القاهرة- بعد أقل من 3 أشهر من وضعها على قائمة المراجعة السلبية قرر بنك "جيه بي مورغان" الأميركي استبعاد مصر من مؤشره للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة اعتبارا من 31 يناير/كانون الثاني الجاري.

ولم تستطع الحكومة المصرية في ما يبدو تصويب أوضاعها للحفاظ على وجودها ضمن المؤشر الذي كافحت بقوة للعودة إليه للمرة الأولى عام 2022 بعد إخراجها منه في أعقاب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية.

وأرجع "جي بي مورغان" -وهو أكبر بنوك الولايات المتحدة– هذه الخطوة إلى أن مصر كانت تخضع لمراقبة المؤشر منذ 21 سبتمبر/أيلول 2023 بسبب عدم قدرة المستثمرين على تحويل أموالهم إلى العملة الصعبة للخارج.

خروج سريع بعد غياب طويل

وإلى جانب ذلك، تراجع وزن مصر في المؤشر العالمي حتى نهاية العام الماضي إلى 0.61%، حيث تمتلك 13 من السندات بالجنيه المصري في مؤشراتها بآجال استحقاق تتراوح بين 2024 و2030.

ويأتي تراجع الوزن النسبي في المؤشر استمرارا لتراجعه من مستوى 1.85% وقت الإدراج مطلع فبراير/شباط 2022 ثم 1%، فأصبحت مراجعة بقاء مصر على المؤشر مرهونة بالعودة إلى النسبة الأصلية.

واللافت أن جهود الحكومة المصرية للعودة إلى المؤشر تكللت بالنجاح في فبراير/شباط 2022، لكن بعد نحو عام ونصف وضع بنك "جيه بي مورغان" السندات المصرية المقومة بالجنيه والمدرجة في مؤشره للأسواق الناشئة على قائمة المراجعة السلبية.

وأوضح البنك الأميركي حينها أن صلاحية انضمام مصر إلى مؤشرها ستقع تحت المراجعة لفترة من 3 إلى 6 أشهر، في ظل وجود عقبات أمام الحصول على عملات أجنبية، وسيترتب على استمرار هذا الوضع حذفها من سلسلة المؤشرات التابعة للمؤشر، وهو ما حدث لاحقا.

وكانت مصر واحدة من دولتين فقط في الشرق الأوسط وأفريقيا في مؤشر "جيه بي مورغان"، واعتبرتها حينها "شهادة ثقة جديدة من المستثمرين الأجانب على صلابة الاقتصاد المصري".

وقالت وزارة المالية المصرية حينها إنها عادت بعد 3 سنوات من المفاوضات بفضل تحقيق متطلبات البنك، ومنها إطالة عمر الدين الحكومي وتعديل منحنى العائد، ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم كل إصدار.

ماذا فقدت مصر بخروجها من المؤشر؟

يعتقد خبراء اقتصاد تحدثوا للجزيرة نت أن مصر فقدت بالفعل ثقة ليس المستثمرين فحسب، بل أغلبية المؤسسات المالية الدولية التي منحتها تصنيفات ودرجات متدنية تعكس الوضع الاقتصادي المتردي الذي تمر به البلاد منذ فبراير/ شباط 2022.

ولم تعلق مصر على قرار خروجها من المؤشر كما جرت العادة حتى الآن، لكن بقاءها في المؤشر كان سيمنحها ميزة الوصول إلى أكبر عدد من المستثمرين الأجانب في أدوات الدين، حيث تعتمد بشكل كبير على هذا السوق الكبير، لتوفير التمويلات اللازمة لاحتياجاتها الأساسية من العملة الصعبة.

بدوره، يقول الخبير الاقتصادي عبد الخالق فاروق مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية سابقا إن "خروج مصر من المؤشر بعد سنوات من المكابدة للعودة إليه هو مؤشر سلبي على عدم قدرتها على استمرارها في تلبية المعايير المطلوبة للبقاء ضمن المؤشر الذي يوفر لها مدخلا مهما لأسواق الدين".

