هل تستدرج إيران إلى الحرب بعد العدوان الأمريكي على اليمن؟
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
عواصم - رويترز
تعهدت القوات المسلحة اليمنية بالرد على الهجمات التي شنتها الولايات المتحدة وبريطانيا، لكن الاحتمالات محدودة فيما يبدو أن تشعل هذه الهجمات الغربية حربا إقليمية حاليا في وقت تسعى فيه إيران إلى تجنب الاستدراج مباشرة إلى صراع شامل.
والضربات الأمريكية البريطانية التي جاءت ردا على هجمات "أنصار الله" في البحر الأحمر أدت إلى تدويل الصراع الذي انتشر عبر المنطقة منذ أن اشتبكت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل في الحرب ونفذ حلفاء لإيران هجمات أيضا انطلاقا من لبنان وسوريا والعراق.
وردت فصائل عراقية يتهديدات جديدة ضد المصالح الأمريكية، وقالت واشنطن إن البحرين من بين الحلفاء الذين قدموا دعما للضربات الجوية، مما يثير مخاطر غضب الحوثيين الذين لديهم ترسانة قوية من الطائرات المسيرة والصواريخ.
وقال علي فايز، كبير محللي الشؤون الإيرانية في مجموعة الأزمات الدولية "كان من المتوقع تماما أنه كلما طال أمد الحرب في غزة، زادت مخاطر التصعيد واشتعال الوضع في المنطقة".
وأضاف "لا يرجح دخول إيران المعركة مباشرة ما لم تتعرض لاستهداف مباشر على أراضيها".
لكن الحوثيين قد يكثفون ضرباتهم.
وقال فارع المسلمي من المعهد الملكي للشؤون الدولية تشاتام هاوس في لندن "الضربات لن تمنع الحوثيين من شن هجمات أخرى في البحر الأحمر، بل العكس هو الصحيح".
ودعت السعودية، حليفة البحرين، إلى ضبط النفس و"تجنب التصعيد"، وقالت إنها تراقب الوضع بقلق شديد.
واتضح الشهر الماضي غياب اسم السعودية من قائمة دول قالت الولايات المتحدة إنها جزء من تحالف بحري يحمي الشحن في البحر الأحمر من الحوثيين.
وقال فايز "يرجع ابتعاد دول الخليج عن هذه التوترات لأسباب منها علاقاتها التي تحسنت مع إيران".
* لا رغبة في حرب شاملة
ونفذ "أنصار الله" الذين يسيطرون على مناطق واسعة من اليمن هجماتهم على سفن تجارية يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها منذ نوفمبر تشرين الثاني وطالبوا بوقف الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبعد أن نفذت القوات الأمريكية والبريطانية عشرات الضربات الجوية في أنحاء اليمن ليلا ردا على ذلك، توعد الحوثيون بالانتقام وقالوا إن خمسة من مقاتليهم لاقوا حتفهم.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الهجمات ستؤدي إلى "انعدام الأمن وعدم الاستقرار".
ومازالت إيران تدعم شبكة من الحلفاء، تمتد من البحر المتوسط إلى الخليج تعرف باسم "محور المقاومة". وقال مصدران إيرانيان مطلعان إن طهران لا تريد التدخل المباشر.
وقال مصدر إيراني ثالث، وهو مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه، إن الحوثيين يتخذون قراراتهم بأنفسهم و"نحن ندعم قتالهم، لكن طهران لا تريد حربا شاملة في المنطقة". وأضاف أن الأمر متروك لإسرائيل والولايات المتحدة لوقف "عدوانهما".
وتقول الولايات المتحدة إنها تسعى إلى منع توسع نطاق الحرب في المنطقة، بما في ذلك الحدود الإسرائيلية اللبنانية، حيث يخوض حزب الله المدعوم من إيران صراعا مع إسرائيل هو الأسوأ بينهما منذ 17 عاما.
واتهمت الولايات المتحدة إيران بالضلوع في هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. وتنفي إيران أي دور قائلة إن حلفاءها يتخذون قراراتهم بأنفسهم.
وقال جريجوري برو، المحلل في مجموعة أوراسيا الاستشارية، إن طهران ما زالت تخشى اتساع نطاق الصراع لأنها لا تريد "التعرض مباشرة لانتقام محتمل".
وأضاف "صحيح أنه من المحتمل أن تكون هناك ردود من عدد من وكلاء إيران في أماكن أخرى بالمنطقة، لكن لا يرجح أن تقدم إيران على تصعيد كبير ردا على هذه الضربات".
* التهديدات العراقية
وفي العراق الذي تطلق فيه القوات المدعومة من طهران النار على القوات الأمريكية، قالت حركة النجباء إن مصالح الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الآخرين لم تعد في مأمن منذ الآن.
