شن الحوثيون 26 هجوما على سفن تجارية في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، كما أعلنت ذلك القيادة المركزية للجيش الأمريكي، لكن هجومهم مساء الثلاثاء العاشر من يناير/كانون الثاني وصفه وزير الدفاع البريطاني غرانت شابس بـ "الأوسع".

 

ويقول الحوثيون إن هجماتهم "تستهدف سفنا مرتبطة بإسرائيل ردا على حرب غزة، ولن تتوقف قبل دخول ما يكفي من المساعدات إلى القطاع المحاصر".

 

أما قائد البحرية الأمريكية، الفريق براد كوبر، فأكد أنه "في الهجمات الاثني عشر الأخيرة، لم تكن [للسفن التي هوجمت] أي علاقة بإسرائيل".

 

ماهي المخاوف التي أخرت الرد الأمريكي على الهجمات الحوثية؟

 

بعد شهر ونصف من الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، شنت القوات الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا، فجر الجمعة الثاني عشر من يناير/كانون الثاني، غارات على "ستين هدفا في ستة عشر موقعا تابعا للحوثيين في اليمن" كما جاء في بيان القوات الجوية الأمريكية.

 

وقال الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنها "أهداف يستخدمها المتمردون الحوثيون لتعريض حرية الملاحة في أحد الممرات المائية الأكثر حيوية في العالم للخطر".

 

وقد سبقت الضربات الأمريكية البريطانية، تحذيرات وتهديدات للحوثيين من لندن وواشنطن ونحو اثنتي عشرة دولة.

 

بالإضافة إلى عمليات دفاعية مشتركة في إطار "عملية حارس الازدهار" الدولية المشتركة التي تأسست في ديسمبر/كانون الأول 2023 بقيادة أمريكية.

 

لكن التحذيرات والعمليات الدفاعية لم تثن الحوثيين عن الاستمرار في الهجمات.

 

وقال عضو المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، محمد الحوثي، في لقاء مع بي بي سي عربي في وقت سابق إن "كل بلد يورط نفسه في التحالف الذي تقوده أمريكا في البحر الأحمر سيفقد أمنه البحري وسيكون عرضة للاستهداف [في البحر الأحمر].

 

منذ بداية حرب غزة، وخاصة مع دخول حزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن على خط المعارك، تزايدت المخاوف من خروج الحرب من دائرة إسرائيل-غزة لتنتشر على مدى أوسع في الشرق الأوسط.

 

حتى الولايات المتحدة الأمريكية أكدت مرارا أنها لا تريد توسيع رقعة الحرب.

 

استهداف الحوثيين، المدعومين من إيران، في أرضهم في اليمن "لن يمر دون عقاب" كما قال الحوثيون بعد الغارات الأمريكية. ومن المؤكد أن القوات المتحالفة كانت تعرف ذلك.

 

كنت قد تحدثت قبل العملية العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين مع أحمد أبو دوح، الباحث في برنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط في تشاتم هاوس، وسألته عن سبب تأخر الرد الأمريكي البريطاني فقال: "تصعيد القتال قد يعني وجوب وجود عسكري فعلي على الأرض لتحرير ميناء الحديدة الاستراتيجي ودفع الحوثين نحو الداخل بعيدا عن خط الساحل لتقليص قدرتهم على تعطيل حركة السفن في البحر الأحمر. وقد نشهد محاولة الحوثيين وقف تدفق السفن عبر باب المندب بشكل كامل."

 

لطالما أصر الحوثيون، في السابق، على أن هجماتهم على السفن في البحر الأحمر تأتي من منطلق تضامنهم ومؤازرتهم للفلسطينيين في غزة.

 

لكن كثيرا من الخبراء في المنطقة يرون أن الحوثيين وجدوا في الحرب في غزة فرصة لتعزيز شعبيتهم ولاستعراض قدراتهم وليثبتو لإيران جدارتهم بالتحالف معها وفاعليتهم كجزء مما يسمى بـ"محور المقاومة" الذي تلتف فيه حماس وحزب الله ونظام الأسد والحوثيين، بالإضافات إلى جماعات عراقية حول إيران.

 

كما يرون أن الضربات ضد الحوثيين "ستعزز موقفهم" يقول أبو دوح، "لكنها يمكن أن تؤدي إلى انهيار مفاوضات السلام اليمنية. ما قد يؤدي إلى استئناف الحوثيين هجماتهم الصاروخية وهجمات الطائرات المسيرة على أهداف سعودية وإماراتية أو قواعد أمريكية في منطقة الخليج. وهذا أحد المخاوف التي أكدت عليها السعودية في حوارات خاصة مع الولايات المتحدة".

