فورين بوليسي: أرامل غزة يناضلن من أجل حياة أسرهن
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
نشرت مجلة فورين بوليسي تقريرا عن أوضاع الأرامل في غزة. وسردت قصصا قاسية عن موت الأزواج والأبناء، والصعوبات التي تواجهها الأرامل في إعالة أطفالهن وصمودهن رغم الأحزان والصدمات.
حكت كاتبة التقرير نيها واديكار في إحدى القصص إنه ومع تساقط القنابل على غزة، تمكنت مريم أبو عكر من الهروب من الموت مرتين. لكن أحباءها لم ينجحوا في ذلك.
وفي أعقاب وفاة سارة، اعتمدت مريم (40 عاما) على زوجها سلامة للحصول على الدعم. قالت مريم في مقابلة أجريت معها في منزل عائلة زوجها في خان يونس، "لقد ساعدني على تحمل خسارة ابنتي. أخبرني أن كل شيء سيكون أفضل وأن ابنتنا ذهبت إلى الجنة".
فجأة أصبحت مريم أرملةوبعد 7 أسابيع، كان سلامة يتحدث مع أحد جيرانه عندما سقطت قنبلة في مكان قريب، مما أدى إلى مقتلهما. وفي لحظة، أصبحت مريم أرملة، ومقدمة الرعاية الوحيدة لأطفالهما الأربعة المتبقين.
مريم ليست وحدها. لقد ترملت آلاف النساء في غزة بسبب الحرب أو تركن مسؤولات عن أسرهن، ويخشى خبراء الإغاثة من تجاهل محنتهن المتفاقمة في الاستجابة الإنسانية.
وقالت مريم والدموع تنهمر على خديها الشاحبتين "أنا لا أعرف كيف أواجه غيابه وأربي الأطفال من دونه. في بعض الأحيان، عندما يغضبني الأطفال، أقول لهم: "سأتصل بوالدكم. ثم أتذكر أنه ليس هنا".
وتظهر بيانات منظمة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية أن أكثر من 2780 امرأة في غزة أصبحن أرامل. وقالت العديد من المنظمات الإنسانية إنه مع نزوح ما لا يقل عن 85% من سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وندرة الغذاء والوقود والأدوية والمياه، فإن هذه الأسر التي تعيلها نساء حديثا تكافح من أجل التكيف.
أصبحن غير قادرات على إعالة أنفسهن وأسرهنوقالت الكاتبة إن هؤلاء النساء أصبحن الآن غير قادرات على إعالة أنفسهن وأسرهن، ويفتقرن إلى الوصول إلى المنظمات التي يمكن أن تساعدهن.
وقالت لوسي تاليجيه، رئيسة برنامج المرأة في "مركز حل النزاعات الفلسطيني"، وهي منظمة مجتمع مدني مقرها بيت لحم، إن "معظم العبء سيقع على عاتق النساء. يجب أن يكن قويات – ليعشن ويساعدن أطفالهن، وليبدأن حياة جديدة، ربما مع زوج جريح أصبح معاقا، أو ربما كأرملة لديها 4 أو 5 أطفال للاعتناء بهم".
ومنذ أن تزوجت في سن العشرين من عمرها كانت مريم ربة منزل تعتمد ماليا على زوجها الراحل، الذي كان يكسب حوالي 9 دولارات يوميا من بيع الملابس في السوق.
تستمر مريم: "اعتدت الاعتماد عليه في تربية أطفالي. كان هو معيلنا الوحيد. لست معتادة على تحمل المسؤولية وحدي. ولا أعرف كيف سأكمل الطريق مع أطفالي".
الحزن والصدمة يتفاقمان
وقال عمال الإغاثة إنه بالنسبة للأرامل في غزة، فإن الحزن والصدمة الناجمة عن الحرب تتفاقم بسبب التحدي المتمثل في أن يصبحن فجأة المعيل الوحيد لأسرهن.
وقالت "منظمة كير العالمية" إن بعض الأمهات يأكلن مرة واحدة فقط في اليوم لأنهن يضعن صحة أطفالهن في المقام الأول وسط تحذيرات برنامج الأغذية العالمي من ارتفاع حالات الجفاف وسوء التغذية.
