موسكو- تتجه الحرب الروسية الأوكرانية نحو إتمام عامها الثاني دون أن يلوح أفق حل سياسي لها يضع حدا للنزاع الذي طالت تداعياته السياسية والاقتصادية مناطق مختلفة من العالم.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد شهدت بداية العام الجاري تغييرات واسعة النطاق طالت دينامية تطوير التكتيك العسكري والأسلحة والمعدات المستخدمة بشكل لم يشهد له مثيل منذ بداية الصراع.

ولم تتوقف المعارك الساخنة في أوكرانيا، طوال سنة 2023 تقريبا، وتبادل الطرفان عمليات الهجوم والدفاع، وبلغت الخسائر عشرات الآلاف، لكن لم يتمكن أي من الجانبين -مع ذلك- من تحقيق نجاح إستراتيجي في القضاء على الآخر.

تناوب دون حسم

في هذه الأجواء، مع مطلع عام 2024، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن تكتيكات القتال وطبيعة الأسلحة المستخدمة شهدت تغييرات كبيرة، في إشارة إلى إصرار جيش بلاده على التعامل مع الأسلحة التي قدمها الحلفاء لأوكرانيا والحد من فعاليتها، مع التذكير بأن موسكو حذرت مرارا الغرب من تقديمها لكييف وهددت بأنها ستكون أهدافا مشروعة للقوات الروسية.

إلى جانب ذلك، ترى موسكو أن الذين خططوا للهجوم المضاد الأوكراني في العام الماضي كانوا واثقين من تحقيق انتصار القوات المسلحة الأوكرانية، حيث كان من المفترض أن تقوم وحدات النخبة فيها بتوجيه ضربات "مؤلمة ونهائية" للقوات الروسية.

ويؤكد مراقبون عسكريون روس أن الهجوم الأوكراني المضاد سار على غير ما يرام، وانتهى قبل أن يبدأ، رغم استخدام القوات الأوكرانية احتياطاتها "الأخيرة" من الذخائر.

ويشرح الخبير العسكري، فيكتور ليتوفكين، التكتيك الجديد بأنه يقوم على توجيه ضربات صاروخية واسعة النطاق تؤدي -في المقابل- إلى الإفراط في استهلاك الصواريخ المضادة للطائرات والقذائف، وبالتالي التسبب بحدوث نقص كبير في هذا النوع من الذخائر.

ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن القوات الروسية تستخدم في الوقت الحالي الصواريخ التي تطلق بالونات حرارية، على غرار قيام الطائرات والمروحيات بذلك، وهو شيء لم يحدث من قبل.

ويوضح الخبير ذاته أن الصواريخ تستخدم بشكل مكثف المصائد (البالونات) الحرارية، والتي تتداخل -على سبيل المثال- مع أنظمة صواريخ "ستينغر" وتؤدي إلى تشتيتها، متابعا أنه في حال واصلت روسيا مثل هذه الهجمات الصاروخية الضخمة، فقد تنفد ذخيرة الجيش الأوكراني.

تكتيك "حدوة الحصان"

وبمعزل عن أي ضغوط يمكن أن تتسبب بها القوات الأوكرانية، فإنه يمكن للقوات الروسية أن تتراجع تكتيكيا وتشكل ما يشبه حدوة الحصان قبل أن تحاصر القوات الأوكرانية في "مرجل" ناتج عن نيران المدفعية والطيران.

ويلفت ليتوفكين إلى أن التكتيكات الروسية فردية وموضعية وتتعامل مع كل حالة على حدة، وتأخذ بعين الاعتبار نوع الدفاع الجوي الذي تمتلكه القوات الأوكرانية في جزء معين من الجبهة، وكذلك تراعي الظروف الجوية.

واستُعمل تكتيك استخدام الصواريخ المزودة بمصائد حرارية لأول مرة في نهاية عام 2023، عندما تعرض مصنع لفوف الأوكراني لصناعة الدبابات لهجوم وصف خبراء عسكريون روس نتائجه بأنها كشفت عن حالة "ارتباك" ملحوظ في اعتراض الصواريخ من قبل طواقم منظومات الدفاع الجوي الأوكراني المحمولة.