 

و مع ارتباط الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر بما يجري في غزة بشكل أو بآخر، ومع قول الحوثيين بأن هجماتهم وقوف مع الفلسطينيين، قد ينظر إلى رد سريع مباشر على الهجمات كوقوف مع الطرف الإسرائيلي.

 

وهذا ما قد يفسر غياب مصر مثلا عن العملية الدولية التي تقودها الولايات المتحدة في البحر الأحمر رغم ما تتكبده مصر من خسائر وما يعود عليها من ضرر بسبب ارتباك حركة السفن في مضيق باب المندب وقناة السويس.

 

وقالت هيئة قناة السويس المصرية، إن إيراداتها انخفضت 40 بالمئة منذ بداية العام مقارنة بعام 2023، إثر الهجمات التي تشنها جماعة الحوثيين اليمنية على السفن والتي أدت إلى تحويل شركات شحن كبرى بعيدا عن المسار المار بقناة السويس وباب المندب.

 

وعن موقف مصر قال أحمد أبو دوح لبي بي سي إن" مشاركة مصر في التحالف البحري الذي تقوده واشنطن قد يضعها في موقع الشريك في دعم إسرائيل في حربها على غزة، وهو ما قد يقوض موقعها في المنطقة واعتبارها التاريخي "حارسا" للقضية الفلسطينية".

 

شهدت الهجمات الحوثية الأخيرة على السفن في البحر الأحمر استخدام الحوثيين لصواريخ كروز مضادة للسفن وصواريخ باليستية وطائرات بدون طيار "انتحارية" ومؤخرا استخدمت أيضا قوارب صغيرة محملة بالمتفجرات.

 

ومن بين الطرق التي اعتمدتها أيضا عمليات إنزال لمسلحين بمروحيات أو قوارب، إذ يصعد مسلحون على ظهر السفينة المستهدفة ويسيطرون عليها، كما أظهر فيديو نشره الحوثيون في بداية هجماتهم نهاية 2023.

 

ويقول معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن الحوثيين يملكون ترسانة صواريخ كروز مضادة للسفن يتراوح مداها بين 80 و300 كيلومترا، من بينها صواريخ صياد وسجيل.

 

أما بالنسبة للصواريخ الباليستية يقول المعهد إن مداها يصل إلى300 كيلومترا، لكنها تحتاج معلومات استخباراتية محدثة عن الأهداف عادة ما توفرها طائرات بدون طيار أو القوارب أو قوات الحلفاء في المنطقة.

 

يعتقد المعهد أن أقصى مدى يمكن أن تصله صواريخ الحوثيين المضادة للسفن بشكل عام حتى الآن هو 300 كيلومترا إذا أطلقت من مناطق الحوثيين.

 

كما يقول الكاتب المتخصص في التاريخ البحري والبروفيسور بالأكاديمية الأمريكية للتجارة البحرية، سال مركوغليانو، لبي بي سي إن الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز تعد واحدة من أكبر المخاوف مقارنة بهجمات الطائرات المسيرة. "

 

هذه الصواريخ أسرع وقوتها الحركية أكبر بكثير وبالتالي اصطيادها يكون أصعب مقارنة بالطائرات المسيرة البطيئة نسبيا.

 

كما أن هذه الصواريخ تحمل قذائف أكبر وأكثر ضررا.

 

بالإضافة إلى أن اعتراض الصواريخ الباليستية يحتاج أسلحة وقدرات خاصة."

 

أما بالنسبة للحوثيين فميزة الطائرات المسيرة، يقول مركوغليانو، هي أنها "أكثر وفرة لأنها أرخص كلفة وتركيبها أسهل بكثير من الصواريخ."

 

الحديث نسبيا والمثير للاهتمام في هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر كان استخدام القوارب الصغيرة المتفجرة أو "الانتحارية".

 

في الرابع من يناير استخدم الحوثيون قاربا محملا بالمتفجرات، تقول القيادة الأمريكية إنه "انفجر داخل الممرات البحرية الدولي لكنه لم يصب أي سفينة". ووصف الفريق براد كوبر من القيادة البحرية الأمريكية استخدام القارب المتفجر بـ"القدرات الجديدة" للحوثيين.

