سرايا - زاد الاهتمام الإعلامي بمحكمة العدل الدولية في كانون الثاني/يناير، في أعقاب قرار جنوب أفريقيا برفع دعوى ضد إسرائيل فيما يتصل بادعاءات الانتهاكات الإسرائيلية لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.


ما هو الغرض من محكمة العدل الدولية، وكيف تعمل؟
تأسست محكمة العدل الدولية، التي يقع مقرها في قصر السلام في مدينة لاهاي بهولندا، عام 1945 كوسيلة لتسوية النزاعات بين الدول.

وتقدم المحكمة أيضا آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي أحيلت إليها من قبل أجهزة الأمم المتحدة الأخرى المعتمدة.

تُعرف محكمة العدل الدولية على نطاق واسع باسم "المحكمة العالمية"، وهي واحدة من الأجهزة الرئيسية الستة للأمم المتحدة، التي تشمل الجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، ومجلس الوصاية، والأمانة العامة. كما أنها الجهة الوحيدة من الأجهزة الستة التي لا يوجد مقرها في نيويورك.

وعلى عكس محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، فإن محكمة العدل الدولية ليست محكمة عليا يمكن للمحاكم الوطنية أن تلجأ إليها، فهي لا تستطيع النظر في النزاع إلا عندما يُطلب منها ذلك من قبل دولة واحدة أو أكثر.

تتألف المحكمة من 15 قاضيا، يتم انتخابهم لولاية مدتها تسع سنوات من قِبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن. وتجرى الانتخابات كل ثلاث سنوات لثلث المقاعد، ويجوز إعادة انتخاب القضاة المتقاعدين. ولا يمثل أعضاء المحكمة حكوماتهم، بل هم قضاة مستقلون، ولا يوجد سوى قاض واحد في المحكمة من أي جنسية.

تبدأ القضايا عندما تقوم الأطراف بتقديم المرافعات وتبادلها والتي تحتوي على بيان تفصيلي للوقائع والقانون الذي يعتمد عليه كل طرف، ومرحلة شفهية تتكون من جلسات استماع عامة يخاطب فيها الوكلاء والمحامون المحكمة.

وتقوم البلدان المعنية بتعيين وكيل للدفاع عن قضيتها، وهو شخص يتمتع بنفس الحقوق والالتزامات التي يتمتع بها المحامي في المحاكم الوطنية. في بعض الأحيان، قد يدافع أحد السياسيين البارزين عن بلاده، كما كان الحال في قضية غامبيا/ميانمار في عامي 2019 و2020.

وتميزت تلك القضية، التي رفعتها غامبيا، بظهور أونغ سان سو تشي، الزعيمة المدنية لميانمار آنذاك، في لاهاي للدفاع عن بلدها. وبعد هذه المرحلة، يتداول القضاة على انفراد خلف أبواب مغلقة، ومن ثم تصدر المحكمة حكمها. ويمكن أن تتراوح المدة الزمنية التي يستغرقها هذا ما بين بضعة أسابيع وعدة سنوات.

لماذا تعتبر محكمة العدل الدولية مهمة؟
محكمة العدل الدولية هي المحكمة الدولية الوحيدة التي تتولى تسوية النزاعات بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة. وهذا يعني أنها تقدم مساهمة مهمة في السلم والأمن العالميين، وتوفر وسيلة للدول لحل القضايا دون اللجوء إلى الصراع.

ما نوع القضايا المرفوعة أمام المحكمة؟
يمكن للمحكمة أن تحكم في نوعين من القضايا، وهما "القضايا الخلافية" وهي نزاعات قانونية بين الدول؛ و"الإجراءات الاستشارية" وهي طلبات للحصول على فتاوى بشأن المسائل القانونية المحالة إليها من أجهزة الأمم المتحدة وبعض الوكالات المتخصصة.

والدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في 29 كانون الأول/ديسمبر 2023 هي المرة الأولى التي يتم فيها رفع قضية خلافية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية. يذكر أنه في 2004 خلص رأي استشاري للمحكمة إلى أن الجدار الذي بنته إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك في وحول القدس الشرقية والنظام المرتبط به، يتعارض مع القانون الدولي.