ودفع -ما يراه مراقبون روس- فشل الهجوم المضاد الأوكراني إلى وضع مجموعة من الاستنتاجات التي يصفونها بـ"القاتمة" بالنسبة لكييف. ويعتقد هؤلاء أن مشكلة أوكرانيا الرئيسية تكمن في وضعها غير المتكافئ: فهي ليست مسلحة بما يكفي لاختراق الدفاعات الروسية. ورغم أن الحلفاء الغربيين يقدمون لها المساعدات فإنهم لا يتشاركون معها في المقاتلات الحديثة المهمة.

ضغط متواصل

يقول محلل الشؤون العسكرية يوري كنوتوف، إن التكتيكات الروسية الجديدة تهدف إلى الضغط المستمر على "العدو" بمساعدة ضربات قوية عالية الدقة على نظام الطاقة والمنشآت العسكرية في أوكرانيا، لمنع كييف من استعادة إمكانات الطاقة للشركات المنتجة للأسلحة وإصلاح المعدات العسكرية، ولتعقيد نقل المعدات العسكرية والاحتياطيات إلى وحدات القوات المسلحة التابعة لها.

ويضيف أن أوكرانيا تلجأ أيضا -في بعض المناطق- إلى تكتيكات القوات الخاصة البريطانية، عندما ترسل 3 إلى 5 أشخاص، مهمتهم الاقتراب قدر الإمكان من المواقع الروسية، ومحاولة إلحاق الضرر بها من خلال فتح نقاط إطلاق نيران المدفعية قبل قيامهم بالانسحاب السريع.

ويتابع أنه غالبا ما تلجأ القوات الأوكرانية إلى أسلوب المجموعات الثلاث -قوة هجومية واثنتان لتشتيت الانتباه- وقد وصل مجموع العمليات التي شنتها بهذا الشكل إلى 10 يوميا، مشيرا إلى أن الهدف منها هو إرهاق العسكريين الروس ومحاولة اختراق الدفاعات الروسية عندما يكونون متعبين.

ووفق كنوتوف، فقد اكتشفت القوات الروسية هذا التكتيك وتقوم باستهداف هذه المجموعات بشكل استباقي بما في ذلك من خلال مساعدة المدفعية، الشيء الذي يجعل من الصعب جدا على الخصم تركيز الموارد سواء للدفاع أو للهجوم أو الهجوم المضاد.

وردا على سؤال حول تكثيف القوات الأوكرانية استخدام سلاح المسيّرات في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، يرى الخبير أن هذه الهجمات مرتبطة بـ"الوضع اليائس" للقوات المسلحة الأوكرانية على خطوط المواجهة، إذ تدرك القيادة الأوكرانية أنها خسرت بالفعل هذه الحرب إستراتيجيا، وتبذل قصارى جهدها لإضعاف معنويات المجتمع الروسي بإجراء عمليات معلوماتية ونفسية بعنصر عسكري.

ويختم الخبير العسكري بأنه في حال لم يتم استئناف المساعدات العسكرية الأميركية واسعة النطاق وواجهت القوات المسلحة الأوكرانية نقصا حادا في القذائف، فقد تعود القيادة الأوكرانية إلى التكتيكات الدفاعية في المدن، كما فعلت في بداية الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة

إقرأ أيضاً:

انتهاء الازمة الروسية الأوكرانية وتأثيره الاقتصادي على العراق

كتب بلال الخليفة

ان الازمة الأوكرانية قد انعشت الإيرادات النفطية للدول المنتجة للنفط ومنها العراق وخصوصا ان الإيرادات النفطية تصل بحدود 90 % من اجمالي الإيرادات العامة للعراق، حيث ان الازمة رفعت أسعار النفط حتى وصل الى 120 دولار في الأسابيع الأولى من الازمة وذلك خوفا من احتمال حدوث نقص في امداد النفط.

حتى توقع بعض البنوك والمراكز البحثية ان في حالة انقطاع امداد النفط نهائيا قد يصل بسعر النفط الى 300 دولار.

ولكن بعد ذلك استقر سوق النفط بحدود 80 دولار بعد ان وجدت روسيا منافذ لبيع النفط باقل من السعر العالمي وخصوصا بيعها للصين .