وبشأن ما قد تخسره مصر، أوضح فاروق في حديثه للجزيرة نت أن مؤشر "جيه بي مورغان" تابع لمؤسسة مهمة ويؤخذ بقراراتها، وبالتالي هذا يعني صعوبة وصول الحكومة المصرية في الفترة القادمة إلى أسواق الاقتراض وطرح سندات دولارية وغيرها، وهو ما يصعّب مهمة الحصول على قروض جديدة ويصعّب الوضع الاقتصادي العام في مصر، لأن الحكومة منذ 10 سنوات لا تعتمد ولا تهتم إلا بالاقتراض.

وإذا ما كانت مصر قد استفادت أو ستستفيد من وجودها في المؤشر، بيّن فاروق أن مصر لا تستفيد إلا عندما تحصل على تقييم إيجابي من تلك المؤسسة أو غيرها من المؤسسات المالية مثل فيتش أو موديز أو مورغان ستانلي، مشيرا إلى أن تقييم "وضع مستقر" يعطيها مساحة أكبر للولوج إلى الأسواق الدولية.

دعم دولي لمصر

وجاء قرار استبعاد مصر من المؤشر -الذي من شأنه أن يكرس النظرة السلبية للاقتصاد المصري- في وقت تعهدت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين بدعم اقتصاد مصر، وسط محادثات بشأن زيادة قرض صندوق النقد الدولي للقاهرة البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ووفقا لتصريحات مديرة الصندوق كريستالينا جورجيفا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يدرس صندوق النقد الدولي زيادة قرض مصر بسبب معاناتها من التأثير الاقتصادي لحرب إسرائيل على غزة المستمرة للشهر الرابع على التوالي.

فرصة لا تعوض

من جهته، وصف الباحث في الاقتصاد السياسي ودراسات الجدوى والدراسات التنموية مصطفى يوسف استبعاد مصر من المؤشر بـ"الضربة القوية لأن هذا المؤشر يعزز قدرتها على جذب التمويل ويجعلها تتمتع بثقة المستثمرين الدوليين في السندات الحكومية، ويستتبع هذا تخفيض قيمة الفوائد ويشجع على دخول الاستثمارات المباشرة التي من شأنها خلق فرص عمل وزيادة الإنتاج وتعزيز الصادرات وخفض تكلفة الواردات".

واعتبر يوسف في تصريحات للجزيرة نت أن وجود مصر كان فرصة لا تعوض، وخروجها هو رسالة شديدة السلبية لعالم المال والأعمال ولرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب، وتعني أن خطوات الحكومة المصرية للإصلاح الاقتصادي ليست جادة أو حقيقية، والإصلاح الوحيد الذي يتم هو تقليل الدعم وتقليص عدد الموظفين، وهذا لا يؤدي إلى إصلاح اقتصادي حقيقي، وفق قوله.

وفي جوابه عن سؤال: لماذا لم تستطع مصر الحفاظ على انضمامها إلى مؤشر "جي بي مورغان"؟ عبر الباحث الاقتصادي عن اعتقاده بأن دائرة صنع القرار الاقتصادي باتت مشتتة وغير قادرة على إدارة الملف بكل جوانبه.

وقال "لذلك خرجت بسبب عدم الالتزام بالمعايير الخاصة بالمؤشر وتكرار شكاوى المستثمرين والخبراء من عدم توفير العملة الصعبة".

وأضاف "مرت نحو 3 أشهر لم تستطع فيها مصر التجاوب مع هذه المعايير في ظل عدم تجاوبها مع شروط صندوق النقد الدولي والسماح بمرونة الجنيه".

وقفز حجم الدين الخارجي لمصر إلى مستوى قياسي عند 165 مليار دولار تقريبا، منها نحو 29 مليار دولار مستحقة للعام 2024.