ووفقا للدعوة التي تقدمت بها جنوب أفريقيا، فإن أفعال إسرائيل "تعتبر ذات طابع إبادة جماعية، لأنها ترتكب بالقصد المحدد المطلوب" لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من القومية الفلسطينية الأوسع والمجموعة العرقية والإثنية. كما تشير الدعوى إلى أن سلوك إسرائيل - "من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناء على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها" - يشكل انتهاكا لالتزاماتها تجاه الفلسطينيين في غزة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.

وتسعى جنوب أفريقيا إلى تأسيس اختصاص المحكمة على اتفاقية الأمم المتحدة للإبادة الجماعية لعام 1948، والتي وقعت عليها البلدان، بينما ترفض إسرائيل هذه الاتهامات. أما بالنسبة للإجراءات الاستشارية أو الفتاوى، ففي نهاية عام 2022، طلبت الجمعية العامة فتوى من المحكمة بشأن "الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية".

وفي آذار/مارس 2023، اعتمدت الجمعية العامة قرارا يطلب من المحكمة إصدار فتوى بشأن التزامات الدول فيما يتعلق بتغير المناخ، حيث أشاد معظم المتحدثين في النقاش بتلك الجلسة باعتبارها علامة فارقة في مسيرتهم المستمرة منذ عقود في النضال من أجل العدالة المناخية. ولا تزال الإجراءات الاستشارية سارية.

(من الأرشيف) السيدة أونغ سان سو تشي، زعيمة ميانمار المدنية آنذاك أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة في 11 ديسمبر 2019.


من يمكنه رفع دعاوى أمام المحكمة؟
يمكن لأي دولة عضو أن ترفع دعوى ضد أي دولة عضو أخرى، سواء كانت في صراع مباشر أم لا، عندما تكون المصلحة المشتركة للمجتمع الدولي على المحك. في قضية غامبيا ضد ميانمار على سبيل المثال، لم تكن غامبيا معنية بشكل مباشر بمزاعم الإبادة الجماعية الموجهة ضد ميانمار، لكن هذا لم يمنعها من رفع الدعوى نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي.


ما هي النتائج المترتبة على حكم المحكمة؟
أحكام محكمة العدل الدولية نهائية، وليست هناك إمكانية للاستئناف. والأمر متروك للدول المعنية لتطبيق قرارات المحكمة في ولاياتها القضائية الوطنية. وفي معظم الحالات، تحترم التزاماتها بموجب القانون الدولي وتمتثل إليها. وإذا فشلت دولة ما في أداء الالتزامات الملقاة على عاتقها بموجب حكم ما، فإن الحل الوحيد المتبقي هو اللجوء إلى مجلس الأمن الذي يمكنه التصويت على قرار، وفقا لميثاق الأمم المتحدة.

حدث هذا في قضية رفعتها نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة عام 1984، للمطالبة بتعويضات عن الدعم الأمريكي لمتمردي الكونترا. وحكمت محكمة العدل الدولية لصالح نيكاراغوا، لكن الولايات المتحدة رفضت قبول النتيجة. ثم رفعت نيكاراغوا الأمر إلى مجلس الأمن، حيث استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد القرار ذي الصلة.

كيف تختلف محكمة العدل الدولية عن المحكمة الجنائية الدولية؟
هناك خلط متكرر بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. لكن أبسط طريقة لشرح الفرق هي أن قضايا محكمة العدل الدولية تشمل دولا، أما المحكمة الجنائية الدولية فهي محكمة جنائية تُرفع فيها قضايا ضد أفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.

بالإضافة إلى هذا، فإنه في حين أن محكمة العدل الدولية هي أحد أجهزة الأمم المتحدة، فإن المحكمة الجنائية الدولية مستقلة قانونا عن الأمم المتحدة (على الرغم من اعتمادها من قِبل الجمعية العامة).