وقالت نور بيضون، المستشارة الإقليمية لشؤون الحماية في حالات الطوارئ "هناك تزايد في مشاعر الخوف والقلق والحزن والغضب، وفي حالات الطوارئ، يرتبط ذلك بانهيار الهياكل الاجتماعية، والانفصال الأسري، وتعطل شبكات الدعم".
ويقول التقرير إنه وفي حين أن العديد من المنظمات النسائية في غزة تكافح من أجل الاستمرار في العمل، تعمل "منظمة كير العالمية" مع قادة المجتمع وأصحاب النفوذ لتنظيم شبكات الدعم وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي.
تذكير بالحياة الطبيعيةوقالت سانام أندرليني، المؤسس والرئيس التنفيذي لشبكة عمل المجتمع المدني الدولي، وهي منظمة معنية بالمرأة والسلام والأمن، إن "مثل هذه الأنشطة هي تذكير بالحياة الطبيعية وهي حاسمة في المساعدة على الحفاظ على الروح البشرية وحمايتها. أعتقد أن الفلسطينيين تعلموا وأدركوا غريزيا أن الحفاظ على الحياة الطبيعية هو في حد ذاته شكل من أشكال المقاومة".
وبالنسبة لقضايا الصحة العقلية الخطيرة، تحاول منظمة كير الاستفادة من البنية التحتية الحالية للرعاية الصحية لإحالة الأشخاص إلى الأطباء النفسيين وتوفير العلاج لهم. ومع ذلك، توقف مستشفى الطب النفسي الوحيد في غزة عن العمل في نوفمبر/تشرين الثاني بعد تعرضه لأضرار في هجوم إسرائيلي.
وأشارت أندرليني وتاليجيه إلى أن مساعدة الأرامل وربات الأسر من النساء في العثور على عمل وكسب المال لدعم أسرهن هي وسيلة رئيسية لحماية النساء والأطفال من اللجوء إلى العمل عالي الخطورة كخيارهم الوحيد. على سبيل المثال، يخطط "المركز الفلسطيني لحل النزاعات" لمساعدة النساء على الانضمام إلى القوى العاملة وتطوير مشاريعهن الخاصة التي تدر المال، فضلا عن توفير التمويل الأولي للشركات الصغيرة.
سيجدن طريقهن بمساعدة المجتمعوقالت تاليجيه "سيعملن على مستوى صغير، في بيع الأشياء في المنزل، لكن سيجدن طريقهن بمساعدة المجتمع. يتعين على هؤلاء النساء أن يجدن طرقا للبقاء على قيد الحياة، وسوف يفعلن ذلك".
إحدى هؤلاء النساء، وداد أبو جامع، أم لـ6 أطفال، فقدت زوجها البالغ من العمر 45 عاما عندما أطلق الجنود الإسرائيليون النار عليه وأردوه قتيلا عندما ذهب إلى مزرعته لتفقد ماشيته والبحث عن طعام لأسرته.
قالت أبو جامع وهي جالسة في فصل مزدحم لمدرسة تُستخدم الآن ملجأ للأمم المتحدة "أشعر وكأنني فقدت حياتي، وليس زوجي فقط". وكان أطفالها ملتفين حولها يبكون من الجوع والبرد.
وأضافت أبو جامع "تزوجت وعشت مع زوجي لفترة طويلة جدا، وترعرعت في منزله. لقد عملنا معا على أرضنا الزراعية. لقد أمضينا ساعات طويلة في الاعتناء بالمحصول. لقد بنينا حياتنا معا. الآن سأذهب إلى الأرض دونه. سأكون وحدي بين المحاصيل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
مستريحو التسوق العقاري.. عندما يتحول الحلم إلى فخ والنوايا الطيبة إلى خديعة.. الداخلية تلاحق مستريحي العقارات.. سقوط عصابات منظمة يقتاتون على آلام وآمال المواطنين.. ويعترفون: نغرقهم في بحر الوعود الزائفة
في عالم يسعى فيه الجميع لتحقيق الثراء السريع، تبرز في الأفق ظاهرة مرعبة تكمن في أولئك الذين يتخذون من أحلام الناس سلعة للتربح، هؤلاء "المستريحون" الذين يروجون لوهم الاستثمار العقاري والتسوق الإلكتروني، ويجذبون ضحاياهم بحبال من الوعود الزائفة والعوائد المغرية، ليس إلا سراباً في صحراء الواقع، هم أولئك الذين يستولون على أموال المواطنين تحت ذريعة التوظيف العقاري، ثم يختفون تاركين خلفهم قلوبًا مكسورة وأحلامًا محطمة.