ان الازمة اثرت بالاقتصادات العالمية باتجاهين، الأول ارتفاع أسعار النفط يعني زيادة الإيرادات للدول المنتجة وفي نفس الوقت ازداد العبء على الدول المستهلكة والاتجاه الثاني ان ارتفاع النفط أدى الى ارتفاع أسعار الطاقة المزودة لكل المصانع وارتفاع نقل السلع وبالتالي ان أسعار السلع والمواد ارتفعت وفي إحصائية ان الازمة أدت الى ارتفاع التضخم بحدود 8 % عالميا.

ان الرئيس ترامب وفي ايام حملته الانتخابية وعد بإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا وكذلك صرح بعد الفوز ان الحرب يجب ان تنتهي وخصوصا انه ارسل العديد من الرسائل الإيجابية لروسيا ولان أمريكا ترامب تتبع استراتيجية مختلفة تماما عن الذين سبقوه وهي استمالة روسيا اليها بدل استعدائها، وخلاصة الامر ان الحرب ستنتهي قريبا .

ونتيجة لذلك ستنخفض اكثر أسعار النفط نتيجة لزوال التوتر والخوف من النقص من امداد الطاقة .

ويوجد سبب اخر يهدد أسعار النفط بالانخفاض وهو ان الرئيس ترامب في وعودة الانتخابية وكذلك في منهاجه الحكومي تضمن العمل على خفض أسعار النفط.

والخلاصة ان النفط حتما ستنخفض أسعاره.

ان منظمة أوبك بلس عادة ما تأخذ قرارات كي تحافظ على أسعار النفط بالمستوى الملائم لها بحدود 80 دولار وبالتالي من المتوقع ان تخفض حجم التصدير كي تحافظ على أسعار النفط ولكن توجد عقبة في هذا القرار وهو وجود الرئيس ترامب الذي يهدد بتشريع قرار نوبك لمعاقبة الدول المنتجة للنفط في حال ان أسعار النفط تضر الدول المستهلكة.

خلاصة الامر ان أسعار النفط ستنخفض بحدود 60 دولار نتيجة الأمور التي تم ذكرها أعلاه.

ان العراق وكما ذكرنا ان اقتصاده ريعي معتمد كليا (90%) على الإيرادات النفطية وان الازمة كانت في مصلحته وان انتهاء الازمة ستزيد من الصعوبات الاقتصادية على العراق لان موازنة العراق مبنية على سعر برميل النفط 75 ، مع العراص رغم ذلك ان العجز في الموازنة العامة الاتحادية هو بحدود 60 تريليون دينار،  وان انخفض سعر النفط دون ذلك يعني زيادة في العجز وبالتالي ان الحكومة ستتخذ عدة قرارات لتجنب عدم المقدرة بدفع الرواتب ، حيث توجد عدة احتمالات ومنها:-

1 – تخفض قيمة الدينار العراقي.

2 – الاستدانة الخارجية والداخلية عن طريق السندات

3 – تخفيض الموازنة الاستثمارية الى اقل ما يمكن.

4 – الزيادة في فرض الرسوم والضرائب والجبايات

مقالات مشابهة

  • "الدفاع الروسية": تدمير عدد من الآليات الأوكرانية في مقاطعة كورسك خلال 24 ساعة
  • زيلينسكي يعين فريقًا تفاوضيًا وبوتين يبحث التفاصيل.. الهدنة المؤقتة تفتح آفاقًا لحوار السلام الأوكراني – الروسي
  • القوات الروسية تقصف منشآت طاقة تدعم المجمع الصناعي العسكري الأوكراني
  • انتهاء الازمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها الاقتصادي على العراق
  • انتهاء الازمة الروسية الأوكرانية وتأثيره الاقتصادي على العراق
  • بوتين يدعو الجيش الأوكراني للاستسلام في منطقة كورسك الروسية
  • زيلينسكي: أمامنا فرصة جيدة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية بسرعة
  • الجيش الروسي يعلن استعادة السيطرة على بلدة في منطقة كورسك من القوات الأوكرانية
  • مقترح أوروبي بمضاعفة المساعدات العسكرية لأوكرانيا
  • غير مكتمل.. ترامب يعلق على موقف بوتين بشأن وقف مؤقت للحرب الأوكرانية