الدول الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددها 193 دولة ليست جميعها أطرافا في المحكمة الجنائية الدولية. ويجوز للمحكمة أن تمارس اختصاصها عندما يكون الشخص المدعى ارتكابه الجريمة من مواطني دولة طرف في المحكمة الجنائية الدولية أو في إقليم دولة طرف كما يجوز لدولة غير طرف أن تقرر قبول اختصاص المحكمة.
إقرأ أيضاً : عشرات الشهداء والجرحى بالمجازر الصهيونية المتواصلة على غزةإقرأ أيضاً : متحدث الخارجية الأمريكية: الحوثيون لم يلتزموا تحذيراتناإقرأ أيضاً : إصابة ضابطين كبيرين من جيش الاحتلال الصهيوني في غزة


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: مدينة القدس غزة الدولة الدولة غزة القدس مجلس مجلس جرائم جرائم جرائم مدينة مجلس نيويورك إصابة الدولة القدس غزة الاحتلال الثاني المتقاعدين المحکمة الجنائیة الدولیة محکمة العدل الدولیة الجمعیة العامة الأمم المتحدة جنوب أفریقیا إسرائیل فی

إقرأ أيضاً:

فتح: نتنياهو يستغل ضعف المنظومة الدولية والهيمنة الأمريكية للعدوان على غزة

أكد المتحدث باسم حركة فتح الفلسطينية عبد الفتاح دولة، اليوم الثلاثاء، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستغل ضعف المنظومة الدولية وعجزها، وهيمنة الإدارة الأمريكية الداعم الأكبر له للعدوان على قطاع غزة .


وقال دولة - في مداخلة هاتفية عبر قناة (القاهرة الإخبارية)، إن "اتفاقية جنيف لو كانت تمتلك الأدوات اللازمة لتطبيق القانون الدولي، لتمكنت من إجبار من يخرجون عن القانون على الالتزام به، ولما تمادى رئيس وزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العدوان".

وأوضح أن الولايات المتحدة توفر غطاء عسكريا ودعما قويا لإسرائيل بما في ذلك الدعم الذي يُستخدم في قصف المستشفيات في قطاع غزة، مما أسفر عن مقتل المرضى والأطباء ودمر ما تبقى من المنشآت الطبية في القطاع .


وأوضح أن صمت المجتمع الدولي على الإبادة الجماعية التي أدت إلى مقتل أكثر من 45 ألف شهيد ودمرت قطاع غزة بشكل كامل، جعلت نتنياهو يشعر بعدم وجود أي رادع دولي يمنعه من المضي في عدوانه .


وكشف دولة عن أن القطاع أصبح الآن مكان غير صالح للحياة نتيجة للتدمير الواسع، فضلا عن أن ما يحدث في القطاع هو إبادة جماعية ينبغي أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته تجاهها .
م ا ق /س.ع

مقالات مشابهة

  • “العدل الدولية” تبدأ إجراءات الفتوى بشأن إلتزامات الكيان الصهيوني بتواجد الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية
  • العدل تبدأ إجراءاتها بشأن التزامات اسرائيل تجاه تواجد الأمم المتحدة بالأراضي الفلسطينية
  • "العدل" تحاضر حول "الاتفاقيات الدولية والنظام القانوني"
  • الأمم المتحدة تطلب رأي “العدل الدولية” في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • فتح: نتنياهو يستغل ضعف المنظومة الدولية والهيمنة الأمريكية للعدوان على غزة
  • وزير العدل يستعرض أهم مستجدات مدونة الأسرة بعد جلسة العمل التي ترأسها جلالة الملك
  • الأمم المتحدة تطلب رأي العدل الدولية في التزامات الكيان الصهيوني في فلسطين
  • خلال العام 2025 .. الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والايقاد يحثون قادة دولة الجنوب على تحقيق السلام
  • محاضرة تستعرض الاتفاقيات الدولية وآثرها على القطاع الخاص
  • عمرو خليل: نتنياهو وجالانت محاصران بملاحقات المحكمة الدولية