أحمد الطوخي يكتب: الشخصيات الثانوية في مسلسل بطن الحوت أجنحة أحمد فوزي الضاربة
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
أحمد فوزي صالح انتصر بالدراما المصرية في بطن الحوت لعام 2023
هو لا يقدم رسائل كما صرح في حوار سابق له مع موقع العربية لكنه يقدم فنًا.
اتفق تمامًا مع أحمد فوزي صالح مع هذه الرؤية وهذا الطرح الفن هو قَنطرة رَوحية ليصل الإنسان لرسائل نَفسية يكونها بحالة عامة من خلال تأثير العمل الفني فيه من خلال الحكاية، الحبكة، المشاهد المؤثرة، نَمط الشخصيات والتشابهة النفسي بين تفاصيل بالعمل وحكايات شخصية في شكل مقاربات من الممكن أن تكون مؤثرة من خلال التَفكر والتَدبر في الحكاية الفَنية المعروضة.
الربط النفسي لخلفية المشاهد الغنائية
العشوائية لم تكن تحكم أي من تفاصيل بطن الحوت ومنذ بداية الحلقة الأولى أراد أن يخلق أحمد فوزي إختلافًا من خلال الخلفية
أغنية ليلي نهاري لعمرو دياب في خلفية المشهد الأول بالصحراء من مُسجل السيارة، ومن ثم أغنية وبناقص حياتي معاك لشيرين وبهاء سلطان في عقد قران آية ابنه هلال شقيق ضياء وغيرها من الأغاني التي صُدرت كخلفيات عابره.
لم تَكن مجرد أغنيات صَدرت كأشرطة في الأعوام المذكورة في تبيان حقبة المسلسل 2005 أو 2008 وغيرها.
لكن أحمد فوزي نجح في توظيف الأغاني في الخلفية في بعض المشاهد لتَثبيت المعايشة الَنفسية لهذه الحقبة الزَمنية التي ليست بالبعيده.
من منا في 2023 قام بسماع أغنية " وبناقص حياتي معاك " لشيرين أو " ليلي نهاري" لعمرو دياب ؟
برأيي أن المصريين شعب لدية ذاكرة غنائية إجتماعية كبرى وعَظيمة
فتوظيف الأغاني في الخلفية من وجهة نظري كان نجاح مُميز لأحمد فوزي صالح في أن يَسحب المشاهد للحالة الزَمنية للعمل
من المؤكد أن هذه النَوعية من الأغاني أخذت الكثيرين لبداية الألفية وسنواتها الأولى حيث لم يكَن هناك إنترنت على نطاقه الحالي ولا مواقع تواصل للمشاركة
فكانت الأغاني الشعبية والشهيرة هذه هي المشاركة الأعظم إرتباطًا بالذاكرة النفسية والإجتماعية والغنائية للعقل المصري لعده أجيال بمواقف وإحساس زمني.
تفاصيل الأغاني في الخلفية كان وَصلة رَبط نفسي ذَكية ولماحة للحالة النفسية العامة المتطلبة للربط النفسي بالحكاية الدرامية.
الشخصيات الثانوية
أجنحة قادرة على التحليق بعيدًا وبقوة.
رغم إعتماد أحمد فوزي صالح على شخصيات لها قدرة على التلّون والتشكل دراميًا في حالات مختلفه على مستوى الأداء والنَبرة الصوتية والمحاكاة الدرامية كمحمد فراج وباسم سمره.
إلا أن من وجهة نظري النجاحات الأعظم في بَطن الحوت كانت في الشخصيات الثانوية
عصام عُمر بطل مسلسل بالطو كانت هذه المَرة الأولى التى أتابع فيها اسمه وأدائه ولم استكمل العمل ولم أشعر بارتباط حقيقي مع الشخصية.
لكن عصام عُمر في دور " بكر " قَفز بعيدًا ليعلن عن نفسه للجميع بلا مورابه من وجهة نظري وإن كان قد حقق نجاحًا في مسلسل بالطو بشهادة الجمهور.
رأيت في شخصية بكر الأتي
صديقي في الثانوية خالد سوسته، الجدعنة، الشقى، الشقاوة، ابن المنطقة المخلص دائمًا، الحائر، المغلوب على أمره، الحالم على أمل لا يأتي أبدًا.
عصام عُمر في شخصية بَكر هو صديق لك من زَمن ماضي، جار على هامش الحاره، صنايعي معجون بالقهر.
عصام عُمر في شخصية بَكر يًشبه كل المصريين، صُورة مُجمعة في أداء درامي إستثنائي ناجح وناجع في جَعلك تتعاطف، تبتسم، تحلم، تغضب، تخاف وتُقسم أن عصام عُمر ما هو إلا شخص تعرفه من زَمن في شخصية بَكر أو هو صديق حَميم.
