الذكاء الاصطناعي يغزو عالم التجميل
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
يستفيد قطاع التجميل من الابتكارات التكنولوجية في سعيه إلى جعل خدماته في متناول الجميع بدلاً من أن تبقى أحياناً حكراً على الميسورين، إذ يتيح الذكاء الاصطناعي مثلاً طلاء مثالياً للأظافر في المنزل، ويوفّر نصائح خاصة بكل فرد في مجال العناية بالبشرة والتبرّج،
فصالون «نيمبل» (Nimble) للأظافر الذي وُصِفَ بأنه أول جهاز في العالم لهذا الغرض يجمع بين الذكاء الاصطناعي وتقنيات الروبوتات.
وداعاً لعصا السيلفي.. «درون» لتوثيق اللحظات السعيدة منذ 21 ساعة «إكس» استغنت عن أكثر من 1200 موظف يشرف على محتوى المنصة منذ يوم
يتيح للمرأة طلاء عشرة أظافر وتجفيفها خلال 25 دقيقة ليس إلاّ.
وهذا الجهاز مخصص للاستخدام المنزلي، وهو متاح تالياً في أي وقت، من دون حاجة إلى موعد.
هذا الصندوق الأبيض الذي يزن ثمانية كيلوغرامات موجود راهناً في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس، الحدث السنوي الأهم للقطاع التكنولوجي.
وشرح مبتكروه أنه مزوّد كاميرات صغيرة عالية الدقة ويستخدم تصويراً ثلاثي البُعد لتحديد شكل الأظافر وحجمها وانحنائها.
ثم تتولى ذراع آلية صغيرة تُوجِهُها خوارزميات الذكاء الاصطناعي وضع الأساس ومن ثم الطلاء الملون وأخيراً مثبّت الطلاء على الأظافر، فيما يتكفل منفاخ مهمة تجفيف كلٍّ من الطبقات الثلاث.
وعندما يُطرَح هذا الجهاز في الأسواق في مارس المقبل، سيتوافر له أكثر من ثلاثين لوناً، على شكل كبسولات يبلغ سعر كل منها عشرة دولارات، وتكفي لعمليتي تجميل أظافر كاملتين.. ويباع الجهاز لقاء 599 دولاراً.
كذلك تسللَ الذكاء الاصطناعي الذي بات عنصراً أساسياً في الابتكارات التكنولوجية الاستهلاكية إلى فروع التجميل، كالماكياج والعناية بالبشرة.
ولاحظ الرئيس التنفيذي لمجموعة مستحضرات التجميل العملاقة «لوريال» نيكولا هيرونيموس خلال معرض لاس فيغاس الذي افتُتِح الثلاثاء أن «التجميل حاجة أساسية منذ الإنسان المنتصب».
وشدّد على أن التكنولوجيا تساعد الدار «على إقامة علاقة أقوى» مع زبائنها.
وفي ما يتعلق بالتجميل، توافر التكنولوجيا «تجارب شاملة» وتُمكّن الناس من «التعبير عن هوياتهم».
واعتبر هيرونيموس أن «التجميل يساهم في تعزيز الثقة بالذات وتقدير المرء لنفسه».
وأمام الحاضرين الذين ناهزوا الألفين ومتابعي البث المباشر، قدّم هيرونيموس شرحاً عن تطبيق «بيوتي جينيوس» (Beauty Genius) المجاني الذي سيكون بمثابة «مستشار شخصي افتراضي» قائم على الذكاء الاصطناعي.
ووصف هيرونيموس هذا التطبيق بأنه «أول مستشار تجميل شخصي»، إذ يوصي المستخدِمة بمنتجات العناية بالبشرة والماكياج بناءً على بشرتها، ويقدّم نصائح في شأن تقنيات التبرّج، ويجيب عن أسئلة تتناول عددا من المشاكل كحَبّ الشباب وتساقط الشعر وسواهما، ويتيح للمهتمات تجربة المنتجات المذكورة افتراضياً.
ويشكّل التطبيق وسيلة لتوجيه المستخدمات اللواتي يَحَرنَ في الاختيار بين كريمات الأساس ذات الظلال الشديدة التشابُه والمتنوعة القوام، والكريمات ذات الخصائص المتعددة.