 

يشكل استخدام هذه القوارب المتفجرة خطرا كبيرا على السفن لأنه كما قال مركوغليانو لبي بي سي، "يضرب السفينة على خط الماء، أي أن انفجاره عند السفينة قد يؤدي إلى اختراقها وبالتالي غمرها بالمياه وإغراقها على عكس الطائرات المسيرة الانتحارية التي تضرب فوق خط الماء وبالتالي يكون الحريق أكبر المخاوف لدى طاقم السفينة.

 

وقد استخدم الحوثيون القوارب المتفجرة للمرة الأولى في هذه الجولة من الهجمات التي انطلقت نهاية عام 2023.

 

لكنهم سبق وأن استخدموها في يناير عام 2017 ضد الفرقاطة السعودية "المدينة" وكذلك في مارس/أذار عام 2020 في "محاولة هجوم فاشلة على ناقلة نفط متوجهة إلى عدن " حسب ما قالت الحكومة السعودية حينها.

 

هذه القوارب المطورة عن قوارب صيد صغيرة، تعمل بالتحكم عن بعد. ويمثل حجمها الصغير تحديا للقوات المراقبة التي يمكن ألا تكتشف الخطر الذي يمثله القارب إلا في وقت متأخر.

 

تتهم الولايات المتحدة وبريطانيا ومجموعة من الدول الغربية إيران بإمداد الحوثيين بالأسلحة، كاملة أو أجزاء للتركيب بالإضافة إلى التدريب والخبرات.

 

وتنفي إيران تورطها في تسليح الحوثيين.

 

قالت الحكومة البريطانية في فبراير عام 2023 إنها قدمت للأمم المتحدة "أدلة أثبت رابطا مباشرا بين إيران وتهريب أنظمة الصواريخ التي يستخدمها الحوثيون في هجمات ضد السعودية والإمارات".

 

وتمثلت الأدلة حسب بيان الحكومة البريطانية في "أسلحة إيرانية صادرتها البحرية الملكية البريطانية في مناسبتين في بداية عام 2022 من قوارب تابعة لمهربين في المياه الدولية غرب إيران وتتضمن صواريخ أرض-جو ومحركات صواريخ كروز أرضية بالإضافة إلى طائرة بدون طيار رباعية المراوح مصممة للمراقبة وجمع المعلومات".

 

و خاض المتمردون الحوثيون حربا أهلية منذ عام 2014 ضد حكومة يمنية مدعومة من السعودية والإمارات. وانتهى الأمر بالحوثيين وقد سيطروا على أجزاء كبيرة من اليمن بما فيها العاصمة صنعاء وشمال البلاد وخط ساحل البحر الأحمر.

 

وتأتي الآن هذه الهجمات في البحر الأحمر لتؤكد أن الحوثيين أكبر من مجرد مجموعة متمردة في واحد من أفقر البلدان العربية.

 

يحظى الحوثيون بدعم إيراني. وكانوا قد أعلنوا أنفسهم جزءا من "محور المقاومة" التي تتزعمه إيران والذي يجتمع أعضاؤه حول "عدوين معلنين على الأقل"، هما أمريكا وإسرائيل.

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا الحوثي البحر الأحمر اسرائيل على السفن فی البحر الأحمر الولایات المتحدة الطائرات المسیرة الهجمات الحوثیة بالإضافة إلى صواریخ کروز فی الیمن بی بی سی

إقرأ أيضاً:

مجلة هندية: القوات المسلحة اليمنية تشكل مساراً مرعباً للشحن في البحر الأحمر

يمانيون – متابعات
قالت مجلة أوتلوك الهندية إن بعد حرب إسرائيل على غزة عقب هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، قررت القوات المسلحة اليمنية، تضامناً مع الفلسطينيين، مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة بغية وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في فلسطين.

وأكدت أنه بعيداً عن شوارع غزة المليئة بالحطام، تعمل شبكة من التحالفات على تشكيل مصير الشرق الأوسط..فقد برزت قوات صنعاء في اليمن، التي كانت في السابق طرفاً خارجاً عن الصراع الإقليمي، كلاعب رئيسي حيث شنت هجمات جريئة على الشحن في البحر الأحمر. وفقا لما نشره موقع 26 سبتمبر نت.

وذكرت المجلة الهندية أن القوات المسلحة اليمنية أصبحت جزءاً من “محور المقاومة” الأوسع، الذي يهدف إلى تحدي النفوذ الغربي في المنطقة، واستهداف الولايات المتحدة وإسرائيل على وجه الخصوص..وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني، استولت على سفينة شحن تسمى “جالاكسي ليدر”، وحولتها الآن إلى معلم سياحي للناس في اليمن.

