تكتيك جديد للجيش الروسي.. استنزاف لأوكرانيا أم حسم للحرب؟
تاريخ النشر: 13th, January 2024 GMT
موسكو- تتجه الحرب الروسية الأوكرانية نحو إتمام عامها الثاني دون أن يلوح أفق حل سياسي لها يضع حدا للنزاع الذي طالت تداعياته السياسية والاقتصادية مناطق مختلفة من العالم.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فقد شهدت بداية العام الجاري تغييرات واسعة النطاق طالت دينامية تطوير التكتيك العسكري والأسلحة والمعدات المستخدمة بشكل لم يشهد له مثيل منذ بداية الصراع.
ولم تتوقف المعارك الساخنة في أوكرانيا، طوال سنة 2023 تقريبا، وتبادل الطرفان عمليات الهجوم والدفاع، وبلغت الخسائر عشرات الآلاف، لكن لم يتمكن أي من الجانبين -مع ذلك- من تحقيق نجاح إستراتيجي في القضاء على الآخر.
تناوب دون حسمفي هذه الأجواء، مع مطلع عام 2024، أعلن وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، أن تكتيكات القتال وطبيعة الأسلحة المستخدمة شهدت تغييرات كبيرة، في إشارة إلى إصرار جيش بلاده على التعامل مع الأسلحة التي قدمها الحلفاء لأوكرانيا والحد من فعاليتها، مع التذكير بأن موسكو حذرت مرارا الغرب من تقديمها لكييف وهددت بأنها ستكون أهدافا مشروعة للقوات الروسية.
إلى جانب ذلك، ترى موسكو أن الذين خططوا للهجوم المضاد الأوكراني في العام الماضي كانوا واثقين من تحقيق انتصار القوات المسلحة الأوكرانية، حيث كان من المفترض أن تقوم وحدات النخبة فيها بتوجيه ضربات "مؤلمة ونهائية" للقوات الروسية.
ويؤكد مراقبون عسكريون روس أن الهجوم الأوكراني المضاد سار على غير ما يرام، وانتهى قبل أن يبدأ، رغم استخدام القوات الأوكرانية احتياطاتها "الأخيرة" من الذخائر.
ويشرح الخبير العسكري، فيكتور ليتوفكين، التكتيك الجديد بأنه يقوم على توجيه ضربات صاروخية واسعة النطاق تؤدي -في المقابل- إلى الإفراط في استهلاك الصواريخ المضادة للطائرات والقذائف، وبالتالي التسبب بحدوث نقص كبير في هذا النوع من الذخائر.
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن القوات الروسية تستخدم في الوقت الحالي الصواريخ التي تطلق بالونات حرارية، على غرار قيام الطائرات والمروحيات بذلك، وهو شيء لم يحدث من قبل.
ويوضح الخبير ذاته أن الصواريخ تستخدم بشكل مكثف المصائد (البالونات) الحرارية، والتي تتداخل -على سبيل المثال- مع أنظمة صواريخ "ستينغر" وتؤدي إلى تشتيتها، متابعا أنه في حال واصلت روسيا مثل هذه الهجمات الصاروخية الضخمة، فقد تنفد ذخيرة الجيش الأوكراني.
تكتيك "حدوة الحصان"
وبمعزل عن أي ضغوط يمكن أن تتسبب بها القوات الأوكرانية، فإنه يمكن للقوات الروسية أن تتراجع تكتيكيا وتشكل ما يشبه حدوة الحصان قبل أن تحاصر القوات الأوكرانية في "مرجل" ناتج عن نيران المدفعية والطيران.
ويلفت ليتوفكين إلى أن التكتيكات الروسية فردية وموضعية وتتعامل مع كل حالة على حدة، وتأخذ بعين الاعتبار نوع الدفاع الجوي الذي تمتلكه القوات الأوكرانية في جزء معين من الجبهة، وكذلك تراعي الظروف الجوية.