وقال مسؤول في فصيل آخر وهو كتائب حزب الله العراقية إن الهجمات ستكون لها عواقب وخيمة على أمن المنطقة بأسرها، بما في ذلك الخليج وإن جميع المصالح الأمريكية، ليس فقط في العراق وسوريا، لكن في المنطقة بأكملها، ستكون هدفا مشروعا للطائرات المسيرة والصواريخ لدى الكتائب.
وفي لبنان، قال مصدر مطلع إن الرد على الهجمات ليس من شأن جماعة حزب الله بل هو شأن الحوثيين.
وقالت الولايات المتحدة إن المراد من الهجمات لم يكن تصعيد التوترات. وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية أمس الجمعة أن لا خطط لإرسال قوات أمريكية إضافية إلى المنطقة وإن الهجمات كان لها "تأثيرات جيدة".
وتعزز نفوذ الحوثيين في اليمن منذ أن سيطرت الجماعة على العاصمة صنعاء في عام 2014، وتدخلت السعودية في الصراع اليمني في العام التالي في غمرة مخاوف من تزايد النفوذ الإيراني، لكنها أجرت محادثات سلام في الآونة الأخيرة في محاولة للخروج من الحرب في اليمن.
وتمتع اليمن بأكثر من عام من الهدوء النسبي وسط جهود السلام التي تقودها الأمم المتحدة، وترى السعوديةأن الاستقرار الإقليمي مهم لخططها الاقتصادية، ومن ثم استأنفت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران العام الماضي بعد سنوات من العداء.
وعبر أندريا كريج من كينجز كوليدج في لندن عن شكوكه في مدى تأثير الضربات على عزيمة الحوثيين أو قدرتهم على شن هجمات، مستندا في شكوكه إلى اعتماد الجماعة على بنية تحتية تمتع بقدرة عالية على التنقل. وأضاف "تسع سنوات من العمليات السعودية في اليمن أثبتت أنه لا يمكن ردع الحوثيين".
(شارك في التغطية إليزابيث بايبر في لندن وتوم بيري وليلى بسام في بيروت - إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية- تحرير مروة سلام)
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عاجل ـ مستشار الأمن القومي الأمريكي: الولايات المتحدة ليس عليها أن تدفع رسوما لمرور سفنها في قناة تدافع عنها
أثار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب جدلًا واسعًا بتصريحات مفاجئة طالب فيها بمرور السفن الأمريكية، العسكرية والتجارية، مجانًا عبر قناتي بنما والسويس. وفي تدوينة نشرها عبر منصة "تروث سوشيال"، اعتبر ترامب أن "هاتين القناتين ما كانتا لتوجدا لولا الولايات المتحدة الأمريكية". وأضاف ترامب في تدوينته المقتضبة أنه طلب من وزير الخارجية ماركو روبيو أن يتولى هذا الأمر "على الفور".
تأييد مستشار الأمن القومي الأمريكيمستشار الأمن القومي الأمريكي، مايك والتز، سارع إلى تأييد موقف ترامب، حيث أعاد نشر التدوينة عبر حسابه في منصة "إكس". وأكد أنه يعتقد بأن الولايات المتحدة "لا يجب أن تدفع رسومًا مقابل عبور قناة تدافع عنها". يأتي هذا التأييد من والتز ليعزز موقف ترامب ويشير إلى دعم مسؤولين كبار في الإدارة السابقة لهذه التصريحات المثيرة.
توقيت حساس للتصريحاتتأتي هذه التصريحات في توقيت حساس، حيث تكافح قناة السويس للتعافي من تداعيات هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. هذه الهجمات تسببت في عزوف بعض السفن عن المرور عبر القناة، مما أدى إلى تراجع الحركة التجارية عبر هذا الممر المائي الحيوي. هذه الظروف تجعل التصريحات الأمريكية أكثر تأثيرًا على المنطقة في وقت يتطلب تعافيًا اقتصاديًا عاجلًا.
"استعادة" قناة بنماالتصريحات الخاصة بـترامب لم تقتصر على قناة السويس فقط، بل امتدت لتشمل رغبته في "استعادة" قناة بنما. تعد قناة بنما أحد الممرات المائية الاستراتيجية للتجارة العالمية، والتي أكملت الولايات المتحدة بناءها في أوائل القرن العشرين قبل أن تسلم السيطرة عليها لبنما عام 1999. ومن خلال تصريحاته، يبدو أن ترامب يشير إلى نية إعادة فرض سيطرة أمريكية على هذا الممر الحيوي.
تحذيرات من التأثيرات الاقتصاديةفي نفس السياق، سبق لرئيس هيئة قناة السويس، الفريق أسامة ربيع، أن حذر من التأثيرات السلبية للرسوم الجمركية الأمريكية على حركة التجارة العالمية، مما سينعكس على إيرادات قناة السويس. بالإضافة إلى ذلك، أشار إلى الخسائر التي تكبدتها القناة بسبب الظروف الأمنية في البحر الأحمر، والتي أثرت على حركة المرور بشكل عام. هذا يشير إلى القلق المتزايد حول التداعيات الاقتصادية لهذه التصريحات على المنطقة.