مريم العموري.. هوية فلسطين ثابتة في شِعرها رغم المَهاجر
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
ما أبعد الجسد وأقرب الروح!
من يسمع قصائدها وأغانيها يظنها تمشي في حواري القدس وتحصد في حقول القرى وغلال بيادرها وتخبز في طوابينها وتعصر زيتونها وتخزنه في خوابيها.. ولكن من يعرف غربتها سيستبعد أن تستطيع كتابة سطر واحد عن فلسطين.
أصدق من تجسدت فيه مقولة: بعيد الجسد وقريب الروح، تكتب شعراً في اليوميات الفلسطينية.
وهي اليوم ككل أبناء شعبها، تتابع الأحداث وتتفاعل معها من مكانها وتكتب القصائد والأغاني وتنشرها، ويتلقفها الفنانون فور صدورها، وربما قبله.. حيث عرف المنشدون هذه الشاعرة "الصيدلانية" منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي.
إنها الشاعرة المبدعة مريم العموري
أعرفها منذ نحو عشرين عاماً، منذ أيام المنتديات والشبكات في العالم الافتراضي.. مليئة بفلسطين؛ بأحلامها وأوجاعها وناسها ويومياتها ووقائعها وأمجادها.. تواصلنا حين كانت تكتب الأناشيد، وأتاحت لي الفرصة للمشاركة في ألبوم عن الشيخ أحمد ياسين بأغنية شعبية. كان قد سبق لها أن كتبت كلمات ألبومين مشابهين هما: "عياش والوطن" و "خنساء فلسطين". كما أن بدايتها كانت مع ألبوم "لوحات مقدسية"، حيث كتبت أناشيد: سلام عليك، ودعتنا، جلاء الغريب، إلى أين تمضي، وموشح مقدسي (الموشح منشور أدناه).
هي الشاعرة والأديبة مريم العموري، من قرية بيت جيز قضاء الرملة في فلسطين، تهجّرت العائلة إلى أكثر من مكان، كان نصيب أهلها قريتَيْ أبو ديس والعوجا، وهاجر أهلها لاحقاً إلى القارة الأمريكية، حيث ولدت في الشتات البعيد؛ في بورتوريكو عام 1972، وعاد الأهل إلى الأردن، وسكنوا في مخيم البقعة للاجئين حيث قضت طفولتها هناك ودرست المرحلة الثانوية في مدارسه، ثم تخصصت بالصيدلة في الجامعة الأردنية وتخرجت سنة 1995، وانتقلت بعد الزواج إلى الولايات المتحدة الأمريكية وعملت وما زالت في مجال الصيدلة.
ورغم تخصصها في الصيدلة، كانت تتردد في الجامعة إلى أقسام الأدب والفلسفة ومكتباتها، "كنت أقرأ كتباً ومجلات في النقد والشعر والنحو والفلسفة، سواء من القديم أو الحديث، فبجانب كتاب "الفارماكولوجي" كان كتاب "البيان والتبيين" للجاحظ، وقمت بقراءة كتاب "وحي القلم" للرافعي، بينما كنت أنتظر نتائج التجارب، في مختبر للصيدلة الصناعية".
تكتب الشعر بأنواعه والأناشيد الفصيحة والعامية، وكتبت كلمات أكثر من ألبوم، كما نشرت ديوانها "إلى غرب القلب". وفازت قصائدها الإنشادية والغنائية عن فلسطين بأكثر من جائزة، وهي من أهم الأسماء في هذا المجال.
كتبت الشعر العامي باللغة التي تتكلم بها، لغة الفلاحين، من أهازيج النساء الفلسطينيات في الأعراس، ومن المرأة الفلسطينية التي تغني لابنها العريس ولطفلها الصغير ولحاكورتها وللمونة والطابون ويوميات القرية.
أما القصائد التي كتبتها للنشيد، فهي أكثر من التي نشرتها في الكتب، من أبرزها نشيد "شمس تقبّل روحه"، وأناشيد "راجع" و"البارحة مريت" و "ما يهون عليّ" لفرقة روابي القدس، وأناشيد "يا مَدَّ الغضب الجبار" و "الشيخ في سكناته" و "آتون"، ومجموعة أناشيد لبرنامج تلفزيوني بعنوان "طفولتي والحجر"، وأغنية "أبحث عنكم" التي فازت بالجائزة الذهبية عن أغنية الطفل في مهرجان القاهرة التاسع.. وغيرها. وكذلك مجموعة كبيرة من أناشيد الأطفال.
