من قتل جيفرى إبستين؟
ما هي الروابط المالية والاجتماعية التى تربط إبستين بكل هؤلاء الأشخاص المذكور أسماؤهم فى وثائق محاكمته؟
أظهرت وثائق المحكمة تورط مئات من النخبة السياسية والمالية والأكاديمية والرياضية والفنية بأمريكا والخارج في علاقات مشبوهة مع جيفري إبستين.
كان جيفري إبستين ينتظر محاكمته بتهم الاتجار بفتيات دون 14 عاما لممارسة الجنس مع رجال النخبة عندما عثر عليه في 2019 ميتا في زنزانته.
صامويل بيزار، زوج والدة وزير الخارجية تونى بلينكن، وأشرف على تربيته، صادق لسنوات روبرت ماكسويل والد جيسلين رفيقة إبستين، وكان محاميه الأقرب.
علاقات ماكسويل بالموساد ليست سرا وبسبب علاقة إبستين بابنة ماكسويل، يجب الفحص والسعى لمعرفة علاقة جيفرى إبستين بجهاز الاستخبارات الإسرائيلى.
بعد أسبوع من وفاته، قرر الطب الشرعى أن إبستين انتحر! وهو ما رفضه محامو إبستين وشقيقه الوحيد مارك الذي يؤكد أن ثمة تسترا، وأن المسؤولين الأمريكيين يخفون الحقيقة.
إبستين واجهة لأجهزة أمنية قوية، و«انتحار» أو مقتل إبستين يفتح الباب لتساؤلات عديدة عن أهداف توفير فتيات صغيرات لممارسة الجنس مع رجال نافذين فى أقوى دولة بالعالم.
علاقة معقدة ربطت جيفرى إبستين بعائلة ماكسويل قد تقدم مزيد من الإجابات، إذ تشير تقارير إلى أن إبستين ساعد روبرت ماكسويل على إخفاء أمواله وغسلها في عدة حسابات مصرفية خارجية.
* * *
تجدد النقاش فى الأيام الأخيرة فى الولايات المتحدة حول جيفرى إبستين رجل الأعمال السابق، ووفاته الغامضة فى سجن شديد الحراسة بقلب مدينة نيويورك، وذلك بعدما تم الكشف عن وثائق المحكمة، والتى جاءت فى أكثر من ألف صفحة، وتشير لتورط مئات الرجال من النخبة السياسية والمالية والأكاديمية والرياضية والفنية فى الولايات المتحدة وخارجها، فى علاقات مشبوهة مع الرجل الذى كان ينتظر محاكمته بتهم الاتجار بفتيات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاما لممارسة الجنس مع هؤلاء الرجال.
* * *
فى العاشر من أغسطس 2019، تم العثور على إبستين «ميتا» فى زنزانته بينما كان ينتظر المحاكمة، ورغم كونه السجين الأكثر شهرة فى أمريكا حينذاك، فلم يتم الإفراج عن مكالمة خط الطوارئ 911 التى تم إجراؤها من السجن لاستدعاء سيارة إسعاف.
كما أن كاميرات التصوير داخل الزنزانة كانت معطلة ولم تعمل فى هذا اليوم، إضافة لنوم حارسين بالسجن كانت مهامهما مراقبة زنزانة إبستين والمرور عليها كل نصف ساعة.
وفى غضون أسبوع من وفاته، حكم الطبيب الشرعى بأن إبستين انتحر! وهو ما رفضه محامو إبستين وشقيقه الوحيد مارك. ويؤكد مارك أن هناك تسترا، وأن المسئولين الأمريكيين يخبئون الحقيقة.
كما قال مارك لصحيفة «واشنطن بوست» إن أخاه قال له إن بإمكانه قلب انتخابات عام 2016 بسبب ما يعرفه عن كل من دونالد ترامب وهيلارى كلينتون، وقال «إذا قلت ما أعرفه عن كلا المرشحين، فسيتعين عليهما إلغاء هذه الانتخابات».
* * *
وسبق أن أدين إبستين فى فلوريدا عام 2008 بدفع أموال لفتيات صغيرات مقابل قيامهن بالتدليك، وممارسة الجنس، وقضى 13 شهرا فقط في السجن بموجب اتفاق سرى مع المدعي العام للولاية آنذاك، بدلا من العقوبة التقليدية فى هذه الحالات بالسجن مدى الحياة.