واستُعمل تكتيك استخدام الصواريخ المزودة بمصائد حرارية لأول مرة في نهاية عام 2023، عندما تعرض مصنع لفوف الأوكراني لصناعة الدبابات لهجوم وصف خبراء عسكريون روس نتائجه بأنها كشفت عن حالة "ارتباك" ملحوظ في اعتراض الصواريخ من قبل طواقم منظومات الدفاع الجوي الأوكراني المحمولة.
ودفع -ما يراه مراقبون روس- فشل الهجوم المضاد الأوكراني إلى وضع مجموعة من الاستنتاجات التي يصفونها بـ"القاتمة" بالنسبة لكييف. ويعتقد هؤلاء أن مشكلة أوكرانيا الرئيسية تكمن في وضعها غير المتكافئ: فهي ليست مسلحة بما يكفي لاختراق الدفاعات الروسية. ورغم أن الحلفاء الغربيين يقدمون لها المساعدات فإنهم لا يتشاركون معها في المقاتلات الحديثة المهمة.
ضغط متواصل
يقول محلل الشؤون العسكرية يوري كنوتوف، إن التكتيكات الروسية الجديدة تهدف إلى الضغط المستمر على "العدو" بمساعدة ضربات قوية عالية الدقة على نظام الطاقة والمنشآت العسكرية في أوكرانيا، لمنع كييف من استعادة إمكانات الطاقة للشركات المنتجة للأسلحة وإصلاح المعدات العسكرية، ولتعقيد نقل المعدات العسكرية والاحتياطيات إلى وحدات القوات المسلحة التابعة لها.
ويضيف أن أوكرانيا تلجأ أيضا -في بعض المناطق- إلى تكتيكات القوات الخاصة البريطانية، عندما ترسل 3 إلى 5 أشخاص، مهمتهم الاقتراب قدر الإمكان من المواقع الروسية، ومحاولة إلحاق الضرر بها من خلال فتح نقاط إطلاق نيران المدفعية قبل قيامهم بالانسحاب السريع.
ويتابع أنه غالبا ما تلجأ القوات الأوكرانية إلى أسلوب المجموعات الثلاث -قوة هجومية واثنتان لتشتيت الانتباه- وقد وصل مجموع العمليات التي شنتها بهذا الشكل إلى 10 يوميا، مشيرا إلى أن الهدف منها هو إرهاق العسكريين الروس ومحاولة اختراق الدفاعات الروسية عندما يكونون متعبين.
ووفق كنوتوف، فقد اكتشفت القوات الروسية هذا التكتيك وتقوم باستهداف هذه المجموعات بشكل استباقي بما في ذلك من خلال مساعدة المدفعية، الشيء الذي يجعل من الصعب جدا على الخصم تركيز الموارد سواء للدفاع أو للهجوم أو الهجوم المضاد.
وردا على سؤال حول تكثيف القوات الأوكرانية استخدام سلاح المسيّرات في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ، يرى الخبير أن هذه الهجمات مرتبطة بـ"الوضع اليائس" للقوات المسلحة الأوكرانية على خطوط المواجهة، إذ تدرك القيادة الأوكرانية أنها خسرت بالفعل هذه الحرب إستراتيجيا، وتبذل قصارى جهدها لإضعاف معنويات المجتمع الروسي بإجراء عمليات معلوماتية ونفسية بعنصر عسكري.
ويختم الخبير العسكري بأنه في حال لم يتم استئناف المساعدات العسكرية الأميركية واسعة النطاق وواجهت القوات المسلحة الأوكرانية نقصا حادا في القذائف، فقد تعود القيادة الأوكرانية إلى التكتيكات الدفاعية في المدن، كما فعلت في بداية الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: القوات الأوکرانیة
إقرأ أيضاً:
خطة سرية تكشف عنها أمريكا: هذا الطرف لإدارة الحديدة وسط تكتيك عسكري جديد
مدينة الحديدة (وكالات)
في تطور جديد يسلط الضوء على تعقيدات الصراع في اليمن، كشفت الصحيفة الأمريكية وول ستريت جورنال عن تفاصيل خطة بديلة تعدّها الولايات المتحدة لتصعيد عملياتها العسكرية ضد الحوثيين، والتي تتضمن استخدام متعاقدين أمنيين أمريكيين لتنفيذ عمليات برية في الساحل الغربي لليمن.