لا تحب مريم العموري أضواء الإعلام، وتتجنبه. وزادت الأحداثُ القائمة وأخبار العدوان على غزة رغبتَها في العزلة، حيث كما حدث مع غيرها من النجوم، فضلوا أن يفعلوا المفيد في التأثير بدلاً من البروز الإعلامي.
نماذج من شعرها
إلى أن نعود
ظِلالٌ رماديّةٌ تستبيحُ المدى المستكينْ
وبحرٌ عَبوسٌ يدُسُّ الأذى في زوايا السفينْ
ولا شيءَ في الأفقِ إلا نشيجُ نوارسَ
عندَ المغيبْ
هنالك خلف الحواجزِ.. يؤنس وَحدتنا في خِضمِّ المحيطِ..
ووَسْطَ الجليدْ
وقوفاً نؤبُّ إلى لحظة المنتهى علّها إنْ بدتْ
يبتدي عُمرنا من جديدْ
وقوفاً، وما ثَمَّ من حولنا غير هذا الضباب البليدْ
وعيد يمرّ على غفلةٍ من عيون الخفير..
يهيّجُ في القلبِ جرحاً عميقاً.. يَنِـزُّ أسىً.. ولظىً
وصديدْ
فنرنو إليهِ، ونرجو: أيا عيدُ لو مرة لا تجيءُ
فما عاد في الجسم لو قيدَ شبرٍ لحزن جديدْ
يغيبُ.. فنرجوه كيما يعودْ..
ويأتي ونرجوهُ أن لا يعودْ..
ونذْرو إليهِ بكل اعتبارٍ.. وكل اعتذارٍ
نموءُ:
حنانيكَ يا عيدُ..
لا تعتبنَّ.. فإنا نحبكَ..
نعشق أهدابَ صبحِكَ..
نعشق رجْعَكَ بين اليمامِ..
يغازلُكَ النورُ فوق المآذنِ.. الله أكبرْ..
ونعشق أنفاسكَ المترَعاتِ بشهد التَّسابيحِِ
نعشق وردك لما تقَـطـَّرُ بين الأكفِّ، وحَرِّ العناق..
عطوراً تميسُ مع الريحِ..
نعشقُ ضحكك بين المراجيحِ..
تعلو.. فتعلو.. فينهلُّ بِشْرُكَ غيثاً على شفَة القلبِ..
تُحيي مغانيهِ
الله أكبرْ
خذي روحنا يا نوارسُ..
لا تتركيها وحيدةَ ليلٍ.. سجينةَ أضلاعنا الناحلاتِ
خذيها مطوّقةً بالأغاني وملفوفةً بشغاف الهوى
ورفيفٍ من السوسناتِ
توسّطُ غمْراً من الشوقِ.. حفلاً من القُبَلِ العاطراتِ
خذيها إلى ساكنيها..
فهم وحدهم يفهمون المعاني وبيت القصيدْ
خذيها وهاتي لنا من هواهم..
هواءً.. وصبحاً.. وأحلى بريدْ
موشّح مقدسي
جادَكَ الوجدُ أيا طيفاً سَلا .. مهجةً هامت ببيتِ المقدسِ
ضَمَّها شوقٌ غريمٌ ما قلى .. لَكنِ البينُ شديدُ الغَلَسِ
يا لِصبٍّ ضاقَ من بُعدٍ فضا .. وذوى في لوعةِ المغتربِ
خاشعٍ ينشدُ ألطافَ القضا .. تائهٍ في فكرِهِ المضطربِ
ليت ما كان حميماٍ ما مضى .. وانقضى عهداً بعيدَ الأربِ
يا فؤاداً شدَّ رحلاً وطوى .. لُججَ البُعدِ تجاهَ الصخرةِ
قد براه الحزن دهراً ولوى .. نبضُهُ جرحٌ شديدُ العنتِ
رَوَّعَ الوصلَ قفارٌ ونوى .. فاغتدى القلبُ طريحَ العلَّةِ
أين من جِيَّانَ أنسامُ التَّلاقْ .. داعبت أشجانَ خِلٍّ وخليلْ
أين نجوى العيدِ في ذاكَ الرواقْ .. في اتِّساقٍ قُرطُبيٍّ مُستحيلْ
أطرقَتْ غرناطُ فاعتلَّ البراقْ .. يذرفُ الدمعَ سخياً وجزيلْ
أمسِ غابَ النورُ عن أندلسا .. وغدا الآن حبيسَ الأرقِ
مُشفقاً أُسوانَ يشكو دَنَسا .. أنّ في محرابِهِ المحترقِ
ليس يَجلو قلبَهُ المُبتَئِسا .. غيرُ ماءٍ صاغَ لونَ الشفقِ
عن طفل في الزلزال
تعالَ أحبّكْ
تعالَ أضمّكْ..