وكشفت الصحفية الاستقصائية جولى براون صاحبة كتاب «انحراف العدالة: قصة جيفرى إبستين» تفاصيل هذا الاتفاق الذى أشرف عليه المدعى العام فى مدينة ميامى بولاية فلوريدا ألكسندر أكوستا، والذى أصبح لاحقا وزيرا للعمل فى إدارة دونالد ترامب.
ودفع هذا الكشف الإدعاء الفيدرالي فى نيويورك إلى فتح تحقيق جنائى جديد، مما أدى لاعتقال إبستين لاحقا واتهامه فى صيف عام 2019، كما أدى ذلك إلى استقالة ألكسندر أكوستا من منصب فى إدارة ترامب فى يوليو 2019.
ومنذ وفاة إبستين، ظهر العديد من نظريات المؤامرة، معظمها يتكهن بأنه قُتل لمنعه من الكشف عن معلومات ومساومات وعلاقات جمعته بهذه النخبة من الرجال. وجاء كشف وثائق المحكمة، الأسبوع الماضى، عن مئات الأسماء من بينها الرئيسان السابقان، بيل كلينتون ودونالد ترامب، مايكل جاكسون والساحر ديفيد كوبرفيلد والعالم ستيفن هوكينغ ورئيس الوزراء الإسرائيلى السابق إيهود باراك، والأمير البريطانى أندرو.
وقد جمعتهم علاقات معقدة، ومشاركة فى حفلات جنسية نظمها إبستين فى منزله الضخم بمنهاتن بقلب مدينة نيويورك، أو بفلوريدا، أو جزيرته الخاصة فى البحر الكاريبى، لتزيد من التكهنات حول نهايته.
* * *
وعلى خلفية قضية إبستين، تنتظر جيسلين ماكسويل، المحاكمة فى نيويورك بتهم الاتجار الجنسى بالفتيات القاصرات، ومساعدة إبستين على الاعتداء الجنسى عليهن وتوظيفهن لأداء مهام جنسية مع المشاهير الأمريكيين. وجمعت علاقة عاطفية معقدة بين إبستين وجيسلين، ويتردد أنها أحبت إبستين للدرجة التى ساعدته فيها لإرضاء هوسه الجنسى المرضى بالفتيات القاصرات، وتوظيف ذلك لبناء شبكة علاقات ونفوذ ضخمة.
جيسلين هى الابنة المفضلة لوالدها الملياردير ورجل الأعمال اليهودى البريطانى روبرت ماكسويل، الذى جمعته علاقات قوية بجهاز الاستخبارات الإسرائيلي لدرجة مشاركة 6 من رؤساء الموساد السابقين فى مراسم دفنه بجبل الزيتون بالقدس عام 1991 والتي حضرها رئيس الوزراء الإسرائيلى آنذاك إسحاق شامير، والذى أشاد بماكسويل وما قدمه من خدمات استخباراتية ومالية واستثمارية لإسرائيل.
وقيل إن ماكسويل سقط ومات غرقا بعد سقوطه من يخته الفاخر قرب جزر الكناري الإسبانية، فى حين تشير إحدى النظريات إلى انتحار محتمل، ويدعى آخرون أن ماكسويل أُغتيل على يد وكالة الاستخبارات الإسرائيلية التى كان يعمل لها سرا.
انتقلت جيسلين ماكسويل بعد وفاة والدها من لندن إلى نيويورك، جزئيا للهروب من كل الدعاية السلبية المحيطة بها، ولكن أيضا لإعادة تقديم نفسها فى الدائرة الاجتماعية الصاخبة لمشاهير المدينة الأهم فى العالم.
وكان هذا عنصرا حاسما فى علاقة إبستين وماكسويل المعقدة، إذ ربطته بشخصيات قوية كانت بعيدة عن متناول يده مثل كلينتون وترامب والأمير أندرو، فى المقابل، مولها وأنفق عليها.
وتقول براون إن علاقات ماكسويل بالموساد ليست سرا، وبسبب علاقة إبستين بابنة ماكسويل، يجب الفحص والسعى لمعرفة علاقة جيفرى إبستين بمجتمع الاستخبارات الإسرائيلى.