خَرجت من بَطن الحوت بصداقة نَفسية مع شخصية بكر التى أداها عصام عُمر
حَلّق أحمد فوزي صالح بالشخصيات الثانوية بقوة وبلا خَوف
ضَرب بأجنحة الشخصيات الثانوية بلا رادع وكان في اعتماده على قوة هذه الأجنحة في محله
فقد وَصل بشخصية مَنه هلال العمري وآية هلال العمري وبَكر المُجهل العائله إلى مُراده
من حيث الملابس الشديدة الواقعية والطبيعية، وتفاصيل غرفه النوم المعبئة بصور فنانين وبوسترات شرائط كاسيت والأداء المُكثف للحالة التى نَجحت ووصلت تمامًا للعمق النفسي للمشاهد في القلق، البكاء، الأحقاد، وحتي فيمشاهد ضغط الإبتزاز العاطفي من الشخصيات لبعضهم البعض.
فيما أتت شخصية هندي التي قام بأدائها حسام الحسيني لتُعطيني إنطباع حائر حول كَيف استطاع حسام التركيز كل هذا القدر ليصل بنا لهذا الأداء التفصيلي ويُعطينا إحساس المُقبل على الإيمان والإدمان معًا، الحب والغيره،القوة والإنسحاب.
من المتعارف عليه إن تقرأ شخصية روائية وتحلم أن تراها في قالب درامي لكن شخصية هندي أعطتني إحساس جارف بضرورة تحويل هندي لشخصية روائية في أدق تفاصيله حتى سوسته الجاكيت الرياضي التي يغلقها حتى ذقنه.
الشخصيات الثانوية إنتصار أخر على هامش بطن الحوت أبرزه وأكد دوره أحمد فوزي صالح بإتقان الحكاية وتصاعدهًا وخطوط الشخصيات الدرامية وحدودها المتداخلة المُعمقة بحرفية.
الحكاية والمشهد الأخير
تأويل حكاية بطن الحوت على إختلاف متابعي العمل من قابيل وهابيل ومعالجة الحكاية وخِلاف الآراء
فالحكاية هي معالجة نفسية بالأصل لمفاهيم أساسية متناقضة ومتداخلة تتشابك مع الفعل الإنساني اليوم واللحظي
الخير والشر، الحب والكره، السيطرة والتَخلي، الغيرة وغيرها من المشاعر والأحاسيس
التي يُثيرها العمل الدرامي وخَط سير هذه المشاعر وكيف للخير أن يَتضمنه شَر والقسوة تَلُفها حنان والسيطرة تتشبث بِعناد.
قِف على المفهوم واتصل أنت بالمعالجة الدرامية الخاصة بك نفسيًا من الحكاية والشخصيات.
بينما أتى المشهد الأخير صادم ومختلف
من ناحية اختيار المكان في مزارع سمكية على هامش السواحل الشماليه لمصر على طريق بورسعيد ربمًا إن حالفتني الدقه في التخمين
وحفر هلال حُفره لأخيه ليواري فيها غضبه منه، إنتقامه المؤجل، حيرته النفسيه
فنفاجئ بمفهوم أخلاقي عباره عن " الخيانة " التي يتعرض لها من خلال " طايل " ذراعة الأيمن ويُسلمه لآخرين
فتكون الحُفره له ولأخيه معًا
وينتصر شعور إنساني أخر وَثقته كاميرا الدرون التى كانت ترتفع لتعطينا إنطباع المكان
وهو إحتضان هلال لضياء أخوه في الحفره قبل أن يتم قتلهم سويًا
ليترك مفهوم أخر مرتبط بالحكاية وهو مفهوم الرعاية والحماية حتى قبل لحظات من المَوت رَغم " مصانع الحداد " التي كانت تقف بين الشقيقين قبل لحظات.
تحدثت قبلًا عن حرفية وبطولة المكان في أعمال أحمد فوزي صالح وتحديدًا كيف أوقعنا في جماليات المكان وجعله بطلًا يتحدث مع الشخصيات الرئيسية
لكنني شَعرت بالإمتنان لأحمد فوزي صالح بأن قَر أعين المشاهد بطابية عرابي المَنسية في ربوع دمياط
أطال مشهد التصوير داخل طابيه عرابي وكأنه يوجه تساؤل للمشاهد
هل تَعرف هذه الحجاره المهجوره ؟ وتساؤلات أكثر عن سبب حضورها كركام حتى وقتنا هذا دون عناية أكثر لتبيان تاريخ هذا المكان الذي كان شاهدًا على تحصن عرابي والذين معه.