تعالَ حبيبي
أُذوِّبُ عمري شُموعًا لِعامِكَ.. فانفخْ على لَهَبي وتَمَنَّ
فكَم يا حبيبي احترفتُ غيابيَ كي لا أروّعَ باليأسِ حُلمَكْ..
وأقنعتُ نفسيَ أنّي أعيذُك من قَهْر نفسي..
وها أنّني قد جثوتُ ببابكَ.. أَطرُقهُ بِرجائي ويأسي
فَهلّا أذِنْتَ لِقلبي..
لأفديكَ يا حبّةَ العينِ، قلبي
وأُنْسِيكَ رِدَّةَ هذا الزمانِ
وأَرقيكَ في هَدْهَداتِ حناني
وريشِ الأغاني
أَيَا ليتني دُمْيَةٌ في الحطام
لِتنشلَني من هَواني
وتحضنني لائذاً بأماني
يدبُّ بيَ السَّحرُ
تُومِي..
فيَمْثُلُ بين يديكَ الربيعُ..
ويهفو لعينيكَ، من سِدْرةِ الحُبِّ، سربُ حمامْ
يناغيكَ..
يُثْمِلُهُ من رِضاكَ.. ابتسامْ
ويَندسُّ تحت جناحكَ..
دفآنَ
مِلْءَ الحنينِ
ومِلْءَ الشَّآم..
ويهديكَ من روح من فارقوكَ..
صلاةً ويَسمينةّ وغرامْ
حبيبي
سيأتيكَ ما أودعوهُ.. مع الغيبِ
في شكل زاجِلةٍ وغَمامْ
وأيكٍ تدلّتْ عليه النبوءاتُ ناضجةً بسنينكَ..
فامْلأْ سِلالكَ..
واقْرأْ على هاجسِ الرّيح والحربِ
رُقْيَ سلامْ
* كاتب وشاعر فلسطيني
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير فلسطين الشاعرة فلسطين مسيرة هوية شاعرة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
مريم المهيري تستقبل بيل غيتس في زيارته لدولة الإمارات
استقبلت مريم المهيري، رئيس مكتب الشؤون الدولية في ديوان الرئاسة، أمس الأربعاء، بيل غيتس، رئيس مؤسسة بيل وميليندا غيتس، الذي يزور الدولة للكشف عن آخر مستجدات المشروع المشترك لمؤسسته مع الإمارات بشأن الابتكار الزراعي وتحويل نظم الغذاء دعماً لجهود مكافحة تغير المناخ.
والتقت المهيري بغيتس في قصر الإمارات بحضور شخصيات رفيعة المستوى مثل فيصل عبدالعزيز البناي، مستشار رئيس الدولة لشؤون الأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة، والأمين العام لمجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة في أبوظبي. وأعقب اللقاء بجولة على أربعة مشاريع ابتكارية يتم تمويلها من خلال شراكة الإمارات ومؤسسة غيتس، وتشمل مركز الذكاء الاصطناعي التابع للمجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR)، حيث يستكشف هذا المشروع إمكانيات استخدام النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) لأتمتة خدمات الإرشاد الزراعي، وتوفيرها تحديداً لأصحاب الأراضي الصغيرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ممن يفتقرون إلى الموارد الكافية ويواجهون العديد من التحديات الأخرى الناجمة عن تغير المناخ.
