أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، دراسة جديدة بعنوان "ثنائية السلام والعدالة.. رؤية تقييمية للهدف 16 في المنطقة العربية خلال عام 2023"، وذلك في ظل الانتهاكات الوحشية لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، والنزاع المُحتدم في السودان، ومع استمرار للأزمات الأمنية لميليشيا الحوثي في اليمن، فضلا عن تصاعد هجمات الجماعات المتطرفة في المنطقة العربية.

وتناولت ماعت في دراستها المسار التنموي الهادف لبناء السلام والعدالة في دول المنطقة العربية، وذلك من خلال رصد وتتبع الأزمات الأمنية والسياسية التي تشهدها المنطقة، خاصة وأن مسارات التنمية المستدامة في المنطقة العربية توجه لدعم الخطط العربية لإحلال السلام والعدل ودعم بناء مؤسسات قوية، وقدمت أيضا مجموعة من التوصيات للعمل على تعزيز المسار التنموي للسلام والعدالة في المنطقة العربية.

وقد أكدت مؤسسة ماعت أن مع استمرار إطلاق النار في غزة، واستكمال العدوان الإسرائيلي جرائمه البشعة في كافة ارجاء فلسطين، أثر هذا سلباً على كافة المسارات الرامية للسلام والعدالة، بصورة تدفع لتدهور ترتيب فلسطين في مؤشر السلام العالمي لعام 2023، حيث جاءت في المرتبة 134 من أصل 163 دولة.

وذكرت ماعت أن في الوقت ذاته تقوض الحرب الأهلية الفتاكة مسار تحقق العدالة داخل السودان؛ والتي بدورها عرقلت مسار العمل الحقوقي والتنموي للهدف السادس عشر الخاص بالسلام والعدل داخل البلاد، ونتيجة لذلك حلت السودان في المركز 155 من أصل 163 دولة مرتبة على مؤشر السلام العالمي، مُندرجة تحت تصنيف "شديد الانخفاض" على مؤشر السلام العالمي، كما اتخذت الحرب طبيعة الاساءات الجندرية كعنصر أساسي داخلها، فمنذ اندلاع الحرب تعرضت أكثر من 4 ملايين امرأة سودانية لخطر العنف والاستغلال الجنسي من قبل طرفي النزاع. وكذلك تناولت المؤسسة بالرصد والإحصاءات الهدف 16 في كافة الدول العربية خلال نفس الفترة.

ومن جانبه أوضح أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت في الوقت التي تعتبر كلًا من السودان وفلسطين الدولتين العربيتين الشاهدتين على الواقع الأمني الأكثر اضطرابًا في المنطقة العربية، فهناك مجموعة من الدول العربية تحاول الخروج من الازمات السياسية الممتدة لسنوات.

وطالب "عقيل" جامعة الدول العربية برفع قضية تتضمن توجيه اتهام لإسرائيل بارتكاب جريمة حرب ضد سكان قطاع غزة، بالاستناد للقاعدة 53 من قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استخدام سلاح التجويع ضد المدنيين، وذلك في ظل استخدام سلطة الاحتلال "التجويع" كسلاح للضغط على سكان قطاع غزة لإجبارهم على الاخلاء القسري من منازلهم والهجرة لأماكن أخرى من القطاع.

كما أوصى بإطلاق مشروع عربي يستهدف ملاحقة السلطة الإسرائيلية قضائيًا بالاعتماد على تقديم تقارير تكشف جرائمها في قطاع غزة للمحكمة الدولية مع المطالبة بمحاكمة قادة الحرب الإسرائيليون.

فيما أشارت إيمان فهيم؛ الباحثة في وحدة التنمية المستدامة بمؤسسة ماعت، أنه يجب بذل جهود تستهدف للتهدئة والتسوية السلمية، والعمل على تدعيم جهود بناء السلام، خاصة مع توسيع دائرة الصراع الحالي في السودان .

وأوصت "فهيم" منظمة "الإيجاد" بالعمل على فتح حوار سياسي بين طرفي النزاع يتضمن مرحلتين تبدأ أولهما بتهدئة، قبل الانتقال للمرحلة التالية التي تتضمن التوصل لهدنة شاملة، يتبعها تحقيق شامل لكافة سبل العدالة الانتقالية والانتصاف،مطالبة الفريق العامل المعني بحقوق الأقليات في اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بفتح مسارات لتلقي البلاغات من ضحايا الهجمات العرقية، لإنشاء قاعدة بيانات يمكن الاستناد عليها لتحقيق سبل العدالة والانصاف تاليًا بمجرد حدوث تهدئة في السودان.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: جامعة الدول العربية أيمن عقيل فی المنطقة العربیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة

 

خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة

عمار نجم الدين

تصريحات وزير الإعلام السوداني لقناة الجزيرة اليوم خالد الإعيسر تعكس بوضوح استراتيجية النظام في الخرطوم التي تعتمد على تكرار الكذبة حتى تصير حقيقةً في نظر مُطلقيها. عندما يصف الوزير الدعم السريع بـ”الخطأ التاريخي” ويزعم تمثيل السودانيين، فإنه يغفل حقائق دامغة عن طبيعة الصراع وأدوار الأطراف المختلفة فيه.

