شلّ الطرقات.. هل يهدّد احتجاج الجرارات السلم الاجتماعي في ألمانيا؟
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
برلين- لم تُعرف ألمانيا سابقا كبلد إضرابات واحتجاجات متتالية، حيث يعطى بها المثال في العلاقة المستقرة نسبيا داخل سوق العمل، لكن ما يحدث منذ أيام يعطي صورة مغايرة: عشرات الجرارات تعرقل حركة السير كطريقة لاحتجاج المزارعين، شبكة قطارات شبه متوقفة في العديد من الخطوط بسبب إضراب السائقين، الأطباء يهددون بالإضراب وإغلاق العيادات، وغيرها كثير.
"هناك خطر واضح على السلم الاجتماعي، الذي كان موضع تساؤل منذ فترة طويلة في هذا البلد. علينا فقط أن ننظر إلى الفقر المتزايد والصعوبات المالية والمخاوف التي يعاني منها الكثير من الناس" تقول إيفا فولبل، مستشارة في السياسات الاقتصادية والاجتماعية في مؤسسة روزا لوكسمبورغ، للجزيرة نت.
رغم المناخ البارد في ألمانيا حاليا، لم يتوقف احتجاج المزارعين، بل اتخذ تصعيدا كبيرا هذا الأسبوع منذ 8 يناير/كانون الثاني، بعد نشر الجرارات والآليات الثقيلة في مراكز المدن ومداخل الطرق السريعة. ولعل أكبر أسباب الاحتجاج هي خطط الحكومة لوقف الإعفاء الضريبي على الديزل الذي كان المزراعون يستفيدون منه، ودفع الاحتجاج الحكومة للتراجع عن خطة الضريبة على المركبات.
وبات التنقل داخل عدة مدن ألمانية غاية في الصعوبة، إذ يهدد اتحاد المزارعين الألمان، الداعي للاحتجاج، بمزيد من التصعيد ضد سياسات الحكومة، وإذا لم توقف الحكومة خططها بالكامل، فالاثنين القادم سيشهد مسيرات كبرى للجرارات وفق الاتحاد.
وما زاد الضغط على السلطات الألمانية، هو انضمام بعض نقابات الشحن البري إلى احتجاجات المزارعين، بسبب خطط السلطات لمضاعفة رسوم متعلقة بالانبعاثات، كما يطالب المحتجون بتحسين شبكة الطرق.
بينما يحتج سائقو القطارات، المضربين للمطالبة برفع رواتبهم وخفض ساعات العمل، ولم تفلح جولات الحوار بينهم وبين إدارة شركة "دويتشه بان" (شركة القطارات الألمانية) في حل الخلاف الذي قد يؤدي لإضرابات على طول العام.
وأبقى الكثير من الأطباء عياداتهم مغلقة في أيام العمل بين عطلتي عيد الميلاد وعطلة نهاية العام احتجاجا على ضعف التعويضات وارتفاع ساعات العمل. كما يوجد سخط في قطاعات أخرى منها قطاعات الصيادلة والمطاعم والمخابز والعمال الحرفيين.
"لا أعتقد أنه من الحكمة استبعاد الأسباب المباشرة للإضرابات لأجل تقييمها"، يقول فيليكس أندرل من مركز دراسات الصراع في جامعة ماربورغ الألمانية، للجزيرة نت، مشيرا إلى أن عدة من هذه الإضرابات والاحتجاجات غير مرتبطة ببعضها، بل تصادفت معا في الأسبوع ذاته.
ولكن مع ذلك، يستدرك الخبير، أن ألمانيا شهدت مؤخرا "ثقافة إضراب أكثر نشاطا، من المرجح أن ترتبط بارتفاع التضخم، والأجور المنخفضة نسبيا مقارنة بدول صناعية أخرى"، لافتا إلى أن الحكومة تأثرت بشكل كبير بطريقة احتجاج المزارعين، خصوصا أن حجم وتوزيع احتجاجات المزارعين كان كبيرا للغاية، ويبين وجود إحباط يتجاوز المطالب المعلنة.