بينما تتسارع الأوضاع العسكرية، يبدو أن واشنطن تُحاول تعديل استراتيجيتها بعد فشل غاراتها الجوية الأخيرة، في ظل تصاعد الخسائر وتحقيق الحوثيين مقاومة أكبر من المتوقع.
اقرأ أيضاً اقتراح صادم خلف الأبواب المغلقة: دولة خليجية تخطط لاجتياح بري في اليمن 15 أبريل، 2025 تحذير على المائدة: 4 أنواع من الأسماك قد تقتلك دون أن تدري 15 أبريل، 2025وحسب المعلومات الواردة، تقوم الولايات المتحدة بالاستعانة بمرتزقة لتنفيذ عمليات برية في مناطق استراتيجية، وعلى رأسها ميناء الحديدة الذي يعتبر شريانًا حيويًا للساحل الغربي اليمني.
وفي إطار هذه الخطة، تقدم هؤلاء المتعاقدون الأمريكيون استشارات عسكرية لفصائل يمنية متحالفة مع الإمارات، حيث تستهدف العملية تأمين الساحل الغربي ضد الهجمات اليمنية التي تهدد السفن التجارية والبوارج العسكرية في البحر الأحمر.
إلا أن هذه الخطوة تكشف عن عجز أمريكي في تنفيذ أهدافها العسكرية التقليدية باستخدام الطائرات الحربية، إذ فشلت الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة التي تجاوزت 350 غارة في تحقيق أهدافها أو إضعاف الحوثيين بشكل حاسم.
بدلاً من ذلك، تصاعدت قوة المقاومة اليمنية، وهو ما يعكس أن العمليات الجوية لن تكون كافية لتحقيق السيطرة في ظل الدفاعات الباسلة التي أظهرها الحوثيون.
في ذات السياق، أكدت مصادر سعودية أن الرياض رفضت بشكل قاطع المشاركة في أي تصعيد عسكري بري في اليمن، وذلك في إشارة إلى مخاوفها من ردود فعل الحوثيين التي قد تستهدف المنشآت النفطية السعودية مجددًا.
هذا الموقف السعودي يُظهر عمق التحديات التي تواجهها الولايات المتحدة في تحريك الأمور على الأرض، مع تعقيد أكبر يضيفه الرفض السعودي لمغامرة عسكرية جديدة في اليمن، بعد سنوات من التدخلات العسكرية التي أثقلت كاهل التحالف السعودي.
هذه الخطة البديلة التي تروج لها الولايات المتحدة عبر الفصائل اليمنية المدعومة من الإمارات تبرز في وقت بالغ الأهمية في صراع اليمن المستمر منذ سنوات.
وتطرح العديد من الأسئلة حول نوايا واشنطن الحقيقية بعد فشلها في فرض هيمنتها الجوية: هل تفتح هذه الخطوات الباب أمام تصعيد طويل الأمد في المنطقة؟ أم أن الإدارة الأمريكية تحاول فقط تأجيل انتصار المقاومة اليمنية؟.
في جميع الأحوال، فإن التوظيف المكثف للمرتزقة على الأرض يعكس القلق الأمريكي من تعثر العملية العسكرية وزيادة تعقيداتها. حيث تُظهر التطورات الأخيرة أن الولايات المتحدة لم تتمكن من تحقيق اختراق عسكري جوًا، وبالتالي، تتجه نحو خيارات أكثر التباسًا قد تشمل تصعيد الفوضى في الجنوب اليمني.