وقالت مريم المهيري، بهذا الصدد، وفقاً لبيان صحافي حصل 24 على نسخة منه: اتخذنا خطوات ملموسة لتحويل التعهدات والاستثمارات المقترحة إلى مشاريع قائمة على أرض الواقع. وتشكل الإنجازات التي استطعنا تحقيقها حتى الآن دليلاً ملموساً على التزام دولة الإمارات وريادتها العالمية في مجال الأمن الغذائي والابتكار الزراعي.
وأضافت: نرحب ببيل غيتس اليوم كضيف عزيز علينا في دولة الإمارات، ونتطلع سوياً على التقدم الذي حققته مبادراتنا المشتركة في معالجة التحديات الزراعية العالمية المرتبطة بتغير المناخ.
كما زار الوفد التحالف الدولي لمواجهة سوسة النخيل الحمراء، وهو مشروع يسعى لإنشاء ائتلاف عالمي من المنظمات الدولية والحكومات ومؤسسات القطاع الخاص وأصحاب المصلحة في المجتمعات المحلية لتوفير حلول مستدامة لمكافحة سوسة النخيل الحمراء التي تهدد أشجار النخيل في جميع أنحاء العالم.
وفي أعقاب ذلك، تم التوجه إلى مشروع "المساعدة الفنية لخطط المناخ الوطنية"، والذي أسهم في تأسيس برنامج نظم الغذاء المستقبلية، حيث قدّم الدعم لصالح 15 دولة لتطوير أربعة منتجات تحليلية أساسية لإثراء تقارير مساهماتها المحددة وطنياً، وبرامج عملها الوطنية، وخططها الوطنية للتكيف، وخطط التنمية الوطنية؛ وتركز هذه المنتجات تحديداً على تشخيص نظم الأغذية الزراعية، وملف المخاطر على مستوى الاقتصاد، وتقييم نقاط الضعف المناخية والزراعية، وتقرير التقييم التكامل للتخفيف والتكيف المناخي.
واختتم الوفد جولته بزيارة مشروع حزمة ابتكارات توقعات الطقس القائمة على الذكاء الاصطناعي والتابعة لمبادرة آلية التوسع في الابتكار الزراعي، وهو مشروع يهدف إلى توسيع نطاق الابتكارات الفعالة من حيث التكلفة لتحسين سبل عيش المزارعين في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. وتقود مبادرة آلية التوسع في الابتكار الرزراعي (AIM for Scale) تطوير حزمة الابتكارات هذه بهدف توفير توقعات الطقس عالية الجودة لتلبية احتياجات مئات الملايين من المزارعين خلال العامين المقبلين.
من جانبه، قال فيصل عبدالعزيز البناي: ناقشنا مع بيل غيتس رؤيتنا المشتركة لتسخير قدرات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في معالجة التحديات العالمية؛ وتحديداً تعزيز الأمن الغذائي والاستدامة والنمو الشامل من خلال حلول التكنولوجيا الزراعية التي تقدمها شركة AI71 والمدعومة بالنماذج اللغوية الكبيرة Falcon من ’معهد الابتكار التكنولوجي‘. وتحرص دولة الإمارات على تعزيز هذه الرؤية من خلال الابتكار والشراكات، وذلك انطلاقاً من إدراكها لقدرة الذكاء الاصطناعي على توفير مستقبل أفضل للجميع.
وقد جاء الإعلان عن الاستثمار المشترك بين دولة الإمارات ومؤسسة بيل وميليندا غيتس خلال مؤتمر الأطراف COP28 الذي انعقد في الإمارات العام الماضي، وتعهد فيه الجانبان بتخصيص 200 مليون دولار دعماً لتطوير الابتكارات الزراعية وتوظيف قدرات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا لتوفير حلول فعّالة تحيّد التهديدات التي تواجه نظم الغذاء العالمية جرّاء تغير المناخ. وقد حظي هذا المشروع بدعم العديد من المنظمات المعنية الفاعلة، وفي مقدمتها المجموعة الاستشارية للبحوث الزراعية الدولية (CGIAR) التي تقود جهود تطوير الابتكارات الزراعية لتمكين ملايين المزارعين من أصحاب الأراضي الصغيرة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حول العالم.