وهذه المهمة هي أيضاً هدف «بيوتيفول إيه آي» (Beautiful AI) الذي ابتكرته شركة «بيرفكت كورب» (Perfect Corp)، ويجمع بين الذكاء الاصطناعي التوليدي والواقع الافتراضي لإجراء تحاليل حية للبشرة، وتجارب ثلاثية البُعد لتسريحات شعر ومجوهرات، ويقدّم على أساسها التوصيات المناسبة.
وفي دراسة نشرت في مايو الفائت، قدّرت شركة «ماكينزي» الاستشارية حجم صناعة التجميل العالمية (العناية بالبشرة والشعر، والعطور، والماكياج) بحوالى 430 مليار دولار عام 2022، وتوقعت أن تصل قيمتها إلى 580 مليار دولار بحلول سنة 2027. وزادت المبيعات عبر الإنترنت أربع مرات تقريبا بين عامي 2015 و2022.
أما شركة «برينكر» (Prinker) الكورية المتخصصة في الوشم الموقت وفي تمكين كل شخص من وضع أي صورة يريدها على بشرته وشعره، فجديدها هذه السنة طابعة لبودرة الماكياج.
وتقوم هذه الطابعة أيضاً على استخدام الذكاء الاصطناعي، وهي مزوّدة ماسحاً ضوئياً بيومترياً ثلاثي البٌعد يضع خريطة لخصائص الوجه (الكفاف والشكل والبشرة). واستناداً إلى هذه البيانات، توصي الطابعة بظلال العيون وأحمر الخدود المناسبين، وتطبع المساحيق المطلوبة.
وللتخصيص دور أساسي في مجال العناية، ولا يتم إهمال الشعر.
وتعلن «لوريال» للمرة الأولى هذا الأسبوع في معرض لاس فيغاس عن مجفف شعر ذكي يوفّر لكل شخص الحلول الملائمة له شخصياً، باستخدام تطبيق يحلل نوع الشعر، ويكيّف على أساسه تلقائياً طاقته وتوزيعه الحرارة.
بالإضافة إلى ذلك، يستخدم جهاز «إيرلايت برو» (Airlight Pro) ضوء الأشعة دون الحمراء لتجفيف الشعر، مما يحافظ على ترطيب الشعر ويستهلك الكهرباء بنسبة 31 في المئة أقل مما يفعل الجهاز التقليدي، على ما أوضح أدريان كريتيان، مدير تطوير الجمال المعزز في «لوريال».
ويُتوقع أن يُطرح هذا المجفف في الأسواق في أبريل المقبل.
ومن المقرر إطلاق منتج آخر هذه السنة هو جهاز «كولورسونيك» (Colorsonic) لتلوين الشعر الذي يعمل بعبوات قابلة لإعادة الاستخدام لمدة ثلاثة أشهر.
المصدر: الراي
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی العنایة بالبشرة
إقرأ أيضاً:
المسارات الثقافية والمعرفية في خضم ثورة الذكاء الاصطناعي
أنهيت مؤخرا تأليف كتاب يتناول دور الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية فـي التحولات المجتمعية المتعلقة بالثقافة والمعرفة والوعي وما يتفرّع منها مثل الأخلاق والقيم -يُتوقع نشره مع الربع الأول لعام 2025م-، ولعلّ الفترة الزمنية التي اقتربت فـيها من مصادر تتناول هذا الجانب المعرفـي العميق الذي تتفاعل فـيه معطيات الحضارة الرقمية ومخرجاتها مع المنظومة الإنسانية ومجتمعاتها وثقافتها أعطتني جرعة معرفـية مهمة؛ فكشفت لي حجم التحديات التي تواجه المجتمعات الإنسانية بسبب الطفرات الرقمية التي يأتي الذكاء الاصطناعي فـي مقدمتها، ولكن فـي المقابل كشفت لي جانبا إيجابيا كبيرا يصاحب هذه الطفرات الرقمية خصوصا ثورة الذكاء الاصطناعي التي لم نعطها حقها الكافـي فـي استعراض ما أمكن أن تسهم به فـي الصناعة الثقافـية والمعرفـية وتجديد آلية تفاعلنا فـي بناء معارفنا ومنظومة حياتنا بكل جوانبها التعليمية والصحية والاقتصادية والصناعية.