وتحت وطأة شح النقد الأجنبي خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه 3 مرات منذ أوائل 2022، وفقدت العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها مقابل الدولار بالسعر الرسمي في البنوك المحلية وأكثر من 75% بالسوق الموازي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المستثمرین الأجانب الحکومة المصریة جیه بی مورغان من المؤشر فی المؤشر مصر من

إقرأ أيضاً:

قصة جوليا رمضان.. لبنانية أبكت من انتظر خروجها من تحت الأنقاض

"وين رحتي يا عمري وتركتيني.. الوالدة وأختي بيوم واحد".. بهذه الكلمات، نعى اللبناني حسن عبد الحميد رمضان شقيقته جوليا الناشطة بالعمل الإنساني ووالدته جنان البابا، عبر حسابه على "فيسبوك"، بعدما قتلتهما غارة إسرائيلية استهدفت منزلهما في بلدة عين الدلب في جنوب لبنان.

بلمح البصر، تحوّل اسم جوليا، 28 عاما، إلى أيقونة في لبنان، فهي التي قضت مع أكثر من 45 شخصا آخرين، بينما والدها عبد الحميد وشقيقها أشرف كانا من عداد الجرحى الذين تجاوز عددهم 70 شخصا.

الصبية جوليا كانت ناشطة في تأمين مساعدات للنازحين وتقوم منصة أنشأتها لهذا الغرض، بتوزيع المنشورات المرتبطة بذلك. وإثر شيوع نبدأ استشهادها، لم يصدق أصدقاء الشابة وفاة "ملاك عين الدلب" كما يطلق عليها.

يوم 29 أيلول كان دموياً في عين الدلب. من تحت الأنقاض، كانت نداءات الإغاثة، جوليا وعائلتها حوصروا تحت الركام بعد القصف، لكن الموت كان أسرع ليخطف حياة الشابة ووالدتها وجيرانهم.

تفاصيل كثيرة تُروى عن المجزرة التي حصلت وعن آخر لحظات عاشتها جوليا وعائلتها. فماذا يقول شقيقها عما جرى؟ ماذا يقول أصدقاء جوليا؟

اتصال واحد غيّر كل شيء من لبنان إلى الكويت، حصل اتصال واحد غيّر كل شيء. حسن رمضان الذي يقطن خارج لبنان، تلقى الرسالة من أحد الأصدقاء وفيها أن منزل عائلته قد تعرض للقصف بصواريخ إسرائيلية.

"الصدمة كانت كبيرة ودموعي ما نشفوا".. هذا ما قاله رمضان لبلينكس عن لحظات الفاجعة، مشيرا إلى أن ما حصل "كسر ظهره".

يشرح رمضان قائلا إنه فور تلقيه نبأ القصف، بادر فورا للاتصال بشقيقه أشرف، ومن تحت الأنقاض أجاب الأخير قائلا "البيت انقصف.. خلو حدا يجي يشيلنا".

الدقائق التي عاشها حسن لا يمكن وصفها خصوصا أن مصير شقيقته جوليا كان غير معروف، بينما والدته ووالده كانا تحت أنقاض المبنى الكائن في منطقة من المفترض أن تكون آمنة.

المياه لم تُسعف جوليا خلال وجودها تحت أنقاض المبنى في حي المغارة بعين الدلب، كانت جوليا تطلب المساعدة لإنقاذها. اللحظات كانت صعبة جداً عليها وعلى شقيقها أشرف الذي كان تحت الأنقاض أيضا مع والدته ووالده.

ما إن وصلت فرق الإغاثة لانتشال المدنيين، حتى تم تحديد مكان جوليا وسط صعوبة في الوصول إليها. وفي سبيل إنقاذ حياتها، تم إيصال المياه إليها عبر الأنابيب التي وضعها المسعفون، لكنّها لفظت أنفاسها الأخيرة اختناقا، كما يقول أحد أصدقاء رمضان لبلينكس.

بالنسبة لشقيقها أشرف، فإن إصابته كانت متوسطة، بينما تمكن المسعفون من انتشاله مع والده وهما في صحة جيدة.