واجهت حكومة أولاف شولتز الكثير من التحديات منذ تكوينها نهاية 2021، إذ ورثت تداعيات جائحة كورونا، ثم جاءت الحرب في أوكرانيا لتخلق موجة تضخم كبيرة ومشاكل كبيرة في الطاقة، فضلا عن استقبال مئات الآلاف من اللاجئين الجدد.
ثم جاءت أزمة الميزانية في نهاية 2023 عندما قضت المحكمة الدستورية بعدم قانونية تحويل 60 مليار يورو لصندوق المناخ، مما أدى إلى فجوة كبيرة في ميزانية 2024 حتمت بخفض الإنفاق.
"الحكومة الحالية هي من وفرت السياق لهذه الاحتجاجات"، تقول فولبل، متحدثة عن أنه على ما يبدو، لا أحد داخل الحكومة فكرّ في تداعيات هذه السياسة على القطاع الزراعي.
وتشير الخبيرة إلى أن تمسك الحكومة بالتقشف، وبرفض فرض الضرائب على الأغنياء، وغياب نقاش حقيقي حول توزيع الثروة "التي تحتكرها عائلات قليلة"، كل هذا سيؤدي إلى "تغذية الصراعات الاجتماعية إلى حد كبير". وتتحدث الخبيرة كذلك عن أن الصراع بين مكونات الحكومة يفاقم الوضع.
وتتكون الحكومة الألمانية من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (حزب المستشار)، وحزب الخضر المهتم بالبيئة، والحزب الديمقراطي الحر الداعم لليبرالية. وتتعرض الحكومة لضغوط سياسية كبيرة من المعارضة التي فتحت النقاش حول انتخابات مبكرة لتغيير الحكومة.
وتوجد الحكومة، حسب أندرل، في "موقف ضعيف"، بسبب غياب توافق داخلي حول السياسات الكبرى، ويوضح أن الحكومة تواجه مشكلا كبيرا بسبب آلية كبح الديون (آلية سُنت عام 2009 في القانون الأساسي، تضع قيودا أمام الحكومة للاقتراض)، مبرزا أن خفض التمويل الذي أدى للاحتجاجات هو نتيجة لهذه الآلية.
ويضيف المتحدث ذاته أن "الحكومة توجد في موقف دفاعي، وهي لا تقترح أي رؤية للمستقبل، بل تدير باستمرار تداعيات صراعاتها الداخلية حول ما يجب اقتطاعه".
لكن ما ظهر أنه سخط عام في عدة قطاعات، خلق مخاوف من استغلال اليمين الشعبوي والمتطرف للأجواء، ومنهم "النازيون الجدد" كمنظمة "الطريق الثالث" التي لا تخفي عداءها للنظام الألماني القائم، لدرجة الاستعداد لاستخدام العنف.
"أن نكون غاضبين ضد سوء الحكومة، لا يعني استخدام أيّ وسيلة كانت. نحن سنستمر في الاحتجاج لأجل مستقبل الزراعة، لكن بشكل سلمي، ودون أيّ انجرار للعنف" تقول كارينا غريشكه، من منظمة شباب الأرياف الألمانية (BDL) المشاركة في الاحتجاجات، للجزيرة نت.
وتضيف "نحن لا نشكك في شرعية الحكومة المنتخبة. الزراعة الحديثة تحتاج التخطيط الآمن، لكنها تحتاج أكثر إلى السلام والحرية والمجتمع الديمقراطي، ومن أجل أن تعطي الزراعة المستدامة أدوارها، فعليها أن تقف بثبات على هذه الأسس، ولذلك لا تسامح مع التيارات المناهضة للديمقراطية".
وجاءت هذه المواقف بعد تقارير متعددة على اختراق النازيين الجدد لعدد من احتجاجات المزارعين. ودقت منظمات وأحزاب ناقوس الخطر بعد ارتفاع مظاهرات اليمين المتطرف في الأشهر الماضية، وكان المهاجرون واللاجئون جزءا من هذا الاستهداف.
كما تتخوف السلطات من نشر دعوات "الإضراب الشامل" الذي لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ توحيدها، وهو مطلب إن تحقق سيشلّ البلاد بالكامل. وأطلق منتمون للحزب اليميني "البديل من أجل ألمانيا" هذه الدعوات التي تثير الجدل، كون الإضراب الشامل لا يحظى بدعم قانوني ودستوري.