وأفادت أن القوات المسلحة استهدفت أكثر من 80 سفينة تجارية في البحر الأحمر بطائرات بدون طيار وصواريخ منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023..مرتبطة باسرائيل ولكن بالنظر إلى تأثير الأزمة في البحر الأحمر على التجارة العالمية، قد يتساءل المرء عما إذا كانت قوات صنعاء قامت بمهاجمة السفن المرتبطة بدول أخرى بما في ذلك شركات مقرها المملكة المتحدة واليونان.

وأوردت المجلة أن القوات المسلحة اليمنية تمكنت من إنشاء مسار مرعب على البحر الأحمر، وهو أحد أكثر الطرق البحرية ازدحامًا في جميع أنحاء العالم.. وتشير التقديرات إلى أن 12 في المائة من التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر كل عام، بقيمة تزيد عن تريليون دولار “83 تريليون روبية” لكن العديد من شركات الشحن بدأت في تجنب المنطقة تمامًا.. حيث تختار مئات السفن العملاقة التي يبلغ طولها أكثر من 300 متر مسارًا طويلًا حول إفريقيا بدلاً من الإبحار في البحر الأحمر وقناة السويس في طرقها من آسيا إلى أوروبا.

وتابعت أنه يمثل تغيير مسار هذه السفن الكبيرة تحديات لوجستية كبيرة ويستغرق وقتًا طويلاً.. ونظرًا لأن البحر الأحمر حيوي للشحن العالمي، فإنه يتعامل مع ثلث حركة الحاويات وأجزاء كبيرة من النفط المنقول بحراً والغاز الطبيعي المسال، فقد أدت الاضطرابات إلى زيادة التكاليف العالمية، وخاصة للطاقة.. ومع ذلك تضطر السفن التي تتجنب البحر الأحمر إلى تغيير مسارها حول منطقة القرن الأفريقي، مما يتسبب في تكاليف وقود إضافية تصل إلى مليون دولار..وقد سلكت أكثر من 150 سفينة هذا المسار الأطول منذ نوفمبر/تشرين الثاني.

بالإضافة إلى ذلك ارتفعت أقساط التأمين على عبور البحر الأحمر بنحو عشرة أضعاف.. وقد نقلت شركات الشحن مثل سي إم إيه سي جي إم هذه التكاليف إلى المستهلكين.. كما واجهت الهند تداعيات الأزمة برسوم شحن مبالغ فيها، وكشف اجتماع عقدته مؤخرا مؤسسة الشحن الهندية عن انخفاض بنسبة 9.3 في المائة في صادرات أغسطس/آب.

عندما بدأت الحرب العام الماضي، أبدى الناس في العالم العربي دعمهم السريع للفلسطينيين.. ومع ذلك، كان التركيز أقل على الاحتجاجات ضد عنف إسرائيل في غزة التي ظهرت في جميع أنحاء العالم العربي.. وقد كافحت الحكومات للسيطرة على هذه الحركات الاحتجاجية، ولم تظهر آثارها طويلة الأجل على السياسة الإقليمية بعد، وفقًا لتقرير صادر عن المركز العربي في واشنطن.
—————————————
– 26 سبمبر نت

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: هدف الهجوم على اليمن اغتيال زعيم الحوثيين "عبد الملك الحوثي"
  • "البنتاغون" يُخصص 1.2 مليار دولار لصيانة السفن العسكرية المنتشرة في البحر الأحمر
  • الحوثيون يوجهون رسائل تهديد لأصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • مجلة هندية: القوات المسلحة اليمنية تشكل مساراً مرعباً للشحن في البحر الأحمر
  • الحوثيون يبعثون رسائل تهديد لأصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • رويترز تنقل تفاصيل مثيرة: اليمن يطبق قرار حظر السفن في البحار .. برسالة.!!!
  • الحوثيون يوجهون رسالة عبر البريد الإلكتروني للسفن بالبحر الأحمر: استعدوا للهجوم مع أطيب التحيات (ترجمة خاصة)
  • الكشف مضمون رسائل تهديد بعثها الحوثيون وصلت عبر البريد الإلكتروني.. الجماعة ترفض التعليق بمبرر انها ''معلومات عسكرية سرية''
  • ميليشيا الحوثي تهدد أصحاب السفن عبر البريد الإلكتروني
  • صحيفة هندية: قوات صنعاء أنشأت مسار مرعب على البحر الأحمر