من السكان –حوالي 1.9 مليون شخص– من منازلهم عدة مرات، ويواجهون صراعا يوميا لتلبية احتياجاتهم الأساسية.
المواطنة ليلى نزحت من منزلها، وتقيم الآن في خيمة مع أطفالها وعائلتها الممتدة في مخيم يقع جنوب غزة، والذي تقول إنه موطن لـ100,000 شخص.
قالت: “نحن نعيش في الخيام، فلا يوجد أي من مقومات الحياة التي نعيشها، نتضور جوعا ونواجه معاناة في إيجاد الماء والطعام، لقد غمرتنا المياه خلال الليالي التي أمطرت علينا، فأطفالنا ليس لديهم أي وسيلة لتدفئتهم. لا توجد أغطية، لا شيء، ووالدتنا مريضة بالربو، وهي أيضًا مصابة بحادث سير أثناء الحرب، وأختي أيضًا على وشك الولادة، وليست لدينا بطانيات أو أشياء لتدفئتها أو لتدفئة أطفالنا بها”.
وحالة إنسانية أخرى للمواطنة أميرة، التي نزحت من منزلها في الشمال، وتعيش حاليًا في خيمة مع أطفالها الأربعة، أصغرهم يبلغ من العمر عامًا ونصف العام في خان يونس، بينما لا يزال زوجها في الشمال.
وتتحدث قائلة: “الحمد لله وجدنا ما يسمى بـ”المأوى”، لكن بصراحة بالنسبة لي ولأطفالي وعائلتي، فهو ليس مأوى. هنا أعاني من البرد، لأنني وأطفالي لا نجد ما يكفي من الأغطية. نعاني كثيرًا عندما نريد الذهاب إلى الحمام. نقف في الطابور لفترة طويلة والحمامات بعيدة. لقد عانينا من التهاب المعدة والأمعاء أكثر من مرة. أطفالي كلهم أصيبوا بالمرض على التوالي وتعافوا مرة أخرى… ليس لدي مأوى، ولا أملك دخلا أو مالا أصرفه أو أشتري به أي شيء”.
ونوهت المنظمة الدولية في تقريرها، إلى أن كمية المساعدات التي تدخل غزة لا تزال غير كافية على الإطلاق، لتغطية هذا المستوى الهائل من الاحتياجات، حيث يدخل حاليًا ما يقارب 200 شاحنة تحمل المواد الغذائية، والأدوية، وغيرها من الإمدادات يوميًا في المتوسط.
وعلى الرغم من التحديات الهائلة، تدعم المنظمة وشركاؤها المحليون، مثل: جمعية الوفاق لرعاية المرأة والطفل، من خلال توفير المساعدات الغذائية، ومستلزمات النظافة، و”مستلزمات الشتاء” التي تحتوي على الملابس الدافئة، والبطانيات، والفرش، فضلا عن تزويد عدد من بمساعدات نقدية، لتمكينهم من شراء المواد الأساسية.
وتعمل المنظمة بالشراكة مع جمعية “وفاق” أيضا على بناء 60 من الوحدات الصحية للنساء والفتيات في رفح، ما يمنحهن مساحة خاصة، للحفاظ على نظافتهن بكرامة.
من جهتها، تتحدث مسؤولة التواصل والمناصرة في “آكشن إيد”/ فلسطين رهام جعفري: “إن الظروف التي يواجهها الناس في رفح لا تصدق، حيث تنهار البنية التحتية، تحت ضغط تلبية احتياجات السكان، بما يقرب من أربعة أضعاف طاقتها المعتادة، وتتدفق المساعدات بوتيرة بطيئة مؤلمة لقد سمعنا قصصًا بائسة عن 20 فردًا من أفراد الأسرة، الذين اضطروا للتكدس في خيمة واحدة، واضطر الناس إلى الوقوف في طوابير لساعات لاستخدام المرحاض، والآباء لا يتناولون حصتهم من الوجبة تلو الأخرى حتى يتمكنوا على الأقل من إعطاء أطفالهم شيئا ليأكلوه.
ومن المرجح أن الوضع سيزداد سوءا ومع نزوح المزيد من الأشخاص من المنطقة الوسطى، ومناطق أخرى في جنوب غزة، مع تكثيف الغارات الجوية.
وأكدت أن وقف إطلاق النار الفوري والدائم هو وحده الذي سيوقف ارتفاع عدد القتلى، ويسمح بدخول ما يكفي من المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة، وتقديم بعض الراحة لأولئك الذين يصارعون من أجل البقاء في رفح، وأماكن أخرى من قطاع غزة”.