وتؤكد براون بشدة على أوجه التشابه المذهلة بين وفاة جيفرى إبستين فى أغسطس 2019 ووفاة روبرت ماكسويل فى نوفمبر 1991. ويجادل أحد فصول كتاب براون الأخير بأن العلاقة المعقدة التى كانت تربط جيفرى إبستين بعائلة ماكسويل قد تقدم المزيد من الإجابات، إذ تشير تقارير إلى أن إبستين ساعد روبرت ماكسويل على إخفاء أمواله وغسلها فى العديد من الحسابات المصرفية الخارجية.
* * *
من المؤكد أن إبستين لم يفعل كل ما سبق بمفرده من أجل التقرب من شخصيات مؤثرة بلا مقابل! ومن المرجح أن يكون إبستين مجرد واجهة تقف وراءها أجهزة أمنية قوية، إلا أن «انتحار» أو مقتل إبستين يفتح الباب لتساؤلات واسعة ومشروعة عن الهدف أو الأهداف من وراء توفير فتيات صغيرات لممارسة الجنس مع رجال نافذين فى أقوى دولة فى العالم.
ويطالب عدد متزايد من أعضاء الكونغرس مكتب التحقيقات الفيدرالى FBI والسلطات الأمريكية، وسلطات إنفاذ القانون فى أوروبا، أن تنظر فى الروابط المالية والاجتماعية التى تربط إبستين بكل هؤلاء الأشخاص المذكور أسماؤهم فى وثائق المحكمة. ويتبقى جزء من الحقيقة مخفى لدى جيسلين رفيقة إبستين، والتى تنتظر محاكمتها، إلا إذا أقدمت هى الأخرى على الانتحار!
بقى أن أشير إلى أن صامويل بيزار، زوج والدة وزير الخارجية الأمريكى الحالى تونى بلينكن، والذى أشرف على تربيته، صادق لسنوات روبرت ماكسويل والد جيسلين رفيقة إبستين، وكان محاميه الأقرب.
*محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشؤون الأمريكية من واشنطن
المصدر | الشروقالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا إسرائيل الموساد جيفري إبستين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي حفلات جنسية وثائق المحکمة
إقرأ أيضاً:
خبير علاقات دولية: نعيش السنوات الأولى من الحرب العالمية
قال الدكتور عمرو الديب، خبير العلاقات الدولية، إن الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت منذ أكثر من عام، مع انطلاق العملية العسكرية الروسية، جزء من مشهد عالمي أوسع يشمل التوترات في مناطق أخرى مثل ما يحدث بين الصين وتايوان، وغيرها من بؤر التوتر.
وأضاف، الديب خلال مداخلة هاتفية ببرنامج "كل الزوايا" مع الإعلامية سارة حازم طه، المُذاع على قناة "أون"، أن الحرب العالمية بمفهومها التقليدي ربما لم تبدأ بعد، لكننا نعيش فعليًا السنوات الأولى من هذه الحرب، مؤكدًا أن النقطة الأكثر سخونة لم تأتِ بعد، حيث لم تحدث مواجهة مباشرة بين روسيا والغرب، إلا أن هناك خوفًا متزايدًا من أن نصل إلى تلك النقطة.
وأشار عمرو الديب، إلى أنه في الفترة الأخيرة، نشهد احتمالات مواجهة مباشرة باستخدام أسلحة نووية أو ذات قوة تدميرية كبيرة، سواء من جانب روسيا ضد أوكرانيا أو من جانب الولايات المتحدة والناتو ضد روسيا، كما لايمكن أن نغفل دور كوريا الشمالية في هذا السياق، حيث أصبحت لاعبًا مؤثرًا فيما يجري حاليًا.
ولفت إلى أن أن السماح الأمريكي والبريطاني لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى ضد العمق الروسي يمثل تصعيدًا خطيرًا، إضافة إلى ذلك، وإعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تغيير العقيدة النووية الروسية يعكس استعداده لاستخدام الأسلحة النووية.
وأوضح، أن هذا التغيير يعد تطورًا مهمًا، إذ يمنح الرئيس الروسي صلاحيات أوسع لاستخدام هذه الأسلحة ومع ذلك، هناك دائمًا من يحاول التهدئة، سواء داخل الإدارة الروسية أو الغربية، خصوصًا الأمريكية والبريطانية.