في خضم هذه الدعاية، يُظهر الواقع أن الانسحاب الأخير لقوات الدعم السريع من سنجة، تمامًا كما حدث  في انسحاب الجيش في مدني  وجبل أولياء وانسحاب الدعم السريع  من أمدرمان، ليس إلا فصلًا جديدًا من فصول التفاوض بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه الانسحابات لم تكن وليدة “انتصار عسكري” كما يدّعي النظام، بل هي نتيجة مباشرة لمفاوضات سرية أُجريت بوساطات إقليمية، خاصة من دول مثل مصر وإثيوبيا وتشاد، وأسفرت عن اتفاق لتبادل السيطرة على مواقع استراتيجية وضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة.

ما حدث في سنجة هو نتيجة لتفاهمات وُقعت في أواخر أكتوبر 2024 في أديس أبابا تحت ضغط إقليمي ودولي. الاتفاق، الذي حضرته أطراف إقليمية بارزة، مثل ممثل رئيس جنوب السودان ووزير خارجية تشاد، شمل التزامات متبادلة، من بينها انسحاب الدعم السريع من مواقع محددة مثل سنجة ومدني، مقابل:

ضمانات بعدم استهداف القوات المنسحبة أثناء تحركها من المواقع المتفق عليها. تبادل السيطرة على مناطق استراتيجية، حيث التزم الجيش السوداني بانسحاب تدريجي من مناطق مثل الفاشر، مع الإبقاء على وحدات رمزية لحماية المدنيين. التزام بوقف الهجمات لفترة محددة في المناطق المتفق عليها لتسهيل التحركات الميدانية وإعادة توزيع القوات.

انسحاب الجيش السوداني من الفاشر سوف يكون تدريجيًا، يُظهر أن الطرفين يعيدان ترتيب أوراقهما ميدانيًا وفق التفاهمات السرية، لا على أساس أي انتصارات عسكرية كما يدّعي النظام.

النظام في الخرطوم، كعادته، يسعى إلى تصوير هذه التطورات الميدانية كإنجازات عسكرية، معتمدًا على خطاب تضليلي يخفي حقيقة أن ما يحدث هو نتيجة لاتفاقات سياسية تخدم مصالح الطرفين أكثر مما تحقق أي مكاسب للشعب السوداني.

ادعاء الوزير بأن النظام يمثل السودانيين، في مقابل القوى المدنية التي “تتحدث من الخارج”، هو محاولة أخرى لإقصاء الأصوات الحقيقية التي تمثل السودان المتنوع. هذه المركزية السياسية، التي لطالما كرست التهميش ضد الأغلبية العظمى من السودانيين، تعيد إنتاج نفسها اليوم بخطاب مكرر يفتقر لأي مصداقية.

الحديث عن السلام وفق “شروط المركز” هو استمرار لنهج الإقصاء، حيث يرفض النظام الاعتراف بالمظالم التاريخية، ويمضي في فرض حلول تخدم مصالحه السياسية دون النظر إلى جذور الأزمة. السلام الحقيقي لا يتحقق بشروط مفروضة من الأعلى، بل بإعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن العدالة والمساواة.

خطاب النظام حول “الانتصارات العسكرية” و”مواجهة المؤامرات الدولية” ليس سوى وسيلة لتبرير القمع الداخلي وتحريف الحقائق. الحقيقة الواضحة هي أن الانسحاب من سنجة وستتبعها الفاشر وغيرها من المناطق تم نتيجة مفاوضات سياسية بوساطة إقليمية، وليس نتيجة “نصر عسكري” كما يزعم النظام. هذه الممارسات تفضح زيف الرواية الرسمية وتؤكد أن الأزمة الراهنة ليست صراعًا بين دولة ومليشيا، بل هي امتداد لصراع مركزي يهدف إلى تكريس الهيمنة والإقصاء.

إذا كان النظام السوداني يسعى حقًا لإنهاء الحرب وبناء السلام، فعليه أولًا التوقف عن الكذب والاعتراف بمسؤولياته في خلق هذه الأزمة. السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم، والاختيار بين الحقيقة أو الكذبة سيحدد مصير البلاد لسنوات قادمة.

 

الوسومالفاشر حرب السودان سنجة

مقالات مشابهة

  • من هي الدولة العربية التي يُريد لبنان مشاركتها في مراقبة “أي اتّفاق”
  • موقف لافت.. البابا يدين غطرسة المحتل في فلسطين وأوكرانيا
  • كيف كافحت لاجئة سودانية على أمل انتهاء الحرب في بلادها وعودة السلام ؟
  • كيف كافحت لاجئة سودانية على أمل انتهاء الحرب في بلادها وعودة السلام؟
  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • سفير روسيا لدى يريفان: معاهدة السلام بين أرمينيا وأذربيجان يجب أن تقدم حلا عادلا
  • وزير الخارجية: الخيارات العسكرية تثبت فشلها ولا تحقق السلام والاستقرار في المنطقة
  • خطاب السلطة السودانية: الكذبة التي يصدقها النظام وحقائق الصراع في سنجة
  • الجامعة العربية: الحرب الإجرامية على غزة تزيد تحديات المنطقة وتغير الواقع الديموجرافي
  • قيادي في انصار الله يؤكد تقدم بمفاوضات السعودية