وفي إطار جهود وزارة الداخلية المستمرة لمكافحة هذا النوع من الجرائم التي تدمّر حياة الأسر وتدفع بالمواطنين إلى حافة الانهيار النفسي، انطلقت حملات أمنية مكثفة استهدفت هؤلاء المتهمين بالنصب والاحتيال على الأبرياء.
الحيل التي يتبعها هؤلاء المجرمون ليست مجرد كلمات فارغة، بل هي منظومة متقنة من الخداع، حيث يعرضون فوائد مالية ضخمة في البداية ويُظهرون التزامهم بالدفع في الأشهر الأولى، ما يجعل الضحايا يثقون بهم ويظنون أن الثروات أصبحت في متناول أيديهم.
لكن الحقيقة سرعان ما تتكشف عندما تبدأ الأبواب في الإغلاق، وحين يبدأ الضحايا في اكتشاف أن الأموال التي سلموها لم تُستثمر، بل اختفت في الهواءـ هناك من أصيبوا بصدمة نفسية كبيرة، حتى أن بعضهم تعرض لأزمات صحية جراء هذا الخداع، بينما شهدت العديد من المنازل حالات من التفكك والانفصال بسبب ضياع المدخرات أو المجوهرات التي بيعت لوضعها في "الاستثمار المزعوم"، على إثر ذلك، تحولت أحلام الطامحين إلى سراب، ولم يجنِ البعض منهم سوى الندم والحزن.
وتواصل وزارة الداخلية ضرباتها الموجعة لتلك العصابات التي تمارس هذا النوع من الجرائم الممنهجة، حيث كشفت تحريات الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة عن قيام أحد الأشخاص، مقيم بالقاهرة، بإيهام المواطنين بقدرته على تحويل أفكارهم إلى مشاريع تجارية عبر التسويق الإلكتروني، من خلال شركة وهمية تروج لنشاطها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان هذا المحتال يعدهم بعوائد ضخمة بالعملة الأجنبية، ليتمكن بعد ذلك من الاستيلاء على أموالهم وهروبهم دون ترك أي أثر.
وفي عملية استباقية، نجحت الداخلية في ضبط المتهم في القاهرة، حيث تم العثور بحوزته على مبالغ مالية بالعملة الأجنبية وعدد من بطاقات الدفع الإلكتروني وأجهزة تحتوي على دلائل دامغة تثبت تورطه في هذا النشاط الإجرامي، كما تم ضبط آخر، بعد أن قام بالاستيلاء على أموال المواطنين بزعم توظيفها في الاستثمار العقاري، ليهرب بعدها، ولكن الحيلة لم تستمر طويلاً، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية من تحديد مكانه والقبض عليه.
الوزارة تواصل مساعيها في محاربة هذه الأنشطة الإجرامية، ولا تدخر جهدًا في متابعة وملاحقة كل من تسول له نفسه استغلال حاجات الناس وطموحاتهم لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
في هذا الصدد، تبرز أهمية وعي المواطن، وضرورة الابتعاد عن الوعود الزائفة والتمسك بالطرق القانونية المشروعة للاستثمار، من أجل حماية المال العام والحفاظ على الأمن المجتمعي، بحسب تصريحات اللواء علاء الدين عبد المجيد الخبير الأمني لـ"اليوم السابع".
وشدد، على أنه بات من الضروري أن يظل المجتمع يقظًا ضد هؤلاء "المستريحين" الذين يدمرون الأمل ويبددون الأموال، وألا يكون فريسة سهلة لمثل هذه الألاعيب التي تجرّ المجتمع نحو الفوضى الاقتصادية.
مشاركة