سبق التعاطي مع قضية التأثيرات المجتمعية المصاحبة للثورة الرقمية، وكانت فـي مجملها ذات طابع سلبي معني بالثقافة الفردية والعامة «الجمعية»؛ فمن الملحوظ أن التأثيرات المصاحبة للطفرات الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي ذات أبعاد ثقافـية متعددة تشمل القيم الفردية التي تتحكم فـي السلوك الفردي وثقافته، وهذا ما يمتد إلى تشكيل التأثيرات الجمعية التي تحدد الصورة الثقافـية العامة للمجتمع؛ فـيُلحظ -كما تؤكد الدراسات والاستطلاعات- أن المسارات الثقافـية للمجتمعات الواقعة تحت تأثير الأنظمة الرقمية ومنصاتها أكثر عرضة للتغييرات فـي أنماطها الثقافـية التي تبدأ بالقيم وآليات الاكتساب المعرفـي وأدواته والاتصالات الاجتماعية؛ فمن حيث صناعة القيم وتبنيها، نجد أن أفراد المجتمعات المتقدمة والنامية عرضة لتأثيرات ما يمكن أن نطلق عليه بـ«العولمة الرقمية» التي تتبنى قيمًا ذات لبنة عالمية واحدة تتصل بالنظام الأخلاقي الفردي والمجتمعي، وتأتي من مصادر فـي غالبها ذات صبغة مادية محضة؛ إذ تتشكل هذه القيم وفق قاعدة الغلبة للأقوى؛ فمعظم وسائل التواصل الاجتماعي والأنظمة الرقمية بما فـيها شبكات الإنترنت والهواتف من صنع مؤسسات تتبنى القيم المادية، وتشجّع على نشرها عبر وسائل كثيرة منها أساليب الدعاية الظاهرة والخفـية، وعن طريق تقليص أيّ صعود للقيم ذات الطابع الديني أو الثقافـي الإنساني العرفـي، ولكن ماذا عسانا أن نفهم عن الجانب الآخر لتأثيرات هذه الطفرات الرقمية خصوصا تلك التي تتعلق بثقافتنا المعرفـية ووسائل اكتسابها وإنجازها؟
فـي ظل التقدّم الرقمي الذي يعتلي الذكاءُ الاصطناعي قمةَ هرمِه، نجد أن أدوات الثقافة فـي حالة متجددة بوتيرة غير معهودة؛ فتتمازج مفهومات الإبداع -التي كانت حكرا على العنصر البشري- بين الدماغ البشري والدماغ الرقمي؛ فنجده فـي صوره الكثيرة التي تكاد لا تُحصَى مثل المظاهر الثقافـية فـي الفن والإعلام والأدب والفكر والفلسفة، بل يشمل مظاهر ثقافـية أقرب إلى الوصف العلمي الدقيق مثل الرياضيات وعلوم الحاسوب وتفرعاته مثل البرمجة، ولكي أثبت حصول هذه التغييرات، أقدمت على مجموعة من التجارب التي لم تأخذ مني الوقت الطويل لتنفـيذها والتحقق منها، فقارنتها بتجارب مماثلة سابقة -تختلف فـي أدوات تنفـيذها-؛ فسبق -مثلا- أن قمت بتصميم موقع إلكتروني -بدافع التجربة وليس التخصص- قبل سنوات طويلة، وتتطلب مني عدة أيام لأنجز هذا المشروع عبر أدوات برمجية وبأساليب تقليدية مرهقة ذهنيا، وكذلك قمت قبل سنوات طويلة بتجربة فـي التصميم الفني للصور والمقاطع المرئية؛ فكانت النتائج غير مرضية بشكل جعلني أبعد النجعة عن هذا الجانب، وأطلقت العنان لبرمجة أنظمة روبوتية -أيضا قبل سنوات طويلة-؛ فأخذ ذلك مني فترة من الزمن حتى يعمل النظام وفق الغاية المرغوبة، وأما عمل شرائح العرض -البوربوينت- للأغراض التعليمية والتدريبية؛ فإنها تستهلك مني وقتا كبيرا -حتى وقت قريب- كنت أتمنى أن أختصره فـي فترة زمنية أقصر لأستفـيد من بعض الوقت فـي مهمة أخرى، وكذلك تلخيص الأوراق العلمية والبحوث المنشورة التي أرغب فـي معرفة مستجداتها المهمة دون الحاجة لبذل الجهد الكبير المستهلك للوقت.
