عربي21:
2025-03-16@21:21:47 GMT

غزة والعطف الشعبي والعسف الرسمي

تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT

كشفت حرب إسرائيل الحالية على غزة، عن تحول مذهل في اتجاهات الرأي العام الغربي، فقد شهدت جميع المدن الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا، مظاهرات حاشدة تدين إسرائيل، وتعلن تعاطفها التام مع الفلسطينيين، ليس فقط لأنهم يتعرضون لعدوان وحشي، ولكن لأنهم محرومون من العيش في وطنهم، مما يعني أن شرائح واسعة في الغرب، لم تعد تكتفي بإدانة الحرب، بل رجعت بالذاكرة إلى أربعينات القرن العشرين، وصارت ترى أن قيام إسرائيل على أرض فلسطين، هو الخطيئة الكبرى التي تناسلت منها خطايا إسرائيل اللاحقة.



ولكن الغرب الرسمي، أي الحكومات، ما زال يوالي إسرائيل في المنشط والمكره، وبلغت تلك الموالاة حد السخف في كندا، حيث صار التعاطف مع غزة جريمة عقابها الفصل من العمل الحكومي، وإغلاق الحساب المصرفي، بينما بلغ السقوط الأخلاقي بمايك بنس نائب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، درجة أن وضع توقيعه على قذيفة صاروخية قبل إطلاقها في اتجاه غزة، على أمل أن يؤدي ذلك لانطلاقة صاروخية له كمرشح للرئاسة في بلاده، التي تتحكم الأموال ووسائل الإعلام اليهودية، في مصائر من يصبون للوصول إلى كراسي الحكم.

ظلت الشعوب الغربية تخضع لعمليات غسل أدمغة ذكية على مر عقود طوال في سياق هندسة وبرمجة المجتمعات، تقف وراءها الحكومات الخاضعة لسطوة أصحاب رؤوس الأموال، ومالكي كبريات وسائل الإعلام، فنشأت عقلية القطيع الذي يساير الراعي في بلد مثل الولايات المتحدة، حيث يعتبر كثيرون إسرائيل ولاية أمريكية، والدفاع عن سياساتها وغزواتها ونزواتها فرض عين، ولكن السنوات الأخيرة شهدت طفرة في ديمقراطية المعلومات، فبظهور الأنترنت وأجهزة الاتصال الحديثة الذكية، خرج الملايين في جميع البلدان من بيت طاعة القنوات التلفزيونية العملاقة من شاكلة بي بي سي، وسي إن إن، بعد أن صارت المعلومات والأخبار مبذولة في منصات التواصل الاجتماعي، من شاكلة فيسبوك وإنستغرام وإكس (تويتر سابقا) وتك ـ توك ويوتيوب، فكان ما نشهده اليوم من تعاطف كاسح مع الشعب الفلسطيني في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، بل إن وسائل الإعلام البديلة هذه كشفت سوءات النظام السياسي الغربي ليبراليا كان أم محافظا، وعرَّت نفاقه عندما يتشدق بحقوق الإنسان والحريات والسلام العالمي.

عندما تفجرت الأوضاع في فلسطين المحتلة بعملية طوفان الأقصى في 7 تشرين أول/ أكتوبر من العام الماضي، كانت قنوات التلفزة الغربية العملاقة هي الأقدر على نقل الوقائع بحكم وجود مراسليها وكوادرها على الأرض، فكان أن تعالى الصراخ حول استهداف كتائب القسام لكبار السن واغتصاب النساء وذبح الأطفال في إسرائيل، فثارت ثائرة الشعوب الغربية في انسجام مع غضبة حكوماتها.

صمود غزة في وجه جيش ترتيبه التاسع دوليا، من حيث القوة والعدد والعدة، عاد على القضية الفلسطينية بالمزيد من التقدير والتأييدوشيئا فشيئا نجح نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي في دخول المشهد وتغطية الأحداث، فكان أن عرف العالم بأجمعه بشاعة ما تقترفه إسرائيل في غزة، ومن ثم صار الحكم على ما يجري، يتم بموجب الضمير الإنساني، استنادا إلى شهود عيان وليس بموجب ما تردده قنوات بي بي سي، وسي أن أن وفوكس وغيرها، بل إن مصطلحات مثل النكبة والانتفاضة والنكسة والتمييز العنصري عادت إلى الظهور بقوة  فكان ذلك "تأصيلا" للقضية الفلسطينية، بإعادتها إالى المنصة الأساسية، وهو قيام دولة لليهود على حساب أصحاب الأرض الفلسطينيين.

هناك من يرى أن الحكومات الغربية ظلت وستظل تساند إسرائيل مهما اشتطت في العسف والقصف والنسف، لأن إسرائيل مخلب قط للغرب الساعي لتفكيك الدول العربية، والاستيلاء على مقدراتها!