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. ما جرى في غزة هو أكبر عملية إبادة بشرية موثقة في التاريخإقرأ أيضاً : مصر تنفي مزاعم الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية عن معبر رفحإقرأ أيضاً : "صحة غزة": لم تتبق إلا 6 سيارات إسعاف صالحة للاستخدام في القطاع
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: مدينة غزة اليوم غزة الناس المنطقة الوضع شهر غزة الوحدات فلسطين الناس الناس الوضع المنطقة سيارات فلسطين مصر المنطقة الوضع مدينة اليوم الناس غزة الوحدات القطاع شهر قطاع غزة فی رفح
إقرأ أيضاً:
ما أوضاع المساجين السياسيين في تونس؟
تونس- ندّد سياسيون وحقوقيون بتدهور الوضع الصحي لعدد من الموقوفين في قضايا رأي وملفات سياسية مرتبطة بما يسمى "التآمر على أمن الدولة"، معتبرين ذلك انتهاكا صارخا لحقوقهم الأساسية ومصدر قلق متزايد بشأن أوضاعهم داخل السجون التونسية.
كما أعربوا عن خشيتهم من سعي السلطة للتعتيم على محاكمة الموقوفين ومنع وسائل الإعلام من تغطيتها وإطلاع الرأي العام على مجرياتها. وبينما يطالب البعض بمقاطعتها دعا آخرون إلى محاكمات عادلة أمام الرأي العام تحترم حقوق الدفاع.
وقبل أيام، نددت نقابة الصحفيين التونسيين بتدهور صحة الصحفي محمد بوغلاب، الموقوف منذ مارس/آذار 2024 في قضايا رأي أغلبها مرتبطة بالمرسوم (54)، الذي يعتبره مراقبون وسيلة للتضييق على حرية التعبير لا لمكافحة الأخبار الزائفة.
احتجاجات سابقة لإطلاق سراح المساجين السياسيين في العاصمة تونس (الجزيرة) معاناة صحفيينوقالت النقابة إن بوغلاب البالغ من العمر 61 عاما، يعاني من تدهور صحي خطير داخل السجن نتيجة إصابته بالسكري، مما أثر على بصره. وبحسب المقربين منه فإن نسبة الإبصار في عينه اليمنى أصبحت "شبه منعدمة".
وحذرت النقابة من تدهور الحالة الصحية للصحفية شذى بالحاج مبارك، التي تعاني من مرض الكلى ومن تضرر سمعها. وتم احتجازها في القضية المعروفة إعلاميا باسم "أنستالينغو" منذ أغسطس/آب 2024.
ويقبع في السجون -منذ أشهر- 5 صحفيين هم محمد بوغلاب وشذى الحاج مبارك ومراد الزغيدي، إضافة إلى المنشط الإذاعي برهان بسيس والمعلقة الإذاعية والمحامية سنية الدهماني، وسط دعوات لوقف الملاحقات ضدهم وإطلاق سراحهم.
إعلانوفي ظل هذه الأوضاع، يؤكد مراقبون أن قائمة المسجونين الذين يعانون من تدهور صحي داخل السجون التونسية طويلة وتشمل شخصيات سياسية وصحفيين ونشطاء من المجتمع المدني يواجهون أوضاعا صعبة "دون رعاية طبية كافية".
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ إعلان الرئيس قيس سعيد عن التدابير الاستثنائية وتوليه السلطة بشكل كامل، شنّت السلطات الأمنية اعتقالات شملت صحفيين وحقوقيين وسياسيين من مختلف التوجهات، مما أثر بشكل كبير على واقع الحريات.
سياسة تنكيلوحول تردي الوضع الصحي لعدد من المساجين، يقول القيادي بحزب التيار الديمقراطي المعارض هشام العجبوني في تصريح للجزيرة نت إن "استمرار سجن المعارضين والصحفيين والنشطاء رغم معاناتهم الصحية يأتي في إطار التنكيل بهم".
وتطرق إلى وضعية رئيسة "هيئة الحقيقة والكرامة" سهام بن سدرين، التي تدهورت حالتها الصحية بسبب خوضها إضرابا عن الطعام منذ أسبوعين إلى درجة إدخالها غرفة الإنعاش، ورغم ذلك مدد قاضي التحقيق احتجازها 4 أشهر إضافية.
وقال أعضاء لجنة الدفاع عن سهام بن سدرين، للجزيرة نت، خلال وقفة احتجاجية مؤخرا أمام وزارة العدل، إن اعتقالها يأتي على خلفية نشاطها على رأس الهيئة التي فضحت تجاوزات منظومة الاستبداد والفساد قبل ثورة 2011.
كما أشار العجبوني إلى رئيسة منظمة "تونس أرض اللجوء" شريفة الرياحي، الموقوفة منذ نحو 8 أشهر على ذمة التحقيق على خلفية عملها في مجال حماية اللاجئين، مستنكرا إيداعها السجن بتهم واهية رغم أنها أم لرضيع في عمر الشهرين.
واعتقلت السلطات الأمنية عددا من النشطاء الذين يعملون في مجال الدفاع عن حقوق المهاجرين عقب تصريحات أطلقها الرئيس الحالي قيس سعيد في فبراير/شباط 2023 بشأن ارتفاع تدفق المهاجرين من جنوب الصحراء باتجاه تونس.