تَكلمت طابية عرابي من خلال كاميرا أحمد فوزي صالح مع المشهد الطويل في حيره هلال وورد بين جنباتها ومحاولتهم التحصن والإحتماء بها من المُطاردين.
بَطن الحوت إنتصار درامي للواقع ولمحاولة دَمج المشاهد مع المفاهيم العامة لإثارة التساؤل النفسي وتطوير الإشتباك بين الدراما والتغيير النفسي الإجتماعي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أحمد فوزی صالح فی شخصیة ب بطن الحوت من خلال من الم
إقرأ أيضاً:
أحمد نجم يكتب: الطفل العنيد صناعة أسرية
من الخطأ تجاهل الدور الأسري لصناعة الطفل العنيد، أحيانا بدون قصد يداعب الوالدين أو أحد أفراد الأسرة الطفل الصغير بأن يمنع عنه شئ يحبه، ويتلذذ البعض بمحاولات الطفل الصراخ للتوصل للشئ الممنوع عنه، وتزداد الضحكات عليه في الوقت الذي يشعر الطفل بالرغبة الشديدة للوصول وتقليد مافعله الٱخر معه.
يتصور البعض بأن الطفل لا يدرك الأمر لكن في الحقيقة تتولد مظاهر العناد لدي الطفل إبتداء من بلوغه العامين والنصف، فقد قسم علماء الاجتماع العناد عند الأطفال إلى:
أولا عناد مرضي: يكون علي صورة مرض عصبي ونفسي يصيب الطفل ويكون علاجه لدي طبيب مختص .
ثانيا عناد عرضي: هو عناد مؤقت غير دائم يكون رد فعل للطفل بسبب إكراهه علي فعل شى لا يحبه فلا يجب التعامل بحده مع الطفل لتنفيذ الأوامر .
ثالثا عناد متكرر: هو شائع عند الأطفال برفض الأوامر فيغضب الوالدين لأنه يمس حرج إجتماعي وتربوي، فلا يجب أن يتشدد الوالدين في رد الفعل ولكن التعامل يكون بإسلوب الترغيب والمكافأت لتغيير تشبث الطفل برأيه .
الطفل يصبح عنيداً لأنه يطلب منه تنفيذ الأوامر بدعوي التربية الصحيحة ، وكلها أفعال أمر و إذا قام بكسر الأشياء يعاقب و الأفضل للأم إبعاد الأشياء المعرضه للكسر من أمامه لأنه في هذه المرحلة العمرية لا يعرف قيمة الحفاظ علي الأشياء ويجب تدريبه علي ذلك بعد عمر العامين ونصف .
يبدأ العناد عند الأطفال في سن مبكر، يبدو في صورة سلوك سلبي ، برفض ما يطلبه الآخرون. ويكون بين سنة إلى ثلاث سنوات طبيعي جدا ، ويصبح مشكلة سلوكية عند النمو .
حين تنشغل الأسرة عن الطفل يحاول أن يفعل ٱي شى لمحاولة لفت الإنتباه له خاصة عند وجود أطفال ٱخرين هو يحاول أن يكون محور الإهتمام به، وقد يتعرض الطفل للعقاب لشئ فعله، فيحاول غاضبا أن يكرر مافعله إنتقاما ممن عاقبه، مثل أن يلقي أشياء علي الأرض، فيتم ضربه علي يده، وبرغم تألمه من العقوبة إلا إنه يكرر إلقاء الأشياء محاولا أن يثير غضب من عاقبه .
قد تظهر مظاهر عناد الطفل عند عدم إشباع رغباته فيصاب بالتوتر وفعل ٱي شئ لعدم تلبية رغباته، أحيانا مثلا يحاول النوم، فتظل الأم تداعبه لكي يستيقظ لينام ليلا وتأخذ هي راحتها، ومع إصراره ورغبتها في إيقاظه يتولد إصرار الطفل علي موقفه ولا تعلم الأم أنها تصنع أولي مظاهر العناد لدي طفلها .و أحيانا يكون العناد وراثيا لذلك يجب علينا مراعاة تصرفاتنا أمام الأطفال .
قد يختلف تفسير الأبوين لتصرفات الطفل، ومن الأفضل التأكد من سلوكياته لوضع أسس العلاج، فهناك فرق بين الطفل العنيد وقوي الشخصية حر الإرادة، الطفل العنيد يتمسك برأيه ولا يتقبل آراء الٱخر، ويصر علي تنفيذ ما يفعله بجانب ميله للإستقلالية واعتماده علي نفسه فقط، وأحيانا يصاب بنوبة صراخ لكي يلفت أنظار الٱخرين له .