جاء الذكاء الاصطناعي وأدواته المدهشة ليحدث تغييرا فـي كل شيء يتعلق بثقافتنا القيمية والمعرفـية من حيث أدوات الصناعة المعرفـية والثقافـية ومن حيث آلية تفاعلنا وتأثرنا الثقافـي والمعرفـي؛ فخضتُ تجاربَ جديدة مع أدوات الذكاء الاصطناعي التي غيّرت من آلية تفاعلي المعرفـي والثقافـي بمضمونه العام؛ فبمساعدة نماذج الذكاء الاصطناعي، استطعت -مثلا- أن أصمم موقعا إلكترونيا -بدافع التجربة- فـي غضون أقل من ساعتين، واستطعت أن أصمم تطبيقا ذكيا للهاتف فـي أقل من نصف ساعة، وتمكنت من فهم مستجدات مجموعة كبيرة من آخر الدراسات المنشورة فـي غضون ساعة واحدة عبر آلية التلخيص التي قلّصت لي الوقت المستهلك دون أن أفقد الكفاءة المعرفـية والبحثية، وصار من الممكن أن أوفّر وقتا كنت أقضيه فـي تصميم شرائح العرض التعليمية التي تشمل التصميم الفني -التعزيزي- المرئي. اكتشفت أن ثمّة تأثيرات إيجابية مصاحبة لهذه الطفرات الرقمية -خصوصا الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته- لم تفقدنا شغفنا المعرفـي بل -على العكس- أسهمت فـي بناء قواعد معرفـية حديثة أيقظت فـي داخلنا التنوع المعرفـي ووسائل توليده، ولعلّ بعضنا يتساءل عن مصير الجهد الذهني الإبداعي للعقل البشري ودماغه البيولوجي فـي ظل تصاعد الهيمنة الرقمية للذكاء الاصطناعي فـي مجالات الإبداع الثقافـي والمعرفـي؛ فنقول فـي ذلك إننا فـي تسارع حضاري مستمر ومتجدد، ولا يمكن أن نوقف هذا التسارع الحتمي الذي يُفرض من قبل السنن الكونية وقوانينها؛ فكانت البشرية قبل اختراع الحاسوب تسير بكل جهد فـي أعمال تحليلية وكتابية وتخزينية للمعلومات بطرق تقليدية لا يتقبّل أحدٌ فـي زماننا العودة إليها؛ فاستهلكت الوقت الكثير وأركست النمو الحضاري للمجتمعات الإنسانية، وبعد ظهور الحاسوب استيقظت البشرية على ميلاد جديد لوسائل الصناعة المعرفـية عززت من سرعتها فـي البناء الحضاري وضاعفت من جودتها دون أن يفقد إبداعُها البشري المحض طابعَه الإبداعي، بل على العكس، دفعت بالإبداع البشري الصميم إلى مزيد من التألق، وهذا ما يمكن أن نقرأه فـي واقع حاضرنا المفعم بالتفاعل الرقمي المدهش الذي اقتحم كل قطاعات حياتنا وتفاصيلها، وكذلك هذا ما يمكن أن نستشرفه فـي مستقبلنا القادم الذي يحمل فـي طياته المزيد من المفاجآت التي ستحدث ثورات حضارية إيجابية للمجتمعات الإنسانية دون أن نقلق على مستقبل الإبداع البشري الذي سيظل مرافقا لأيّ تفوق رقمي. لا يعني ذلك أننا لا نحتاج أن نقلق على مستقبل مظاهرنا الثقافـية خصوصا تلك التي تتعلق بالقيم والمنظومة الأخلاقية؛ فنحن بحاجة إلى مراقبة ماهيتنا الثقافـية بشموليتها وجميع عناصرها الفردية والاجتماعية والأخلاقية وتحديد أي تجاوزات تهدد منظومتنا الثقافـية بشكل متوازٍ من إعادة تموضعنا المعرفـي وتطويره.
د. معمر بن علي التوبي أكاديمي وباحث عُماني