عدد كبير من المعارضين السياسيين المعتقلين يواجهون تهمة التآمر على أمن الدولة (الجزيرة) إيقاف تعسفيورفع العجبوني علامات استفهام وحيرة حول المعايير القانونية التي يتم بها اتخاذ قرارات الاحتجاز، مستنكرا ما اعتبره تعسفا بإصدار بطاقات إيداع بالسجن في حق شخصيات سياسية ومدنية لا تشكل أي خطر.
إعلانويؤكد أنه حضر بعض المحاكمات لإعلاميين موقوفين على غرار المحامية والمعلقة الإذاعية سنية الدهماني، مؤكدا للجزيرة نت أن "ملفاتها القضائية خالية من أي أدلة تدينها، لكن رغم مرافعات المحامين وحججهم تتم إدانتها".
وحكم على الدهماني 8 أشهر بعدما تمت إدانتها إثر تعليقات ساخرة انتقدت فيها الوضع العام بالبلاد. وقبل أيام خفضت محكمة الاستئناف ضدها حكما من عامين إلى عام ونصف سجنا بتهمة ترويج أخبار زائفة على شبكات التواصل.
وأفاد العجبوني بأنه سيوجه رسالة مفتوحة لدعوة فريق الدفاع عن المساجين من أجل مقاطعة محاكمتهم التي يعتبرها جائرة ولا تتوافر فيها شروط المحاكمة العادلة، قائلا "لا يجب إعطاء أي شرعية للأحكام التي ستصدر".
أوضاع متدهورةبدورها، تقول المحامية دليلة بن مبارك مصدق، عضوة هيئة الدفاع عن المساجين السياسيين للجزيرة نت، إن العديد منهم يعانون من أوضاع صحية متدهورة بالسجون نتيجة تردي الأوضاع بالسجن أو نتيجة أمراض مزمنة.
وتطرقت إلى وضعية القيادي السابق بحركة النهضة عبد الحميد الجلاصي، الذي يقبع بالسجن بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، مفيدة أنه يعاني من سرطان في الحنجرة، فضلا عن اكتشاف ورم جديد لم يحدد نوعه بعد نقله للمستشفى قبل فترة.
وتضيف بن مبارك وهي شقيقة القيادي بجبهة الخلاص المعارضة جوهر بن مبارك، الموقوف بتهمة "التآمر على أمن الدولة"، أن هناك استجابة من إدارة السجون لنقل المساجين المرضى للمستشفى لكنها تبقى متأخرة بسبب الإجراءات.
وتطرقت كذلك إلى تدهور الوضع الصحي للناشط السياسي خيام التركي، الموقوف على ذمة قضية التآمر على أمن الدولة بسبب معاناته من التهاب في أوتار الكتف والرقبة بسب ارتفاع نسبة الرطوبة في السجن، وفقا لتصريحاتها.
وتؤكد للجزيرة نت أن العديد من المساجين السياسيين المحتجزين في قضايا "التآمر على أمن الدولة" يعانون من أمراض مزمنة كالسكري وضغط الدم وأمراض المعدة في حين يستغرق نقلهم للمستشفيات وقتا طويلا بسبب طول الإجراءات الأمنية.
إعلان ظروف الاعتقالوبشأن زيارة الموقوفين داخل السجون، تقول بن مبارك إن عائلات المساجين عادوا لزياتهم بشكل طبيعي على إثر تعطيلات سابقة، لكنها أشارت إلى الإرهاق الذي تكابده هذا العائلات بسبب طول الانتظار والاكتظاظ داخل السجون.
ووفق تصريحاتها تم تصنيف الموقوفين في قضايا التآمر على أمن الدولة "إرهابيين"، مما حرمهم من دخول مكتبة السجن ومنعهم من الزيارات المباشرة لذويهم ما عدا الزيارات التي تتم عبر بلور عازل، كما تم منعهم من كتابة الرسائل أو تسلمها.
من جهة أخرى، عبرت عضوة لجنة الدفاع عن المساجين عن قلقها من توجه السلطة للتعتيم على محاكمتهم وتنظيمها عن بُعد دون السماح لوسائل الإعلام بتغطيتها ونقل مجرياتها للرأي العام، قائلة إن "تم ذلك، فهو خرق صارخ لشفافية المحاكمة".
وستنطلق أولى جلسات محاكمة العشرات من السياسيين الموقوفين فيما يعرف بقضية التآمر على أمن الدولة يوم 4 مارس/آذار 2025. وتقول دليلة مصدق إن توجه السلطة لمحاكمتهم بشكل غير علني "دليل على خوفها من اكتشاف أراجيفها.
وصفت مصدق قضية التآمر المرفوعة ضدهم بـ"المفبركة" والقائمة على وشايات كاذبة من مخبرين اثنين، مؤكدة أن الهدف من تحريك هذه القضية هو "إسكات صوت المعارضين وترهيبهم".
ووفقا لها، فإن تحريك القضية كان هدفه إزاحة المعارضين من طريق الرئيس سعيد في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقالت إن "أصواتهم كانت مزعجة وعالية للتنديد بانقلابه على الديمقراطية في 25 يوليو/تموز 2021".