قد تكون المرونة والدلع الزائد وتلبية رغباته الكثيرة وعدم المنع، مثلا يصرخ فتتم الإستجابة لطلباته فورا لمنع بكائه، من أهم أسباب ظهور ظاهرة العناد لدي الطفل لأنه يعرف كيف يتم تنفيذ طلباته، وقد يكون عناد الوالدين حين يصرا على تنفيذه الأوامر دون إقناعه.
وتبدو رغبة الطفل في تأكيد ذاته خاصة أمام الآخرين برفض الأوامر وتنفيذ مايحلو له نوعا من العناد العمدي، لشعوره بالظلم عندما يتلقي أمر بعمل شئ مع راحة أخيه ، أو محاولة كبت حركته ونشاطه ، وأحيانا شعور الطفل بالضعف يدفعه للعناد لإثبات ذاته أو شعوره بالغيرة بسبب التفرقة في المعاملة بين الأخوات، مما يصببه بالتوتر النفسي فيقوم بعمل كل شئ عكسي
هنا لابد من تدريب الطفل علي تبادل الأشياء، الأخذ والعطاء والتعاون في أعمال البيت الخفيفة لتقليل حدة الأنانية فجميع الأطفال يكتسبون صفات وراثية وجينات تحمل في بعضها سلوك العناد وخاصة في إبداء الرأي لذلك تنتشر مقولة ( الواد طالع لابوه دماغه ناشفة) لذلك يجب أن يتجنب الوالدين معاقبة الطفل أمام الأخرين كي لا يشعر بالحرج ويحاول إثبات ذاته، وهنا لا يجب أن نقول الواد صغير ولا يفهم، فمرحلة الإدراك لدي الطفل تبدأ مبكرا جدا .
يجب علي الآباء التحلي بالصبر وعدم الغضب من التصرفات الطبيعية لسن الطفل ولا يجب إخراج شحنة التعب من متطلبات الحياة والعمل في الطفل، والتحدث معه بلغته والنزول لمستوي عقله وتفكيره .
من المهم أن يكون هناك حوار بين الطفل ومعطي الأوامر وإحترام رأي الطفل فحين يصر الطفل علي إرتداء ملابس معينة يجب تلبيه رغبته وإحترام مشاعره، والإستماع جيدا لطلباته ويمكن بعد تلبيه طلبه إقناعه بأن يرتدي الملابس الأخري ونجعله ينظر للمرٱة ونستدرجه للموافقه علي ما نريده .
يجب أيضا عدم الإنفعال علي تصرفاته وإخراج حاله الضيق من إرهاق اليوم عليه، والصبر علي تصرفاته وتوضيح الصواب له بطريقة فكاهية ليتقبلها .
جميل جدا أن يقوم الوالدين بمدح سلوكياته الإيجابية والتقليل من رفض طلباته بلفظ لا، لأنه يرددها دون أن يدرك نتيجتها، ويتم ذلك بألفاظ سهلة مرنة، ويمكن قبل النوم أن يقوم أحد الوالدين بإلقاء حدوتة قبل النوم يطرح فيها تصرف خاطئ قام به الطفل وطرح الصواب وجعل الطفل يردده في دعابة للاستفادة.
أيضا يجب عدم إجبار الطفل علي تنفيذ أمر هو لا يرغبه و يكرهه، مثل تناول طعام معين أو الجلوس في مكان محدد أو عدم الخروج، وأن نحترم في سلوكيات الطفل الإرادة المعاكسة، ونتقن إسلوب التفاوض والحوار مع سنه .
فقد يبدو سبب عناده مضحكا، فإذا رفض مثلا الإستحمام قد يكون بسبب خشيته من المياه أو الغرق في البانيو أو خلع الملابس، لذا يجب إبراز الجوانب الإيجابية في المكان لجذب إنتباهه وحبه في التصرف.
من الخطأ الصراخ في وجهه، فهو يتعلم العصبية وأحيانا يقلد الوالدين مع الأخرين حين يراهما يتشاجران أمامه، يقلد بدون وعي، وأحيانا يقوم بضرب من حوله وإهانتهم وبذلك نكون ساهمنا في صنع طفل عدواني .
من الأفضل عدم عقاب الطفل العنيد بقسوة والتجاوز عن الأخطاء البسيطة التي يفعلها لأنه سوف يكررها بدافع استحباب رد فعلك كأنك تداعبه، ويمكن معاقبته بحرمانه من اللعب بألعابه المفضلة وإخفائها عنه، أو تقليل وقت لعبه لفترة بسيطة، أيضا بث روح الإعتذار عند قيامه بسلوك خاطئ، بإسلوب إيضاحي يناسب عمره .
طفلك بذرة نقية طاهرة، لابد أن توفر لها مناخ تربوي مناسب لتكسب أنت حياتك قبل أن يكسب هو حياته .