أما الوالدة جنان البابا، فكانت في عداد المفقودين أولا، لكن لاحقا تم انتشالها ونقلها إلى مستشفى دلاعة في صيدا، وهناك فارقت الحياة بعدما أصيبت بنزيفٍ حاد مفاجئ، وفق ما يقول نجلها حسن.

نداءات للإنقاذ أشخاص آخرون كانوا مع جوليا وعائلتها في ذات المبنى، أطلقوا نداءات إنقاذ من تحت الركام عبر هواتفهم وبمقاطع مصورة لا يمكن نسيناها أبدا.

الشاب محمد عبدالله تمكن من توجيه رسالة عاجلة إلى أصدقائه ومناشدتهم الطلب من المسعفين إنقاذه وعائلته، وقال: "نحنا تحت الردم.. أخوي إبراهيم عبد الله حدي وإمي وبيي مش عارف شو وضعهم.. حدا يجي يشيلهم بأسرع وقت.. يجو الدفاع المدني يشيلونا.. نحنا بعين الدلب بحي المغارة بوج جامع الفرقان".

اللحظات كانت مأسوية بالنسبة لعبدالله، وبعد محاولات عديدة، نجحت فرق الإنقاذ من انتشاله ونقله إلى المستشفى فورا. ومن هناك، ظهر عبدالله في فيديو آخر بعد تضميد جراحه، طمأن كل من يعرفه بأن كافة أفراد عائلته بخير.

مساعدة النازحين.. آخر نشاط لجوليا قبل ساعات قليلة من وفاتها بالغارة، نشرت جوليا رمضان منشورا عبر حسابها على "فيسبوك" تطلب فيها مساعدة نازحين من جنوب لبنان في مدينة صيدا، وذلك بعدما تركوا منازلهم إبان توسيع إسرائيل هجماتها الجوية والعسكرية على لبنان يوم الإثنين الماضي.

صفحة جوليا كانت منصة لتأمين مساعدات للنازحين ولتوزيع المنشورات المرتبطة بذلك.

أصدقاء الشابة لم يصدقوا وفاتها فوصفوها بـ"ملاك عين الدلب". نايا حجار، صديقة جوليا، وصفتها عبر "فيسبوك" بـ"الشهيدة والقمر"، وقالت "كيف بتتركيني وحدي وبتفلي.. حرقتيلي قلبي".

نيرمين عدلوني نعت جوليا في منشور قائلة "بكرتي يا جوجو كتير.. موعودة كنت بفنجان قهوة معك .. جوجو الحلوة شهيدة".

سحر طالب أيضا عبرت عن حزنها على رحيل جوليا وقالت "شو يعني خلص ما بقى ناطريتني إرجع.. قلتيلي ما بتحبي الوداع بس كيف في يكون الأخير وما تودعيني". (بلينكس - blinx)

مقالات مشابهة

  • مؤشر الأسهم فى مسقط يغلق منخفضًا
  • الأسهم القطرية تغلق تعاملاتها على ارتفاع
  • مؤشر الأسهم البحرينية يقفل على تباين
  • الأسهم اليابانية ترتفع نحو 2% مع تعيين إيشيبا رئيسا للوزراء
  • الأسهم الأوروبية تفتح على استقرار وسط ترقب لبيانات تضخم
  • تعطيل العمل بالبورصة المصرية الأحد المقبل بمناسبة ذكرى 6 أكتوبر
  • ياسر صبحي نائب وزير المالية بالجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال: ملتزمون بمسار الانضباط المالي في إطار برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي
  • قصة جوليا رمضان.. لبنانية أبكت من انتظر خروجها من تحت الأنقاض
  • وزير الصحة: تنفيذًا لتوجيهات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي تلتزم الحكومة المصرية بتهيئة بيئة مناسبة لضمان قدرة المستثمرين الأجانب على النجاح في السوق المصري
  • مؤشرات الأسواق المالية