ولأن الغرب يريد التكفير عن الذنب الذي اقترفه بحق اليهود عبر القرون، وفي هذا بعض الصحة، ولكن وفوق ذلك كله فإن إسرائيل ظلت تقف في خط الدفاع الأول عن المعسكر الغربي الرأسمالي، في حربه الباردة والساخنة ضد الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي، ومن ثم كان الزواج الكاثوليكي بين دول الغرب وإسرائيل، الذي تم تمتينه بمؤسسات مشتركة، ومن ثم فلا عجب في أن نسمع لغة ساقطة أخلاقيا من الحكومات الأمريكية والبريطانية والفرنسية، تدعو إسرائيل إلى ضبط النفس، وليس إلى وقف العدوان على غزة، وإلى وقف العمليات البرية ضد غزة والاستعاضة عنها بضربات بالقذائف فائقة الدقة، ولا بواكي في العواصم الغربية على عشرات الآلاف ممن صرعتهم وجرحتهم آلة الحرب الإسرائيلية، رغم تعالي صيحات الاستغاثة والاستنكار الغاضبة من شهود عيان دوليين عدول، يشاطرون أهل غزة ويلات الحرب، ولا يمكن اتهامهم بالانحياز الأعمى للجانب الفلسطيني.

صمود غزة في وجه جيش ترتيبه التاسع دوليا، من حيث القوة والعدد والعدة، عاد على القضية الفلسطينية بالمزيد من التقدير والتأييد، فها هي الحرب تدخل شهرها الرابع، وها هي حكومة نتنياهو تستغيث بالغرب ليمدها بالسلاح، مما يعني أنها صبت جُلّ ما في ترسانتها على غزة دون أن تؤتي أُكْلها المرجو، وكما يقول الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنيع فإن أعضاء الحكومة الإسرائيلية يقاتلون من أجل بقائهم السياسي، ومن ثم فقد يدفعهم اليأس والخوف من اتساع رقعة الرفض الشعبي العالمي لجرائمهم في غزة، إلى استخدام أسلحة محظورة دوليا.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الرأي الفلسطينيين العدوان فلسطين غزة عدوان رأي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ومن ثم

إقرأ أيضاً:

“حماس” تؤكد مرونتها في المفاوضات وتدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب

يمن مونيتور/قسم الأخبار

أكد الناطق باسم حركة “حماس” عبد اللطيف القانوع اليوم السبت أن الحركة تعاملت بمسؤولية عالية وأبدت مرونة كبيرة في مسار المفاوضات الجارية مع إسرائيل برعاية الوسطاء.

وأشار القانوع في إفادة صحفية إلى أن موافقة الحركة على مقترح إطلاق سراح الأسير ألكسندر جاءت كتعبير عن تعاطيها الإيجابي مع الجهود الرامية لإنهاء الحرب وتحقيق السلام.

وأوضح القانوع أن وفد “حماس” المفاوض عاد إلى القاهرة أمس لمتابعة مستجدات المفاوضات مع المسؤولين المصريين ومناقشة المقترح المطروح، مؤكدا أن قبول الحركة بمقترح الوسطاء يهدف إلى تمهيد الطريق للانتقال إلى المرحلة الثانية من التفاوض، التي تهدف إلى إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من غزة، وليس بديلا لها.

وشدد على أن رد “حماس” الإيجابي على مقترحات الوسطاء يأتي في إطار التزامها باتفاق وقف إطلاق النار والمفاوضات الجارية لتنفيذ جميع مراحله، مبينا أن الحركة لم تضع شروطا تعجيزية بل تسعى لتثبيت الاتفاق وإلزام إسرائيل ببنوده تحت ضمانة الوسطاء.

وفي السياق ذاته، اعتبر القانوع أن المشكلة الرئيسية تكمن في إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على المماطلة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، موضحا أن إسرائيل خرقت المرحلة الأولى من الاتفاق عبر وقف البروتوكول الإنساني ومواصلة حصار غزة للأسبوع الثاني على التوالي.

وأكد أن “حماس” تدعم أي مقترح يقدم عبر الوسطاء وستتعامل معه بإيجابية عالية، داعيا إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها والالتزام ببنود الاتفاق لتجنيب المنطقة المزيد من التصعيد.

ومن جانبه وصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاوضات وقف النار في غزة وإبرام اتفاق تبادل أسرى بأنها “معقّدة للغاية”، معربا عن أمله في التوصل إلى اتفاق.

المصدر: RT

 

 

 

مقالات مشابهة

  • عودة الحرب "على مراحل".. خيار إسرائيل البديل إن فشلت المفاوضات
  • إسرائيل تواصل اقتحاماتها في الضفة الغربية وتعتقل 5 فلسطينيين
  • فضيحة تهز إسرائيل بطلها جنود مشاركون في الحرب على غزة (فيديو)
  • أغلبية في إسرائيل تفضل إعادة الأسرى على القضاء على حماس
  • “حماس” تؤكد مرونتها في المفاوضات وتدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب
  • حماس تدعو إسرائيل إلى تحمل مسؤولياتها لإنهاء الحرب
  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • رمضان في سجون “إسرائيل”.. قمع وتجويع بحق الأسرى الفلسطينيين
  • أغلبية في إسرائيل تؤيد إنهاء الحرب على غزة
  • باكستان تطالب بمحاسبة إسرائيل على جرائم الحرب ضد الفلسطينيين