ويبرز أندرل، أنه رغم نأي اتحاد المزارعين علنا عن اليمين المتطرف، لكن هذه الجماعات تستمر في التدفق بين المحتجين. ويوضح أن حزب البديل "يقدم نفسه على أنه صوت الريف الألماني، رغم أنه لم يلتزم بجدية في السابق بالقضايا الزراعية، بل اقترح حينها خططا لخفض جميع الإعانات المقدمة للمزارعين".
من جانبها تقول فولبل "نحن نرى مجتمعا لم يعد قادرا على الخروج من وضع الأزمة، وتحديدا تداعيات الجائحة والحرب والتضخم والفقر المتزايد وأزمة المناخ. هذا النمط الدائم من الأزمة يستغله اليمين المتطرف لصالحه".
وتتابع أن هذا اليمين "فهم بسرعة أن احتجاج المزارعين هو مشروع إستراتيجي، واختطف جزءا أساسيا منه لأجل التحريض ضد ما يسميه النظام القائم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الیمین المتطرف
إقرأ أيضاً:
مدبولي يتابع موقف المخزون من السلع الاستراتيجية: تسلم 644.850 ألف طن قمح من المزارعين
كتب - محمد سامي:
عقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعًا، اليوم؛ لمتابعة موقف المخزون من السلع الاستراتيجية، بحضور الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، وحسام الجراحي، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، والدكتور علاء ناجي، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والدكتور محمد شتا، مساعد وزير التموين للتحول الرقمي، والدكتور أحمد كمال، مساعد وزير التموين والتجارة الداخلية.
وفي بداية الاجتماع، أكد رئيس الوزراء أن الحكومة تبذل جهودا كبيرة لتوفير مخزون مطمئن من مختلف السلع، تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهناك تنسيق مستمر مع البنك المركزي بشأن توفير المكون الدولاري المطلوب، مشيرا إلى أن توافر السلع بكميات كبيرة في مختلف الأسواق يسهم في توازن الأسعار، وهو ما يتحقق حاليا.
وخلال الاجتماع، أوضح وزير التموين أن الموقف مطمئن من السلع الاستراتيجية؛ حيث إن المخزون منها يفوق مثيله في الأوقات السابقة، مؤكدا أن إجمالي الأرصدة من القمح داخل البلاد بالإضافة إلى التعاقدات يصل إلى 3.4 شهر، في الوقت الذي يتم فيه حاليا تسلم المحصول من المزارعين، كما تصل إجمالي الأرصدة من السكر إلى 14.3 شهر، ومن الزيت التمويني الخام إلى 2.9 شهر، ومن الدواجن المجمدة إلى 6.1 شهر، ومن اللحوم المجمدة إلى 12 شهرا.
وأضاف الدكتور شريف فاروق أنه توجد أرصدة كافية من الأرز والمكرونة والشاي والأسماك والدقيق واللحوم الحية السوداني.
كما استعرض الوزير، خلال الاجتماع أيضا، موقف توريد القمح، موضحًا أنه تم تسلم 644.850 ألف طن من المزارعين حتى اليوم، مؤكدا أن الحكومة تعمل على زيادة السعات التخزينية من صوامع القمح، بما يسهم في رفع كفاءة منظومة التخزين وتحقيق الأمن الغذائي المستدام.
ولفت وزير التموين إلى أن جميع المؤشرات الراهنة تؤكد المضي في مسار تحقيق الكميات المستهدفة من القمح، مؤكدًا أن الدولة سخرت كل إمكاناتها لإنجاح الموسم، من خلال توفير التيسيرات اللازمة للمزارعين في هذا الشأن.
اقرأ أيضًا:
15 ترصد الوضع بالقاهرة.. هل وصلت العاصفة الترابية؟
الصحة توجه نصائح مهمة لمواجهة العاصفة الترابية: تجنبوا الخروج إلا للضرورة
رسالة مهمة لنقيب الصحفيين بخصوص قضية طفل دمنهور
الزراعة: أوقفنا حصاد محصول القمح بسبب العاصفة الخماسيني
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء الدكتور شريف فاروقتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
مدبولي يتابع موقف المخزون من السلع الاستراتيجية: تسلم 644.850 ألف طن قمح من المزارعين
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك